عالم يتغير
فوزية رشيد
الأب الروحي للذكاء الاصطناعي يستغيث!
{ وقد كتبنا سابقا عددا من المقالات حول الإشكاليات الدائرة حول الذكاء الاصطناعي وقد تنوعت! وخاصة أننا في عالم معولم، مفتوحة إمكانياته العلمية والتكنولوجية على فضاءات بعيدة، قد تصل في النهاية إلى تهميش الإنسان تماما! وهذا ما حذر منه الكثير من القائمين على إنتاج هذا الذكاء الاصطناعي، وآخرهم صرخة استغاثة أطلقها الأب الروحي للذكاء الاصطناعي وهو يقول (سيتفوق علينا ويسيطر)! حيث حض «جيفري هينتون» الذي يوصف بالأب الروحي لهذا الذكاء، وقبل أيام (الحكومات على التدخل لضمان ألا تسيطر الآلات على المجتمع)، وهو الذي استقال من «جوجل» لكي يتحدث بحرية أكبر عن مخاطر الذكاء الاصطناعي! وخاصة بعد إطلاق برنامج الدردشة (تشات جي بي تي) الذي يعتبر قفزة أخرى في التطورات للآلات الذكية، وخاصة أن الجميع متحمس لموجة تلك التطورات وليس لإدراك مخاطرها الراهنة والمستقبلية!
{ ما حذر منه «هينتون» أيضا أن يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاء من الإنسان، لأنه حينها تبدأ المنطقة الحرجة التي ستدخل إليها البشرية حين تفقد السيطرة على عالمها! هل مثلا اليوم في وجود (99 شخصا) وصفوا بأنهم يتمتعون بذكاء كبير هم من يحاولون جعل الآلات أكثر ذكاء وأفضل؟ ولكن ألا يعرض ذلك لاحقا الإنسان لعدم قدرته على السيطرة على من سيكون أكثر ذكاء منه؟! ولذلك فالتحذير من استسهال ما يجري وعدم أخذه بجدية هو تحذير جدي!
{ «هينتون» يحذر تحذيرا آخر وهو أن يدرك الناس أن كلامه (ليس خيالا علميا أو مجرد إثارة للمخاوف)! بل إن ما يحدث هو مخاطرة حقيقية يجب أن نفكر فيها مليا وعلينا التوصل إلى معرفة كيفية التعامل معها مسبقا! وفي الوقت ذاته، فإن القلق يتزايد ومنه قلق الأب الروحي نفسه حول أن المكاسب الهائلة من إنتاجية الذكاء الاصطناعي ستذهب للأثرياء وليس للعمال! وهذا ما سيجعل الأثرياء أكثر ثراء والفقراء سيقعون في دائرة البطالة مع إحلال الآلات الذكية مكانهم، وهذا كما وصفه عالم سيزداد فيه عدم المساواة ووصفه بأنه سيكون مجتمعا بالغ السوء!
{ أما ما يخص الأخبار الزائفة والتقليد الفائق للبشر فذلك يطرح جانبا آخر من المخاطر، حيث يتحول الذكاء الاصطناعي إلى مادة إرهاب إعلامي واجتماعي للبشر حين يقوم المتلاعبون والهكرز والمبتزون بإنتاج فيديوهات مصورة تحمل حركيا وصوتا وصورة خطابا أو فيلما مصورا لأحد الناس، ويعتقد المجتمع أنه حقيقي فيما هو مجرد إنتاج زائف حول الشخص المعني! وبهذا يكون هذا الذكاء الاصطناعي حين يتم استخدامه بشكل استغلالي مادة لإثارة الكثير من المشاكل الاجتماعية والأخلاقية والنفسية للأشخاص الذين يتم تصويرهم بشكل زائف على أنه حقيقة! وهو ما نطالعه اليوم من فيديوهات نصدقها في البداية ثم نكتشف أنها زائفة من صانعها!
{ لعل اهتمامي بهذا الموضوع هو طرح لرؤى استباقية خاصة لمجتمعاتنا ولحكوماتنا وحكومات العالم التي وجه «هينتون» تحذيراته وصرخته إليها، لأن بيدها الأمر إما في استفحال المخاطر وإما ترشيدها! وخاصة أننا مقبلون على عالم يختلط فيه الزيف بالحقيقة والكذب بالصدق، ويحتل فيه الذكاء الاصطناعي مساحة تتوسع كل يوم على حساب الإنسان وربما على مصيره بشكل عام! إلى حد أن هناك تصورات أن تنشأ حروب بين الآلات والإنسان قد تكون فيها الغلبة للآلات الذكية التي صنعها الإنسان نفسه! وكما يدور في عدد كبير من أفلام هوليوود التي لا يتم إنتاجها للعالم عبثا وإنما هي تهيئ الوعي البشري لما سيحدث سواء كتسلسل منطقي للراهن أو ربما عن تخطيط متعمد!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك