زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
أصناف جديرة بالكُره (2)
هناك صنوف من البشر جديرون بالكره والاحتقار، ليس بسبب عرقهم او دينهم او معتقداتهم، بل بسبب سلوكهم الضار بهم وبالمجتمع من حولهم، وقلت بالأمس إنني أكره لاعب القمار أكثر من كرهي لمتعاطي المخدرات، وذلك لأنه يتعمد السطو على نقود تخص آخرين، أو يعرض رزقه ورزق أسرته للخطر، وأكره القواد أكثر من كرهي للعاهرة، ويقول علماء الاجتماع وعلماء الجريمة ان معظم العاهرات يجدن طريقهن الى التوبة، وإن القوادين هم من يقطعون عليهن طريق التوبة بالعنف الجسدي والترويع والابتزاز.
ومنذ ان وعيت الأشياء من حولي وأنا أكره المشعوذين والدجالين، وكتبت عشرات المرات عن تجربة النشوء في بيئة كان الدجالون فيها يعتبرون من اهل الكرامات والحظوة والبركات، وازددت تعاسة وغضبا عندما قرأت تقارير لمراكز بحثية محترمة تقول إن أهل الخليج ينفقون نحو خمسة بلايين من الدولارات سنويا على الدجالين (معظم تلك المبالغ دفعتها نساء، غالبا لمنع زوج من الاقتران بأخرى أو للحصول على عريس، أو طلبا للشفاء من علة)
وجلبت كراهيتي المعلنة للدجالين والمشعوذين عليَّ «اللعنات» فبسبب مجاهرتي منذ سن مبكرة في التشنيع بهم كان الدجالون المحليون والوافدون من غرب افريقيا يسمونني الولد المطموس والملعون والمسكون بالشياطين، وفي مدينة كوستي في وسط السودان كان هناك رجل من غرب إفريقيا يجلس قرب طاحونة ويزعم انه يحصن الناس ضد السلاح، اي يزودك بما يسمى «حجاب»، وهو ورقة عليها طلاسم، وملفوفة بالجلد فلا يخترق الرصاص او السكين جسدك، وذهبت اليه مع بعض الأصدقاء، وسألناه عن إمكانية تحصيننا ضد جميع أنواع السلاح، ففرح بنا وقال انه سيعطينا تخفيضا خاصا على أساس «سعر الجملة»، فينال كل منا حجابا ضد كل صنوف السلاح. سألته: هل عرضت خدماتك على القوات المسلحة السودانية لتحصين ألف جندي ضد السلاح حتى ينهوا التمرد في جنوب البلاد وشرقه وغربه في يومين؟ او يتوجهوا الى اسرائيل ويريحوننا منها؟ كان رده ان كل حَمَلة النياشين في الجيش السوداني محصنون بحجابات من إعداده وأنهم نالوا تلك النياشين نتيجة استبسالهم وقتلهم العدو في المعارك دون التعرض لإصابات! هنا قدمت له اقتراحا: يفترض أنك ستأخذ من كل واحد منا وبسعر الجملة، عشرة قروش لتحصيننا ضد السلاح.. ما رأيك في أن نعطيك المبلغ كاملا وتحتفظ بحجاباتك، وتعطيني سكينا وأجربها على جسمك للتأكد من فعالية التحصين وان باب النجار غير مخلع، فما كان من الرجل إلا أن أخرج سكينا من كيس كان بقربه وهددنا باستخدامها لطعننا ما لم نغادر المكان على الفور!
في إحدى قرى محافظة الغربية بمصر، تتوافد النساء على امرأة مسنة اسمها فوزية لها قدرات الالترا ساوند او السونار او الموجات الصوتية وتستخدم تلك القدرات لمعرفة جنس الجنين. ويقول من يصدقونها إنها تعرف نوع المولود بمعادلة كالآتي: (عدد أحرف اسم المرأة الحامل، زائدا أحرف اسم والدتها، زائدا عدد ايام الشهر الذي حدث فيه الحمل، زائدا عدد ايام الشهر الذي ستلد فيه وإذا جاء الناتج عددا فرديا كان المولود ذكرا واذا كان زوجيا جاء أنثى). لم يسأل هؤلاء البلهاء الذين يستعينون بها من الجنسين أنفسهم: إذا كانت معادلة تحديد جنس الجنين معروفة، ويستطيع شخص معاق حسابيا مثل جعفر عباس حلحلتها، فما حاجتكم الى فوزية أو زكية الذكية؟ أما السؤال الذي يحيرني أكثر فهو لماذا أصلا يذهب زوج وزوجته او زوجة بمفردها الى اختصاصي تشخيص بالموجات الصوتية (التي نسميها التلفزيون) لمعرفة نوع الجنين؟ الحمل حصل وخلاص.. ولا سبيل لتغيير جنس الجنين فما الفائدة المرجوة من معرفة ما إذا كان ذكرا ام أنثى؟ أم ان المسألة فيها «إن»؟ هل ذلك لتجهيز «اسم»، وكأنما الأمر يتطلب تسخين الفرن لعدة شهور للخروج باسم «مستوي ع الآخر»؟ في الهند منعوا استخدام الموجات الصوتية لمعرفة جنس الجنين لأن من يكتشفن انه أنثى يقمن بإجهاضه.. ومن ثم فإنني اتساءل مجددا لماذا تدفع الشيء الفلاني لمعرفة إذا ما كنت سترزق بولد أم ببنت والمولود أيا كان جنسه قطعة من لحمك ودمك وستحبه إن كنت شخصا سويا؟
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك