العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

الشطط في النوم عيب

هذه‭ ‬حكاية‭ ‬من‭ ‬ارشيفي،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬لست‭ ‬متأكدا‭ ‬متى‭ ‬كانت‭ ‬وقائعها‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭ (‬انتبهت‭ ‬لهذا‭ ‬الأمر‭ ‬فصرت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬وكلما‭ ‬اقتطعت‭ ‬مقالا‭ ‬او‭ ‬تقريرا‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬سجلت‭ ‬تاريخ‭ ‬نشرها‭ ‬على‭ ‬القصاصة‭)‬،‭ ‬وتتعلق‭ ‬الحكاية‭ ‬بأن‭ ‬محكمة‭ ‬جنايات‭ ‬القاهرة‭ ‬قضت‭ ‬بسجن‭ ‬شخص‭ ‬اسمه‭ ‬عبدالباري‭ ‬عطية‭ ‬25‭ ‬سنة،‭ ‬بعد‭ ‬إدانته‭ ‬بقتل‭ ‬زوجته،‭ ‬وكان‭ ‬عبدالباري‭ ‬يشكو‭ ‬مر‭ ‬الشكوى‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬زوجته‭ ‬كثيرة‭ ‬النوم،‭ ‬فهو‭ ‬موظف،‭ ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬عاد‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬ليجدها‭ ‬في‭ ‬سابع‭ ‬نومة،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬يستيقظ‭ ‬مبكراً‭ ‬نوعاً‭ ‬ما،‭ ‬ثم‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬النوم،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬نوم‭ ‬الليل‭ ‬عندها‭ ‬يتواصل‭ ‬لنحو‭ ‬14‭ ‬ساعة،‭ ‬تنام‭ ‬مثلا‭ ‬في‭ ‬السابعة‭ ‬مساء‭ ‬وتصحو‭ ‬في‭ ‬التاسعة‭ ‬من‭ ‬صباح‭ ‬اليوم‭ ‬التالي،‭ ‬وكانت‭ ‬تصحو‭ ‬ثم‭ ‬تنام‭ ‬عصراً‭ ‬لنحو‭ ‬ثلاث‭ ‬ساعات،‭ ‬ثم‭ ‬تصحو‭ ‬وتجلس‭ ‬أمام‭ ‬التلفزيون‭ ‬وتنام‭ ‬أيضاً،‭ ‬وهي‭ ‬ممددة‭ ‬على‭ ‬الكنبة‭ ‬وعندما‭ ‬تحس‭ ‬بشد‭ ‬عضلي‭ ‬تنتقل‭ ‬الى‭ ‬السرير،‭ ‬وتواصل‭ ‬الشخير

وذات‭ ‬يوم‭ ‬عاد‭ ‬عبدالباري‭ ‬من‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬نحو‭ ‬الثالثة‭ ‬عصرا،‭ ‬وأيقظها‭ ‬لتعد‭ ‬له‭ ‬الطعام‭ ‬ولكنها‭ ‬رفضت‭ ‬متعللة‭ ‬بأنها‭ (‬نعسانة‭)‬،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬خرج‭ ‬من‭ ‬البيت‭ ‬غاضباً‭ ‬وتناول‭ ‬وجبة‭ ‬الغداء‭ ‬في‭ ‬مطعم‭ ‬وعاد‭ ‬الى‭ ‬البيت‭ ‬في‭ ‬نحو‭ ‬التاسعة‭ ‬مساء‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬الفوز‭ ‬بوجبة‭ ‬عشاء‭ ‬منزلية،‭ ‬وكانت‭ ‬الست‭ ‬هانم‭ ‬نائمة،‭ ‬فدخل‭ ‬المطبخ‭ ‬وتناول‭ ‬سكيناً‭ ‬ثم‭ ‬انهال‭ ‬عليها‭ ‬طعناً‭ ‬حتى‭ ‬فارقت‭ ‬الحياة‭.‬

وقد‭ ‬يعجب‭ ‬بعضكم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الحكم‭ ‬عليه‭ ‬بالإعدام،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬فإن‭ ‬القاضي‭ ‬أخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬نوم‭ ‬الزوجة‭ ‬المتواصل،‭ ‬والذي‭ ‬شهد‭ ‬به‭ ‬الجيران‭ ‬والأقارب،‭ ‬استفزه‭ ‬وأخرجه‭ ‬عن‭ (‬طوره‭) ‬وأفقده‭ ‬توازنه‭ ‬العقلي‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬كان‭ ‬الحكم‭ ‬بالسجن‭ ‬25‭ ‬سنة،‭ ‬ولكن‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬كل‭ ‬الرجال‭ ‬يتصرفون‭ ‬مع‭ ‬زوجاتهم‭ ‬كثيرات‭ ‬النوم‭ ‬كما‭ ‬تصرف‭ ‬عبدالباري‭ ‬لفاضت‭ ‬شوارع‭ ‬المدن‭ ‬العربية‭ ‬بالدماء‭ ‬النسائية،‭ ‬فقد‭ ‬صار‭ ‬من‭ ‬المألوف‭ ‬أن‭ ‬تستيقظ‭ ‬زوجة‭ ‬أو‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬العاشرة‭ ‬صباحاً‭ ‬أو‭ ‬منتصف‭ ‬النهار،‭ ‬ولا‭ ‬يكون‭ ‬نومها‭ ‬الطويل‭ ‬بالضرورة‭ ‬لأن‭ ‬لديها‭ ‬خادمة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬النساء‭ ‬المتفرغات‭ ‬للعمل‭ ‬المنزلي‭ (‬ولو‭ ‬نظرياً‭) ‬أدمنَّ‭ ‬الكسل،‭ ‬فمنهن‭ ‬من‭ ‬تنشط‭ ‬ليوم‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬تطبخ‭ ‬فيه‭ ‬الطعام‭ ‬بكميات‭ ‬تجارية‭ (‬مكلفتة‭) ‬وتقوم‭ ‬بتخزينه‭ ‬في‭ ‬الثلاجة‭ ‬ثم‭ ‬تقوم‭ ‬بتسخينه‭ ‬على‭ ‬دفعات‭ ‬وبالتالي‭ ‬تعتقد‭ ‬أنها‭ ‬مطالبة‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬استيقاظ‭ ‬فقط‭ ‬خلال‭ ‬لحظات‭ ‬تسخين‭ ‬الطعام‭ ‬أو‭ ‬إعداد‭ ‬الشاي

وظاهرة‭ ‬النوم‭ ‬الوبائي‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج،‭ ‬ليس‭ ‬بين‭ ‬الخليجيات‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬بين‭ ‬نساء‭ ‬كل‭ ‬الجنسيات‭ ‬اللاتي‭ ‬جعلتهن‭ ‬سهولة‭ ‬الحياة‭ ‬ووفرة‭ ‬المطاعم‭ ‬والمغاسل‭ ‬يتخلصن‭ ‬من‭ ‬معظم‭ ‬أعباء‭ ‬البيت‭ ‬التقليدية،‭ ‬ويتلقى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأزواج‭ ‬مكالمات‭ ‬هاتفية‭ ‬من‭ ‬زوجاتهم‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬عملهم‭ ‬في‭ ‬نحو‭ ‬الثانية‭ ‬بعد‭ ‬الظهر‭: ‬جيب‭ ‬وياك‭ ‬الغدا‭! ‬بل‭ ‬وقد‭ ‬يعود‭ ‬الزوج‭ ‬إلى‭ ‬بيته‭ ‬مرهقاً‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬عمل‭ ‬ليجد‭ ‬زوجته‭ ‬في‭ ‬كامل‭ ‬زينتها‭ ‬وهي‭ ‬تقول‭ ‬له‭ ‬بكل‭ ‬رقة‭ ‬وحب‭: ‬يللا‭ ‬نروح‭ ‬المطعم‭ ‬نتغدى‭!‬

لو‭ ‬فعلت‭ ‬زوجتي‭ ‬وهي‭ ‬ربة‭ ‬منزل‭ ‬بدوام‭ ‬كامل،‭ ‬أمراً‭ ‬كهذا‭ ‬لتصرفت‭ ‬تصرفا‭ ‬يشابه‭ ‬تصرف‭ (‬عبدالباري‭): ‬لا‭ ‬أعني‭ ‬الذبح‭ ‬أو‭ ‬الطلاق‭ ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬كلام‭ ‬‮«‬مثل‭ ‬السم‮»‬،‭ ‬فهناك‭ ‬تقسيم‭ ‬للعمل‭ ‬فلو‭ ‬كانت‭ ‬الزوجة‭ ‬عاملة‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الموعد‭ ‬الذي‭ ‬يعود‭ ‬فيه‭ ‬زوجها‭ ‬فعلى‭ ‬الزوج‭ ‬يكون‭ (‬عنده‭ ‬دم‭) ‬ويقدم‭ ‬لها‭ ‬يد‭ ‬المساعدة،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬يكف‭ ‬عن‭ ‬الطنطنة‭ ‬والشكوى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تفرغ‭ ‬هي‭ ‬إعداد‭ ‬أو‭ ‬تسخين‭ ‬وجبة‭ ‬الطعام،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الزوجة‭ ‬متفرغة‭ ‬لشؤون‭ ‬البيت‭ ‬فإن‭ ‬واجبها‭ ‬الأساسي‭ ‬هو‭ ‬تولي‭ ‬أعباء‭ ‬البيت‭ ‬كاملة‭ ‬طالما‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬صحية‭ ‬طيبة،‭ ‬وعليها‭ ‬وعلى‭ ‬مثيلاتها‭ ‬أن‭ ‬يعرفن‭ ‬أن‭ ‬طعم‭ ‬الحياة‭ ‬لا‭ ‬يعرفه‭ ‬سوى‭ ‬الأحياء‭ ‬والنوم‭ ‬حالة‭ ‬‮«‬شبه‭ ‬الموت‮»‬،‭ ‬لأنك‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬ان‭ ‬تنجز‭ ‬عملا‭ ‬أو‭ ‬ترفّه‭ ‬عن‭ ‬نفسك،‭ ‬أو‭ ‬تنتبه‭ ‬لما‭ ‬يدور‭ ‬حولك‭ ‬وأنت‭ ‬نائم،‭ ‬والجسم‭ ‬يحتاج‭ ‬لثماني‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬النوم‭ ‬كحد‭ ‬أقصى‭ ‬يومياً،‭ ‬والعمل‭ ‬متعة‭ ‬واتقانه‭ ‬يجعله‭ ‬أكثر‭ ‬إمتاعاً‭.‬

وتخيلي‭ ‬سيدتي‭ ‬أنك‭ ‬تعيشين‭ ‬50‭ ‬سنة‭ ‬وتنامين‭ ‬يومياً‭ ‬12‭ ‬ساعة‭.. ‬معنى‭ ‬هذا‭ ‬أنك‭ ‬تنامين‭ ‬نصف‭ ‬سنوات‭ ‬عمرك‭.. ‬25‭ ‬من‭ ‬خمسين‭ ‬سنة‭ ‬وأنت‭ ‬شبه‭ ‬غائبة‭ ‬عن‭ ‬الدنيا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا