زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
أبو الجعافر عرَّافاً (2)
قدمت الخميس الماضي أوراق اعتمادي كعرّاف وقارئ طوالع استنادا الى خبرات اكتسبتها بالمراقبة والقراءة والمتابعة، ولكون كثيرين من أهلي كانوا ضحايا دجالين لا يملكون معشار خبراتي في هذا المجال، وبما أن مهنتي هي الصحافة/الإعلام، فستكون تكهناتي على مستوى الكرة الأرضية، ولن تقتصر على دول «الشرخ الأوسط».
نعم فغايتي هي ان أصبح عرافا دوليا وليس إقليميا، لسبب بدهي وهو ان أحوال الشرخ الأوسط لا تحتاج الى مهارات عراف، بل يستطيع طفل تم فصله من الروضة بسبب ضعف أدائه الأكاديمي، ان يتكهن بمجريات الأمور في منطقتنا لعشر سنوات، فعلى سبيل المثال ليس من الصعب التكهن بمآلات الأحوال في السودان وسوريا وليبيا واليمن للسنوات الخمس المقبلة، ولست بحاجة الى مهارات وادعاء امتلاك قدرات خارقة، للتكهن بأن الأوضاع في المنطقة سترى توالدا شرسا للبعوض بسبب المستنقعات الراكدة، وظهور المزيد من التماسيح الجائعة في المستنقعات الهادرة التي تشكلت بفعل هجرة موسم الربيع عن المنطقة، وحلول الخريف مكانه ببروقه ورعوده وسيوله وصواعقه.
وذكرت أنني إعلامي، وأن مهنتي هي متابعة الأحداث في شتى بقاع العالم وتحليل نتائجها ودلالاتها، وبالتالي فإن قدراتي كعراف – وإن شئت قل «دجال» تستند على معطيات ووقائع غير مشكوك في صحتها، وكما ذكرت مرارا في مقالاتي فعندنا في السودان لا يكون لأي حزب مستقبل سياسي، ما لم يكن يقوده شخص يحمل لقب «سيد» ويناديه الأتباع «سيدي»، من منطلق انه سليل بيت تجري البركات في دمائه جيلا بعد جيل، ولأن السودانيين لم يجدوا تحت حكم «الأسياد» ما يفيد بأن فيهم أي قدر من البركة، بفتح الباء، فقد استنتجوا أنهم أهل «بِرْكة» - بكسر الباء وتسكين الراء - راكدة تتوالد فيها الطفيليات والباكتيريا الخبيثة، بدليل ان السودان صار يتقدم الى الخلف خمس سنوات بمرور كل عام.
ولو قلت عني إنني دجال فاعلم ان الدجل لم يعد عيباً، فالسياسة والدبلوماسية أساسها الدجل والخديعة، وفي البلدان التي توصف بأنها متقدمة تجد مجموعات من العرافين والكهان تحت مسميات «محترمة» مثل هيئة/مركز/معهد البحوث الاستراتيجية/ استشراف المستقبل، يقدمون قراءاتهم لمجريات الأمور للحكومات، وتعمل حكومة ما بمقتضى مشوراتهم، وكثيراً ما تدفع ثمناً غالياً لذلك. فعلى سبيل المثال لم يكن الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش ليغوص في المستنقع العراقي، لو كان مستشاروه الذين يزعمون القدرة على استقراء الأحداث والتكهن بمجرياتها ومآلاتها، قد قالوا إن غزو القوات الأمريكية للعراق سيكون كارثة على الأمريكان، ولكنهم قالوا له: سيقابلك العراقيون بالهتاف (بالروح وبالدم نفديك يا بشبوش.. خلصنا من قراقوش.. البعث طلع فاشوش)، وصدق المسكين العرافين ذوي الكرافتات فكان مصيره مصير صدام حسين.. بس هناك فرق.. صدام مات وارتاح من عناء الدنيا، وجورج بوش مازال «حية تسعى» تطارده اللعنات، لأن سياساته الخرقاء التي استندت إلى تكهنات عرافين بلهاء.
خلال العام المقبل، تشير تحركات كوكب زحل في اتجاه برج البصل، إلى أن سوريا والسودان ستشهدان شهر عسل، وبالتالي ستتوفر فيهما فرص العمل، لأنهما ستنعمان باستقرار من النوع العراقي، مما يعني أن رزق الهبل سيكون على التنابلة، فهلموا إلى الخرطوم ودمشق و«بالمرة» الى الحديدة وبنغازي، ومارسوا بيع القات والكيت كات، والشاورما وتزوير العملة، والشيشة والحشيشة، وسيفن أب وسيفن داون.
وبما أن جميع الدول العربية باتت تفكر في إنشاء مفاعلات نووية، وتأكيدا لأن تلك المفاعلات ستكون للأغراض السلمية فإنها ستعمل بالكهرباء والديزل والفحم. وهناك فرص عمل كثيرة في تلك المفاعلات.. ولا تحمل هم لأنك خريج «أدبي» وسمعت أن المفاعلات تحتاج عادة إلى دارسي الفيزياء والكيمياء والرياضيات.. ده كلام أهل الغرب الكفار، فطالما أن بكالوريوس الجغرافيا يؤهلك لأن تكون «رئيس حسابات»، وماجستير في تنس الطاولة يجعلك مديراً لتكنولوجيا المعلومات، فإن مفاعلاتنا المرتقبة ستكون مفتوحة لكل «ساقط» إعدادية والمكوجية والعربجية المسوين حالهم «مسقفين» وهذه الكلمة ترمز الى المثقف الذي يمارس التسقيف الذي هو - بالمصري - التصفيق.
وأهم مؤهل تسلح به نفسك خلال الأشهر المقبلة شجرة عائلة بلاستيكية «تهبل» أو مصاهرة عائلة لديها شجرة من ذلك النوع.. ولو اكتشفوا أن شجرة عائلتك مزورة، فبإمكانك اللجوء إلى أمريكا وإبلاغها بأن بلدك ينتج أسلحة الدمار الشامل، وتدخل بلدك ظافراً مع القوات الأمريكية التي ستأتي لتدمير تلك الأسلحة، صحيح أنك بذلك ستكون تنبلا، ولكن تنبل بفلوس خير من تنبل يأكل عظمه السوس.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك