العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

حرب روسيا مع الغرب تمتد إلى المفاهيم والقيم!

{‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬لم‭ ‬يخلُ‭ ‬خطابٌ‭ ‬للرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬بوتين‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أنماط‭ ‬الانحطاط‭ ‬الأخلاقي‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬ورفضه‭ ‬وأمته‭ ‬الهجمة‭ ‬التي‭ ‬يسوقها‭ ‬الأمريكيون‭ ‬لجرِّ‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬اختلال‭ ‬في‭ ‬المفاهيم‭ ‬والقيم‭ ‬والخروج‭ ‬عن‭ ‬الفطرة‭ ‬الإنسانية‭! ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬لم‭ ‬يكتف‭ ‬بوتين‭ ‬بالكشف‭ ‬والرفض،‭ ‬وإنما‭ ‬باتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬قانونية‭ ‬مناهضة‭ ‬‮«‬للمغايرين‭ ‬جنسيا‮»‬‭ ‬يمنع‭ ‬التحول‭ ‬الجنسي‭ ‬ويحرمهم‭ ‬حق‭ ‬تبني‭ ‬الأطفال،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أقرّ‭ ‬النواب‭ ‬الروس‭ ‬قانونا‭ ‬بذلك‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬الماضي،‭ ‬وفي‭ ‬حكم‭ ‬المضمون‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬الموافقة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الاتحاد‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬الروسي،‭ ‬وأن‭ ‬يصادق‭ ‬عليه‭ ‬بوتين‭ ‬بسبب‭ ‬توافق‭ ‬الرؤية‭ ‬بين‭ ‬المشرعين‭ ‬والكرملين‭! ‬وبذلك‭ ‬يتم‭ ‬حظر‭ ‬التحول‭ ‬الجنسي‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬رئيسي‭ ‬مجلس‭ ‬الدوما‭ ‬‮«‬فيا‭ ‬تشيسلاف‭ ‬فولودين‮»‬‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬منفصل‭ ‬‮«‬إن‭ ‬القرار‭ ‬يحمي‭ ‬مواطنينا‭ ‬وأطفالنا‮»‬،‭ ‬معلقا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬بأنه‭ ‬تقليد‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬‮«‬ميل‭ ‬متنام‭ ‬للتحول‭ ‬الجنسي‭ ‬في‭ ‬أمريكا‮»‬،‭ ‬معتبرا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬انحطاط‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬غير‭ ‬المقبول‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭!‬

{‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بين‭ ‬الروس‭ ‬والناتو‭ ‬أو‭ ‬الغرب‭ ‬تتخذ‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬أبعادا‭ ‬جديدة،‭ ‬تتعلق‭ ‬بالقيم‭ ‬والمفاهيم‭ ‬ودعم‭ ‬الغرب‭ ‬للتحول‭ ‬الجنسي‭ ‬والشذوذ‭ ‬والتحرش‭ ‬بالأطفال‭ ‬وغيرها‭ ‬بدعوى‭ ‬الليبرالية‭ ‬والتنوع‭ ‬في‭ ‬الجنس‭ ‬البشري‭ ‬والحريات‭!‬

وهذا‭ ‬البُعد‭ ‬المفاهيمي‭ ‬المختل‭ ‬الذي‭ ‬ينخر‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬الغربية‭ ‬هو‭ ‬بعد‭ ‬يراه‭ ‬بوتين‭ ‬سببا‭ ‬لخراب‭ ‬المجتمعات،‭ ‬ويجب‭ ‬إعلان‭ ‬الحرب‭ ‬عليها‭ ‬بالقانون،‭ ‬لأنها‭ ‬قيم‭ ‬منحرفة‭ ‬ومتأثرة‭ ‬بالفساد‭ ‬الأخلاقي‭ ‬في‭ ‬الغرب‭! ‬ولذلك‭ ‬يحظر‭ ‬التشريع‭ ‬الجديد‭ ‬جراحات‭ ‬التحول،‭ ‬باستثناء‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬تشوهات‭ ‬خلقية‭ (‬بكسر‭ ‬الخاء‭) ‬ويمنع‭ ‬الأفراد‭ ‬من‭ ‬تغيير‭ ‬جنسهم‭ ‬في‭ ‬الوثائق‭ ‬الرسمية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سينعكس‭ ‬بقوة‭ ‬وبشكل‭ ‬جذري‭ ‬على‭ ‬أفكار‭ ‬وسلوكيات‭ ‬المغايرين‭ ‬جنسيا‭ ‬في‭ ‬روسيا‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬منع‭ ‬المواطنين‭ ‬الذين‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬غيروا‭ ‬جنسهم‭ ‬من‭ ‬تبني‭ ‬أطفال‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إلغاء‭ ‬عقود‭ ‬زواجهم‭! ‬وتجعل‭ ‬كل‭ ‬السالكين‭ ‬مسلك‭ ‬الانحراف‭ ‬الجنسي‭ ‬من‭ ‬شواذ‭ ‬ومتحولين،‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬الحرمان‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬والمساعدات‭ ‬باعتبارهم‭ ‬خارجين‭ ‬عن‭ ‬القانون‭! ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬حملات‭ ‬إغلاق‭ ‬لجمعيات‭ ‬تتبنى‭ ‬أو‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬المغايرين‭ ‬جنسيا‭ ‬والشواذ،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الساحة‭ ‬ضيقة‭ ‬أمام‭ ‬هؤلاء‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭!‬

{‭ ‬روسيا‭ ‬وهي‭ ‬ترى‭ ‬حجم‭ ‬‮«‬التطرف‭ ‬الليبرالي‮»‬‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬والنزعات‭ ‬اللاأخلاقية‭ ‬باسم‭ ‬الحريات،‭ ‬وازدراء‭ ‬الأعراق‭ ‬والأديان‭ ‬وازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬الغربية‭ ‬حول‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭! ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬حربها‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬تأخذ‭ ‬اليوم‭ ‬أشكالا‭ ‬مختلفة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬واقتصادية‭ ‬ومالية‭ ‬تسهم‭ ‬فيه‭ ‬بناء‭ ‬عالم‭ ‬متعدد‭ ‬القطبية‭! ‬وحرب‭ ‬ثقافية‭ ‬ومفاهيمية‭ ‬وأخلاقية،‭ ‬عوّل‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬هيمنته‭ ‬فيها‭ ‬عدة‭ ‬قرون،‭ ‬حتى‭ ‬بلغ‭ ‬اليوم‭ ‬باستخدامها‭ ‬كآليات‭ ‬لاختراق‭ ‬المجتمعات‭ ‬الأخرى‭ ‬ومنها‭ ‬روسيا،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ (‬مداعبة‭ ‬الأخيلة‭ ‬الجنسية‭ ‬المريضة‭) ‬لدى‭ ‬البعض،‭ ‬لتتحول‭ ‬من‭ ‬فئوية‭ ‬إلى‭ ‬سلوكيات‭ ‬عامة‭ ‬وسائدة‭ ‬تهدد‭ ‬بنية‭ ‬المجتمعات،‭ ‬وخروجها‭ ‬عن‭ ‬أسس‭ ‬المجتمع‭ ‬السليم‭ ‬والأسرة‭ ‬الطبيعية‭! ‬وهذا‭ ‬الإعصار‭ ‬الغربي‭ ‬الذي‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يجتاح‭ ‬العالم‭ ‬وروسيا،‭ ‬يرى‭ ‬بوتين‭ ‬أن‭ ‬وقف‭ ‬تهديده‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬إلا‭ ‬بفرض‭ ‬قوانين‭ ‬مناهضة‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مختل‭ ‬أخلاقيا‭ ‬وجنسيا‭! ‬وحيث‭ ‬الهيجان‭ ‬الإعلامي‭ ‬الغربي‭ ‬في‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬باسم‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات،‭ ‬لتبني‭ ‬نموذجها‭ ‬ومنطقها‭ ‬المِعوج،‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مناهضة‭ ‬مؤسساتية‭ ‬وقانونية‭ ‬لإبعاد‭ ‬الشعب‭ ‬عن‭ ‬إغواءات‭ ‬الغرب‭ ‬اللاأخلاقية‭ ‬والشيطانية‭! ‬

{‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المراحل‭ ‬والمحطات‭ ‬انكشف‭ ‬زيف‭ ‬التقدم‭ ‬والتطور‭ ‬والديمقراطية‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬لأنه‭ ‬ترافق‭ ‬مع‭ ‬التدهور‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والعنصرية‭ ‬وثقافة‭ ‬العنف‭ ‬والاستبداد‭ ‬ضد‭ ‬الشعوب‭ ‬الأخرى،‭ ‬وعدم‭ ‬احترام‭ ‬الأديان‭ ‬والثقافات‭ ‬المغايرة‭! ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬فرض‭ ‬نموذج‭ ‬الانحلال‭ ‬الأخلاقي‭ ‬بطرق‭ ‬ملتوية‭ ‬على‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭! ‬ولذلك‭ ‬قد‭ ‬تبدو‭ ‬روسيا‭ ‬بإقرارها‭ ‬قانونا‭ ‬أو‭ ‬قوانين‭ ‬مناهضة‭ ‬لكل‭ ‬ذلك‭ ‬النموذج‭ ‬الإباحي‭ ‬وتشريع‭ ‬الشذوذ‭ ‬والاستغلال‭ ‬الجنسي‭ ‬للأطفال‭ ‬بأنها‭ ‬قاسية‭! ‬ولكنه‭ ‬الحل‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬تمتلكه‭ ‬المجتمعات‭ ‬والشعوب‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬قيمها‭ ‬ودينها‭ ‬وترفض‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الانحلال‭ ‬والانحراف‭ ‬الجنسي‭ ‬والأخلاقي‭!‬

{‭ ‬والرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬كان‭ ‬صريحا‭ ‬وواضحا‭ ‬في‭ ‬حربه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬ودعا‭ ‬كل‭ ‬المسلمين‭ ‬والشعوب‭ ‬الرافضة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬معه‭ ‬لأن‭ ‬حربه‭ ‬ضد‭ ‬الدجال‭ ‬والشيطان‭ ‬وأتباعه‭ ‬كما‭ ‬وصفهم‭!‬

والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يهمنا‭: ‬هل‭ ‬ستحذو‭ ‬الدول‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬تحترم‭ ‬دينها‭ ‬وقيمها‭ ‬حذو‭ ‬روسيا،‭ ‬أولا‭ ‬بالخروج‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬الضغط‭ ‬عليها‭ ‬لتبني‭ ‬ما‭ ‬ترفضه‭! ‬وثانيا‭ ‬بِسنّ‭ ‬قوانين‭ ‬وتشريعات‭ ‬تحمي‭ ‬بها‭ ‬مجتمعاتها‭ ‬من‭ ‬هوجة‭ (‬حرب‭ ‬القيم‭ ‬والأفكار‭) ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬ويريد‭ ‬مروجوها‭ ‬أن‭ ‬يكتسحوا‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬المجتمعات‭ ‬ومنها‭ ‬الإسلامية؟‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا