عالم يتغير
فوزية رشيد
أمام غزة يتخبّط «الكيان» والعالم!
{ ها قد مرّ أكثر من عشرة أيام، وأنا أكتب هذا المقال، وكل يوم تنكشف الأكاذيب والتحايل «الإسرائيلي» لتصفية القضية الفلسطينية! ويتزايد الوعي العالمي بحجم الحرب والعقاب الجماعي، الذي تقوم به قوات الاحتلال الصهيوني في غزة! كل يوم يتغير المشهد، ويتخبط العدو، رغم ما صبّه من قنابل حقده لتدمير كل شيء في غزة!
ومع سلاح الصور الحقيقية على الشاشات وعبر وسائل التواصل الإلكتروني! (تزداد ورطته ويزداد تخبطه ومعه أمريكا والغرب)! تلونات في المواقف وتناقضات في التصريحات، وتهديدات بالغزو «البري» ثم تأجيله بذريعة الأحوال الجويّة! ووزير الخارجية الأمريكي ينتقل من وإلى، في دورة مكوكية، ليسمع من مصر والسعودية تحديداً الرفض لكل ما يقوم به الكيان، وأنه عقاب جماعي وليس دفاعا عن النفس! فيما معبر رفح تقف شاحنات المساعدات من دول عديدة تنتظر الدخول! فيواجه الكيان المعبر بالقصف! وهذا دليل آخر على تخبطه!
{ ما قاله الضباط الإسرائيليون على حدود غزة في وجه «نتنياهو» وبأنه «كذاب» فتنازل عن خطابه لهم، واكتفى بالصور مع الجنود! يدلل على ما وصلت إليه (المعنويات) لدى ضباط الجيش الإسرائيلي وجنوده! ومعهم معنويات (350 ألف جندي احتياط) تم استنفارهم للحرب! فهل هؤلاء سيخوضون حربا بريّة؟! أو سيصمدون في حرب طويلة؟! هل هؤلاء سيدخلون جحيم المواجهة مع مقاومة أذلتهم ولا يعرفون ما ينتظرهم هناك؟! وهل (لعبة القمار العسكرية) التي سيلعبها «الكيان» في غزة، في ظل احتمالات خسائر أكبر وربما الخسارة الكاملة ستوقف حتى في حالة الربح كما يحملون المقاومة الفلسطينية، وهي من كل الفصائل وليست حماس وحدها؟! هذه المقاومة التي تمرست مع كل أشكال الظلم والقتل والإبادة عبر (75 عاما) ورغم كل المعوقات والظروف الداخلية والعربية والخارجية، ومع ذلك أثبت أصحاب القضية أنها قضية مستمرة ولا تنتهي، حتى لو تراكم عليها الغبار الإقليمي والعربي والدولي، هؤلاء سيزدادون شراسة في قادم الزمن!
{ ولربما ما سمعه وزير الخارجية (الإسرائيلي الأمريكي) «بلينكن» من مصر والسعودية والأردن والبلاد التي زارها، حول (رفض التهجير) لخبط الحسابات مجددا! وأربكها في حساب «لعبة القمار العسكرية» التي تديرها أمريكا مع الكيان الصهيوني! وحيث السيناريو اعتمد على مجازر الحرب داخل غزة والتهديد والتخويف للدول العربية، ومحاولة إقناعهم بقبول القضاء على غزة بحجة القضاء على حماس! وأن ذلك هو سر اللعبة كلها في هذه المرحلة! ولكن ولأن اللعبة أمام مرأى العالم والشعوب كانت تدور على رؤوس الأطفال والنساء والمدنيين، ومعهم قتل الطواقم الطبية والصحفيين والإعلامين، في الوقت الذي تنتظر ما يزيد على 4000 جثة أن يتم انتشالها! فإن السحر انقلب على الساحر، وانقلب معه الرأي العام العالمي، وفجر غضب الشعوب العربية! فإذا ما استمر الكيان في المزيد من المجازر وجرائم الحرب والتطهير العرقي والعقاب الجماعي، فإن أحدا لا يعرف ما هي النهاية؟ ولا أحد يعرف إلى أين ستؤول الفوضى؟ وقد يكون ما يحسبه الكيان نهاية للمقاومة وتصفية للقضية يكون نهاية لكيانه المصطنع! وسيزداد تخبطه!
{ طوفان الأقصى، سواء تم تأييدها أو رفضها أو إدانتها، فإنها تركت آثارها العميقة على المنظومة العسكرية والأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية! بل إن (عقدة فقدان الأمن) لدى المواطن الصهيوني تفاقمت بعد هذه العملية إلى حد هستيري! جعلت آلافا مؤلفة تتجه إلى المطارات وكلهم من أصحاب الجنسيات المزدوجة أو المتعددة! للحصول على الأمان من الدول التي جاؤوا منها! فالأرض في النهاية ليست أرضهم وهم يعرفون ذلك جيدا! عملة الشيكل تراجعت كثيرا! التضخم زاد خلال أسبوع واحد! الاقتصاد تضرر، خاصة أن 45% من الموظفين في كل القطاعات هم من المتطوعين الذين تم استدعاؤهم! السياحة ضربت! الطيران والرحلات من وإلى، أصبحت في حالة أقرب إلى الشلل! الاستثمارات داخل الكيان تراجعت!
كل ذلك وغيره كثير يشير إلى (خارطة الارتباك والفشل) لدى الكيان الصهيوني التي أنتجت التخبط الذي سيزداد رغم وحشية القصف والقتل والتدمير!
قد يعتقد البعض أن توسيع الحرب في غزة لتكون حربا شاملة في المنطقة هو أمر سهل في مواجهة مجهولة الأبعاد! سيكون فيها «الكيان» متكبدا الخسائر ربما أكثر من خسائر الآخرين! هو سيناريو كارثي بمعنى الكلمة إن حدث! وبالنسبة إلى الكيان سيكون أكثر كارثية لأن «المتغير الدولي» أيضا يفرض نفسه هذه المرة! فالصين لها مصالحها وترتيباتها في المنطقة، وكذلك روسيا! وموقفهما مما يحدث من الكيان تجاه غزة هو الإدانة مع حل سلمي! مما يعني ومع «الانحياز الأمريكي والغربي» للكيان الصهيوني، أن شكلا من (الانحياز المضاد) قد يحدث بين العرب والصين وروسيا! وليس بالضرورة عسكريا، وهذا أصلا أكثر ما تخشاه أمريكا ومعها الكيان الصهيوني!
{ كل ذلك وغيره من السيناريوهات المحتملة، في ظل التعنت الصهيوني العالمي سيجعل التخبط الإسرائيلي، ومعه الأمريكي والغربي في حالة الزيادة وليس النقصان!
{ هم يريدون ربحا صافيا من دون خسائر كبيرة أو مجازفة كبرى بمصالح مهمة في المنطقة! ولكن ذلك غير ممكن مهما حاولوا! بل ربما تكون النتائج عكسية تماما فهؤلاء المغضوب عليهم من الله بما يفعلون من ظلم في البشرية والأرض وقد دخلوا مسبقا في حرب معلنة على الله والدين والفطرة والإنسانية! لا يدركون أنه مهما بلغ مكرهم أو قوتهم، فإن مكر الله بهم وقوته أكبر منهم ومن كل شيء!
وعلى الله فليتوكل المتوكلون.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك