العدد : ١٦٨٥٦ - الجمعة ١٧ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٩ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٦ - الجمعة ١٧ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٩ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

مجمّع السلمانية الطبي وشكاوى متكررة!

{‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تسعى‭ ‬فيه‭ ‬الدولة‭ ‬لاكتساب‭ ‬السمعة‭ ‬الطبية‭ ‬الجيّدة،‭ ‬بل‭ ‬والترويج‭ ‬للسياحة‭ ‬العلاجية‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وتوفر‭ ‬أحدث‭ ‬الأجهزة‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المستشفيات‭ ‬الطبية‭ ‬الكبرى،‭ ‬لزيادة‭ ‬العناية‭ ‬الصحية‭ ‬وعلاج‭ ‬الأمراض‭ ‬المستعصية،‭ ‬فإن‭ ‬الحوادث‭ ‬في‭ ‬‮«‬مجمع‭ ‬السلمانية‭ ‬الطبي‮»‬‭ ‬تتكرر،‭ ‬ومعها‭ ‬تتكرر‭ ‬شكاوى‭ ‬المواطنين‭! ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬‮«‬تقرير‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‮»‬‭ ‬عن‭ ‬مجمل‭ ‬الأحوال‭ ‬والثغرات‭ ‬دون‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬تكرارها،‭ ‬ينبئ‭ ‬بما‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬معالجات‭ ‬جذرية‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬وضعها‭ ‬تحت‭ ‬المجهر‭! ‬وإجراء‭ ‬تغييرات‭ ‬وإصلاحات‭ ‬حقيقية‭ ‬بما‭ ‬يخص‭ ‬‮«‬أداء‭ ‬العاملين‮»‬‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬‮«‬مجمع‭ ‬السلمانية‭ ‬الطبي‮»‬‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المراكز‭ ‬الصحية‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تكرار‭ ‬حوادث‭ ‬الإهمال‭ ‬والأخطاء‭ ‬الطبية،‭ ‬التي‭ ‬أوصلت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المرضى‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬الوفاة‭!‬

{‭ ‬الغريب‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬افتقادا‭ ‬للرقابة‭ ‬الطبية‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬المجمعات‭ ‬الطبية،‭ ‬وخاصة‭ ‬‮«‬السلمانية‮»‬،‭ ‬باعتبارها‭ ‬أقدم‭ ‬وأكبر‭ ‬المراكز‭ ‬الطبية‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬فقدان‭ ‬الرقابة‭ ‬الفعّالة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الرقيب‭ ‬هو‭ ‬المواطن‭ ‬نفسه‭! ‬بما‭ ‬يبثه‭ ‬من‭ ‬شكوى‭ ‬إهمال‭ ‬أو‭ ‬تقصير‭ ‬أو‭ ‬تعرّض‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬أسرته‭ ‬للموت‭ ‬بسبب‭ ‬خطأ‭ ‬طبي‭! ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬السكوت‭ ‬عنه‭ ‬حين‭ ‬يتكرر‭ ‬الأمر‭! ‬وعادة‭ ‬التصريح‭ ‬الرسمي،‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يأتي‭ ‬به‭ ‬المواطنون،‭ ‬أو‭ ‬النواب،‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬فيديو‭ ‬مصوّر‭ ‬للنائب‭ ‬‮«‬هشام‭ ‬العوضي‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬التأخير‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الرعاية‭ ‬الطبية،‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬وفاة‭ ‬مريضة‮»‬‭ ‬في‭ ‬مجمع‭ ‬السلمانية،‭ ‬وحيث‭ ‬إجراءات‭ ‬التحقيق‭ ‬التي‭ ‬يطول‭ ‬ظهور‭ ‬نتائجها،‭ ‬أصبح‭ ‬بدوره‭ ‬أمراً‭ ‬متكرراً‭! ‬فلماذا‭ ‬كان‭ ‬التناقض‭ ‬بين‭ ‬التصريح‭ ‬الرسمي‭ ‬وبين‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬النائب‭ ‬البرلماني‭ ‬بأن‭ (‬لجنة‭ ‬التحقيق‭ ‬لم‭ ‬تتواصل‭ ‬نهائيا‭ ‬مع‭ ‬أهل‭ ‬المريضة‭ ‬المتوفاة‭) ‬متسائلا‭: ‬‮«‬كيف‭ ‬يقولون‭ ‬إن‭ ‬المريضة‭ ‬تواجدت‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬مدة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنها‭ ‬دخلت‭ ‬الساعة‭ ‬10‭ ‬صباحاً،‭ ‬وبقيت‭ ‬في‭ ‬الانتظار‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬سرير‭ ‬إلى‭ ‬ثاني‭ ‬يوم‭ ‬صباحاً،‭ ‬وتوفيت‭ ‬الساعة‭ ‬1‭:‬30‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬نفسه؟‭!‬‮»‬‭. ‬وقال‭ ‬النائب‭: ‬‮«‬إن‭ ‬هذه‭ ‬ثاني‭ ‬حالة‭ ‬وفاة‭ ‬في‭ ‬القسم‭ ‬نفسه‭ ‬بسبب‭ ‬الإهمال‮»‬‭! ‬وعند‭ ‬تواجده‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أحد‭ ‬موجوداً‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬لمتابعة‭ ‬الحالة‭! ‬وشدد‭ ‬النائب‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬لديه‭ ‬إثباتات‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭!‬

{‭ ‬حين‭ ‬تتكرر‭ ‬الأخطاء‭ ‬الطبية،‭ ‬ويتكرر‭ ‬الإهمال‭ ‬والتقصير،‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تراجعا‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ (‬الكفاءة‭ ‬البشرية‭ ‬الطبية‭) ‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬أحدث‭ ‬الأجهزة‭ ‬وأكثرها‭ ‬غلاء‭ ‬والتي‭ ‬توفرها‭ ‬الدولة‭! ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الإهمال‭ ‬وتلك‭ ‬الأخطاء‭ ‬الطبية،‭ ‬تعمل‭ ‬مع‭ ‬التراكم‭ ‬على‭ ‬‮«‬فقدان‭ ‬الثقة‮»‬‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬مجمع‭ ‬السلمانية‭ ‬أو‭ ‬المستشفيات‭ ‬الأخرى‭ ‬ومنها‭ ‬الخاصة،‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬معها‭ ‬‮«‬عدة‭ ‬حالات‭ ‬وفاة‮»‬‭! ‬انتقل‭ ‬بعضها‭ ‬إلى‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬وأثار‭ ‬ضجة،‭ ‬وبقي‭ ‬بعضها‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬المسكوت‭ ‬عنه‭! ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬المقترح‭ ‬الذي‭ ‬تقدم‭ ‬به‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬بلدي‭ ‬الشمالية‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬سعد‭ ‬الدوسري‮»‬‭ ‬بضرورة‭ (‬إنشاء‭ ‬نيابة‭ ‬خاصة‭ ‬بالأخطاء‭ ‬الطبية‭) ‬هو‭ ‬مقترح‭ ‬وجيه‭ ‬ويجب‭ ‬العمل‭ ‬به‭ ‬لتلافي‭ ‬أي‭ ‬إهمال‭ ‬أو‭ ‬تقصير‭ ‬أو‭ ‬أخطاء‭ ‬طبية‭ ‬يكون‭ ‬نتيجتها‭ ‬وفاة‭ ‬المريض‭!‬

{‭ ‬الكل‭ ‬حريص‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الرعاية‭ ‬الطبية‭ ‬الآمنة،‭ ‬سواء‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬المواطنون،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المؤسسة‭ ‬الصحية‮»‬‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬أصبحت‭ ‬متنوعة،‭ ‬وهناك‭ ‬‮«‬مراكز‭ ‬تخصصية‮»‬،‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬كفاءات‭ ‬طبية‭ ‬عالية،‭ ‬وحيث‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬في‭ ‬الطب‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الأولويات،‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬انتقاؤها‭ ‬بحرفية‭ ‬ونزاهة‭! ‬فلا‭ ‬شيء‭ ‬أثمن‭ ‬من‭ ‬صحة‭ ‬الناس‭ ‬والصحة‭ ‬العامة‭! ‬وعلى‭ ‬‮«‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتنظيم‭ ‬المهن‭ ‬والخدمات‭ ‬الصحية‮»‬‭ ‬أن‭ ‬تسرع‭ ‬في‭ ‬إظهار‭ ‬نتائج‭ ‬تحقيقها‭ ‬في‭ ‬ملابسات‭ ‬الحادثة‭ ‬المذكورة‭ ‬مؤخراً،‭ ‬وأن‭ ‬تضعها‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬القانون،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تتكرّر‭ ‬ذات‭ ‬الحوادث‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬السلمانية‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مستشفيات‭ ‬أخرى،‭ ‬تردد‭ ‬صداها‭ ‬عند‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬مختلفة،‭ ‬وأصبحت‭ ‬في‭ ‬طي‭ ‬النسيان‭! ‬فكل‭ ‬ذلك‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬فقدان‭ ‬المصداقية‭ ‬الطبية،‭ ‬والتشكيك‭ ‬في‭ ‬كفاءة‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬الحيوي‭ ‬والمهم‭ ‬بسبب‭ ‬أخطاء‭ ‬البعض،‭ ‬رغم‭ ‬كثرة‭ ‬التصريحات‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬فيه‭ ‬حول‭ ‬جهود‭ ‬التطوير‭ ‬في‭ ‬المباني‭ ‬والأجهزة‭ ‬والعلاج‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬العمليات‭ ‬إلخ‭.. ‬وهذا‭ ‬يحيلنا‭ ‬مجدداً‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬الاستمرار‭ ‬الدوري‭ ‬والمتواصل‭ ‬في‭ ‬متابعة‭ ‬أداء‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الطبي‭ ‬في‭ ‬المجمعات‭ ‬الطبية‭ ‬العامة،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الميزانية‭ ‬المرصودة‭ ‬لتطوير‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬وأهم‭ ‬ما‭ ‬فيه‭ ‬هو‭ ‬تطوير‭ ‬‮«‬الكوادر‭ ‬البشرية‭ ‬العاملة‮»‬‭ ‬وفق‭ ‬أسس‭ ‬قوية‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬للإهمال‭ ‬أو‭ ‬الخطأ‭ ‬الطبي‭ ‬المتكرر‭ ‬فيها،‭ ‬أو‭ ‬اختيار‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬غير‭ ‬مؤهل‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الصحي‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا