عالم يتغير
فوزية رشيد
فلسطين ووعود إيران الكاذبة!
{ «حماس» التي اعترفت مرارًا أنها تتلقىّ الدعم الأساسي من السلاح من إيران، يبدو أنها اكتشفت «الخديعة الإيرانية» في دعم القضية الفلسطينية وتحريرها وتحرير القدس بعد عملية «طوفان الأقصى»! لتقترب من إدراك أن فلسطين وقضيتها هي مجرد إحدى أهم أوراق إيران، للمتاجرة بها على عقول أتباعها ومعهم المسلمون والعرب! الذين اكتشفوا الخديعة والمتاجرة مبكرًا، ويدركون الأهداف الإيرانية من تلك المتاجرة، بناء على ما كشفه الواقع نفسه، وليس «الخطابات الرنانة الزائفة»! وحيث في العديد من الدول العربية التي وقعت تحت هيمنة أذرعها المليشياوية، سواء في لبنان أو في العراق أو في اليمن أو في سوريا كانت الصورة واضحة للغايات الإيرانية!! مثلما انكشفت أوراق أطماعها في الخليج والسعودية بانكشاف خلاياها! ولذلك فقد فقدت مصداقيتها، ويبدو أن الدور أو رياح الانكشاف هبّت هذه المرة على «حماس» نفسها! وهي التي خاصمت العديد من الدول العربية اعتقادًا باحتواء الحضن الإيراني الأمين لها! من دون أن تدرك أنه (احتواء توظيفي) وبشكل موزون لن يصل قط إلى مواجهة الكيان الصهيوني، من أجل تحرير «القدس»! والتي هي بالنسبة لها مجرد شعار للمتاجرة ولتخدير العقول!
{ ممثل «حماس» في لبنان (أحمد عبدالهادي) كشف ما أشرنا إليه، حين قال لمجلة (نيوزويك) بعد أيام من «طوفان الأقصى» معبّراً عن الإحساس بالخذلان، وهو يعترف: «لقد نسّقنا مع حزب الله ومع إيران قبل وأثناء وبعد هذه المعركة على أعلى المستويات، لكن تعرضنّا على ما يبدو لخيانة واضحة ووعود كاذبة من إيران»!
هي إذًا الخيانة أو الخديعة أو الوعود الكاذبة أو كلها معًا! منذ أن وضع «الملالي» رأسهم في القضية الفلسطينية كورقة للمتاجرة! وفي تلك التجارة لا بأس من تسليح «حماس»، ولكن حين تدّق الساعة الحقيقية للفعل، يتم التخليّ عنها! وتركها ومعها أهل غزة كلهم لمصيرهم! ولا بأس في نظرها إلى أن يحين ذلك المصير، أن تستمر في خطاباتها المجلجلة، ونفاقها في دعم القضية الفلسطينية، فالخطابات اعتادتها ولن تفتح عليها جبهة الحرب! فيما يستمر «حزب اللات» في بعض مناوشاته المحدودة على الحدود رغم مرور ما يقارب الشهر على حرب الكيان على غزة! ورغم أن أمينها العام صرح: «إن دخلت (إسرائيل) في الحرب البرّية فسنفتح الجبهة الشمالية» وها هم قد دخلوا، ولكن الجبهة الشمالية لم يتم فتحها! وإن تم فتحها بعد ذلك ففي سياق إيراني محسوب، لتجني منه ثمار حرب جديدة لا لنصرة للقدس وإنما لمصالحها وأطماعها!
{ إن القيادة الإيرانية للمليشيات لم تكن موجهّة قط إلى الكيان الصهيوني، وباعتراف آخر يوضح ذلك في هذه المرحلة، وهو ما قاله (نجاح محمد علي) على القناة الروسية بالعربية (RT) إن «الهدف هو السعودية والخليج ومصر»! وبعد (44 عامًا) من المتاجرة الإيرانية بفلسطين والقدس، وتشغيل ماكينة تصنيع الأذرع والمليشيات في العديد من دول المنطقة العربية باسم «المقاومة وفلسطين»، كانت الحصيلة الحقيقية هي استخدام تلك الأذرع قوتها (لتدمير دولها ودول عربية أخرى)! وقتل وتشريد الشعوب من «أهل السنة» وحدهم! رغم اليقين بأن إيران لا يهمها حتى «الشيعة العرب» الذين تستخدمهم لخدمة أجندتها واهدافها! فهم مجرد «أدوات» فقط قابلين للتضحية بهم أو التخليّ عنهم، متى ما استدعت مصالحها ذلك!
{ ورغم مرور عشرات السنوات، فإن (إيران ليس فقط لم تفعل شيئًا حقيقيًا للقضية الفلسطينية والقدس)، وإنما وحتى رغم الضربات «الإسرائيلية» في سوريا، بل والضربات المحدودة والمجهولة داخل أراضيها الإيرانية، لم تطلق إيران (بنفسها) قط رصاصة واحدة، وليس صاروخًا على الكيان الصهيوني! ولكأن الهدف الخفي (والمفضوح اليوم) كان في كل ما تفعله من إنشاء المليشيات، وتزعّم «محور المقاومة» هو تدمير الدول العربية، وتشتيت شعوبها، والتغيير الديموغرافي في بعض دولها ونهب ثرواتها! ونشر (التشيع الصفوي) بين صفوف أبنائها عبر مراكزها الثقافية والدينية!
وأيضا قتل ما تستطيع قتلاً طائفيًا أو على الهوية! وبذلك هي تخدم كل مخططات الصهيونية في المنطقة العربية، بإضعاف دولها، وتقسيم شعوبها، وزرع خطاب الكراهية والتفرقة والأحقاد التاريخية في نفوس أتباعه! والهدف هو الدول العربية وليس الكيان الصهيوني!
أليس هذا هو الحصيلة الحقيقية لكل أنشطتها السياسية والمليشياوية في المنطقة العربية؟! أليست هي الوجه الآخر لعملة العداء للعرب مع الكيان الصهيوني؟!
{ الآن وفلسطين تشتعل من بؤرة غزة، وهي صاحبة (الخطاب المقاوم!) وخطاب نسف الكيان الصهيوني! وقائدة المليشيات التي تصرخ ليلاً نهارًا (الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا) أفليس الآن هو الميدان يا حميدان؟! ورغم أننا ضد توسيع رقعة الحرب حاليًا، لتشمل كل المنطقة، ولكن تماشيا مع خطاب (المتاجرة الإيرانية بالقضية الفلسطينية) نحاججها بما كانت تقوله! وتنشئ المليشيات له حسب ادعاءاتها ولكن لم تفعله! بل إن مندوبها في الأمم المتحدة (أمير سعيد إيرواني) قال وهو يكشف الوجه الحقيقي لإيران «إذا لم تهاجم (إسرائيل) طهران ومصالحها فلن تتدخلّ إيران في الصراع في غزة» وهي تعلم أن الكيان لن يهاجمها بل يتحاشى ذلك وخاصة في هذه المرحلة! إذا كان ذلك هو كذلك، فلم كان إذًا (التنسيق مع «حماس») كما قال ممثلها في لبنان «أحمد عبدالهادي» لعملية طوفان الأقصى «نسقنا مع حزب الله ومع إيران قبل وأثناء وبعد هذه المعركة»؟! هل كان فخًّا أم خيانة أم استغلالاً أم وعودا كاذبة؟! هل كان التنسيق الحقيقي في مكان آخر؟!
{ والآن وقد اكتشفت «حماس» الخديعة والوعود الكاذبة، ماذا سيكون موقفها مستقبلاً؟! هل ستستمر في كونها مجرد بيدق على طاولة الشطرنج الإيرانية، فيما في اللحظة الحاسمة ستقول لها (كش ملك)؟! إنها (لعبة الأطماع الإيرانية)، التي يتداخل فيها فشل «الملالي» داخل إيران، لتوجّه طاقتها إلى الخارج، باستخدام كل من صنعتهم من مليشيات وزرعتهم من خلايا، ليكون الهدف الأساس لها هم العرب أنفسهم وفقط، وهو ما يحدث في غزة الآن! وفي الوقت الذي نناصر فيه الشعب الفلسطيني وقضيته المشروعة وبكل قوة، نقف موقفًا من كل من يتاجر بهما، وعلى رأس هؤلاء إيران وأذرعها!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك