العدد : ١٦٨٥٠ - السبت ١١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٠ - السبت ١١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

مسارات التزييف العميق للحياة!

{‭ ‬تخيّل‭ ‬نفسك‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬ما،‭ ‬اعتدت‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬منطقياً‭ ‬رغم‭ ‬ملازمة‭ ‬المشاكل‭ ‬والصراعات‭ ‬البشرية‭ ‬المعتادة‭ ‬للناس،‭ ‬ولكنك‭ ‬فجأة‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬ما‭ ‬تصحو،‭ ‬وقد‭ ‬انقلب‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬حولك‭! ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الأمكنة‭ ‬كما‭ ‬اعتدتها‭! ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬البشر‭ ‬كما‭ ‬كانوا‭! ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬الطبيعة‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬مجراها‭ ‬الطبيعي،‭ ‬فقد‭ ‬انقلبت‭ ‬الفصول،‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬تعرف‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬الفصل‭ ‬صيفاً‭ ‬أم‭ ‬شتاءً‭! ‬والأغذية‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬ليقال‭ ‬لك‭ ‬إنها‭ ‬مصنوعات‭ ‬من‭ ‬اللحوم‭ ‬والدواجن‭ ‬بخليط‭ ‬أنزيمات‭ ‬وكيماويات‭ ‬عبر‭ ‬البُعد‭ ‬الثلاثي‭! ‬الأطفال‭ ‬يتم‭ ‬اختطافهم‭ ‬في‭ ‬طرقات‭ ‬المدن‭ ‬لأغراض‭ ‬غريبة‭! ‬منها‭ ‬تجارة‭ ‬الأعضاء،‭ ‬ومنها‭ ‬تقديمهم‭ ‬قرابين‭ ‬في‭ ‬طقوس‭ ‬شيطانية‭! ‬ومنها‭ ‬أخذ‭ ‬مواد‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬رقابهم‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬فزع‭ ‬شديد‭! ‬لاستخراج‭ ‬مادة‭ ‬يستهلكها‭ ‬ساسة‭ ‬كبار‭ ‬ونجوم‭ ‬كبار‭ ‬وشيطانيون‭!‬

{‭ ‬فجأة‭ ‬ينقلب‭ ‬المنطق‭ ‬مع‭ ‬انقلاب‭ ‬طبائع‭ ‬الأشياء‭! ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الذكر‭ ‬ذكراً،‭ ‬ولا‭ ‬الأنثى‭ ‬أنثى‭! ‬والطفل‭ ‬يغيرّ‭ ‬نوعه‭ ‬باختياره‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬سلطة‭ ‬من‭ ‬الأبوين‭ ‬عليه‭! ‬فيما‭ ‬الرجال‭ ‬يتزاوجون‭ ‬بالقانون،‭ ‬والنساء‭ ‬تتزاوجن‭ ‬مثلهم‭! ‬والمتحولون‭ ‬يملأون‭ ‬الشاشات‭ ‬والأماكن،‭ ‬والدعاية‭ ‬تضخ‭ ‬دعمها‭ ‬المتواصل‭ ‬لهم،‭ ‬ورئيس‭ ‬دولة‭ ‬كبرى‭ ‬يقف‭ ‬على‭ ‬المنصة‭ ‬متباهيا‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬أمة‭ ‬الشواذ‮»‬‭! ‬لا‭ ‬منطق‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬شيء‭! ‬إنما‭ ‬مسارات‭ (‬لتزييف‭ ‬عميق‭ ‬للحياة‭ ‬والبشر‭) ‬تجري‭ ‬بسرعة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬تخطو‭ ‬خطوة‭ ‬خطوة‭!‬

{‭ ‬الفنون‭ ‬تنقلب،‭ ‬والثقافة‭ ‬لا‭ ‬يوضع‭ ‬لها‭ ‬اعتبار‭ ‬دولي‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬جارت‭ ‬انقلاب‭ ‬المفاهيم‭ ‬والمصطلحات‭ ‬والأحوال‭! ‬والذين‭ ‬صنعوا‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬يحذرون‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الذكاء‭ ‬أخطر‭ ‬من‭ ‬القنبلة‭ ‬النووية‭ ‬وأنه‭ ‬سيقضي‭ ‬على‭ ‬البشر‭! ‬والناس‭ ‬لا‭ ‬يبالون‭! ‬بالمقابل‭ ‬ملايين‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬يعيشون‭ ‬تحت‭ ‬خط‭ ‬الفقر‭! ‬وتهديدات‭ ‬المجاعة‭ ‬تعمّ‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬والحروب‭ ‬بين‭ ‬الكبار‭ ‬تصل‭ ‬ذروتها‭ ‬النهائية‭ ‬بحرب‭ ‬كبرى‭ ‬تقضي‭ ‬بدورها‭ ‬على‭ ‬البشرية‭! ‬الزيف‭ ‬والمادية‭ ‬و«العلم‭ ‬الزائف‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬توظيفه‭ ‬إما‭ ‬لحبك‭ ‬الخدع‭ ‬العلمية‭ ‬وإما‭ ‬لإنتاج‭ ‬الأسلحة‭ ‬البيولوجية،‭ ‬أو‭ ‬لتبرير‭ ‬سلوكيات‭ ‬التزييف‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬والإنسان‭!‬

{‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬وغيره‭ ‬وأنت‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬حولك‭ ‬تحوّل‭ ‬إلى‭ ‬كابوس،‭ ‬فيما‭ ‬الكرنفالات‭ ‬والاحتفالات‭ ‬وصالات‭ ‬الفكر‭ ‬والثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬مستمرة‭ ‬في‭ ‬أنشطتها‭! ‬والدول‭ ‬تتباهى‭ ‬بإنجازاتها‭! ‬ليقول‭ ‬لك‭ ‬المشهد‭ ‬الخارجي‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬على‭ ‬يرام‭! ‬وإن‭ ‬ما‭ ‬تراه‭ ‬أنت‭ ‬تبالغ‭ ‬في‭ ‬تضخيمه،‭ ‬وإن‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬سيحدث،‭ ‬فالناس‭ ‬تأكل‭ ‬وتنام‭ ‬وتخرج‭ ‬إلى‭ ‬أعمالها‭ ‬ووظائفها‭! ‬ولكنك‭ ‬لماذا‭ ‬ترى‭ ‬أنهم‭ ‬يسيرون‭ ‬ويعايشون‭ ‬الحياة‭ ‬وكأنهم‭ ‬نيام‭! ‬منجرفون‭ ‬خلف‭ ‬‮«‬العوالم‭ ‬الافتراضية‮»‬‭ ‬في‭ ‬هواتفهم،‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬أدوات‭ ‬تجسس‭ ‬على‭ ‬أدق‭ ‬خصوصياتهم،‭ ‬وهم‭ ‬غير‭ ‬معنيين‭! ‬بل‭ ‬يسهمون‭ ‬في‭ ‬انتهاك‭ ‬تلك‭ ‬الخصوصيات‭ ‬بأنفسهم،‭ ‬ويستعرضون‭ ‬بيوتهم‭ ‬وغرفهم‭ ‬وموائدهم‭ ‬لكل‭ ‬الناس،‭ ‬ويتباهون‭ ‬بأسفارهم‭ ‬ورحلاتهم‭ ‬ورقصهم‭ ‬بشكل‭ ‬معلن‭ ‬وطبيعي‭!‬

{‭ ‬ماذا‭ ‬سيحدث‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬ذلك؟‭! ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يهم‭ ‬أحدا‭! ‬فليحدث‭ ‬ما‭ ‬يحدث،‭ ‬جنون‭ ‬الانجراف‭ ‬والغرائزية‭ ‬والمتع‭ ‬الرخيصة،‭ ‬بل‭ ‬والمقززة‭ ‬تخترق‭ ‬عقول‭ ‬وأجساد‭ ‬البشر،‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬البعض‭ ‬أنه‭ ‬كلب‭ ‬فيزحف‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬مع‭ ‬بشر‭ ‬كلاب‭ ‬مثله‭! ‬وآخرون‭ ‬يشعرون‭ ‬أنهم‭ ‬قطط‭ ‬فيعيشون‭ ‬حياة‭ ‬القطط‭! ‬وآخرون‭ ‬يرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬خنازير،‭ ‬فيضعون‭ ‬زرائب‭ ‬وسخة‭ ‬وقذرة،‭ ‬يمارسون‭ ‬فيها‭ ‬متعة‭ ‬الخنازير‭ ‬بالقاذورات‭ ‬وهلمّ‭ ‬جرّا‭! ‬ولا‭ ‬بأس‭... ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يرام‭!‬

{‭ ‬يعلنون‭ ‬الأوبئة‭ ‬والفيروسات‭ ‬القاتلة‭ ‬قبل‭ ‬أعوام‭ ‬من‭ ‬حدوثها،‭ ‬ويضعون‭ ‬اللقاحات‭ ‬لتكون‭ ‬جاهزة،‭ ‬ثم‭ ‬فجأة‭ ‬ينتشر‭ ‬الوباء‭ ‬وهناك‭ ‬ما‭ ‬بعده‭ ‬من‭ ‬أوبئة،‭ ‬والكل‭ ‬يسير‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬محدد‭ ‬للوقاية‭ ‬الموهومة،‭ ‬فيما‭ ‬‮«‬الإمراض‮»‬‭ ‬يتم‭ ‬علناً،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬يحتج،‭ ‬ولا‭ ‬الناس‭ ‬يحتجون،‭ ‬فإن‭ ‬ارتفع‭ ‬صوت‭ ‬حاصره‭ ‬الجميع‭ ‬ونبذوه‭ ‬وقالوا‭ ‬‮«‬نظرية‭ ‬المؤامرة‮»‬‭!‬

{‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يُرام‭! ‬لتُباد‭ ‬البشرية‭ ‬فذلك‭ ‬أمر‭ ‬عادي‭! ‬ولتنقلب‭ ‬طبيعة‭ ‬الأشياء‭ ‬والمنطق‭ ‬فذلك‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭! ‬لتنتهي‭ ‬الفطرة‭ ‬والأسرة‭ ‬والمجتمع‭ ‬فالبديل‭ ‬جاهز‭: ‬روبوتات‭ ‬وذكاء‭ ‬اصطناعي‭ ‬يحلّ‭ ‬محلّ‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وسيتحكم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭! ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬يندرج‭ ‬تحت‭ ‬تطورات‭ ‬العلم‭ ‬والتكنولوجيا،‭ ‬ومتخلف‭ ‬من‭ ‬ينبّه‭ ‬إلى‭ ‬خطورة‭ ‬ما‭ ‬سيصل‭ ‬إليه‭ ‬الأمر‭! ‬ومتطرّف‭ ‬من‭ ‬يرفض‭ ‬انقلاب‭ ‬المنطق‭ ‬والنوع‭ ‬البشري‭ ‬وطبيعة‭ ‬الحياة‭! ‬ها‭ ‬أنت‭ ‬تعاين‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬وغيره،‭ ‬وأكثر‭ ‬ما‭ ‬تتمناه‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬الحياة‭ ‬خمسين‭ ‬أو‭ ‬ستين‭ ‬عاما‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭! ‬ليتها‭ ‬تعود،‭ ‬قبل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬النهايات‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا