زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
وتتوالى الاتهامات
قبل ثلاث سنوات وبضعة أشهر صرت أحس باضطراب متقطع في ضربات القلب، وكعادتي الذميمة في التشخيص الذاتي عزوت الأمر الى اضطراب هضمي وبالتحديد الى قولوني سيئ السمعة والسيرة والسلوك الذي ينتفخ أحيانا ويزمجر ويدمدم، وذات يوم ازدادت وتيرة التكتكة القلبية فذهبت الى المستشفى حيث تم اعتقالي وإلزامي السرير الأبيض ثم إخضاعي لسلسة من الفحوصات و«التصاوير»، وكانت النتيجة رسوب شرياني التاجي الهابط من القلب بتقدير جيدا جدا، فبعد إجراء القسطرة اتضح انه مسدود بنسبة 70%، وكان لا بد من عملية ترقيع يسميها أطباء القلب دعامة، لضمان عدم حدوث اختناقات مرورية في ذلك الشريان
السبب الرئيس لانسداد الشرايين هو تراكم الدهون والكولسترول على جدرانها، وهناك من عندهم استعداد وراثي للتعرض لتلك الانسدادات، وبما ان قسما كبيرا من نصيبي من ورثة الوالد عليه رحمة الله كان ارتفاع ضغط الدم، فإنني ارجح ان عنصر الوراثة هو سبب الانسداد في شرياني التاجي، ذلك لأنني أعاف الشحوم والدهون، وبسبب ضعف جيناتي العربية فإنني لست ميالا إلى أكلات مثل الكبسة والهريسة والمندي والمنسف وأم علي وأخواتها في الرضاع من بقلاوة وكنافة وبسبوسة، كما أنني لست من انصار البيرغر والكلب الساخن (هوت دوغ) والبيتزا، ومنذ الحرب العالمية الثانية ووزن جسمي في حدود 73 كيلوجراما يزيد كيلو او ينقص كيلو كل بضعة أشهر، رغم أنني لم أمارس أي رياضة منذ الطفولة، ثم جدّ أمر جديد جعلني أمارس رياضة المشي يوميا.
نميل عادة إلى الإشارة الى الأطباء وكأنهم وكلاء نيابة عامة ونقول: اتهمني الدكتور بزائدة... اتهمني بالمياه البيضاء في العينين؛ وما حدث هو أنني كما قلت أعلاه ارفض تطبيع العلاقات مع اللحوم السمينة والحلويات الشرقية والغربية (ولكن أموت في الآيس كريم)، اتهمني طبيب كنت أُحْسِن الظن به بأنني على أعتاب مرض السكري، وغضبت لذلك غضبة مضرية:
إذا ما غضبنا غضبة مضرية
هتكنا حجاب الشمس أو تمطر الدما
أنكرت التهمة الظالمة، ولكنه تمسك بموقفه وقال ان قراءات السكر التراكمي عندي تؤكد أنني pre diabetic أي في مرحلة ما قبل الإصابة بالسكري من النوع الثاني؛ ومن خصالي الحميدة أنني احترم نوعين من البشر احتراما شديدا ولا أعصي لهما أمرا: الوالدان والأطباء، وإذا وصف لي طبيب أقراصا دوائية وقال ان علي تناول واحدة منها ثلاث مرات يوميا فإنني اتناول كل قرص على رأس كل ثماني ساعات بالدقيقة والثانية، وإذا قال لي –لا قدر الله– توقف عن أكل الفول، فإنني أتوقف عن أكل كافة البقول. وهكذا قبلت الاتهام بأنني على مشارف مرض السكري على مضض وسألت الطبيب: وما العمل؟ فقال إن علي تجنب السكريات وممارسة الرياضة، وما أن عدت الى البيت ووجهي يلعن قفاي وأعلنت الإضراب عن السكريات حتى وافاني ولدي بقائمة المؤشر الغلايسيمي لأستخدمه كدليل استرشادي في اختيار الأطعمة عند تخطيط الوجبات. ويُصنِّف المؤشر الغلايسيمي الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات بحسب إمكانية رفعها لمستوى السكر في الدم. علما أن الأطعمة ذات القيمة العالية للمؤشر الغلايسيمي تؤدي إلى رفع نسبة السكر في الدم.
وألقيت نظرة على ذلك المؤشر وكدت أدخل في غيبوبة سكري، ذلك انني اكتشفت ان البطيخ والشمام والتمر والموز والمانجو تتصدر قائمة الممنوعات أو قل الفاكهة التي ينبغي تناولها بكميات قليلة جدا، وهذه الخمسة تأتي عندي بعد «رضا الوالدين» مباشرة، فلست من انصار التفاح والكيوي والخوخ والمشمش وغيرها، وليس بيني وبين الفراولة ود، فقد أثبتت تجاربي انها ثمرة تحظى بغزل غير مستحق، وخاصة في الشعر الشعبي المصري، وذروة التغزل بفتاة مصرية ان تقول لها «يا فراولة»، فهي ثمرة لا تحظى منها بحلاوة المذاق إلا واحدة من بين عشرة أو أكثر، ولهذا لا تصلح إلا كديكور ونكهة في العصير الكوكتيل.
المهم: مازلت في المراحل الأولى للاستعداد لمنع السكري من غزو جسمي وأسأل الله ان يعينني على الصمود أمام غواية البطيخ والتمر على وجه الخصوص.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك