العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

وتتوالى الاتهامات

قبل‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬وبضعة‭ ‬أشهر‭ ‬صرت‭ ‬أحس‭ ‬باضطراب‭ ‬متقطع‭ ‬في‭ ‬ضربات‭ ‬القلب،‭ ‬وكعادتي‭ ‬الذميمة‭ ‬في‭ ‬التشخيص‭ ‬الذاتي‭ ‬عزوت‭ ‬الأمر‭ ‬الى‭ ‬اضطراب‭ ‬هضمي‭ ‬وبالتحديد‭ ‬الى‭ ‬قولوني‭ ‬سيئ‭ ‬السمعة‭ ‬والسيرة‭ ‬والسلوك‭ ‬الذي‭ ‬ينتفخ‭ ‬أحيانا‭ ‬ويزمجر‭ ‬ويدمدم،‭ ‬وذات‭ ‬يوم‭ ‬ازدادت‭ ‬وتيرة‭ ‬التكتكة‭ ‬القلبية‭ ‬فذهبت‭ ‬الى‭ ‬المستشفى‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬اعتقالي‭ ‬وإلزامي‭ ‬السرير‭ ‬الأبيض‭ ‬ثم‭ ‬إخضاعي‭ ‬لسلسة‭ ‬من‭ ‬الفحوصات‭ ‬و«التصاوير‮»‬،‭ ‬وكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬رسوب‭ ‬شرياني‭ ‬التاجي‭ ‬الهابط‭ ‬من‭ ‬القلب‭ ‬بتقدير‭ ‬جيدا‭ ‬جدا،‭ ‬فبعد‭ ‬إجراء‭ ‬القسطرة‭ ‬اتضح‭ ‬انه‭ ‬مسدود‭ ‬بنسبة‭ ‬70‭%‬،‭ ‬وكان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬ترقيع‭ ‬يسميها‭ ‬أطباء‭ ‬القلب‭ ‬دعامة،‭ ‬لضمان‭ ‬عدم‭ ‬حدوث‭ ‬اختناقات‭ ‬مرورية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الشريان

السبب‭ ‬الرئيس‭ ‬لانسداد‭ ‬الشرايين‭ ‬هو‭ ‬تراكم‭ ‬الدهون‭ ‬والكولسترول‭ ‬على‭ ‬جدرانها،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬عندهم‭ ‬استعداد‭ ‬وراثي‭ ‬للتعرض‭ ‬لتلك‭ ‬الانسدادات،‭ ‬وبما‭ ‬ان‭ ‬قسما‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬نصيبي‭ ‬من‭ ‬ورثة‭ ‬الوالد‭ ‬عليه‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬كان‭ ‬ارتفاع‭ ‬ضغط‭ ‬الدم،‭ ‬فإنني‭ ‬ارجح‭ ‬ان‭ ‬عنصر‭ ‬الوراثة‭ ‬هو‭ ‬سبب‭ ‬الانسداد‭ ‬في‭ ‬شرياني‭ ‬التاجي،‭ ‬ذلك‭ ‬لأنني‭ ‬أعاف‭ ‬الشحوم‭ ‬والدهون،‭ ‬وبسبب‭ ‬ضعف‭ ‬جيناتي‭ ‬العربية‭ ‬فإنني‭ ‬لست‭ ‬ميالا‭ ‬إلى‭ ‬أكلات‭ ‬مثل‭ ‬الكبسة‭ ‬والهريسة‭ ‬والمندي‭ ‬والمنسف‭ ‬وأم‭ ‬علي‭ ‬وأخواتها‭ ‬في‭ ‬الرضاع‭ ‬من‭ ‬بقلاوة‭ ‬وكنافة‭ ‬وبسبوسة،‭ ‬كما‭ ‬أنني‭ ‬لست‭ ‬من‭ ‬انصار‭ ‬البيرغر‭ ‬والكلب‭ ‬الساخن‭ (‬هوت‭ ‬دوغ‭) ‬والبيتزا،‭ ‬ومنذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬ووزن‭ ‬جسمي‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬73‭ ‬كيلوجراما‭ ‬يزيد‭ ‬كيلو‭ ‬او‭ ‬ينقص‭ ‬كيلو‭ ‬كل‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر،‭ ‬رغم‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أمارس‭ ‬أي‭ ‬رياضة‭ ‬منذ‭ ‬الطفولة،‭ ‬ثم‭ ‬جدّ‭ ‬أمر‭ ‬جديد‭ ‬جعلني‭ ‬أمارس‭ ‬رياضة‭ ‬المشي‭ ‬يوميا‭.‬

نميل‭ ‬عادة‭ ‬إلى‭ ‬الإشارة‭ ‬الى‭ ‬الأطباء‭ ‬وكأنهم‭ ‬وكلاء‭ ‬نيابة‭ ‬عامة‭ ‬ونقول‭: ‬اتهمني‭ ‬الدكتور‭ ‬بزائدة‭... ‬اتهمني‭ ‬بالمياه‭ ‬البيضاء‭ ‬في‭ ‬العينين؛‭ ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬هو‭ ‬أنني‭ ‬كما‭ ‬قلت‭ ‬أعلاه‭ ‬ارفض‭ ‬تطبيع‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬اللحوم‭ ‬السمينة‭ ‬والحلويات‭ ‬الشرقية‭ ‬والغربية‭ (‬ولكن‭ ‬أموت‭ ‬في‭ ‬الآيس‭ ‬كريم‭)‬،‭ ‬اتهمني‭ ‬طبيب‭ ‬كنت‭ ‬أُحْسِن‭ ‬الظن‭ ‬به‭ ‬بأنني‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬مرض‭ ‬السكري،‭ ‬وغضبت‭ ‬لذلك‭ ‬غضبة‭ ‬مضرية‭:‬

إذا‭ ‬ما‭ ‬غضبنا‭ ‬غضبة‭ ‬مضرية

هتكنا‭ ‬حجاب‭ ‬الشمس‭ ‬أو‭ ‬تمطر‭ ‬الدما

أنكرت‭ ‬التهمة‭ ‬الظالمة،‭ ‬ولكنه‭ ‬تمسك‭ ‬بموقفه‭ ‬وقال‭ ‬ان‭ ‬قراءات‭ ‬السكر‭ ‬التراكمي‭ ‬عندي‭ ‬تؤكد‭ ‬أنني‭ ‬pre diabetic أي‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الإصابة‭ ‬بالسكري‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الثاني؛‭ ‬ومن‭ ‬خصالي‭ ‬الحميدة‭ ‬أنني‭ ‬احترم‭ ‬نوعين‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬احتراما‭ ‬شديدا‭ ‬ولا‭ ‬أعصي‭ ‬لهما‭ ‬أمرا‭: ‬الوالدان‭ ‬والأطباء،‭ ‬وإذا‭ ‬وصف‭ ‬لي‭ ‬طبيب‭ ‬أقراصا‭ ‬دوائية‭ ‬وقال‭ ‬ان‭ ‬علي‭ ‬تناول‭ ‬واحدة‭ ‬منها‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬يوميا‭ ‬فإنني‭ ‬اتناول‭ ‬كل‭ ‬قرص‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬كل‭ ‬ثماني‭ ‬ساعات‭ ‬بالدقيقة‭ ‬والثانية،‭ ‬وإذا‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬–لا‭ ‬قدر‭ ‬الله–‭ ‬توقف‭ ‬عن‭ ‬أكل‭ ‬الفول،‭ ‬فإنني‭ ‬أتوقف‭ ‬عن‭ ‬أكل‭ ‬كافة‭ ‬البقول‭. ‬وهكذا‭ ‬قبلت‭ ‬الاتهام‭ ‬بأنني‭ ‬على‭ ‬مشارف‭ ‬مرض‭ ‬السكري‭ ‬على‭ ‬مضض‭ ‬وسألت‭ ‬الطبيب‭: ‬وما‭ ‬العمل؟‭ ‬فقال‭ ‬إن‭ ‬علي‭ ‬تجنب‭ ‬السكريات‭ ‬وممارسة‭ ‬الرياضة،‭ ‬وما‭ ‬أن‭ ‬عدت‭ ‬الى‭ ‬البيت‭ ‬ووجهي‭ ‬يلعن‭ ‬قفاي‭ ‬وأعلنت‭ ‬الإضراب‭ ‬عن‭ ‬السكريات‭ ‬حتى‭ ‬وافاني‭ ‬ولدي‭ ‬بقائمة‭ ‬المؤشر‭ ‬الغلايسيمي‭ ‬لأستخدمه‭ ‬كدليل‭ ‬استرشادي‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬الأطعمة‭ ‬عند‭ ‬تخطيط‭ ‬الوجبات‭. ‬ويُصنِّف‭ ‬المؤشر‭ ‬الغلايسيمي‭ ‬الأطعمة‭ ‬التي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬الكربوهيدرات‭ ‬بحسب‭ ‬إمكانية‭ ‬رفعها‭ ‬لمستوى‭ ‬السكر‭ ‬في‭ ‬الدم‭. ‬علما‭ ‬أن‭ ‬الأطعمة‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬العالية‭ ‬للمؤشر‭ ‬الغلايسيمي‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬نسبة‭ ‬السكر‭ ‬في‭ ‬الدم‭.‬

وألقيت‭ ‬نظرة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬المؤشر‭ ‬وكدت‭ ‬أدخل‭ ‬في‭ ‬غيبوبة‭ ‬سكري،‭ ‬ذلك‭ ‬انني‭ ‬اكتشفت‭ ‬ان‭ ‬البطيخ‭ ‬والشمام‭ ‬والتمر‭ ‬والموز‭ ‬والمانجو‭ ‬تتصدر‭ ‬قائمة‭ ‬الممنوعات‭ ‬أو‭ ‬قل‭ ‬الفاكهة‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬تناولها‭ ‬بكميات‭ ‬قليلة‭ ‬جدا،‭ ‬وهذه‭ ‬الخمسة‭ ‬تأتي‭ ‬عندي‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬رضا‭ ‬الوالدين‮»‬‭ ‬مباشرة،‭ ‬فلست‭ ‬من‭ ‬انصار‭ ‬التفاح‭ ‬والكيوي‭ ‬والخوخ‭ ‬والمشمش‭ ‬وغيرها،‭ ‬وليس‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬الفراولة‭ ‬ود،‭ ‬فقد‭ ‬أثبتت‭ ‬تجاربي‭ ‬انها‭ ‬ثمرة‭ ‬تحظى‭ ‬بغزل‭ ‬غير‭ ‬مستحق،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬الشعبي‭ ‬المصري،‭ ‬وذروة‭ ‬التغزل‭ ‬بفتاة‭ ‬مصرية‭ ‬ان‭ ‬تقول‭ ‬لها‭ ‬‮«‬يا‭ ‬فراولة‮»‬،‭ ‬فهي‭ ‬ثمرة‭ ‬لا‭ ‬تحظى‭ ‬منها‭ ‬بحلاوة‭ ‬المذاق‭ ‬إلا‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬عشرة‭ ‬أو‭ ‬أكثر،‭ ‬ولهذا‭ ‬لا‭ ‬تصلح‭ ‬إلا‭ ‬كديكور‭ ‬ونكهة‭ ‬في‭ ‬العصير‭ ‬الكوكتيل‭.‬

المهم‭: ‬مازلت‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬الأولى‭ ‬للاستعداد‭ ‬لمنع‭ ‬السكري‭ ‬من‭ ‬غزو‭ ‬جسمي‭ ‬وأسأل‭ ‬الله‭ ‬ان‭ ‬يعينني‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬أمام‭ ‬غواية‭ ‬البطيخ‭ ‬والتمر‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا