العدد : ١٦٨٥٩ - الاثنين ٢٠ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٩ - الاثنين ٢٠ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

لماذا يحرقون القرآن الكريم..؟؟

سؤال‭ ‬منطقي‭ ‬يتراود‭ ‬لدى‭ ‬المسلمين‭ ‬وغيرهم،‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬إصرار‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬السماح‭ ‬بحرق‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬واستفزاز‭ ‬مشاعر‭ ‬المسلمين،‭ ‬والتحريض‭ ‬عليهم،‭ ‬والتنكيل‭ ‬بهم،‭ ‬وتدنيس‭ ‬أغلى‭ ‬ما‭ ‬يملكون؟

ثم‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬نشاهد‭ ‬حرق‭ ‬الكتب‭ ‬السماوية‭ ‬الأخرى؟‭ ‬ولماذا‭ ‬تتكرر‭ ‬فقط‭ ‬مع‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭.. ‬فبعد‭ ‬السويد،‭ ‬جاءت‭ ‬الدنمارك،‭ ‬وقبلهما‭ ‬النرويج‭ ‬وغيرها‭.. ‬والغريب‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬السويدي‭ ‬مثلا‭ ‬يُجرّم‭ ‬حرق‭ ‬‮«‬علم‭ ‬المِثليين‮»‬،‭ ‬لأنّه‭ ‬يُشَكّل‭ ‬تحريضًا‭ ‬ضدّ‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المُواطنين‭ ‬في‭ ‬السويد،‭ ‬ولا‭ ‬يُجرّم‭ ‬القانون‭ ‬السويدي‭ ‬حرق‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬ولا‭ ‬تعتبره‭ ‬تحريضا‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬المسلمين‭ ‬فيها‭..!!‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬تكرار‭ ‬حوادث‭ ‬حرق‭ ‬نسخ‭ ‬من‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬وتدنيسها،‭ ‬يكشف‭ ‬حجم‭ ‬الكراهية‭ ‬للإسلام،‭ ‬وزيف‭ ‬الشعارات‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬إهانة‭ ‬المسلمين،‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬للعلاقات‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬والمصالح‭ ‬المشتركة،‭ ‬والضرب‭ ‬بعرض‭ ‬الحائط‭ ‬لمفاهيم‭ ‬التسامح‭ ‬واحترام‭ ‬المعتقدات‭ ‬والحوار‭ ‬بين‭ ‬الأديان،‭ ‬والتي‭ ‬أصبح‭ ‬المواطن‭ ‬العربي‭ ‬المسلم‭ ‬يردد‭ ‬متسائلا‭ ‬ومستغربا‭ ‬ومتعجبا‭: ‬لماذا‭ ‬ندعو‭ ‬للتسامح‭ ‬ونطالب‭ ‬بالتمسك‭ ‬به،‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليه،‭ ‬ونشره‭ ‬وإبرازه‭ ‬وتعظيمه،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأنظمة‭ ‬الغربية،‭ ‬والمجموعات‭ ‬الحاكمة‭ ‬فيها،‭ ‬والجماعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬منها،‭ ‬لا‭ ‬تعير‭ ‬بالا‭ ‬ولا‭ ‬اهتماما‭ ‬بالتسامح‭ ‬وغيره؟

حوادث‭ ‬حرق‭ ‬نسخ‭ ‬من‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬لن‭ ‬تمحي‭ ‬كتاب‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬ولن‭ ‬تجعل‭ ‬المسلمين‭ ‬يهجرون‭ ‬سوره‭ ‬وآياته،‭ ‬ولن‭ ‬توقف‭ ‬عملية‭ ‬طباعته‭ ‬وتوزيعه‭ ‬ونشره،‭ ‬ولن‭ ‬تقطع‭ ‬قراءته‭ ‬وتلاوته‭.. ‬ومهما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬السويد‭ ‬والدنمارك‭ ‬وغيرهما‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬بحرق‭ ‬نسخ‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬فإن‭ ‬تلك‭ ‬الحوادث‭ ‬تكشف‭ ‬حجم‭ ‬الكراهية‭ ‬ضد‭ ‬الإسلام،‭ ‬كما‭ ‬تفضح‭ ‬خطورة‭ ‬انفلات‭ ‬مفهوم‭ ‬وممارسة‭ ‬الحرية،‭ ‬والازدواجية‭ ‬في‭ ‬المعايير‭.   ‬

مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بادرت‭ ‬مشكورة،‭ ‬وفي‭ ‬خطوة‭ ‬صارمة‭ ‬وحاسمة،‭ ‬تبعث‭ ‬على‭ ‬الفخر‭ ‬والاعتزاز‭ ‬لكل‭ ‬مواطن،‭ ‬وتؤكد‭ ‬حرصها‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬ورفض‭ ‬الإساءة‭ ‬له،‭ ‬عبر‭ ‬اتخاذ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الخطوات‭ ‬والاجتماعات‭ ‬والتحركات،‭ ‬ومنها‭ ‬استدعاء‭ ‬القائمة‭ ‬بأعمال‭ ‬سفارة‭ ‬السويد،‭ ‬وتسليمها‭ ‬مذكرة‭ ‬احتجاج‭ ‬رسمية‭ ‬على‭ ‬سماح‭ ‬السلطات‭ ‬السويدية‭ ‬لمتطرفين‭ ‬بإحراق‭ ‬وتدنيس‭ ‬نسخ‭ ‬من‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الشرطة‭ ‬وسط‭ ‬العاصمة‭ ‬ستوكهولم،‭ ‬مع‭ ‬إدانة‭ ‬واستنكار‭ ‬تكرار‭ ‬هذه‭ ‬الحوادث‭ ‬المشينة،‭ ‬التي‭ ‬تستفز‭ ‬مشاعر‭ ‬المسلمين،‭ ‬وتنتهك‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية،‭ ‬وتدعو‭ ‬إلى‭ ‬الكراهية‭ ‬والتحريض‭.‬

ولطالما‭ ‬وجه‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬دعوته‭ ‬الصريحة‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬الإسلامية‭ ‬والعربية‭ ‬كافة‭ ‬‮«‬لاستمرار‭ ‬اتخاذ‭ ‬مواقف‭ ‬موحَّدة‭ ‬وجادَّة‭ ‬تجاه‭ ‬سياسات‭ ‬السويد‭ ‬الهمجية‭ ‬والمعادية‭ ‬للإسلام‭ ‬والمسلمين،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحترم‭ ‬مقدسات‭ ‬الأديان،‭ ‬ولا‭ ‬تفهم‭ ‬إلا‭ ‬لغة‭ ‬المال‭ ‬والمصالح‭ ‬المادية‮»‬‭.. ‬وهنا‭ ‬تأتي‭ ‬مسؤولية‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬في‭ ‬تفعيل‭ ‬منهج‭ ‬المقاطعة‭ ‬والممارسات‭ ‬التجارية‭ ‬والسياحية‭ ‬وغيرها‭.‬

نقطة‭ ‬أخيرة،‭ ‬يجب‭ ‬التأكيد‭ ‬عليها‭ ‬دائما‭.. ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬والجماعات،‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يجرنا‭ ‬للقيام‭ ‬بممارسات‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬القانون،‭ ‬ولا‭ ‬الإساءة‭ ‬للمعتقدات‭ ‬الدينية‭ ‬والكتب‭ ‬السماوية،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬الإعتداء‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬مواطن‭ ‬سويدي،‭ ‬أو‭ ‬سائح‭ ‬دنماركي‭ ‬أو‭ ‬غيره‭.. ‬فقد‭ ‬نرفض‭ ‬تلك‭ ‬الممارسات‭ ‬المشينة،‭ ‬وندعو‭ ‬لاتخاذ‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الخطوات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والدولية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وقفها،‭ ‬وتجريم‭ ‬القيام‭ ‬بها،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬نتجاوز‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭.. ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬فرصة‭ ‬سانحة‭ ‬كذلك‭ ‬لأن‭ ‬نعلي‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬احترامنا‭ ‬للقرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬والعمل‭ ‬به،‭ ‬والسعي‭ ‬لنشر‭ ‬الإسلام‭ ‬ومبادئه‭ ‬السمحاء،‭ ‬لأن‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬ثقافة‭ ‬ودستور،‭ ‬وسلوك‭ ‬وممارسة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬الغربي،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تدركه‭ ‬جيدا‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬والجماعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬فيها‭.    ‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا