عالم يتغير
فوزية رشيد
العالم أمام مرآة القضية الفلسطينية!
{ هي القضية التي لا تشبه أية قضية أخرى، لا من حيث أبعادها «الدينية» والمقدسات الإسلامية والمسيحية والادعاءات اليهودية الصهيونية التي لم يثبت لها أي أثر في الأرض الفلسطينية حول «الهيكل» المزعوم! ولا من حيث أبعادها السياسية اليهودية حين تمّ سرقة وطن (سياسيا واستعماريا برداء ديني أسطوري) موضوع في «التلمود»! والذي هو كتابة بشرية وليس «التوراة» التي نزلت على «موسى»، وبعد ذلك تمّ تلفيق بعض ما فيها بشهادة القرآن نفسه! ولا شيء أو قضية تشبهها أيضًا من حيث أبعادها الإنسانية، التي شردت شعبًا، وسجنت من تبقى منه في سجن غزة أو سجن الضفة الغربية! في أقسى وآخر احتلال في العالم، يعيشه شعب منذ 75 عامًا!
{ هذه القضية متعددة (الأبعاد الدينية والسياسية والإنسانية) تمتلك مرآة كاشفة لا توجد لدى أية جهة أخرى! فهي مرآة لا تكشف الوجوه وحدها، وإنما هي تكشف الضمائر والمواقف! ومن يقف أمامها يعرف حقيقة نفسه! لأنها القضية التي تحدّث عنها «الرسول الأعظم» حديث آخر الزمان، وحيث الأمة العربية والإسلامية تقف على محكّ هذه القضية، في مواجهة أعداء الله والدين والمنافقين والمتاجرين، ولا يصمد منهم في أرض الرباط إلا المرابطون حتى يوم الدين!
{ وبتلك الأبعاد المتداخلة منذ بدايتها في 1948، التي كانت تفجيرًا لصراع «الحملات الصليبية الطويلة» مع المسلمين، جاء «وعد بلفور» المشؤوم! وحلّت النكبة. ليس على فلسطين وحدها، وإنما على العرب جميعًا! وبإدراك صحيح تمّ جعلها «القضية الأولى والمركزية»، للعرب جميعًا أيضًا؟ على خلفية إدراك آخر، أن زرع هذا «الكيان الصهيوني» (المغتصب) جاء في منتصف الجغرافيا العربية، ليكون له (دور وظيفي) في منع أية وحدة عربية، كما جاء في «مؤتمر لندن» 1905-1907! ولصناعة الصراعات والحروب وخلخلة ومنع أية نهضة عربية وحسب ما جاء في المؤتمر نفسه أيضًا! ولتغليف العدوان (الظاهر والمستتر) بأغلفة من التضليل السياسي والإعلامي والديني والفكري وبشكل مستمر! فالهدف هو إضعاف العرب وإبقاؤهم في الضعف، لتحقيق أسطورة أو خرافة أخرى بعد خرافة (أرض الله الموعودة)! وهي أسطورة (التوسع الصهيوني الاستعماري) في الأرض العربية، بمسمى «إسرائيل الكبرى»! لأن دون تحقيق ذلك لن يأتي «المسيح الدجال» ليحكم العالم! وكما في معتقد (المسيحية – الصهيونية) أيضًا!
{ هكذا توالت المأساة الفلسطينية، لتفرخ مآسيَ عربية أخرى، فهي البداية والنهاية وهكذا هي قضيتها! التي تمّ تدمير بلدان عربية أخرى نعرفها جميعًا تمهيدًا لحكم «المسيح الدجال»!
وبذلك تفرّقت الطرق وتناسلت الآليات، لكي تجعل العالم كله يصدّق أن من أسس أساطير وخرافات، واغتصب وطنًا وشرّد شعبًا وسجن الباقي منه، ونفذّ خططًا بأيدي «قوى كبرى غربية» لتدمير دول عربية هم الصهاينة، والهدف في أوله وآخره (استعماري بلباس أسطوري وديني) نقول جعل العالم يصدّق (أن من حقّ هذا المغتصب الدفاع عن نفسه بكل الطرق الوحشية ومنذ 75 عامًا) لُيِخمد أية مقاومة له ولاحتلاله من الشعب الفلسطيني الواقع تحت نير احتلاله واغتصابه لأرضه! بل ليعمل على إنهاء القضية برمتها! وجعل بعض العرب يصدّقون أنه «حمامة سلام»، يريد العيش الآمن في كنفهم! فنسوا أن (معتقده الأسطوري والصهيوني) هو القضاء عليهم في النهاية! وما القضية الفلسطينية إلاّ تلك البؤرة المشتعلة، والتي ستبقى كذلك ما لم يتمّ حلّ القضية حلاً جذريًا! وأن الحروب التي اندلعت بين العرب والكيان الصهيوني، لم تتوقف قط، لأنها أخذت أشكال حروب أخرى في المنطقة وبـ (الوكالة) للإبقاء على ذات الهدف في تمزيق العرب وإضعافهم! ومن يصدق غير ذلك فهو حالم!
{ هذه القضية وقد وصلت بعد «طوفان الأقصى» إلى أبشع ممارسات يمارسها الاحتلال في «غزة» اليوم وفي حرب إبادة عنصرية لشعب وليس لفصيل مقاوم هو «حماس» كما يدعي! وبفرض حصار شامل وقطع الماء والطعام والكهرباء والوقود والاتصالات، بعد أن وصف الشعب الفلسطيني بـ (الحيوانات المتوحشة!) كما جاء على لسان وزير دفاع الكيان الصهيوني! فإن المرأة الفلسطينية اليوم تعكس كل الضمائر والمواقف في العالم ومن دون توسّل! أمريكا دخلت طرفًا ثالثًا لنصرة الكيان بشكل كامل دون النظر في قضية فلسطين، ومثلها فعل «الاتحاد الأوروبي»! فيما أخذت «الصين» موقف الحياد والدعوة إلى حلّ الدولتين! وأخذت «روسيا» موقفًا أكثر اقترابًا من الحق الفلسطيني، ودعت إلى حلّ القضية الفلسطينية أيضًا، فيما دول أخرى بين مؤيد للحق الفلسطيني وعدالة ومشروعية قضيته، بينما دول غيرها وقفت مع دعم الكيان الصهيوني! وبين هؤلاء وهؤلاء يتناثر المنافقون والمتصهينون!
{ العرب ووزراء خارجيتها اجتمعوا امس للنظر في العدوان الوحشي واللاإنساني على شعب غزة، والعمل على إبادته أو تهجيره بالكامل، من المفترض أن يقفوا على أرض ثابتة!، وبموقف واضح وعملي في نصرة الشعب الفلسطيني كما يفعل الغرب مع الكيان الصهيوني، لأن «طوفان الأقصى» لم يأت إلا كرد فعل لظلم جائز وتسلّط مستمر منذ 1948!
وما حرب الإبادة التي يهدّد «نتنياهو» بجعلها حربًا تغيرّ وجه الشرق الأوسط كله! إلا استمرار لذات العقلية والعنجهية!
ووقوف الغرب معه بقيادة الولايات المتحدة، هو استمرار للانسياق وراء ذات الظلم الاستعماري وأساطير «المسيحية الصهيونية» خروج «الدجال» أو «عودة المسيح»! فيما جوهر كل ما يحدث هو (الرؤية الاستعمارية للجغرافيا العربية)، التي تسببت في نكبة فلسطين والكوارث العربية الأخرى! ومحاولة لإيجاد المخرج لتصعيدها تجاه الدول التي خرجت سالمة من أحداث 2011 الفوضوية، حتى لو أدت إلى حرب إقليمية وشاملة!
على العرب أن يدركوا أن القضية ليست صراعا إسرائيليا / فلسطينيا، كما درجت التسمية! وإنما هي وباستحقاق صراع عربي / صهيوني كما هي الحقيقة! وعلى أساس ذلك فليأخذوا المواقف لحماية أنفسهم أيضًا
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك