عالم يتغير
فوزية رشيد
مستشفى المعمداني وبراءة الإنسانية من الإنسان!
كُنت بصدد كتابة موضوع آخر عن فقدان النخبة العالمية لذرة من الإنسانية في مجلس الأمن، وهم يستخدمون «الفيتو»، ضد القرار الروسي لوقف إطلاق النار وجرائم حرب الإبادة ضد الإنسانية في غزة! ولكن هؤلاء الذين وصفوا الفلسطينيين بالحيوانات والوحوش، أثبتوا أنهم يحتاجون إلى ألف عام (ليبلغوا مرتبة الحيوانات وليس البشر)! فقد توالت مشاهد لا يمكن لأي عقل تخيلها «والكيان» الذي تعجز كل أوصاف الوحشية عن وصفه! حول قصف مستشفى المعمداني»! لتنطلق مع القصف الصور المرعبة والأشلاء والجثث المقطعة للأطفال والنساء وكبار السن والشباب، من المصابين والمرضى وأهاليهم الذين يأخذونهم إلى المستشفى لتلقي العلاج! فيأتي القصف بالأسلحة الفوسفورية المحرمة، فتتكدس أكوام اللحم والجثث المعبأة في الأكياس، والمنتشرة على أرضية المستشفى وما حولها، ليعجز الكلام عن الكلام!
تجاوز السلوك الإجرامي الصهيوني حتى أوصاف النازية والفاشية والتطهير العرقي! ليعطي للعالم نموذجاً جديداً لم تبلغة البشرية من فقدان الإنسانية والحيوانية معا! يحدث كل ذلك من صدمات المشاهد الموجعة والمؤلمة، فيما يبقى الصمت العالمي هو السائد، إلا من بعض التنديدات وبعض التبرعات، التي تدخل في ملف المواقف، في ذاكرة العار للإنسانية المبتورة من إنسانيتها، وهي تحاول إثبات أنها إنسانية بعد!
حتى لحظة كتابة هذه الأسطر بلغ عدد الشهداء في دقائق أكثر من 500 شهيد وآلاف تحت الأنقاض والله أعلم كم شهيد سيصل العدد نهائي! وأغلبهم كالعادة أطفال ونساء! إنها مجزرة كبرى ومذبحة تضاف إلى شلال الدم الذي يسبح فيه الكيان الصهيوني!.
ومن الواضح أن «النخبة العالمية» التي تقف بكل قوة ودعم للجرائم «الإسرائيلية» التي يندى لها الجبين، وكأنها تستعرض بمواقفها كل ترسانة الشرور التي يديرها شيطانها أو «دجالها»! فلا تعرف شيئا عن أي حس إنساني، لأنها قد تكون إما أن تكون خارج نطاق البشر، أو روبوتات بشرية!.
لكان حفل الشيطان الذي بدأ، منتظرا الشرارة الأولى حاز تلك الشرارة، ليبني عليها جحيمه! معتقداً أن بهكذا جرائم حرب حتى على المستشفيات والمرضى والمصابين، سيسجل فوزاً أو نقاطاً في حربه، غير مدرك هذا الشيطان أنه يهزم نفسه مرة بعد مرة أمام الإنسان وأمام الفلسطيني! وأنه رغم كل بشاعاته الشيطانية ضده، فهو صامد وسيصمد في وجه آلة الحرب التي يشنها، وقد بلغت بشاعات وجهه الشريرة حتى قلوب «اليهود» في أوروبا وأمريكا، الذين يعلنون براءتهم منه ومن الانتساب إليه! (ويسمع هذا الشيطان وأتباعه الذي يدير جرائمه ضد الإنسانية). (الهتافات في العالم كله ضده وضدهم، فهو في النهاية قد سجل الموت الحقيقي لنفسه أمام العالم وأمام الإنسان، وأثبت أن الحيوانية تتبرأ منه بدورها! وكل الشهداء الذين حرقهم بنيرانه هم أحياء عند الله يرزقون.
هذا الذي يحدث يحتاج إلى (موقف عربي وإسلامي موحد) وإلى موقف عالمي يترجم حقيقة المواقف الشعبية العربية والإسلامية والعالمية، ففي النهاية يد السعودية وحدها أو مصر وحدها وغيرها من دول، لن تصفق في وجه شر «النخبة العالمية» وهي تغدّي وحوشها في الكيان الصهيوني! لقد تمادى الشر، حتى بلغ السيل الزبى! وأصحابه يعتقدون أنها البداية فقط! فماذا في جعبتهم بعد للشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة ؟! وماذا ينتظر العالم لكي يتحرك كله في وجه هذا الشر الرابض على صدر أنبل قضية إنسانية، وعلى صدر العالم؟!
مشاهد مستشفى المعمداني أكثر شراسة مما أحدثته آلة الشيطان الأمريكية في «مستشفى العامرية! هذه (الظلامية)التي تظلل بها النخبة العالمية المنطقة والعالم كله» يبدو أنها لن تتوقف إلا حين تمتد البشرية ضدها! فقد سقطت تماما كل الوجوه الغربية في مستنقع الحريات وحقوق الإنسان (الزائفة) التي روجت لها، لترتكب معها أبشع الانتهاكات والمجازر ضد الإنسان وحريته وحقوقه! ولتصبح «غرة» المرآة الكاشفة لكل ما بنى الغرب نموذجه «الزائف» عليه! فأشلاء الأطفال العالقة على جدران مستشفى المعمداني وغيره من مستشفيات ومراكز لجوء وطرقات وأحياء تم دكها على رؤوس قاطنيها، هي أبلغ من أي كلام لكشف «الظلامية الغربية» التي تسود عالم اليوم! والسؤال هل هناك من مواقف عالمية بإمكانها فرملة آلة الشر الشيطانية، الدائرة بكل قوتها وحركتها في فلسطين وغزة، قبل أن تتدحرج كرة نارها إلى كل مكان سواء في المنطقة أو العالم، أم أن مصاصي دماء البشرية سيستمرون في مص الدماء؟! وهل المظاهرات الكبيرة التي انفجرت بعد حادث «مستشفى المعمداني» هي بداية الانفجار العالمي ضد انطلاق «الظلامية الغربية» ووحوش «الكيان الصهيوني» الذين يعتقدون أن ظلاميتهم هي التي ستنتصر، غير مدركين أنهم كما نقول دائما (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)، وشهداؤنا في الجنة، والجحيم وحده ينتظر أشرار العالم مهما تمادوا!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك