الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
مواقف صغيرة.. تستحق التشجيع
المواقف الصغيرة الإيجابية، متى ما تم استثمارها، وتكريم من قام بها، وتشجيع الآخرين عليها، تكون سمة حاضرة وفاعلة في كافة المجالات بالمجتمع.. ولنا في السيرة النبوية العطرة مواقف رائعة للرسول الكريم، وهو يشجع أصحابه متى ما عملوا أمورا حسنة، وإن كانت صغيرة، يشجعهم.. ويشيد بهم أمام الناس.. ثم تتحول تلك المواقف إلى سلوك عام وممارسات مجتمعية.
وفي هذا السياق فإن النموذج البحريني متميز ورائع، من خلال مبادرات القيادة الحكيمة في استثمار المواقف والمناسبات، من أجل خلق ثقافة عامة للجميع، وعبر «القدوة الحسنة» في المواقف الإنسانية الرفيعة.. في تحية رجل مسن، أو السلام على طفل صغير، أو تكريم عامل مجتهد أو متطوع، أو الاتصال الهاتفي ببطل ومتفوق، أو الوقوف والتقاط الصور مع أصحاب الاحتياجات الخاصة.
وكذلك.. كثيرا ما تحصل مثل هذه المواقف في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، ويتم استثمارها وتسويقها وإبرازها إعلاميا، وتشجيع الجميع عليها، وتأصيل وتعزيز ثقافة إيجابية، هي من ركائز الثقافة الوطنية، الراسخة والعريقة.
مؤخرا قام موظف إماراتي شاب اسمه «جمال عبدالرحمن»، يعمل في هيئة تنمية المجتمع بدبي، بمساعدة سيدة من كبار السن من المراجعين، حينما شاهدها في بهو المركز، ليستفسر منها عن حاجتها، وليتمكن من مساعدتها في إتمامها، وقد تم تصوير ذلك الموقف العفوي ونشره في وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال أحد الناشطين الشباب.. وهي رسالة في أهمية الدور المؤثر لوسائل التواصل، من خلال إبراز الإيجابيات بدلا من التركيز المستمر على السلبيات والملاحظات فقط.
ومع تداول ذلك المقطع، أشاد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بتصرف الموظف، وأكد أن هذا الموقف هو انعكاس لقيم المجتمع الإماراتي وثقافته، التي تحض على احترام الكبير وعون الصغير والتواضع للناس وخدمتهم.. ثم قام سموه بزيارة الموظف في مقر عمله، وأعرب عن شكره وتقديره لحرصه على خدمة المجتمع. كما استثمرت هيئة تنمية المجتمع بدبي ذلك الموقف، لتنشر خدماتها التي تقدمها الدولة للمواطنين والمقيمين وكبار السن، وترسخ قيمة مجتمعية وثقافية في خدمة الناس.
ويبدو أن هذا السلوك الإيجابي هو ممارسة دائمة لدى هذا الموظف تحديدا، حيث دأب على التطوع ساعات إضافية من أجل خدمة كبار المواطنين، وسبق له أن نال جائزة دبي للأداء الحكومي المتميز لفئة «الجندي المجهول» عام 2015، كما سبق له أن قام بتوفير وإيصال أسطوانة الأكسجين إلى عجوز فرنسي مقيم في دبي في وقت الحظر «خلال فترة كورونا» وأنقذ حياته.. ما جعل ابن ذلك المقيم الفرنسي يكتب تغريدة على وسائل التواصل، ويشكر الإمارات ودبي والموظف.
ختاما.. أثق تمام الثقة أن في جميع مؤسساتنا وقطاعاتنا، مسؤولين وموظفين، مخلصين وجادين، يقدمون الخدمات للناس، وينجزون الطلبات والإجراءات، بشكل قانوني وإنساني.. ولكن فقط ينقصهم من يسلط الضوء على تلك المواقف والممارسات، وإبرازها والتشجيع عليها، كقيمة إنسانية، وأخلاق مهنية، وثقافة أصيلة في مجتمعنا.
في مملكة البحرين كلنا عائلة واحدة.. وفي كل يوم لدينا مثل هذه المواقف الصغيرة الإيجابية التي تستحق التشجيع، وتكريم «الجندي المجهول» في كل موقع.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك