العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

المنظمات الإنسانية المزعومة!

{‭ ‬هي‭ ‬المنظمات‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬تدعي‭ ‬الإنسانية‭ ‬والتعاطف‭ ‬مع‭ ‬المحن‭ ‬البشرية‭ ‬وضحايا‭ ‬الأزمات‭ ‬والكوارث،‭ ‬وهي‭ ‬ذاتها‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الطفولة‭ ‬وحمايتها‭ ‬واجهة‭ ‬لكل‭ ‬تحركاتها‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وتتحصل‭ ‬على‭ (‬الدعم‭ ‬والتمويل‭) ‬لكي‭ ‬تقوم‭ ‬بمهمتها‭ ‬‮«‬الإنسانية‮»‬‭ ‬على‭ ‬أفضل‭ ‬وجه‭! ‬ولكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الأقنعة‭ ‬اهترأت‭ ‬من‭ ‬كثرة‭ ‬استخدامها،‭ ‬وأن‭ ‬الحقيقة‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬تُطل‭ ‬لتكشف‭ ‬الوجه‭ ‬الآخر‭ ‬لأنشطتها‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭ ‬‮«‬واللاإنسانية‮»‬‭! ‬ففي‭ ‬مطار‭ ‬‮«‬نيامي‭ ‬بالنيجر‮»‬‭ ‬تم‭ ‬توقيف‭ ‬طائرة‭ ‬قادمة‭ ‬من‭ ‬‮«‬تشاد‮»‬‭ ‬متجهة‭ ‬إلى‭ ‬إسبانيا،‭ ‬وعلى‭ ‬متنها‭ (‬المئات‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬السودانيين‭ ‬المخطوفين‭ ‬من‭ ‬أهاليهم‭)! ‬ومن‭ ‬كان‭ ‬يشرف‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬النقل‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬للمخطوفين‭ ‬إحدى‭ ‬المنظمات‭ ‬الإنسانية‭ ‬‭(‬CHIDERN‭ ‬RESCUE‭)‬‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬مكتوبا‭ ‬على‭ ‬ظهر‭ ‬إحدى‭ ‬القمصان،‭ ‬التي‭ ‬يرتديها‭ ‬أفراد‭ ‬المنظمة‭! ‬وهم‭ ‬الطاقم‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬توقيفه‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الأمن‭ ‬النيجيري،‭ ‬وتم‭ ‬تصوير‭ ‬ذلك‭ ‬بالفيديو‭ ‬ليعم‭ ‬انتشاره‭!‬

{‭ ‬الفيديو‭ ‬المصوّر‭ ‬وبشهادة‭ ‬أحد‭ ‬مسؤولي‭ ‬المطار،‭ ‬كان‭ ‬باللغة‭ ‬الفرنسية،‭ ‬ولكن‭ ‬المشاهد‭ ‬توضح‭ ‬خلفيات‭ ‬الحدث،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬تهريب‭ ‬الأطفال‭ ‬السودانيين‭ ‬المخطوفين‭ ‬تحت‭ ‬ستار‭ ‬المنظمة‭ ‬الإنسانية‭! ‬والسؤال‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬مصير‭ ‬أولئك‭ ‬الأطفال‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬خطفهم؟‭! ‬ولماذا‭ ‬تم‭ ‬خطفهم‭ ‬أصلا‭ ‬وكيف؟‭! ‬هل‭ ‬هم‭ ‬فئران‭ ‬تجارب‭ ‬في‭ ‬المعامل‭ ‬السرّية‭ ‬البيولوجية‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬الإلكترونية؟‭! ‬هل‭ ‬هي‭ ‬العبودية‭ ‬الجديدة؟‭! ‬هل‭ ‬هم‭ ‬قرابين‭ ‬الطقوس‭ ‬الشيطانية،‭ ‬التي‭ ‬انتشر‭ ‬خطف‭ ‬الأطفال‭ ‬تحديداً‭ ‬بسببها‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوروبا؟‭! ‬كل‭ ‬الاحتمالات‭ ‬واردة‭ ‬ومتوقعة‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬وحشي،‭ ‬لم‭ ‬يسلم‭ ‬فيه‭ ‬حتى‭ ‬الأطفال‭! ‬أم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مافيات‭ (‬التجارة‭ ‬في‭ ‬الأعضاء‭ ‬البشرية‭) ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬اختطاف‭ ‬أطفال‭ ‬وشباب‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬أعضائهم‭ ‬ومعهم‭ ‬كـ‭ ‬‭(‬SPARE‭ ‬PARTS‭)‬أو‭ ‬أعضاء‭ ‬للبيع‭ ‬لمن‭ ‬يحتاجها‭ ‬من‭ ‬قوائم‭ ‬المنتظرين‭ ‬الأثرياء‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬الغربية؟‭! ‬وحيث‭ ‬فضائح‭ ‬تلك‭ ‬الوقائع‭ ‬أصبحت‭ ‬منتشرة،‭ ‬وحديث‭ ‬السوشال‭ ‬ميديا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬عن‭ ‬عصابات‭ ‬التجارة‭ ‬بالبشر‭ ‬والأعضاء‭!‬

{‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الأمور‭ ‬هي‭ ‬صناعة‭ (‬الرأسمالية‭ ‬العولمية‭ ‬المتوحشة‭) ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬وضع‭ ‬الإنسان‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬أدنى‭ ‬المراتب،‭ ‬وتُجرى‭ ‬عليه‭ ‬كل‭ ‬الفرمانات‭ ‬باعتباره‭ ‬وجسده‭ ‬مادة‭ ‬للمتاجرة‭! ‬تنشط‭ ‬بسببها‭ ‬كتجارة‭ ‬مافيات‭ ‬الخطف‭ ‬والمتاجرين‭ ‬بالإنسان‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأزمات‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬بلدانهم،‭ ‬ليتحولوا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مأساتهم‭ ‬في‭ ‬أوطانهم‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬‮«‬سلعة‮»‬‭ ‬تتدرج‭ ‬أثمانها‭ ‬حسب‭ ‬الإنسان‭ ‬أو‭ ‬البضاعة‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬أيديهم‭!‬

{‭ ‬ولكن‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بمهمة‭ ‬الخطف‭ ‬والاستغلال‭ ‬البشع‭ ‬للإنسان‭ ‬وتحديداً‭ ‬لمئات‭ ‬الأطفال‭ ‬بعد‭ ‬خطفهم،‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بتلك‭ ‬المهمة‭ ‬المزرية‭ ‬منظمة‭ ‬تدعي‭ ‬أنها‭ ‬معنية‭ ‬بالإنسانية‭! ‬فذلك‭ ‬يعني‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬الدرك‭ ‬الأسفل‭ ‬بين‭ ‬الادعاء‭ ‬الإنساني‭ ‬والسلوك‭ ‬اللاإنساني‭! ‬خاصة‭ ‬تجاه‭ ‬أطفال‭ ‬أبرياء‭ ‬يتم‭ ‬حرمانهم‭ ‬من‭ ‬أهاليهم‭ ‬وعوائلهم‭ ‬ثم‭ ‬قذفهم‭ ‬في‭ ‬المجهول‭! ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬مصيرهم‭ ‬إن‭ ‬كانوا‭ ‬سيبقون‭ ‬أحياء،‭ ‬أم‭ ‬يُصنفون‭ ‬بين‭ ‬الأموات‭!‬

{‭ ‬يبدو‭ ‬أننا‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬الحضارة‭ ‬الغربية‭ ‬الراهنة‭ ‬التي‭ ‬انتهكت‭ ‬كل‭ ‬الحدود‭! ‬وبعد‭ ‬انكشاف‭ (‬المنظمات‭ ‬الحقوقية‭) ‬باعتبارها‭ ‬أدوات‭ ‬يتم‭ ‬تحريكها‭ ‬حسب‭ ‬التوجيه‭ ‬والهدف‭ ‬السياسي‭ ‬المراد‭ ‬تحقيقه‭! ‬نجد‭ (‬المنظمات‭ ‬الإنسانية‭) ‬يسقط‭ ‬عنها‭ ‬بدورها‭ ‬القناع‭! ‬وتدور‭ ‬الشبهات‭ ‬الجنائية‭ ‬حولها‭! ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الفضائح‭ ‬المالية‭ ‬واختلاس‭ ‬أموال‭ ‬الدعم‭ ‬لمنظمات‭ ‬أممية،‭ ‬ترعى‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والمهجّرين‭ ‬والنازحين‭ ‬داخل‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬سوريا،‭ ‬كانت‭ ‬عنواناً‭ ‬لفضيحة‭ ‬مدوية‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬طالت‭ ‬إحدى‭ ‬تلك‭ ‬المنظمات‭ ‬الأممية‭ ‬‮«‬الإنسانية‮»‬‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬سرقة‭ ‬الأموال‭ ‬واختلاسها‭ ‬وبين‭ ‬الفساد‭ ‬الإداري‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬مهامها‭!‬

{‭ ‬حين‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬المنظمات‭ ‬الحقوقية‮»‬‭ ‬مسيسة‭! ‬و«المنظمات‭ ‬الإنسانية‮»‬‭ ‬لا‭ ‬إنسانية‭! ‬يفقد‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬العالمي‮»‬‭ ‬الموجود‭ ‬كل‭ ‬أسس‭ ‬بقائه‭! ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬داس‭ ‬بدوره‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭! ‬وأصبحت‭ ‬بذلك‭ ‬كل‭ ‬مؤسسات‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬هذا‭ ‬قابلة‭ ‬للبيع‭ ‬والشراء‭ ‬والتلاعب‭! ‬وهيمنة‭ ‬قوى‭ ‬دولية‭ ‬ومافيات‭ ‬وعصابات‭ ‬تلبس‭ ‬ألبسة‭ ‬حقوقية‭ ‬أو‭ ‬إنسانية‭ ‬أو‭ ‬سياسية،‭ ‬فيما‭ ‬الفساد‭ ‬ينخر‭ ‬عظامها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يبقى‭ ‬منها‭ ‬جزء‭ ‬سليم‭!‬

{‭ ‬إنه‭ ‬السقوط‭ ‬في‭ ‬هُوّة‭ ‬الشيطان‭ ‬السحيقة،‭ ‬حين‭ ‬يلبس‭ ‬الشر‭ ‬ألبسة‭ ‬الخير،‭ ‬ويمارس‭ ‬تدليسه‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬باسم‭ ‬الحقوق‭ ‬والإنسانية‭ ‬ليمرّر‭ ‬أساليبه‭ ‬الشيطانية‭ ‬في‭ ‬التخريب‭ ‬والتدمير‭ ‬وتزيين‭ ‬الباطل‭! ‬هي‭ ‬ذات‭ ‬اللعبة‭ ‬التي‭ ‬بدأها‭ ‬‮«‬إبليس‮»‬‭ ‬مع‭ ‬آدم‭ ‬ليخرجه‭ ‬من‭ ‬جنته،‭ ‬إلى‭ ‬جحيم‭ ‬الصراعات‭ ‬والأزمات‭ ‬والأوهام‭ ‬المختلفة‭! ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬‮«‬إبليس‮»‬‭ ‬تفرعت‭ ‬شروره‭ ‬وتناسلت‭ (‬الوجوه‭ ‬المقنّعة‭) ‬التابعة‭ ‬له،‭ ‬لتصبح‭ ‬حُرّة‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬الإجرام‭ ‬والشر،‭ ‬فيما‭ ‬هي‭ ‬تلبس‭ ‬قناع‭ ‬الإنسانية‭ ‬والخير‭! ‬هكذا‭ ‬هم‭ ‬يدوسون‭ ‬على‭ ‬الخير‭ ‬باسمه‭! ‬وعلى‭ ‬الإنسانية‭ ‬باسمها‭! ‬وعلى‭ ‬الحقوق‭ ‬باسمها‭ ‬أيضاً‭! ‬حتى‭ ‬تحولت‭ ‬البشرية‭ ‬كلها،‭ ‬وليس‭ ‬الأطفال‭ ‬وحدهم،‭ ‬إلى‭ ‬حقل‭ ‬تجاربهم‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬وحروبهم‭ ‬البيولوجية‭ ‬والمناخية‭ ‬والمافياوية،‭ ‬وهدمهم‭ ‬لصروح‭ ‬الدين‭ ‬والقيم‭ ‬والفطرة‭ ‬والأخلاق،‭ ‬ليتحوّل‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬المطاف‭ ‬بدورهم،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مواد‭ ‬تجريب‮»‬‭ ‬وسِلع‭ ‬لكل‭ ‬أفعالهم‭ ‬اللاإنسانية‭ ‬واللاأخلاقية‭! ‬وبعدها‭ ‬يحدثونا‭ ‬عن‭ ‬التطور‭ ‬والتقدم‭ ‬والتنوير‭ ‬والحقوق‭ ‬والحريات‭ ‬والديمقراطية‭ ‬والإنسانية‭! ‬إنه‭ ‬‮«‬التطور‭ ‬الوحشي‮»‬‭ ‬ولا‭ ‬عجب‭ ‬مما‭ ‬ينتج‭ ‬عنه‭ ‬وعن‭ ‬ادعاءاته‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا