عالم يتغير
فوزية رشيد
إفريقيا ونظام الولي الفقيه!
{ طالما بقي «نظام الولي الفقيه»، وبقي مشروعه في التمدد، واختراق الدول ونشر التشيع التابع له، فإن الحديث عن أجندته ومشروعه (الدولة المهدوية العالمية) يطول كل مكان يضع هذا النظام قدميه فيه! لأنه مشروع للعالم كله! وكما يراه «نظام الولي الفقيه» لا قابلية للفكاك منه إلا بسقوطه كنظام! وهذا افتتاح لا بد من التذكير به!
{ ولكن في ذات الوقت لا يعلن هذا النظام أهدافه الحقيقية أو النهائية! بل يبدأ بالأهداف الاقتصادية وكما قال الرئيس الإيراني: «إن نظرة إيران تكاملية ويمكن أن تستمر العلاقات الإيرانية الإفريقية بأفضل أشكالها في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية»، وبذلك وفي المرحلة الراهنة يعمل النظام الإيراني على فك عزلته والمزيد من التحايل على العقوبات الأمريكية، في ظل عودة العلاقات مع السعودية ودول الخليج! وكما قال رئيسي أيضاً حول (تبادل الطاقات والقدرات) وهو ما يحقق هدف الحصول على حلفاء جدد، خاصة أن إفريقيا حاليا ساحة مفتوحة، في ظل التحولات الكبرى في العالم، وتعاني من الأوضاع الاقتصادية المتردّية والفقر والأمية، رغم الثروات والخامات والموارد الطبيعية والمعادن! وقد جعلتها الصين ببعض دولها التي تحديداً يزورها الرئيس الإيراني (كينيا، أوغندا، زيمبابوي) جغرافيا أيضا لطريق الحرير الجديد، مع التنافس الصيني والروسي والأمريكي على إفريقيا! وخاصة أن محاولات إيران لاختراق إفريقيا هي محاولات قديمة!
{ إيران تجد أن الفرصة مواتية حالياً للدخول على خط سباق النفوذ الدولي على إفريقيا، وحيث التنافس الأمريكي – الصيني يزداد، مثلما التأثير الروسي من بوابة «مجموعة فاغنر»! فيما إيران تستظل بعلاقاتها مع الصين وروسيا، لخلق تأثيرها الخاص، بعد أن نجحت سابقاً في صناعة (شبكات مذهبية) خاصة في «نيجيريا»، مثلما استفادت في الاختراق على يد حليفها «حزب إيران في لبنان» الذي وسّع علاقاته بالجالية اللبنانية في إفريقيا، وهي الجالية ذات النفوذ والعمق التاريخي! وهنا تدخل آليات تشابك الخيوط!
{ كلنا يعرف أن لإيران أجندة سياسية متلبّسة بالمذهب «الاثنا عشري وولاية الفقيه»، التي تم تجديد مفاعيلها في ظل النهج الصفوي الجديد!
هذا التشابك بين السياسي والاقتصادي والأطماع الفارسية المبيتة عادة، والتوظيف العقدي أو «التشيّع الإيراني» يطمح (في النهاية) إلى الاختراق والتوغل لخدمة مشروعها الأكبر وهو (الدولة المهدوية العالمية!) الذي بدأت به استعماريا في المنطقة العربية، ليمتد ويتواصل في قارات العالم كلها! ولهذا فإن إفريقيا كما أمريكا اللاتينية، كما كل الدول هي في مرمى النظر بالنسبة إلى المشروع الإيراني هذا الذي تسعى ليكون عالمياً!
{ وتبدأ القصة عادة بعلاقات سياسية واستثمارات اقتصادية وفتح مكاتب ثقافية، لتمرّ في رحلة قطارها بالدعاية الإعلامية، وأجندة التشيّع! لتتشابك بعدها الخيوط مع بعضها، فإن تم تفكيك أحد الخيوط لاحقاً لسبب ما، بقيت الخيوط الأخرى مترابطة، خاصة مع وجود سابق في إفريقيا لجهات تابعة وموالية «مذهبياً»! ويتم دعمها «ماليّاً» حتى تحين الفرصة المناسبة للانقضاض!
{ هذا الخبث الإيراني الذي بات يعرفه الجميع! يتوافق مع الخبث الصهيوني، باعتبار أن نشر التشيّع الإيراني، سرعان ما يتحوّل إلى تفكيك الشعوب من داخلها وبث الفتن في دهاليزها، ونشر التعصّب والاقتتال.. إلخ، مما يتيح اختراقها بشكل أكثر سهولة! لا فرق في تلك الأجندة المدعومة بدستورها، ومحاولات تطبيقاتها العملية على أرض الواقع، بين ما أحدثته «إيران الثيوقراطية» في الدول العربية وبعض دول غرب شمال إفريقيا، عما ستفعله لاحقاً في إفريقيا وأي مكان تنزل فيه! وخاصة أن الوسيلة المعتادة بالتسلّل عبر المراكز الدينية والخيرية والثقافية والإعلامية، هي وسيلة لصناعة الولاءات لها! رأينا ذلك بوضوح في العراق ولبنان واليمن وسوريا وبعض دول الخليج! وهي تمهّد حتما لتوسيع نفوذها العلني اليوم في القارة الإفريقية! وقد نسمع لاحقاً عن تشكيل مليشيات وتدريبها ومدّها بالسلاح، وتحويلها إلى أذرع شبيهة بما تمتلكه اليوم في المنطقة العربية سواء في العراق أو لبنان أو اليمن أو سوريا! وما فكرت في صناعته في دول الخليج العربي، ونجحت في جزء منه، وإن بتستّر أكبر من الذي أحدثته في الدول الأربع السابقة!
{ ما لم تتحول إيران من نهج تصدير الثورة إلى نهج بناء الدولة الطبيعية، فإن محاولاتها ستبقى هي هي ومستمرة! سواء في إفريقيا أو أي قارة أخرى! والشاهد عدم تخليها عن (أذرعها المليشياوية) حتى الآن، رغم عودة العلاقات مع السعودية ودول الخليج العربي! وما أثارته مؤخراً حول «حقل الدّرة»! وحول البيان الخليجي – الروسي بما يخص احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث! واستمرار نهجها في العراق ونهبها ثرواته! هي كما قلنا خيوط متشابكة كخيوط السجاد الإيراني، تعمل عليه ببطء، ولكن في النهاية تحقق الفتن والصدامات ونشر الطائفية والتعصب لكي تجد لها مكاناً للنفوذ!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك