عالم يتغير
فوزية رشيد
كتلة التفكير الاستراتيجي وتوصيات لجنة مستوى المعيشة!
{ في البدء، أن يكون هناك «كتلة التفكير الاستراتيجي» في المجلس النيابي، التي أعلن 9 نواب تشكيلها برئاسة النائب «أحمد السلوم»، فذلك في حد ذاته أمر جيد وإيجابي، خاصة أنها كتلة «مستقلة» وهي الأولى من نوعها في البرلمان! وتهدف إلى توفير «منظومة متكاملة» من التشريعات عبر وضع منهج وتوجيهات عامة لممارسة (التخطيط الاستراتيجي)، المعزز للقدرات التشريعية، بدءًا بالتحليل وانتهاءً بصياغة القوانين وسنّها، هذا يشير إلى أن العمل البرلماني بدأ يخطو خطوة مهمة تأخرت منذ أول دورة نيابية لصياغة مستقبل أكثر أمناً واستقراراً للوطن والمواطن، في ظل المتغيرات الدولية وتحولات «الثورة الصناعية الرابعة»! والتي لا تقتصر في نظرنا على الشؤون المالية والاقتصادية كما تم إعلانه، وإنما كل الجوانب المجتمعية التي تحتاج إلى «مراجعة» كالتعليم والأمن الغذائي، والحفاظ على القيم الاجتماعية والدينية والوطنية، في مواجهة انتشار فوضى المفاهيم والقيم الأخلاقية، التي تكتسح العالم، بتأثيرات الغزو الإعلامي والإلكتروني والدرامي، التي لا يخلو منها مجتمع اليوم!
{ السبت الماضي نشرت «أخبار الخليج» حواراً مطولاً مع النائب «أحمد السلوم» (رئيس لجنة التحقيق النيابية بشأن تدني المستوى المعيشي للمواطن) وهو رئيس «كتلة التفكير الاستراتيجي» أيضاً، وضّح فيه أن (اللجنة قدمت «مقترحات عملية» وقابلة للتطبيق ولن تُحمّل الدولة أعباء إضافية بزيادة المصروفات، كما لن تؤثر على التزاماتها ببرنامج «التوازن المالي»! وانتهت اللجنة إلى أكثر من «37 توصية» تشمل مختلف القطاعات التي كان لها تأثير مباشر على حياة المواطن خلال السنوات العشر الماضية. واعتمدت اللجنة في توصياتها على مجموعة من الدراسات والإحصاءات والاستبيانات التفصيلية، للوقوف على احتياجات المواطنين، بالإضافة إلى الاجتماعات مع الجهات الحكومية المختلفة، وممثلي الجمعيات الخيرية والجولات الميدانية في الأسواق)!
{ من خلال دمج الدراسات النظرية بالعمل الميداني، (مما يكسبها مصداقية) لما توصلت إليه من نتائج حول الثغرات التي أدت وتؤدي إلى (تدني المستوى المعيشي للمواطن البحريني)! بل تطرقت التوصيات إلى كل ما يتعلق بالمواطن وهي كثيرة ومنها (الرعاية الصحية) التي كانت قبل 10 سنوات 100% مجانية، واليوم تراجعت تلك الرعاية إلى اضطرار المواطن دفع تكاليف العلاج في الطب الخاص! وحول هذا تم تقديم التوصيات، خاصة أن المملكة في طور تطبيق (نظام الضمان الصحي) والحل في إنشاء «صندوق» يتحمل أي أعباء نيابة عن المواطن.
{ كما وجهت «اللجنة النيابية» توصياتها بما يخص «السلع الغذائية» التي ارتفعت خلال السنوات العشر الماضية بشكل كبير، في ظل ثبات الرواتب والأجور خلال هذه الفترة! خاصة بما يتعلق بوضع المواطنين في «القطاع الخاص» الذين كما يبدو يتم (استثناؤهم) عادة من «التفكير» في تحسين أوضاعهم وزيادة رواتبهم! وفي ظل «الرسوم» وزيادة تعرفة الكهرباء وغير ذلك من شؤون لا تصب في «حماية المستهلك» فإن الأعباء تتزايد على المواطن عاماً بعد عام!
{ جانب آخر مهم وهو «السكن والتعليم» كأحد أهم الهواجس الكبيرة للمواطن، وهي تصب كمسألة في التأثير المباشر على المستوى المعيشي، لذلك تم تقديم توصيات للوصول إلى حلول لها!
وإلى جانب ذلك، فإن ارتفاع «كلفة القروض الشخصية»، وارتفاع معدلات الفائدة وزيادة آجال السداد، تجعل (المواطن يدور في دائرة مستحكمة من الحاجة إلى الاقتراض وأعباء ما يتم اقتراضه من البنوك التجارية)، التي يهمها (الربحية) الكبيرة، على حساب احتياج المواطن واضطراره إلى أخذ القروض منها! وهناك توصيات لحل هذا الأشكال حتى لا تتحول البنوك إلى غول يمتص دم المواطن!
{ ومن النقاط المهمة التي التفتت إليها «اللجنة» هو تعريف (خط الفقر) وأهداف التنمية المستدامة ومنها القضاء على الفقر! وعلى وزارة (التنمية المستدامة) أن تضع دراسة (لتحديد خط الفقر بالمفهوم البحريني وليس بالمفهوم الدولي!) خاصة أن بالمفهوم الدولي لا يوجد فقير في البحرين! وعلى الوزارة الالتزام بالتعريف الجديد المقترح من اللجنة، حيث أثبتت اللجنة بالإحصائيات والدراسات النيابية أن الحد الأدنى للمعيشة هو (659 ديناراً) وليس كما هو معلن من جانب «وزارة التنمية الاجتماعية» أنه (336 ديناراً)! وكذلك هناك توصيات بما يخص (التأمين الاجتماعي) بخصوص علاوة المتقاعدين، لأنهم الفئة التي لا تستفيد من أي من الامتيازات! إلى جانب تطبيق (علاوة تحسين المعيشة) للعاملين في «القطاع الخاص» أسوة بالعاملين في «القطاع الحكومي» لسدّ الفجوة بين العاملين في القطاعين! وحيث هؤلاء مواطنون أيضاً! وحسب «الدستور» لا فارق بين من يعمل في القطاع الخاص أو القطاع الحكومي، لتحقيق المساواة لهم في «علاوة الغلاء» و«تعديل الراتب» وحسب مستلزمات الضغوط المعيشية التي يقع عبئها على المواطن، أينما كانت جهة عمله!
{ كثيرة هي «التوصيات» حول تدني مستوى المعيشة وحول خط الفقر! وحول المسؤولية الوطنية في التشريع والتنفيذ! وجميعها سيتم طرحها على مجلس النواب في دور الانعقاد القادم! فهل ستتمكن «اللجنة النيابية» من إقناع الجهات المعنية برؤيتها الاستراتيجية؟! وهل سيتم الوصول إلى حلول جذرية أخيراً، لمعالجة تلك المعوقات وتحسين مستوى المعيشة؟! ذلك ما ننتظره!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك