العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

السعودية والقضية الفلسطينية!

{‭ ‬موقف‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬موقف‭ ‬واضح‭ ‬ولا‭ ‬لبس‭ ‬فيه‭ ‬ولا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬كثير‭ ‬كلام،‭ ‬وحيث‭ ‬الدعم‭ ‬السياسي‭ ‬والمعنوي‭ ‬والاستراتيجي‭ ‬والمالي‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬دعم‭ ‬معروف‭! ‬والمبادرة‭ ‬السلمية‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬2002‭ ‬التي‭ ‬تبناها‭ ‬العرب‭ ‬جميعًا‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬مبادرة‭ ‬سعودية‭ ‬وأصبحت‭ ‬اليوم‭ ‬‮«‬المبادرة‭ ‬العربية‮»‬‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مواقف‭ ‬الدعم‭ ‬السعودي‭ ‬في‭ ‬1948‭ ‬وللمواجهات‭ ‬العسكرية‭ ‬مع‭ ‬قوات‭ ‬الإحتلال،‭ ‬وموقف‭ ‬‮«‬الملك‭ ‬فيصل‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬قطع‭ ‬النفط‭ ‬عن‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬1973،‭ ‬بدوره‭ ‬معروف‭! ‬لأن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬كانت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬القضية‭ ‬الأولى‭ ‬لكل‭ ‬العرب‭ ‬ومحاولات‭ ‬السعودية‭ ‬لحلّ‭ ‬الانقسام‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬عديدة‭! ‬ولم‭ ‬يتمّ‭ ‬الالتزام‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬ذات‭ ‬الأطراف‭ ‬التي‭ ‬لبست‭ ‬‮«‬الرداء‭ ‬الإيراني‮»‬،‭ ‬لتتسبّب‭ ‬في‭ ‬شرخ‭ ‬فلسطيني‭ ‬وعربي‭ ‬مستمر‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬من‭ ‬يتاجر‭ ‬بالقضية‭!‬

{‭ ‬اليوم‭ ‬تتخذ‭ ‬السعودية‭ ‬مواقف‭ ‬أخرى‭ ‬بما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالضجيج‭ ‬المثار‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وإسرائيل‭ ‬بخصوص‭ ‬التطبيع،‭ ‬فإن‭ ‬السعودية‭ ‬وضّحت‭ ‬موقفها‭ ‬وشروطها،‭ ‬وأهم‭ ‬تلك‭ ‬الشروط‭ ‬هو‭ ‬‮«‬الحل‭ ‬العادل‮»‬‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وفق‭ ‬المبادرة‭ ‬العربية‭ ‬ووفق‭ ‬قرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬واتفاقيات‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬الفلسطيني‭ ‬و«الإسرائيلي‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يلتزم‭ ‬الإحتلال‭ ‬بأي‭ ‬منها،‭ ‬ولا‭ ‬يريد‭ ‬الالتزام‭! ‬والسعودية‭ ‬أوضحت‭ ‬موقفها‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المناسبات،‭ ‬ولم‭ ‬يتغيرّ‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬رغم‭ ‬ضجيج‭ ‬الإعلام‭ ‬الأمريكي‭ ‬والغربي‭ ‬وداخل‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬بما‭ ‬يخالف‭ ‬ذلك‭!‬

{‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬اتخذت‭ ‬السعودية‭ ‬قرار‭ ‬تعيين‭ ‬سفير‭ ‬سعودي‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مقيم‮»‬‭ ‬لدى‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬واعتبرت‭ ‬الصحف‭ ‬العبرية‭ ‬ومنها‭ ‬‮«‬يديعوت‭ ‬أحرونوت‮»‬‭ ‬أن‭ (‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬هو‭ ‬خطوة‭ ‬تاريخية،‭ ‬ورسالة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬تصبّ‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬الفلسطينيين‭)! ‬وحيث‭ ‬يأتي‭ ‬تعيين‭ ‬السعودية‭ ‬السفير‭ ‬‮«‬نايف‭ ‬السديري‭ ‬‮«‬لدى‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين،‭ ‬وقنصلاً‭ ‬عاما‭ ‬للمملكة‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬ويكون‭ ‬معتمدًا‭ ‬للفلسطينيين‭!‬

يقول‭ (‬جورج‭ ‬سحار‭) ‬إن‭ ‬‮«‬ثلاث‭ ‬دول‭ ‬فقط‭ ‬لها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬فتح‭ ‬قنصليات‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬وهي‭ (‬السعودية‭ ‬ومصر‭ ‬والمكسيك‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬قنصليات‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬عشية‭ ‬حرب‭ ‬1967،‭ ‬وللحفاظ‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الراهن‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬لهم‭ ‬‮«‬الحق‭ ‬القانوني‮»‬‭ ‬في‭ ‬العودة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬طرف‭ ‬آخر‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬قرار‭ ‬الوضع‭ ‬النهائي‭ ‬للقدس‭ ‬بأكملها،‭ ‬شرقًا‭ ‬وغربًا‮»‬‭. ‬

{‭ ‬السعودية‭ ‬وقبل‭ ‬أي‭ ‬شرط‭ ‬آخر،‭ ‬هي‭ ‬تطرح‭ ‬منذ‭ ‬عقدين‭ ‬وأكثر،‭ ‬بعد‭ ‬تثبيت‭ ‬كيان‭ ‬الإحتلال‭ ‬دوليًا‭ ‬وخارج‭ ‬الإرادة‭ ‬العربية‭ ‬كأمر‭ ‬واقع‭! ‬هي‭ ‬تطرح‭ ‬أهمية‭ ‬حلّ‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لضمان‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬وإحلال‭ ‬السلام،‭ ‬وإقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حلّ‭ ‬الدولتين‭. ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يخضع‭ ‬لا‭ ‬‮«‬للبروباجندا‭ ‬الصهيونية‮»‬‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬وفي‭ ‬الغرب‭ ‬وأمريكا‭! ‬ولا‭ ‬لأي‭ ‬مصلحة‭ ‬انتخابية‭ ‬أمريكية‭! ‬وتتابع‭ ‬الموفدين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬إلى‭ ‬السعودية‭! ‬وحيث‭ ‬لا‭ ‬بدّ‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬الإحتلال‭ ‬‮«‬تنازلات‭ ‬حقيقية‮»‬‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬حلّ‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭! ‬وهي‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تؤرق‭ ‬العرب‭ ‬وحدهم‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬كل‭ ‬مناصري‭ ‬القضية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب،‭ ‬ولا‭ ‬بدّ‭ ‬من‭ ‬إنهاء‭ ‬‮«‬الجدلية‭ ‬العقيمة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يطرحها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬طوال‭ ‬عقود‭ ‬منذ‭ ‬احتلال‭ ‬فلسطين‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬لضابط‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬‮«‬الشاباك‭ ‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬أو‭ ‬الأمن‭ ‬العام،‭ ‬والحديث‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬على‭ (‬قناة‭ ‬i24‭) ‬تحدث‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الإرهاب‭ ‬اليهودي‮»‬‭! ‬وهو‭ ‬التوصيف‭ ‬الذي‭ ‬أثار‭ ‬احتجاج‭ ‬الكثيرين‭ ‬داخل‭ ‬الكيان،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬التعبير‭ ‬الصحيح‭ ‬للعنف‭ ‬المتزايد‭ ‬من‭ ‬المستوطنين‭ ‬واليهود‭ ‬المتطرفين،‭ ‬وبدعم‭ ‬ومباركة‭ ‬الحكومة‭ ‬المتطرفة‭ ‬الراهنة‭! ‬وتحدث‭ ‬الضابط‭ ‬عن‭ ‬القتل‭ ‬الجماعي‭ ‬لـ‭(‬عائلة‭ ‬الدواوشة‭). ‬والعصابات‭ ‬الاستيطانية‭ ‬و«شبيبة‭ ‬التلال‮»‬‭ ‬المتطرفة‭! ‬مما‭ ‬يذكر‭ ‬بما‭ ‬حدث‭ ‬قبل‭ (‬75‭ ‬عامًا‭) ‬من‭ ‬العنف‭ ‬والجرائم‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬عصابات‭ ‬‮«‬الهاجاناة‮»‬‭ ‬وغيرهم‭! ‬وحيث‭ ‬‮«‬المنظومة‭ ‬القضائية‮»‬‭ ‬طالما‭ ‬غضت‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬جرائم‭ ‬الصهاينة‭ ‬والمتطرفين،‭ ‬فيما‭ ‬تُنزل‭ ‬أشدّ‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يقوم‭ ‬بمقاومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬العمليات‭ ‬الفلسطينية‭! ‬هذا‭ ‬يدّل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬قادة‭ ‬‮«‬الكيان‮»‬‭ ‬يرعون‭ ‬التطرف،‭ ‬ويتوسعون‭ ‬عبر‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬الاستيطان،‭ ‬ولا‭ ‬يفكرون‭ ‬بسلام‭ ‬حقيقي‭!‬

{‭ ‬قادة‭ ‬السعودية‭ ‬أصحاب‭ ‬أفعال‭ ‬لا‭ ‬أقوال‭! ‬ولا‭ ‬يعتمدون‭ ‬الثرثرة‭ ‬الإعلامية‭ ‬أو‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬وطنين‭ ‬التصريحات‭ ‬المراوغة‭ ‬والزائفة‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬قادة‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬وداخل‭ ‬إسرائيل‭ ‬وغيرهم‭! ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬استراتيجية‭ ‬بلاد‭ ‬الحرمين‭ ‬واضحة‭ ‬تجاه‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وعبر‭ ‬المواقف،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬يثار‭ ‬لتشويه‭ ‬تلك‭ ‬المواقف‭ ‬من‭ ‬الكارهين‭ ‬والحاقدين‭ ‬وأصحاب‭ ‬‮«‬الولاءات‭ ‬الارتزاقية‮»‬‭!‬

السعودية‭ ‬تريد‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتنمية‭ ‬والسلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وذلك‭ ‬لن‭ ‬يتم‭ ‬إلا‭ ‬بحلّ‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬حلاً‭ ‬عادلاً،‭ ‬يعيد‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬حقوقهم‭ ‬المسلوبة،‭ ‬وأضعف‭ ‬الأيمان‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬حلّ‭ ‬الدولتين،‭ ‬وأن‭ ‬تُقام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬حسب‭ ‬المبادرة‭ ‬العربية‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬عاصمتها‭ ‬‮«‬القدس‭ ‬الشرقية‮»‬‭. ‬وما‭ ‬يعيق‭ ‬ذلك،‭ ‬والكل‭ ‬يعرف،‭ ‬هو‭ ‬التعنت‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يريد‭ ‬إنهاء‭ ‬القضية،‭ ‬وإبعاد‭ ‬العرب‭ ‬عنها،‭ ‬وتحقيق‭ ‬الصفقات‭ (‬الاقتصاد‭ ‬مقابل‭ ‬السلام‭)! ‬هذا‭ ‬المنطق‭ ‬المعوّج‭ ‬سيبقى‭ ‬معوجًا،‭ ‬حتى‭ ‬يتحقق‭ ‬السلام‭ ‬الحقيقي‭ ‬والعادل‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا