العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

عن الوعي المجتمعي في هذه القضايا

بالأمس‭ ‬نشرت‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬مشكورة،‭ ‬وانطلاقا‭ ‬من‭ ‬دورها‭ ‬المهني‭ ‬التنويري،‭ ‬والأخلاقي‭ ‬الوطني،‭ ‬المطالبات‭ ‬التي‭ ‬دعت‭ ‬لها‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬الناشطين‭ ‬والمغردين،‭ ‬بشأن‭ ‬عدم‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬مقتل‭ ‬الشاب‭ ‬البحريني،‭ ‬تأكيدا‭ ‬على‭ ‬اعتبارات‭ ‬مجتمعية‭ ‬أصيلة،‭ ‬وذات‭ ‬خصوصية‭ ‬أسرية‭ ‬وإنسانية،‭ ‬لها‭ ‬كل‭ ‬الاحترام‭ ‬والإجلال‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭.‬

ودونما‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تداوله،‭ ‬ومع‭ ‬تمنياتنا‭ ‬بأن‭ ‬يتواصل‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬الأخلاقي،‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬التطرق‭ ‬للقضية،‭ ‬حتى‭ ‬حينما‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬القضائية،‭ ‬فإننا‭ ‬نرجو‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬هذا‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬الرفيع،‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬الحساسة‭.‬

كلنا‭ ‬معرضون‭ ‬لا‭ ‬سمح‭ ‬الله‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬المواقف،‭ ‬والجميع‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬عدم‭ ‬اقتحام‭ ‬الشأن‭ ‬الأسري‭.. ‬فللأسرة‭ ‬سياج‭ ‬متين،‭ ‬يحميه‭ ‬الدستور‭ ‬والقانون،‭ ‬وقبلهما‭ ‬الأخلاق‭ ‬والدين‭.. ‬ثم‭ ‬ماذا‭ ‬سيستفيد‭ ‬الشخص‭ ‬من‭ ‬معرفة‭ ‬التفاصيل‭ ‬الأسرية؟‭ ‬وكم‭ ‬أعجبتني‭ ‬مواقف‭ ‬وكلمات‭ ‬وعبارات‭ ‬نشرها‭ ‬أشخاص‭ ‬تؤكد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬‮«‬ستر‭ ‬المسلم‮»‬‭ ‬وعدم‭ ‬التشفي،‭ ‬والهمز‭ ‬واللمز،‭ ‬وإصدار‭ ‬وإطلاق‭ ‬الأحكام،‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬خصوصية‭ ‬الأسرة‭ ‬المكلومة‭ ‬وأفرادها،‭ ‬فيكفيهم‭ ‬ما‭ ‬ألمّ‭ ‬لهم،‭ ‬وليسوا‭ ‬بحاجة‭ ‬لمضاعفة‭ ‬جروحهم‭ ‬وآلامهم‭ ‬ومصابهم‭ ‬الجلل‭.‬

وقبل‭ ‬أن‭ ‬يسعى‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬لنشر‭ ‬وتداول‭ ‬لبعض‭ ‬أخبار‭ ‬وتفاصيل‭ ‬وتكهنات‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬الأسرية‭ ‬الحساسة،‭ ‬ليضع‭ ‬نفسه‭ ‬مكان‭ ‬تلك‭ ‬الأسر‭ ‬أو‭ ‬أحد‭ ‬أفرادها،‭ ‬وعن‭ ‬مشاعرهم‭ ‬وأحاسيسهم‭ ‬ونفسياتهم،‭ ‬وحتى‭ ‬على‭ ‬مستقبلهم،‭ ‬فالأطفال‭ ‬والكبار‭ ‬معا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يحتضنهم‭ ‬ويخرجهم‭ ‬مما‭ ‬هم‭ ‬فيه،‭ ‬ويعينهم‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬المأساة‭ ‬والمصيبة،‭ ‬وليس‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يشيع‭ ‬الأخبار‭ ‬والمعلومات‭ ‬والتفاصيل،‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يطلق‭ ‬التعليقات‭ ‬‮«‬السخيفة‮»‬‭ ‬عن‭ ‬حال‭ ‬الأزواج‭ ‬والزوجات‭ ‬بعد‭ ‬تلك‭ ‬الحوادث‭.     ‬

يقول‭ ‬المرحوم‭ ‬غازي‭ ‬القصيبي‭: ((‬التخصص‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يدرس‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬هو‭ ‬‮«‬الأخلاق‮»‬‭.. ‬فقد‭ ‬يحمله‭ ‬عامل‭ ‬نظافة‭.. ‬ويفتقده‭ ‬الدكتور‭)).. ‬وأغلى‭ ‬ما‭ ‬نملك‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬الخليجية‭ ‬هو‭ ‬التمسك‭ ‬بالعادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬الأخلاقية‭.. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬للمجتمعات‭ ‬الخليجية‭ ‬خصوصية‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬الأسري،‭ ‬وهناك‭ ‬أمور‭ ‬لا‭ ‬يصح‭ ‬الحديث‭ ‬فيها‭ ‬والجدل‭ ‬معها،‭ ‬ولا‭ ‬يعقل‭ ‬الخوض‭ ‬فيها‭ ‬ولا‭ ‬التندر‭ ‬عليها،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬كشف‭ ‬سترها‭ ‬والسعي‭ ‬لنشرها،‭ ‬ولربما‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يميز‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬عن‭ ‬غيرها،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬حرمة‭ ‬هناك‭ ‬ولا‭ ‬احترام‭ ‬للخصوصية‭ ‬الأسرية،‭ ‬ولا‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬آثار‭ ‬وتداعيات‭ ‬النشر‭ ‬والتداول‭ ‬والتكهن‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬والحوادث،‭ ‬على‭ ‬الأبناء‭ ‬والأهل‭ ‬والأسر‭ ‬المكلومة‭.‬

وأمام‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬الإيجابي‭ ‬الحاضر‭ ‬اليوم‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬والمجتمعية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬التوعية‭ ‬والتثقيفية،‭ ‬الإعلامية‭ ‬والأسرية‭ ‬وكذلك‭ ‬الإسلامية،‭ ‬أن‭ ‬تستثمر‭ ‬هذا‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬الإيجابي،‭ ‬للبناء‭ ‬عليه،‭ ‬وتعزيزه‭ ‬وترسيخه،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬سلامة‭ ‬المجتمع‭ ‬وحمايته‭ ‬من‭ ‬الإثارة‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬وتداول‭ ‬الجرائم‭ ‬والقضايا‭ ‬ذات‭ ‬الشأن‭ ‬الأسري‭.. ‬فللأسرة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬مكانة‭ ‬وخصوصية،‭ ‬يجب‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬والتمسك‭ ‬بها‭.‬

مع‭ ‬ثقتنا‭ ‬التامة‭ ‬بأن‭ ‬السلطات‭ ‬القانونية‭ ‬والنيابة‭ ‬العامة‭ ‬حريصة‭ ‬كل‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ضيق‭ ‬جدا‭.. ‬وأعلم‭ ‬شخصيا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الأسرية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬مشكورة‭ ‬بنشرها‭ ‬وتداولها،‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬معالجتها‭ ‬وفق‭ ‬منهجية‭ ‬إنسانية‭ ‬متميزة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا