العدد : ١٦٨٤٢ - الجمعة ٠٣ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٢ - الجمعة ٠٣ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ شوّال ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

القضية الفلسطينية تتجدد ولا تنتهي!

{‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬استمرار‭ ‬الخطط‭ ‬العدوانية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬واستمرار‭ ‬الخطط‭ ‬التوسعية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬ومنطقة‭ ‬الأغوار‭ ‬بحيث‭ ‬باتت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬80%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬مساحة‭ ‬المنطقة‭! ‬وممارسة‭ ‬‮«‬الألاعيب‭ ‬القانونية‮»‬‭ ‬لإضافة‭ ‬المساحات‭ ‬المفترض‭ ‬أنها‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬للفلسطينيين‭! ‬لتضاف‭ ‬إلى‭ ‬أراضي‭ ‬الدولة‭ ‬العبرية‭! ‬حتى‭ ‬تحولت‭ ‬أراضي‭ ‬1967‭ ‬إلى‭ ‬قطعة‭ ‬جبن‭ ‬فرنسية‭ ‬مخرَّمة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ناحية،‭ ‬تقام‭ ‬فيها‭ ‬الاستثمارات‭ ‬والأنشطة‭ ‬الاستيطانية،‭ ‬وكأن‭ ‬الحكومة‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬التوسّع‭ ‬وابتلاع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬عام‭ ‬67‭!‬

{‭ ‬يجري‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬توقف‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬معه‭ ‬القتل‭ ‬اليومي‭ ‬للشبان‭ ‬الفلسطينيين‭! ‬والمداهمات‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬والاعتداءات‭ ‬العسكرية،‭ ‬واعتقال‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬البيوت‭! ‬كما‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬الممارسات‭ ‬الاستفزازية‭ ‬للمسجد‭ ‬الأقصى‭! ‬فيما‭ ‬الحصار‭ ‬القاسي‭ ‬على‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬مستمر‭ ‬منذ‭ (‬17‭ ‬عاما‭)! ‬لينتقل‭ ‬الحصار‭ ‬إلى‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭! ‬وحيث‭ ‬حرمان‭ ‬العوائل‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬التخطيط‭ ‬والعمران‭ ‬والبناء‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬المياه‭ ‬المخصصة‭ ‬حصرًا‭ ‬للمستوطنات‭ ‬اليهودية‭ ‬داخل‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬تحديدًا‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬‮«‬الأغوار‮»‬‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭! ‬وكما‭ ‬صرحت‭ ‬بذلك‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬القاسية‭ ‬واللاإنسانية‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬يخطب‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬العمومية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬قبل‭ ‬أيام،‭ ‬مطالبًا‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والعرب‭ ‬والعالم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬‮«‬اليهودية‮»‬‭!‬

فيما‭ ‬هو‭ ‬يحمل‭ ‬ويستعرض‭ ‬خارطة‭ ‬توضح‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬دخلت‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬التطبيع،‭ ‬والأخرى‭ ‬التي‭ ‬ينتظر‭ ‬دخولها‭ ‬في‭ ‬اتفاقيات‭ ‬مماثلة‭! ‬فيما‭ ‬هو‭ ‬ينوّه‭ ‬ألا‭ ‬يقف‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬ضد‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭! ‬حين‭ ‬تستمع‭ ‬إلى‭ ‬كلماته‭ ‬الاستعراضية‭ ‬وهو‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬السلام،‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬خارطته‭ ‬التي‭ ‬استعرضها‭ ‬جعل‭ ‬فلسطين‭ ‬كلها‭ ‬أرضا‭ ‬للدولة‭ ‬اليهودية‭!‬

أي‭ ‬أنه‭ ‬نسف‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وجمعيتها‭ ‬العامة‭ ‬أمام‭ ‬مرأى‭ ‬ومسمع‭ ‬الجميع‭ ‬أية‭ ‬محاولة‭ ‬لحل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وحلّ‭ ‬الدولتين‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭! ‬مثلما‭ ‬نسف‭ ‬أي‭ ‬حق‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬المطالبة‭ ‬به‭! ‬وبعدها‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬يقفون‭ ‬ضدّ‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭! ‬ولكأن‭ ‬مجنونا‭ ‬يتحدث‭ ‬والعاقل‭ ‬مطلوب‭ ‬منه‭ ‬التصديق‭ ‬على‭ ‬كلامه‭! ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يصدّق‭!‬

{‭ ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬1948‭ ‬بل‭ ‬وقبلها‭ ‬واستمرت‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬أي‭ ‬أفق‭ ‬حقيقي‭ ‬للحلّ‭! ‬لماذا؟‭! ‬لأن‭ ‬‮«‬الرؤية‭ ‬الصهيونية‮»‬‭ ‬ذات‭ ‬بُعد‭ ‬ديني‭ / ‬عرقي،‭ ‬تمّ‭ ‬توظيف‭ ‬الجانبين‭ ‬بشكل‭ ‬تلفيقي‭!‬

‭(‬فلا‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬دين‭ ‬يتحوّل‭ ‬إلى‭ ‬عرق‭ ‬وقومية‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭)! ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬دين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬به‭ ‬شقين‭: ‬شق‭ ‬سماوي‭ ‬هو‭ ‬‮«‬التوراة‮»‬‭ ‬وبها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬اللعب‭ ‬التحريفي‭! ‬وشقّ‭ ‬آخر‭ ‬موضوع‭ ‬هو‭ ‬‮«‬التلمود‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬به‭ ‬الأساطير‭ ‬التلمودية،‭ ‬وأرض‭ ‬الله‭ ‬الموعودة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬عنوان‭ ‬الصهاينة‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬وأغليهم‭ ‬‮«‬ملحدون‮»‬‭ ‬هو‭ ‬أنهم‭ ‬اليهود‭ ‬الموعودون‭ ‬بالأرض‭! ‬

وشاءت‭ ‬‮«‬الصدفة‮»‬‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬فلسطين‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬الحديث‭ ‬متداولاً‭ ‬عن‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬العالم‭!‬

{‭ ‬حين‭ ‬قبل‭ ‬المجتمع‭ ‬العالمي‭ ‬تحت‭ ‬سطوة‭ ‬‮«‬القوى‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الغربية‭ ‬الكبرى‮»‬‭ ‬التلفيق‭ ‬الأول‭ ‬والتزوير‭ ‬في‭ ‬التاريخ،‭ ‬و‭(‬تحويل‭ ‬الدين‭ ‬إلى‭ ‬عرق‭ ‬وقومية‭) ‬تنازل‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بالتالي‭ ‬مع‭ ‬مرّ‭ ‬العقود،‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وعن‭ ‬رفض‭ ‬‮«‬الفصل‭ ‬العنصري‮»‬‭ ‬الجاري،‭ ‬وعن‭ ‬‮«‬الاحتلال‮»‬‭ ‬لأراضي‭ ‬1967،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قبل‭ ‬العرب‭ ‬بل‭ ‬والفلسطينيون‭ ‬بنسيان‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬1948‭! ‬مثلما‭ ‬نسي‭ ‬أو‭ ‬تناسى‭ ‬العالم‭ ‬حجم‭ ‬الاضطهاد‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬شعب‭ ‬أعزل‭ ‬توصف‭ ‬مقاومته‭ ‬للاحتلال‭ ‬بالإرهاب‭! ‬كما‭ ‬تجاهل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وقرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬منذ‭ ‬1948‭! ‬وبالتالي‭ ‬تحولّت‭ ‬القضية‭ ‬إلى‭ (‬قضية‭ ‬إنسانية‭ ‬ودولية‭ ‬كبرى‭ ‬محمَّلة‭ ‬بكل‭ ‬المتناقضات‭ ‬الدولية،‭ ‬وكاشفة‭ ‬لها‭)!‬

مثلما‭ ‬هي‭ ‬محملّة‭ ‬بكل‭ ‬الأبعاد‭ ‬الإنسانية‭ ‬لشعب‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬العيش‭ ‬على‭ ‬أرضه‭! ‬مثلما‭ ‬له‭ ‬حق‭ ‬العودة‭ ‬للذين‭ ‬دخلوا‭ ‬دهاليز‭ ‬الشتات،‭ ‬فيما‭ ‬تمّ‭ ‬جلب‭ ‬آخرين‭ ‬من‭ ‬الشتات‭ ‬ومن‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬مختلفة،‭ ‬ليحلوّا‭ ‬مكان‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬تحت‭ ‬مقولة‭ ‬مزورة‭ ‬أخرى‭ ‬هي‭ (‬أرض‭ ‬بلا‭ ‬شعب‭ ‬لشعب‭ ‬بلا‭ ‬أرض‭)!‬

{‭ ‬هكذا‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬قديمة‭ / ‬جديدة‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭! ‬لأن‭ ‬الاحتلال‭ ‬مستمر،‭ ‬والاضطهاد‭ ‬متفاقم،‭ ‬والقتل‭ ‬اليومي‭ ‬لا‭ ‬ينتهي‭ ‬والاعتقال‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭! ‬والعمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬والحملات‭ ‬الأمنية‭ ‬تتناوب‭ ‬مع‭ ‬نفسها‭ ‬بين‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭! ‬مثلما‭ ‬التلفيق‭ ‬مستمر‭!‬

عن‭ ‬أي‭ ‬سلام‭ ‬إذًا‭ ‬كان‭ ‬يتحدث‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬يحمل‭ ‬خارطته‭ ‬التي‭ ‬يتباهى،‭ ‬بها‭ ‬وقد‭ ‬صبغ‭ ‬دولها‭ ‬باللون‭ ‬الأخضر‭! ‬وكأنه‭ ‬يقول‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬امتدادنا‭ ‬الذي‭ ‬سيتوسع‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر‭! ‬هل‭ ‬عرفتم‭ ‬إلى‭ ‬ماذا‭ ‬يرمي‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الصهيونية؟‭! ‬ارجعوا‭ ‬إذًا‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬الأدبيات‭ ‬الصهيونية،‭ ‬والأحلام‭ ‬المتعطشة‭ ‬للتوسّع،‭ ‬وأساطير‭ ‬التأسيس‭ ‬وأساطير‭ ‬الحلم‭ ‬الصهيوني،‭ ‬لتدّركوا‭ ‬إلى‭ ‬ماذا‭ ‬يرمي‭!‬

ولن‭ ‬ننسى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخضم‭ ‬الرؤية‭ ‬القديمة‭ ‬منذ‭ ‬السبعينيات،‭ ‬عن‭ (‬العقل‭ ‬اليهودي‭ ‬والمال‭ ‬العربي‭ ‬والأيدي‭ ‬العاملة‭ ‬العربية‭) ‬لإدارة‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭! ‬ولهذا‭ ‬هو‭ ‬الالحاح‭ ‬على‭ ‬اعتراف‭ ‬العرب‭ ‬والعالم‭ ‬بـ‭ (‬الدولة‭ ‬اليهودية‭) ‬والتطبيع‭ ‬بمبدأ‭ ‬السلام‭ ‬مقابل‭ ‬السلام‭!‬

وليس‭ ‬السلام‭ ‬مقابل‭ ‬الأرض‭ ‬وحلّ‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭!‬

وستبقى‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬تنسج‭ ‬خيوطها‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬لديه‭ ‬ضمير‭ ‬إنساني‭ ‬وصحوة‭ ‬وعي‭ ‬يدرك‭ ‬مآلات‭ ‬وأهداف‭ ‬ما‭ ‬ترمي‭ ‬إليه‭ ‬الخارطات‭ ‬الصهيونية‭! ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬تتجدّد‭ ‬ولا‭ ‬تنتهي،‭ ‬ولا‭ ‬ينتهي‭ ‬معها‭ ‬الحق‭ ‬الفلسطيني‭ ‬مهما‭ ‬طال‭ ‬الزمن‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا