عالم يتغير
فوزية رشيد
طوفان الأقصى إلى أين؟!
{ كعادة أي حدث كبير ومهم بل و«استثنائي»، فإنه سرعان ما تظهر التحليلات المختلفة حوله وحول السيناريوهات التي بعده! وهذ ما دار حول «طوفان الأقصى» الذي قامت به المقاومة الفلسطينية، في هجوم مباغت ومزلزل! وخلفّ وراءه عددًا كبيرًا من القتلى «الإسرائيليين» بلغ عددهم (٩٠٠ قتيل و٢٤٠٠ مصاب، وأكثر من مائه أسير) كما اتضح حتى كتابة هذا الموضوع، والعدد مرشح للتصاعد حتى في الجانب الفلسطيني، حيث بالقابل شنتّ قوات الكيان الصهيوني، غارات مكثفة على الأبراج السكنية في غزّة! والتي بدورها خلفت ضحايا مدنيين وصل عددهم حتى اللحظة إلى ما يقارب الـ (٥٠٠ شهيد و٢٧٥١ مُصابا)!
فيما رشحت الأخبار عن أن «حماس» أسرت إلى جانب الجنرال «نمرود ألوني» عددًا آخر من الضباط والمستوطنين بينهم أربعة ضباط برتبة جنرالات!، لتتعقدّ خيوط القصة، كتعقيد القضية الفلسطينية نفسها، والتي بدأت منذ 1948، أي قبل 75 عامًا، ولم تجد من يفك خيوطها!
{ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وقفا منذ الساعات الأولى بانحياز واضح مع «الكيان الصهيوني»، ودون مواربة ومع حقّ الكيان في الدفاع عن نفسه! ولكأن الفلسطينيين الذين أُحتلت أرضهم وسُلبت حقوقهم، ليس من حقهم الدفاع عن نفسهم! بل إن التصريحات الأمريكية وصفت «حماس» وبقية الفصائل الفلسطينية أنهم إرهابيون!
وفي ذات الوقت خرجت تحليلات تصنع سيناريوهات كارثية للمنطقة ككل، في الوقت الذي يدّب الهلع والذعر الأوساط «الإسرائيلية» وآلاف منهم يخرجون هاربين نحو المطار إلى الخارج، خوفًا من استمرار التصعيد، وهم يتابعون ما يحدث من ارتباك في حكومتهم ولدى قادتهم، مدركين أنهم وكل منهم يحمل «جوازين».
وأن الوقت قد حان لاستخدام الجواز الثاني في البلد الذي جاؤوا منه! والكل يتابع القنوات الفضائية ووسائل التواصل، ويطلعّ على ما يستجدّ من أخبار متلاحقة وتطورات واحدة بعد الأخرى!، فالحدث كما قلنا فريد، واعتبره قادة الكيان الصهيوني أنه (أسوأ يوم حرب في تاريخ الكيان من الناحية العسكرية) ونضيف إليه هو الأسوأ أيضًا من الناحية المعنوية بعد أن تهشمت صورة الجيش الذي لا يُقهر كالهشيم!
{ هناك سيناريوهان لا ثالث لهما في اعتقادي:
الأول أن يستمر التصعيد في فلسطين المحتلة، ليصبح «طوفان الأقصى» بداية لمرحلة جديدة من الفعل ورد الفعل! وأن تكون رؤية الغرب هو إعطاء الجانب «الإسرائيلي» المزيد من أدوات الفتك والقتل والإبادة! باعتبار أن المواجهة هي مع إرهابيين، وليس مع مقاومة من حقها الدفاع عن أرضها ضدّ الاحتلال! وهذا يعني استمرار الاحتلال والتعسف الصهيوني، واستمرار «الدور الدولي» في تجاهل جذور القضية الفلسطينية ووقائعها منذ عقود والتي تعرّض أصحابها لظلم دولي كبير! وتخلىّ عنها «الدور الأممي» في احقاق الحق وتنفيذ القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة! وهذا يعني استمرار العالم في التعامل مع القضية الفلسطينية بذات الرؤية السابقة أو محاولة الإبقاء عليها، رغم ما أحدثه «طوفان الأقصى»، من متغيرات كبيرة على المستوى الاستراتيجي في قواعد اللعبة بين الاحتلال والمقاومة! وهذا يجعل الباب مفتوحًا للمزيد من التصعيد بعد الآن، خاصة إذا دخلت الولايات المتحدة على خط الصراع العسكري مباشرة، سواء بتزويد جيش الكيان بكل آلات الفتك، أو دخلت هي بمساهمة بوارجها وقواعدها المنتشرة في المنطقة! إلى جانب دخول «حزب اللات» على خطوط بعض المناوشات، كما حدث في اليوم الثاني لطوفان الأقصى! وبذلك تبقى المنطقة كلها وليس فلسطين المحتلة وحدها على خط النار والاشتعال!.
{ السيناريو الثاني: أن يدرك الصهاينة داخل الكيان وخارجه أن لا أمن ولا استقرار لهذا الكيان، إلا بالاعتراف بالحق الفلسطيني وبالقرارات الدولية والمبادرة العربية، والتخليّ عن مبدأ استمرار الاحتلال والقضاء على القضية الفلسطينية، وذلك ما لن يحدث مهما تعنت قادة الاحتلال! أي إن المطلوب في هذا السيناريو هو الاستجابة للرؤية العربية والسعودية التي تمّ طرحها في المبادرة العربية، حول حلّ الدولتين وإنهاء المستوطنات وتوقف الممارسات الاستفزازية ضد المقدسات الإسلامية في القدس، وإعطاء الشعب الفلسطيني حق العودة! وهذا يحتاج إلى رؤية لا تملكها دولة الكيان الصهيوني ولا الحكومة الراهنة والمهترئة للكيان! خاصة بعد ما كشفه «طوفان الأقصى» من خلل كبير داخله، وصل إلى كل مؤسساته بما فيها الاستخباراتية كالموساد والشاباك! وكشف ذعر المستوطنين المتطرفين، الذين يحلمون بطرد كل الفلسطينيين من أرضهم لتكون الدولة اليهودية خالصة لهم!
{ الأيام القادمة ستكشف المزيد من التداعيات، وستوضح الكثير من ضبابية الراهن بعد زلزال «حماس» داخل الأرض الفلسطينية المحتلة! بل ستوضح كيف سيتعامل المجتمع الدولي مع «الحق الفلسطيني»! وكيف سيتعامل العرب مع قضيتهم الأولى، التي يعلنون عدم التخليّ عنها!
بل وسيتضح دور «حزب اللات» كيف سيكون! وما المراحل اللاحقة التي تضعها «حماس» للتعامل مع الحدث الذي لا يزال مستمرًا! وهل إلى جانب الغارات «الإسرائيلية» المكثفة هناك خيوط دولية وإقليمية أخرى لم تتضحّ ألوانها بعد! فالحدث وقت كتابة الموضوع هو في يومه الثاني، ولا تزال الرؤية ضبابية في العالم كله حول مآ لات الحدث وما سيسفر عنه!
إما احتراق كامل أو فتح الباب لإعادة الحق للشعب الفلسطيني!
فهذه القضية التي استمرت 75 عامًا دون حلّ، يبدو أنها أوصلت الأجيال الفلسطينية إلى طرق باب المستحيل بعد أن تمّ قفل كل الأبواب الأخرى أمامها!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك