عالم يتغير
فوزية رشيد
دعوة إلى حرب عالمية على غزة..
هل من يفرمل هذا الجنون الغربي؟!
{ مئات الأطفال يوميا يتساقطون في غزة، ويتم إخراج عظامهم وأشلائهم، أو ما تبقى منهم ومن أجساد آبائهم وأمهاتهم، من تحت ركام الأبنية السكنية والمستشفيات وملاجئ الأونروا ومراكز التسوّق! يُضاف إليها المساجد والكنائس القديمة! والتهديدات بقصف المستشفيات التي خرج كثير منها من «الخدمة الطبية» جرّاء القصف ونقص الأدوية والمواد العلاجية! فيما المساعدات كما قال الأمين العام للأمم المتحدة بنفسه إنها (قطرة في محيط الاحتياجات)!
{ في مثل تكرار هذه المشاهد يوميا، ووقوف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والحقوقية، متفرجّة وكأن ما يحدث لا يعنيها في شيء! في مثل هذا التكرار اليومي لوحشية منقطعة النظير (بدعم غربي لا محدود) وعجز عن ادخال المساعدات بحجج من الكيان والغرب! وعجز الأمم المتحدة عن فرض حتى «هدنة إنسانية» يستخرج فيها «المدنيون ما تقتله آلة الحرب الغربية»، من أطفال ونساء وكبار سن وشباب! تعقد الأمم المتحدة جلسة بعد جلسة، ليتحدث فيها المندوب «الإسرائيلي» والمندوبون الغربيون بذات لغة التجييش، على ما حدث في (ساعات يوم 7 أكتوبر) فيما العشرون يوماً بعد ذلك اليوم وما سيليه والمليء بجرائم الحرب و(الممارسات النازية والفاشية) لا ذكر لها على لسانهم أو لا قيمة لها!
{ لكأن الزمن وقف عند الغرب في يوم (7 أكتوبر) وما تلاه من أيام مُورس فيه كل أشكال الإبادة والقتل الجماعي لأهالي غزة، ليست من الزمن! وفعل الوحشية الصهيونية فيه ليس مما يستحق الذكر! إنه الجنون بعينه الذي يطل به الغرب على «غزة» والمنطقة والعالم، وسيادة (الظلامية الغربية الراهنة) على كل الحقوق الإنسانية والقوانين الدولية وقوانين الحرب! لتصل «الهستيريا الجنونية» أقصى حدودها، حين يطالب متحدث الكيان الصهيوني في مجلس الأمن الثلاثاء الماضي، بأن يشارك (العالم كله) ودول العالم كلها في الحرب على «غزة» باسم الحرب على الإرهاب! بينما يطالب الرئيس الفرنسي في زيارته الأخيرة للكيان أن يقوم (التحالف الدولي) بالحرب على غزة و«حماس» كما قام ذات التحالف بالحرب على داعش!
{ أي إن غزة التي تبلغ مساحتها (365كم) وسكانها المكتظين وعددهم (2,2 مليون شخص) لم يكفها بوارج أمريكا وبريطانيا قرب الحدود، وحيث البارجة الأمريكية تدير الحرب الصهيونية على غزة! ولم يكفها ما ترسله الطائرات الحربية في جسر جوي أمريكي إلى «الكيان الصهيوني»، من معدات وأسلحة وقنابل فتاكة! ولم يكفها أن جنّد الكيان (350 ألف متطوع) إلى جانب جنود وضباط الجيش الأساسين ومعهم ضباط النخبة الأمريكية وغيرهم! ولم يكفها دخول (الدعم البريطاني والألماني والفرنسي والإيطالي)! وكأن «الناتو» نقل حربه على روسيا من أوكرانيا إلى غزة، رغم أن أوكرانيا دولة بجيش لمواجهة روسيا، فيما غزة أهاليها كلهم (مدنيون) من دون سلاح أو عتاد، ما عدا «حماس» وفصائل أقل قدرة منها! فهل تساوت «حماس» مع روسيا عندهم!
{ الآن المطلب الغربي على لسان (ماكرون) أن تنتقل وحشية حرب الإبادة من «الناتو» إلى (حرب تحالف دولي) وعلى من؟! على غزة، التي لم يرتو «الوحش الصهيوني» من دماء أطفالها ونسائها، وقد تجاوز عددهم كشهداء الآلاف! ولم يرتو «الوحش الغربي» من مشاهد المجازر وتسوية المباني مع الأرض وعلى رؤوس ساكنيها! حتى يطالب بتوسيع الحرب إلى حرب (تحالف دولي) بدلا من أن يتم وقف القصف على رؤوس الأطفال! أي يريدون حرب عالمية على غزة وأهلها وعلى فصيل لا يملك إلا القدرات البدائية، حتى في الصواريخ التي يطلقها ردّا على المجازر الآن!
{ هذا (الجنون الصهيوني) الذي اختزل في نفسه (كل النازية والفاشية والأيديولوجيات المتطرفة) هو نفسه الذي يدعو دون خجل إلى «حرب عالمية» على شعب أعزل، يتحدث وبكل بجاحة وفي الأمم المتحدة، وفي مجلس الأمن عن الإرهاب الفلسطيني! وعن الوحشية! ويسقط على الشعب الفلسطيني ما هو فيه من نازية وفاشية ووحشية! يفعل ذلك وممثلو دول العالم تستمع إليه وإليهم، ليدلوا ببعض خطابات إنشائية عن مآسي واحتياجات غزة إلى المساعدات! فمن سيفرمل الجنون هذا إذًا؟!
{ ولكأن اللغة ليس بها منطق! وحين لا يكون للغة منطق! ولا للمفاهيم ثبات ومصداقية، في توصيفها للأمور ولا يكون للعقلانية في التعاطي مع الأفكار قيمة! فإن الإنسان نفسه كإنسان يصبح بلا قيمة، والعقل بلا قيمة، واللغة بلا قيمة! فكل شيء يختلط ببعضه، والحق يصبح باطلاً والباطل يصبح حقاً! هكذا تقف لغة الغرب السياسية والدبلوماسية (خارج فضاء الحقيقة) فيما يحدث! ويتم تصدير ذلك إلى الإعلام وللوعي العالمي وبختم الأمم المتحدة!
{ في الحرب على الإرهاب، حسب الادعاء الأمريكي، لم تجتمع كل هذه القوى ومساحة العراق وسوريا تتجاوز الآلاف من الكيلومترات! فيما غزة، بمساحتها الصغيرة، يُراد أن تجتمع عليها من القوى ما هو أكثر من قوة «الناتو» بدعوة «ماكرون» إلى (تحالف دولي) ضدها! لتجتمع حرب إبادة الأطفال والنساء مع التدمير الشامل، والدفع نحو (التهجير) الإجباري لتصفية القضية الفلسطينية، وحيث خرائط المخططات لذلك التهجير تم تسريبها! ومعها مخطط بناء مستوطنات أو مستعمرات للصهاينة في غزة!
يحدث كل ذلك الجنون، والكل إما صامتا أو مستسلما! ، وحتى العرب والمسلمين سلاحهم الحناجر والتجمعات والمظاهرات والمؤتمرات، فيما «الجنون الغربي» يكتسح العالم كله، لنرى المزيد من الإبادة والمجازر وأشلاء الأطفال والنساء! وليتحدث مندوبو الغرب بعدها عن (العالم الحرّ)! متى سيتحرك العالم؟! ومتى سيتحرك المسلمون والعرب تحركًا فعليًّا؟!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك