العدد : ١٦٨٤١ - الخميس ٠٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤١ - الخميس ٠٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ شوّال ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

السعودية وإيران: هل يتحقق أمن المنطقة؟!

{‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬أبرمت‭ ‬السعودية‭ ‬وإيران‭ ‬اتفاقهما‭ (‬برعاية‭ ‬صينية‭) ‬في‭ ‬مارس‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬‮«‬بكين‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬تغيرا‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬توجهات‭ ‬البلدين‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬استئناف‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المقطوعة‭ ‬منذ‭ ‬2016‭ ‬وإعادة‭ ‬فتح‭ ‬بعثاتهما‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تفعيل‭ (‬اتفاقية‭ ‬التعاون‭ ‬الأمني‭) ‬الموقعة‭ ‬بينهما‭ ‬عام‭ ‬2001‭! ‬بعد‭ ‬شهرين‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬السعودي‭-‬الإيراني‭ ‬عينت‭ ‬طهران‭ ‬مساعد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬علي‭ ‬رضا‭ ‬عنايتي‭ ‬سفيرا‭ ‬جديدا‭ ‬لدى‭ ‬السعودية،‭ ‬وبالمقابل‭ ‬توجه‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي‭ ‬الأمير‭ ‬فيصل‭ ‬بن‭ ‬فرحان‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السعودي‭ ‬إلى‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬رسمية‭ ‬التقى‭ ‬خلالها‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬إبراهيم‭ ‬رئيسي‭ ‬الذي‭ ‬بدوره‭ ‬سيزور‭ ‬السعودية‭ ‬قريبا،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬صرح‭ ‬حسين‭ ‬أمير‭ ‬عبداللهيان‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي،‭ ‬من‭ ‬الرياض‭ ‬التي‭ ‬زارها‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬انقطاع‭ ‬العلاقات‭!‬

{‭ ‬التصريحات‭ ‬المتبادلة‭ ‬كانت‭ ‬تحمل‭ ‬نفس‭ ‬التفاؤل‭ ‬من‭ ‬الجانبين‭ ‬السعودي‭ ‬والإيراني،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السعودي‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬الصحفي‭: ‬‮«‬إن‭ ‬استئناف‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬نقطة‭ ‬مفصلية‭ ‬للأمن‭ ‬بالمنطقة‮»‬‭! ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬تفعيل‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الأمنية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬العلاقات‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭! ‬أما‭ ‬عبداللهيان‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭: ‬‮«‬نثمن‭ ‬دور‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وبإمكاننا‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬السعودية‭ ‬لحل‭ ‬الموضوعات‭ ‬العالقة‭ ‬بالمنطقة‭ ‬بشكل‭ ‬فوري‮»‬‭! ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تدعم‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭!‬

{‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬والمنطقة‭ ‬العربية‭ ‬تنشد‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والتنمية‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬ولكن‭ ‬دائما‭ ‬يبقى‭ ‬لدى‭ ‬هذه‭ ‬الشعوب‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬مصداقية‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬بحثها‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬والاستقرار‭! ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬إيران‭ ‬فيه‭ ‬منغمسة‭ ‬في‭ ‬وضعها‭ ‬السياسي‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬والثورة‭! ‬وبين‭ ‬حلم‭ ‬التوسع‭ ‬والانكفاء‭ ‬المرحلي‭ ‬حاليا‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬كامل‭ ‬الحلم‭ ‬أو‭ ‬الوهم‭! ‬وحيث‭ ‬هي‭ ‬مطالبة‭ ‬بإلغاء‭ ‬وتوديع‭ ‬أطماعها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬نهائيا‭! ‬واستبدال‭ ‬ذلك‭ ‬بعودتها‭ ‬إلى‭ ‬آليات‭ ‬الدولة‭ ‬المتعاونة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والتنمية‭ ‬كما‭ ‬تسعى‭ ‬السعودية‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭!‬

{‭ ‬هل‭ ‬بإمكان‭ ‬إيران‭ ‬أن‭ ‬تتخلى‭ ‬عن‭ ‬أذرعها‭ ‬الإرهابية‭ ‬ذات‭ ‬الولاءات‭ ‬الطائفية‭ ‬والارتزاقية‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬عليها‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬خلخلة‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬نشطت‭ ‬فيها‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬بغداد‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأمريكي‭ ‬ثم‭ ‬احتلالها؟‭! ‬هل‭ ‬ستكف‭ ‬عن‭ ‬إثارة‭ ‬الإشكاليات‭ ‬الطامعة‭ ‬حول‭ ‬حقل‭ ‬الدرة؟‭! ‬هل‭ ‬ستعيد‭ ‬الجزر‭ ‬الإماراتية‭ ‬الثلاث؟‭! ‬هل‭ ‬ستفكر‭ ‬بمنظور‭ ‬جديد‭ ‬تجاه‭ ‬الأحواز‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬احتلتها‭ ‬عام‭ ‬1925؟‭! ‬هل‭ ‬ستكف‭ ‬عن‭ ‬تصدير‭ ‬ثورتها‭ ‬الطائفية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الموالين‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وتتخلى‭ ‬عنهم‭ ‬لتتعامل‭ ‬كدولة‭ ‬طبيعية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬والمنطقة؟‭!‬

أعتقد‭ ‬أنها‭ ‬كلها‭ ‬أسئلة‭ ‬منطقية‭ ‬تطرحها‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‭ ‬ويتحايل‭ ‬المحللون‭ ‬الإيرانيون‭ ‬على‭ ‬الإجابة‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬الفضائيات‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تستضيفهم‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬المفارقة‭ ‬التي‭ ‬تدلل‭ ‬على‭ ‬الانفصام‭ ‬الإيراني‭ ‬كنظام‭ ‬بين‭ ‬آليات‭ ‬الدولة‭ ‬وآليات‭ ‬الثورة،‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيراني‭ ‬عبداللهيان‭ ‬في‭ ‬الرياض‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬نوايا‭ ‬حلّ‭ ‬القضايا‭ ‬العالقة‭ ‬بالمنطقة‭ ‬بشكل‭ ‬فوري،‭ ‬وعلى‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تدعم‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام،‭ ‬وهو‭ ‬الكلام‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬للدولة،‭ ‬كان‭ ‬خامنئي‭ ‬يخطب‭ ‬في‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حقق‭ ‬الصفقة‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الشيطان‭ ‬الأكبر‮»‬‭ ‬أو‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬حول‭ ‬تبادل‭ ‬السجناء‭ ‬وتقليل‭ ‬التخصيب‭ ‬لليورانيوم‭ ‬مقابل‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ (‬10‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭) ‬كافأت‭ ‬بها‭ ‬أمريكا‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭! ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬هي‭ ‬تحشد‭ ‬فيه‭ ‬قواتها‭ ‬وسفنها‭ ‬البحرية‭ ‬بادعاء‭ ‬مواجهة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الإيراني‭!‬

{‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يريد‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬أو‭ ‬المنطقة،‭ ‬كما‭ ‬تلوّح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وربيبتها‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬ولعل‭ ‬الخطوات‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬السعي‭ ‬لاستقرار‭ ‬الخليج‭ ‬والمنطقة‭ ‬يضع‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المواجهة‭ ‬مع‭ ‬نواياها‭! ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الاتفاق‭ ‬السعودي‭ ‬‭ ‬الإيراني‭ ‬جاء‭ ‬برعاية‭ ‬صينية،‭ ‬وحيث‭ ‬الصين‭ ‬بدورها‭ ‬تسعى‭ ‬للتنمية‭ ‬وطريق‭ ‬الحرير‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬استقرت‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬وراهنت‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أمن‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬تجمعها،‭ ‬كما‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬والسعودية‭ ‬ودول‭ ‬الخليج،‭ ‬وحيث‭ ‬الاستحقاقات‭ ‬الإيرانية‭ ‬لإثبات‭ ‬صدق‭ ‬النوايا‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭!‬

{‭ ‬إيران‭ ‬مطالبة‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬صادقة‭ ‬وبدون‭ ‬الانفصام‭ ‬بين‭ ‬مساعيها‭ ‬كدولة‭ ‬ومساعيها‭ ‬كنظام‭ ‬ثوري‭ ‬توسعي‭! ‬إن‭ ‬أرادت‭ ‬بشكل‭ ‬حقيقي‭ ‬معالجة‭ ‬قضاياها‭ ‬الداخلية‭ ‬المأزومة‭ ‬مع‭ ‬شعبها‭ ‬ومع‭ ‬شعوب‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تدخلت‭ ‬فيها‭ ‬بشكل‭ ‬سافر،‭ ‬وتعتقد‭ ‬أنها‭ ‬أخضعتها‭ ‬لهيمنتها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تتمرد‭ ‬فيه‭ ‬تلك‭ ‬الشعوب‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬على‭ ‬سطوتها‭ ‬وإغراقها‭ ‬بلادهم‭ ‬في‭ ‬الفوضى‭ ‬السياسية‭ ‬ونهب‭ ‬الثروات‭! ‬وما‭ ‬لم‭ ‬تراجع‭ ‬إيران‭ ‬ويراجع‭ ‬نظامها‭ ‬الثيوقراطي‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬وتفعله‭ ‬من‭ ‬شحن‭ ‬طائفي‭ ‬وكراهية‭ ‬تاريخية‭ ‬للعرب‭ ‬وابتزاز‭ ‬للدول‭ ‬عبر‭ ‬أدواتها‭ ‬‮«‬الارتزاقية‭ ‬والولائية‮»‬‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬الأمن‭ ‬سيتحقق‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭! ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يمنع‭ ‬ذلك‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬النوايا‭ ‬السعودية،‭ ‬وسعيها‭ ‬المحمود‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والسلام،‭ ‬لكي‭ ‬يستمر‭ ‬قطار‭ ‬التنمية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تريدها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أعلنت‭ ‬انطلاقه‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭!‬

ولكي‭ ‬تثق‭ ‬شعوبنا‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬فإن‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تثبت‭ ‬مصداقيتها‭ ‬وما‭ ‬يدعم‭ ‬تلك‭ ‬الثقة،‭ ‬التي‭ ‬أعتقد‭ ‬أنها‭ ‬لاتزال‭ ‬بعيدة‭ ‬المنال‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا