العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

مستشفى المعمداني وبراءة الإنسانية من الإنسان!

كُنت‭ ‬بصدد‭ ‬كتابة‭ ‬موضوع‭ ‬آخر‭ ‬عن‭ ‬فقدان‭ ‬النخبة‭ ‬العالمية‭ ‬لذرة‭ ‬من‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬وهم‭ ‬يستخدمون‭ ‬‮«‬الفيتو‮»‬،‭ ‬ضد‭ ‬القرار‭ ‬الروسي‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬وجرائم‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬غزة‭! ‬ولكن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬وصفوا‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بالحيوانات‭ ‬والوحوش،‭ ‬أثبتوا‭ ‬أنهم‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬ألف‭ ‬عام‭ (‬ليبلغوا‭ ‬مرتبة‭ ‬الحيوانات‭ ‬وليس‭ ‬البشر‭)! ‬فقد‭ ‬توالت‭ ‬مشاهد‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬عقل‭ ‬تخيلها‭ ‬‮«‬والكيان‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تعجز‭ ‬كل‭ ‬أوصاف‭ ‬الوحشية‭ ‬عن‭ ‬وصفه‭! ‬حول‭ ‬قصف‭ ‬مستشفى‭ ‬المعمداني‮»‬‭! ‬لتنطلق‭ ‬مع‭ ‬القصف‭ ‬الصور‭ ‬المرعبة‭ ‬والأشلاء‭ ‬والجثث‭ ‬المقطعة‭ ‬للأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬وكبار‭ ‬السن‭ ‬والشباب،‭ ‬من‭ ‬المصابين‭ ‬والمرضى‭ ‬وأهاليهم‭ ‬الذين‭ ‬يأخذونهم‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى‭ ‬لتلقي‭ ‬العلاج‭! ‬فيأتي‭ ‬القصف‭ ‬بالأسلحة‭ ‬الفوسفورية‭ ‬المحرمة،‭ ‬فتتكدس‭ ‬أكوام‭ ‬اللحم‭ ‬والجثث‭ ‬المعبأة‭ ‬في‭ ‬الأكياس،‭ ‬والمنتشرة‭ ‬على‭ ‬أرضية‭ ‬المستشفى‭ ‬وما‭ ‬حولها،‭ ‬ليعجز‭ ‬الكلام‭ ‬عن‭ ‬الكلام‭! ‬

تجاوز‭ ‬السلوك‭ ‬الإجرامي‭ ‬الصهيوني‭ ‬حتى‭ ‬أوصاف‭ ‬النازية‭ ‬والفاشية‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭! ‬ليعطي‭ ‬للعالم‭ ‬نموذجاً‭ ‬جديداً‭ ‬لم‭ ‬تبلغة‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬فقدان‭ ‬الإنسانية‭ ‬والحيوانية‭ ‬معا‭! ‬يحدث‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬صدمات‭ ‬المشاهد‭ ‬الموجعة‭ ‬والمؤلمة،‭ ‬فيما‭ ‬يبقى‭ ‬الصمت‭ ‬العالمي‭ ‬هو‭ ‬السائد،‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬التنديدات‭ ‬وبعض‭ ‬التبرعات،‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬المواقف،‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬العار‭ ‬للإنسانية‭ ‬المبتورة‭ ‬من‭ ‬إنسانيتها،‭ ‬وهي‭ ‬تحاول‭ ‬إثبات‭ ‬أنها‭ ‬إنسانية‭ ‬بعد‭! ‬

حتى‭ ‬لحظة‭ ‬كتابة‭ ‬هذه‭ ‬الأسطر‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬الشهداء‭ ‬في‭ ‬دقائق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬شهيد‭ ‬وآلاف‭ ‬تحت‭ ‬الأنقاض‭ ‬والله‭ ‬أعلم‭ ‬كم‭ ‬شهيد‭ ‬سيصل‭ ‬العدد‭ ‬نهائي‭! ‬وأغلبهم‭ ‬كالعادة‭ ‬أطفال‭ ‬ونساء‭! ‬إنها‭ ‬مجزرة‭ ‬كبرى‭ ‬ومذبحة‭ ‬تضاف‭ ‬إلى‭ ‬شلال‭ ‬الدم‭ ‬الذي‭ ‬يسبح‭ ‬فيه‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭!. ‬

ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬‮«‬النخبة‭ ‬العالمية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬ودعم‭ ‬للجرائم‭ ‬‮«‬الإسرائيلية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يندى‭ ‬لها‭ ‬الجبين،‭ ‬وكأنها‭ ‬تستعرض‭ ‬بمواقفها‭ ‬كل‭ ‬ترسانة‭ ‬الشرور‭ ‬التي‭ ‬يديرها‭ ‬شيطانها‭ ‬أو‭ ‬‮«‬دجالها‮»‬‭! ‬فلا‭ ‬تعرف‭ ‬شيئا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬حس‭ ‬إنساني،‭ ‬لأنها‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬البشر،‭ ‬أو‭ ‬روبوتات‭ ‬بشرية‭!.‬

‭ ‬لكان‭ ‬حفل‭ ‬الشيطان‭ ‬الذي‭ ‬بدأ،‭ ‬منتظرا‭ ‬الشرارة‭ ‬الأولى‭ ‬حاز‭ ‬تلك‭ ‬الشرارة،‭ ‬ليبني‭ ‬عليها‭ ‬جحيمه‭! ‬معتقداً‭ ‬أن‭ ‬بهكذا‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمرضى‭ ‬والمصابين،‭ ‬سيسجل‭ ‬فوزاً‭ ‬أو‭ ‬نقاطاً‭ ‬في‭ ‬حربه،‭ ‬غير‭ ‬مدرك‭ ‬هذا‭ ‬الشيطان‭ ‬أنه‭ ‬يهزم‭ ‬نفسه‭ ‬مرة‭ ‬بعد‭ ‬مرة‭ ‬أمام‭ ‬الإنسان‭ ‬وأمام‭ ‬الفلسطيني‭! ‬وأنه‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬بشاعاته‭ ‬الشيطانية‭ ‬ضده،‭ ‬فهو‭ ‬صامد‭ ‬وسيصمد‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬آلة‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬يشنها،‭ ‬وقد‭ ‬بلغت‭ ‬بشاعات‭ ‬وجهه‭ ‬الشريرة‭ ‬حتى‭ ‬قلوب‭ ‬‮«‬اليهود‮»‬‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وأمريكا،‭ ‬الذين‭ ‬يعلنون‭ ‬براءتهم‭ ‬منه‭ ‬ومن‭ ‬الانتساب‭ ‬إليه‭! (‬ويسمع‭ ‬هذا‭ ‬الشيطان‭ ‬وأتباعه‭ ‬الذي‭ ‬يدير‭ ‬جرائمه‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭). (‬الهتافات‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬ضده‭ ‬وضدهم،‭ ‬فهو‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬قد‭ ‬سجل‭ ‬الموت‭ ‬الحقيقي‭ ‬لنفسه‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ ‬وأمام‭ ‬الإنسان،‭ ‬وأثبت‭ ‬أن‭ ‬الحيوانية‭ ‬تتبرأ‭ ‬منه‭ ‬بدورها‭! ‬وكل‭ ‬الشهداء‭ ‬الذين‭ ‬حرقهم‭ ‬بنيرانه‭ ‬هم‭ ‬أحياء‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬يرزقون‭. ‬

هذا‭ ‬الذي‭ ‬يحدث‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ (‬موقف‭ ‬عربي‭ ‬وإسلامي‭ ‬موحد‭) ‬وإلى‭ ‬موقف‭ ‬عالمي‭ ‬يترجم‭ ‬حقيقة‭ ‬المواقف‭ ‬الشعبية‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬والعالمية،‭ ‬ففي‭ ‬النهاية‭ ‬يد‭ ‬السعودية‭ ‬وحدها‭ ‬أو‭ ‬مصر‭ ‬وحدها‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬دول،‭ ‬لن‭ ‬تصفق‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬شر‭ ‬‮«‬النخبة‭ ‬العالمية‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬تغدّي‭ ‬وحوشها‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭! ‬لقد‭ ‬تمادى‭ ‬الشر،‭ ‬حتى‭ ‬بلغ‭ ‬السيل‭ ‬الزبى‭! ‬وأصحابه‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنها‭ ‬البداية‭ ‬فقط‭! ‬فماذا‭ ‬في‭ ‬جعبتهم‭ ‬بعد‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وشعوب‭ ‬المنطقة‭ ‬؟‭! ‬وماذا‭ ‬ينتظر‭ ‬العالم‭ ‬لكي‭ ‬يتحرك‭ ‬كله‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬هذا‭ ‬الشر‭ ‬الرابض‭ ‬على‭ ‬صدر‭ ‬أنبل‭ ‬قضية‭ ‬إنسانية،‭ ‬وعلى‭ ‬صدر‭ ‬العالم؟‭!‬

مشاهد‭ ‬مستشفى‭ ‬المعمداني‭ ‬أكثر‭ ‬شراسة‭ ‬مما‭ ‬أحدثته‭ ‬آلة‭ ‬الشيطان‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬‮«‬مستشفى‭ ‬العامرية‭! ‬هذه‭ (‬الظلامية‭)‬التي‭ ‬تظلل‭ ‬بها‭ ‬النخبة‭ ‬العالمية‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬كله‮»‬‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تتوقف‭ ‬إلا‭ ‬حين‭ ‬تمتد‭ ‬البشرية‭ ‬ضدها‭! ‬فقد‭ ‬سقطت‭ ‬تماما‭ ‬كل‭ ‬الوجوه‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬مستنقع‭ ‬الحريات‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ (‬الزائفة‭) ‬التي‭ ‬روجت‭ ‬لها،‭ ‬لترتكب‭ ‬معها‭ ‬أبشع‭ ‬الانتهاكات‭ ‬والمجازر‭ ‬ضد‭ ‬الإنسان‭ ‬وحريته‭ ‬وحقوقه‭! ‬ولتصبح‭ ‬‮«‬غرة‮»‬‭ ‬المرآة‭ ‬الكاشفة‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬بنى‭ ‬الغرب‭ ‬نموذجه‭ ‬‮«‬الزائف‮»‬‭ ‬عليه‭! ‬فأشلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬العالقة‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬مستشفى‭ ‬المعمداني‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬مستشفيات‭ ‬ومراكز‭ ‬لجوء‭ ‬وطرقات‭ ‬وأحياء‭ ‬تم‭ ‬دكها‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬قاطنيها،‭ ‬هي‭ ‬أبلغ‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬كلام‭ ‬لكشف‭ ‬‮«‬الظلامية‭ ‬الغربية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تسود‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭! ‬والسؤال‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬عالمية‭ ‬بإمكانها‭ ‬فرملة‭ ‬آلة‭ ‬الشر‭ ‬الشيطانية،‭ ‬الدائرة‭ ‬بكل‭ ‬قوتها‭ ‬وحركتها‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وغزة،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتدحرج‭ ‬كرة‭ ‬نارها‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬أو‭ ‬العالم،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬مصاصي‭ ‬دماء‭ ‬البشرية‭ ‬سيستمرون‭ ‬في‭ ‬مص‭ ‬الدماء؟‭! ‬وهل‭ ‬المظاهرات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬انفجرت‭ ‬بعد‭ ‬حادث‭ ‬‮«‬مستشفى‭ ‬المعمداني‮»‬‭ ‬هي‭ ‬بداية‭ ‬الانفجار‭ ‬العالمي‭ ‬ضد‭ ‬انطلاق‭ ‬‮«‬الظلامية‭ ‬الغربية‮»‬‭ ‬ووحوش‭ ‬‮«‬الكيان‭ ‬الصهيوني‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬ظلاميتهم‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬ستنتصر،‭ ‬غير‭ ‬مدركين‭ ‬أنهم‭ ‬كما‭ ‬نقول‭ ‬دائما‭ (‬ويمكرون‭ ‬ويمكر‭ ‬الله‭ ‬والله‭ ‬خير‭ ‬الماكرين‭)‬،‭ ‬وشهداؤنا‭ ‬في‭ ‬الجنة،‭ ‬والجحيم‭ ‬وحده‭ ‬ينتظر‭ ‬أشرار‭ ‬العالم‭ ‬مهما‭ ‬تمادوا‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا