العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

حكاية تهاني وحكاية لورا

أسرد‭ ‬عليكم‭ ‬اليوم‭ ‬حكاية‭ ‬وقائعها‭ ‬حقيقية،‭ ‬ولكن‭ ‬ربما‭ ‬قمت‭ ‬بزيادة‭ ‬جرعة‭ ‬البهارات‭ ‬فيها،‭ ‬وتتعلق‭ ‬بالسيدة‭ ‬لورا‭ ‬بوش‭ ‬بعلة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبق‭ ‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش‭ ‬التي‭ ‬تأهبت‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬حفل‭ ‬ضخم‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬خلال‭ ‬ولاية‭ ‬زوجها،‭ ‬وقد‭ ‬أعدت‭ ‬لهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬فستاناً‭ ‬أحمر‭ ‬من‭ ‬تصميم‭ ‬بيت‭ ‬أزياء‭ ‬عالمي،‭ ‬وخطت‭ ‬خطواتها‭ ‬الأولى‭ ‬داخل‭ ‬القاعة‭ ‬وصرخت‭: ‬يا‭ ‬لهوي‭ (‬بالإنجليزية‭ ‬طبعاً‭) ‬فقد‭ ‬وقعت‭ ‬عينها‭ ‬على‭ ‬سيدة‭ ‬ترتدي‭ ‬نفس‭ ‬فستانها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬اللون‭ ‬والتصميم،‭ ‬وأشاحت‭ ‬بوجهها‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬السيدة‭ ‬المتطاولة‭ ‬على‭ ‬مقامها‭ ‬كسيدة‭ ‬أولى،‭ ‬فإذا‭ ‬بعينها‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬سيدة‭ ‬ثانية‭ ‬ترتدي‭ ‬نفس‭ ‬الفستان‭.. ‬صرخت‭ ‬مجدداً‭: ‬يا‭ ‬خرابي‭.. ‬يا‭ ‬ميلة‭ ‬بختك‭ ‬يا‭ ‬لورا،‭ ‬فستانك‭ ‬صار‭ ‬عند‭ ‬اللي‭ ‬يسوى‭ ‬واللي‭ ‬ما‭ ‬يسوى،‭ ‬ثم‭ ‬صاحت‭ ‬في‭ ‬اذن‭ ‬معاونتها‭: ‬غت‭ ‬مي‭ ‬آوت‭ ‬أوف‭ ‬هير‭.. (‬أخرجوني‭ ‬من‭ ‬هنا‭) ‬وبدأت‭ ‬تشق‭ ‬طريقها‭ ‬بصعوبة‭ ‬إلى‭ ‬خارج‭ ‬القاعة‭ ‬ولكن‭ ‬القدر‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬بالمرصاد‭.. ‬فقد‭ ‬صافحتها‭ ‬سيدة‭: ‬هاي‭ ‬لورا‭... ‬وعندها‭ ‬غابت‭ ‬لورا‭ ‬بوش‭ ‬عن‭ ‬الوعي‭ ‬تماماً‭.. ‬نعم،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬السيدة‭ ‬أيضاً‭ ‬ترتدي‭ ‬نفس‭ ‬فستانها‭.‬

سحبتها‭ ‬مساعداتها‭ ‬إلى‭ ‬خارج‭ ‬القاعة‭ ‬وصاحت‭ ‬واحدة‭ ‬منهن‭ ‬في‭ ‬رجل‭ ‬أمن‭: ‬روح‭ ‬المطبخ‭ ‬بسرعة‭ ‬وهات‭ ‬شريحة‭ ‬بصل‭ ‬عشان‭ ‬الست‭ ‬تشمها‭ ‬وتفوق،‭ ‬واستردت‭ ‬لورا‭ ‬بعض‭ ‬وعيها‭ ‬ولكنها‭ ‬واصلت‭ ‬العويل‭ ‬واللطم‭: ‬‮«‬يا‭ ‬شماتة‭ ‬أبلة‭ ‬ظاظا‭ ‬فينا‮»‬،‭ ‬خلصوني‭ ‬من‭ ‬الفستان‭ ‬الهباب‭ ‬ده‭.... ‬مش‭ ‬عايزة‭ ‬أشوفه‭ ‬تاني‭.. ‬ونجحت‭ ‬معاوناتها‭ ‬في‭ ‬تهدئتها‭ ‬وتذكيرها‭ ‬بأنها‭ ‬نجمة‭ ‬الحفل‭ ‬بفستان‭ ‬أحمر‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬‮«‬عباية‭ ‬سوداء‮»‬‭: ‬ولا‭ ‬يهمك‭ ‬يا‭ ‬ست‭ ‬الستات‭.. ‬عندك‭ ‬بدل‭ ‬الفستان‭ ‬خمسمائة‭.. ‬واختاروا‭ ‬لها‭ ‬فستاناً‭ ‬آخر‭ ‬يجنن،‭ ‬واقتادوها‭ ‬إلى‭ ‬قاعة‭ ‬الحفل‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬

في‭ ‬ظل‭ ‬حكم‭ ‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش‭ ‬كان‭ ‬أسهل‭ ‬أمر‭ ‬هو‭ ‬تلفيق‭ ‬التهم،‭ ‬وطالما‭ ‬أنهن‭ ‬كن‭ ‬يرتدين‭ ‬فساتين‭ ‬حمراء‭ ‬فكان‭ ‬من‭ ‬البدهي‭ ‬اتهامهن‭ ‬بالترويج‭ ‬للفكر‭ ‬الشيوعي‭ ‬الأحمر‭.. ‬طيب‭ ‬ولماذا‭ ‬كانت‭ ‬لورا‭ ‬ترتدي‭ ‬فستاناً‭ ‬شيوعياً‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الحفل؟‭ ‬للتمويه‭ ‬يا‭ ‬غبي‭! ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬هدفاً‭ ‬للعصابات‭ ‬الروسية‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬تتفنن‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬الاغتيال‭. ‬

مجاراة‭ ‬الموضة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الملابس‭ ‬مفهومة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬موضات‭ ‬أسأل‭ ‬الله‭ ‬ألا‭ ‬تسمع‭ ‬بها‭ ‬أم‭ ‬الجعافر،‭ ‬ومنها‭ ‬‮«‬عيد‭ ‬الزواج‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬التي‭ ‬اسموها‭ ‬‮«‬عيد‮»‬‭ ‬كلها‭ ‬نكد،‭ ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬يحيونها‭ ‬وفق‭ ‬طقوس‭ ‬معقدة‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬هدية‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬للآخر‭. ‬والمشكلة‭ ‬هنا‭ ‬رجالية‭ ‬بحتة،‭ ‬فمعظمنا‭ ‬نحب‭ ‬زوجاتنا‭ ‬ونحفظ‭ ‬لهن‭ ‬الجميل،‭ ‬لأنه‭ ‬وبدونهن‭ ‬لما‭ ‬انتظمت‭ ‬حياتنا‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة،‭ ‬ولكن‭ ‬الرجال‭ ‬لا‭ ‬يهتمون‭ ‬بالشكليات‭ ‬مثل‭ ‬ذكرى‭ ‬يوم‭ ‬الزواج‭ ‬أو‭ ‬الميلاد‭. ‬شخصياً‭ ‬لا‭ ‬أرى‭ ‬باساً‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يحتفل‭ ‬زوجان‭ ‬بذكرى‭ ‬يوم‭ ‬زواجهما‭ ‬بالهدايا‭ ‬والطعام‭ ‬والنزهة،‭ ‬ولكنني‭ ‬أخشى‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬هذه‭ ‬الممارسة‭ ‬وبائية،‭ ‬أي‭ ‬تنتقل‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬البيوت‭ ‬فـ«أروح‭ ‬في‭ ‬داهية‮»‬،‭ ‬لأنني‭ ‬لا‭ ‬أذكر‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬سوى‭ ‬السنة‭ ‬التي‭ ‬تزوجت‭ ‬فيها‭.. ‬يعني‭ ‬لا‭ ‬أذكر‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شهر‭ ‬تزوجت‭.‬

وعلى‭ ‬ذمة‭ ‬صحيفة‭ ‬مصرية،‭ ‬ثم‭ ‬نقل‭ ‬زهير‭ ‬ث‭. ‬إلى‭ ‬المستشفى‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬مصاباً‭ ‬بكسور‭ ‬مركبة‭ ‬في‭ ‬أجزاء‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬جسمه،‭ ‬وبعد‭ ‬التحريات‭ ‬البوليسية‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬زوجته‭ ‬واسمها‭ ‬تهاني‭ ‬س‭. ‬ألقت‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬نافذة‭ ‬شقة‭ ‬الزوجية‭ ‬في‭ ‬الطابق‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬عمارة‭ ‬سكنية‭. ‬جريمة‭ ‬زهير‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬كان‭ ‬‮«‬عيد‭ ‬ميلاد‮»‬‭ ‬زوجته‭. ‬ونسي‭ ‬المسكين‭ ‬الأمر،‭ ‬وعاد‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬متأخراً،‭ ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬أمام‭ ‬جموع‭ ‬من‭ ‬البشر،‭ ‬فانزعج‭ ‬وصاح‭: ‬خير‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭.. ‬في‭ ‬إيه‭ ‬يا‭ ‬جماعة؟‭ ‬قوبل‭ ‬تساؤله‭ ‬بنظرات‭ ‬الاستنكار،‭ ‬إذ‭ ‬كيف‭ ‬يكون‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الخلق‭ ‬قد‭ ‬أتوا‭ ‬إلى‭ ‬بيته‭ ‬ليشاركوا‭ ‬زوجته‭ ‬احتفالها‭ ‬بالذكرى‭ ‬الميمونة‭ ‬ليوم‭ ‬مولدها،‭ ‬ويكون‭ ‬هو‭ ‬الزوج‭ ‬‮«‬آخر‭ ‬من‭ ‬يعلم‮»‬‭. ‬وفجأة‭ ‬وجد‭ ‬زهير‭ ‬نفسه‭ ‬محمولاً‭ ‬على‭ ‬كتف‭ ‬زوجته‭ ‬ويطير‭ ‬عبر‭ ‬النافذة‭ ‬مثل‭ ‬صاروخ‭ ‬ويرتطم‭ ‬بالرصيف‭.‬

والعظة‭ ‬هنا‭ ‬أيها‭ ‬القارئ‭ ‬‮«‬الرجل‮»‬‭ ‬ليس‭ ‬أن‭ ‬تتذكر‭ ‬يوم‭ ‬مولد‭ ‬زوجتك،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬تتأكد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬زوجتك‭ ‬ليست‭ ‬رياضية‭ ‬أو‭ ‬قوية‭ ‬البنية،‭ ‬لتضمن‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬الزوجة‮»‬‭ ‬عدوانية‭ ‬ولكن‭ ‬بمواصفات‭ ‬بيولوجية‭ ‬نسائية،‭ ‬فإن‭ ‬أقسى‭ ‬سلاح‭ ‬لديها‭ ‬سيكون‭ ‬الشبشب‭ ‬أو‭ ‬المكنسة‭.. ‬وهذه‭ ‬‮«‬بسيطة‮»‬‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا