العدد : ١٦٨٥٨ - الأحد ١٩ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١١ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٨ - الأحد ١٩ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١١ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

مقال لم تقرأه إسرائيل

منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬أثناء‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬‮«‬قيل‮»‬‭ ‬إن‭ ‬إعلاميا‭ ‬إسرائيليا‭ ‬كتب‭ ‬مقالا‭ ‬تم‭ ‬نشره‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬هاآرتس‮»‬‭ ‬الإسرائيلية‭.. ‬والمقال‭ ‬متداول‭ ‬على‭ ‬المواقع‭ ‬الالكترونية‭ ‬بكثرة‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬وكأنه‭ ‬يحذر‭ ‬من‭ ‬عواقب‭ ‬وتداعيات‭ ‬سياسة‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.. ‬فماذا‭ ‬كتب؟‭ ‬وممّ‭ ‬حذر؟‭ ‬وكأنها‭ ‬رسالة‭ ‬لم‭ ‬تقرأها‭ ‬إسرائيل‭ ‬آنذاك،‭ ‬لتصطدم‭ ‬اليوم‭ ‬بواقع‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬أيقظ‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬جديد‭.. ‬فماذا‭ ‬قال؟

‭ ‬‮«‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬هم‭ ‬شعب‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬شعوب‭ ‬الأرض،‭ ‬الذين‭ ‬هبّوا‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوقهم،‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعين‭ ‬عاماً،‭ ‬وكأنهم‭ ‬رجل‭ ‬واحد،‭ ‬وأثناء‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬وإطلاق‭ ‬صواريخ‭ ‬المقاومة‭ ‬علينا‭ ‬خسارتنا‭ ‬كل‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬912‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬تعطل‭ ‬الحركة‭ ‬التجارية،‭ ‬وهبوط‭ ‬البورصة،‭ ‬وتوقف‭ ‬معظم‭ ‬المؤسسات‭ ‬وأعمال‭ ‬البناء،‭ ‬وموت‭ ‬الدواجن‭ ‬في‭ ‬المزارع‭ ‬بعشرات‭ ‬ملايين‭ ‬الدولارات،‭ ‬وتعطل‭ ‬بعض‭ ‬المطارات،‭ ‬وبعض‭ ‬خطوط‭ ‬القطارات،‭ ‬وثمن‭ ‬إطعام‭ ‬الهاربين‭ ‬إلى‭ ‬الملاجئ،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬التدمير‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬والمحال‭ ‬التجارية،‭ ‬والسيارات‭ ‬والمصانع،‭ ‬بفعل‭ ‬صواريخ‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

إننا‭ ‬نتعرض‭ ‬لحرب‭ ‬لسنا‭ ‬من‭ ‬نديرها‭.. ‬وبالتأكيد‭ ‬لسنا‭ ‬من‭ ‬ينهيها،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬المدن‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬اسرائيل‭ ‬فاجأت‭ ‬الجميع‭ ‬بهذه‭ ‬الثورة‭ ‬العارمة‭ ‬ضدنا،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كنّا‭ ‬نظن‭ ‬أنهم‭ ‬فقدوا‭ ‬بوصلتهم‭ ‬الفلسطينية‭.. ‬هذا‭ ‬نذير‭ ‬شؤم‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬تأكد‭ ‬سياسيّوها‭ ‬أن‭ ‬حساباتهم‭ ‬كانت‭ ‬كلها‭ ‬مغلوطة،‭ ‬وسياساتهم‭ ‬كانت‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أفق‭ ‬أبعد‭ ‬مما‭ ‬فكروا‭ ‬فيه‭.‬

إنهم‭ -‬الفلسطينيين‭- ‬فعلا‭ ‬أصحاب‭ ‬الأرض‭.. ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬أصحاب‭ ‬الأرض‭ ‬يدافع‭ ‬عنها‭ ‬بنفسه‭ ‬وماله‭ ‬وأولاده،‭ ‬بهذه‭ ‬الشراسة‭.. ‬وهذا‭ ‬الكبرياء‭ ‬والتحدي‭.‬

وأنا‭ ‬كيهودي،‭ ‬أتحدّى‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬دولة‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬كلها‭ ‬بهذا‭ ‬الانتماء،‭ ‬وهذا‭ ‬التمسّك‭ ‬والتجذّر‭ ‬بالأرض،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أذقناهم‭ ‬ويلاتنا،‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬وسجن،‭ ‬وحصار‭ ‬وفصل،‭ ‬وأغرقناهم‭ ‬بالمخدرات،‭ ‬وغزونا‭ ‬أفكارهم‭ ‬بخزعبلات‭ ‬تبعدهم‭ ‬عن‭ ‬دينهم،‭ ‬كالتحرر‭ ‬والإلحاد‭ ‬والشكّ‭.. ‬لكن‭ ‬الغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أحدهم‭ ‬مدمن‭ ‬مخدرات،‭ ‬ولكنه‭ ‬يهبّ‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬أرضه‭ ‬وأقصاه،‭ ‬وكأنه‭ ‬شيخ‭ ‬بعمامة،‭ ‬وصوته‭ ‬يصهل‭ ‬‮«‬الله‭ ‬أكبر‮»‬‭..!!‬

جيوش‭ ‬دول‭ ‬بكامل‭ ‬عتادها‭ ‬لم‭ ‬تجرؤ‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬معدودات،‭ ‬فقد‭ ‬سقط‭ ‬القناع‭ ‬عن‭ ‬الجندي‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقهر،‭ ‬وأصبح‭ ‬يقتل‭ ‬ويخطف؛‭ ‬وطالما‭ ‬أن‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬ذاقت‭ ‬صواريخ‭ ‬المقاومة،‭ ‬فمن‭ ‬الأفضل‭ ‬أن‭ ‬نتخلّى‭ ‬عن‭ ‬حلمنا‭ ‬الزائف‭ ‬بإسرائيل‭ ‬الكبرى،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬للفلسطيني‭ ‬دولة‭ ‬جارة،‭ ‬تسالمنا‭ ‬ونسالمها،‭ ‬وهذا‭ ‬فقط‭ ‬يطيل‭ ‬عمر‭ ‬بقائنا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬بضع‭ ‬سنين،‭ ‬وأعتقد‭ ‬بأنه‭ ‬ولو‭ ‬بعد‭ ‬ألف‭ ‬عام،‭ ‬هذا‭ ‬إن‭ ‬استطعنا‭ ‬أن‭ ‬نستمر‭ ‬لعشرة‭ ‬أعوام‭ ‬قادمة‭ ‬كدولة‭ ‬يهودية،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬يوم‭ ‬ندفع‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬الفاتورة‭.. ‬فالفلسطيني،‭ ‬سيُبعث‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬ومن‭ ‬جديد،‭ ‬ومن‭ ‬جديد‭.. ‬وسيأتي‭ ‬مرّة‭ ‬راكبًا‭ ‬فرسه،‭ ‬مُتّجهًا‭ ‬نحو‭ ‬تل‭ ‬أبيب‮»‬‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬المقال‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تقرأه‭ ‬إسرائيل‭ ‬منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬فجاءها‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬اليوم،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التعتيم‭ ‬الإعلامي،‭ ‬والدعم‭ ‬الغربي،‭ ‬والصمت‭ ‬الدولي،‭ ‬والتناقض‭ ‬الحقوقي‭ ‬العالمي‭.. ‬فمتى‭ ‬ستدرك‭ ‬إسرائيل‭ ‬جنون‭ ‬ما‭ ‬ذهبت‭ ‬إليه‭.. ‬وكارثية‭ ‬ما‭ ‬تسير‭ ‬نحوه‭..‬؟؟

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا