عالم يتغير
فوزية رشيد
القضية ليست «حماس» إنما قضية شعب وأبشع احتلال!
{ حين كتبنا عن «طوفان الأقصى» لم نكن نكتب عن «حماس» إلاّ فيما جسدّه شبابها الفلسطيني من عبور متقن أذهل الجميع، وشلّ شعب الكيان الصهيوني وعقله! ليذوق في يوم واحد ما ذاقه ويذوقه الشعب الفلسطيني منذ 75 عامًا! وكان المشهد في دخول الأرض الفلسطينية المحتلة، والخروج من سجن غزّة المحاصرة منذ 16 عامًا! وملامسة أقدامهم للتراب الفلسطيني «المحرم» عليهم ملامسته! هو ما فجرّ المشاعر المختلطة التي واكبت أصلاً القضية الفلسطينية وحجم الظلم الدولي والقهر الإنساني، الذي معهما تحوّل اغتصاب وطن في 1948، إلى قبول بالأمر الواقع تحت قوة وسطوة القوى الدولية الغربية المهيمنة على القرار الدولي ومؤسساته الدولية والأممية والإعلام وكل ما عداه!
ولكن وحتى رغم ذلك وبعد أن جاءت نكسة 1967، ليتحوّل الاغتصاب والدوس على القرارات الدولية آنذاك في تقسيم الأرض 1948 إلى (أبشع احتلال عنصري) لم يكتف بسرقة وطن وتشريد شعب وإحداث المجازر المتتالية فيه! حتى تحوّل إلى «فأر عملاق» يقضم كل يوم ما تبقى من فتات أرض للفلسطينيين، وإحلال المستوطنات بمستوطنيها المتطرفين، مكانهم! ظلم لم يشهد له التاريخ مثيلا! وقضية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً أيضًا! وبدعم وانحياز للظلم والجور من «القوى الغربية الاستعمارية» وعلى رأسها بريطانيا، صاحبة وعد بلفور، وأمريكا صاحبة «الفيتو» بالعشرات، لمنع أي حق وانصاف للشعب الفلسطيني!
هل نقول إننا لم نفرح بمشهد العبور الثاني في 7 أكتوبر، ومشاعرنا محمّلة بكل ذلك الظلم التاريخي؟!
نكون كاذبين لو قلنا لا! ولم يكن مهمًّا حينها أي تحليل أو تحميل للحدث!
{ الآن يدور الحديث حول ما قامت به «حماس» بأنه توريط إيراني، وتواطؤ صهيوني من حكومة «الكيان» نفسه! وأنها في إطار لعبة لجرّ المنطقة إلى حرب شاملة، وغير ذلك من كلام!
ولكن السؤال الحقيقي: في كل ذلك، إن كانت كما يقولون «حماقة» أو «مخططا» هو: (أليس تخلي العرب عن قضيتهم أحد الأسباب في دخول إيران على خط المتاجرة بالقضية وبالمليشيات المقاومة)؟!
أليس ظلم «المجتمع الدولي» الذي تجاهل القانون والقرارات الدولية، وتواطأ مع الظلم الصهيوني، بعدم حلّ قضية شعب تمت سرقة وطنه وقضم ما تبقى له من أرض، وصمت عن كل أشكال الظلم ذاك منذ 75 عامًا، ليستمر الظلم والقهر والقتل والتدمير والعنصرية، ونظام قائم على «معتقد أسطوري» لكيان لا يريد فيه مكانًا لشعب الأرض الحقيقي! أليس كل ذلك هو السبب الحقيقي لما وصلت إليه المنطقة وفلسطين المحتلة من مآسي؟!
{ «مجتمع دولي» لا يطبق القانون الدولي ولا العدالة الإنسانية، ولا يحاسب الكيان الغاصب، ولا يجبره على الالتزام باتفاقياته مع السلطة الفلسطينية، «اتفاقية أوسلو»، ولا يضغط من أجل حلّ سلمي عادل وإنهاء الاحتلال منذ 56 عاما! وإنما بقيادة الدول الاستعمارية الغربية كأمريكا وبريطانيا ودول غربية أخرى، (يواصل التواطؤ والانحياز) ويتلاعب بالمفاوضات لمجرد تضييع الوقت، ويهمل المبادرة العربية السلمية، هذا المجتمع الدولي (هو الذي يجب أن يُدان من كل شعوب العالم)! لأنه السبب وراء ما وصلت إليه القضية الفلسطينية من أفق مسدود! وأنتج العنف والتطرف كنتاج طبيعي لذلك الانسداد في الحلول!
{ حين يتم رفع الإصبع الأمريكي وهي تقف بقيادة «الناتو» مع أوكرانيا ضدّ ما تسميه الاحتلال الروسي، فإنها تمارس كعادتها الازدواجية وهي تسمي كل مقاومة فلسطينية ضدّ أبشع احتلال ومغتصب وطن بأنها إرهاب!
رغم أن الوقائع تقول إن أمريكا نفسها هي من صنعت الإرهاب في المنطقة منذ صناعة «القاعدة» ثم صناعة «داعش»، وهي من صنعت «التطرف الطائفي» حين جلبت بالتعاون مع فرنسا «الملالي» لحكم إيران! وأعطت الضوء الأخضر لإيران لصناعة الأذرع «المليشياوية» الذين يتبعون «الرأس المتطرف» الذي صنعته أمريكا في المنطقة! وسلمت له العراق وبقية دول، وسهلت له التحوّل إلى (تهديد قائم أو وجه آخر للتهديد الصهيوني) لزعزعة أمن واستقرار المنطقة ودول خليجية! هل اللوم هنا فقط على الأذناب أم على الرأس أم على من صنع ذلك الرأس وسهّل قيام الأذناب وتواطأ معها؟!
{ الآن ما يحدث في غزة من الاحتلال الصهيوني جريمة إبادة كبرى ضد الشعب وليس ضد حماس! تتحالف فيه أمريكا بشكل مباشر، وهي تحرّك بوارجها نحو المياه القريبة، وتدعم الكيان الصهيوني (دعمًا مفتوحًا بالمال والمعدات القاتلة)، لتدخل كطرف ثالث وبشكل مباشر في قتل الشعب الفلسطيني، بعد أن قام الكيان بالتدمير الكامل والتجويع والتعطيش ومنع الكهرباء والماء والغذاء بل والاتصالات والإنترنت! ثم يتحدثون عن الإرهاب الفلسطيني! يفعلون ذلك بدلا من أن يحلوّا للمرة الأولى والأخيرة القضية الفلسطينية بحلّ عادل، ليعمّ الأمن والسلام والاستقرار المنطقة إن كانوا صادقين! فمن دون حلّ هذه القضية سيزداد العنف والتطرف، كحلقة تتداخل مع حلقة أخرى، لأن «الكيان الصهيوني» وراعيته أمريكا والغرب، لا يفهمون في العدالة والقانون الدولي إلا بما يتوافق مع أجنداتهم! ولا يفهمون حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه ضد أبشع وآخر احتلال استعماري عنصري! مثلما لا يدركون خطورة الاستمرار في إغفال حلّ القضية، والتعامل مع الحق الفلسطيني في المقاومة باعتباره إرهابًا!
نفذّوا القرارات الدولية وكفاكم عبثًا وتلاعبًا وسخرية بالعقول! فالحق حق والباطل باطل مهما علا ضجيج أبواقه الصهيونية! وكفاكم ما تقومون به من (إبادة) في «غزة» فذلك لن ينهي القضية العادلة!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك