العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

مستقبل التعليم من الرقمي إلى الكتاب والقلم! السويد نموذجًا!

{‭ ‬حين‭ ‬أعلنت‭ ‬وزيرة‭ ‬التعليم‭ ‬السويدية‭ (‬لوتا‭ ‬إيدهولم‭) ‬ووزيرة‭ ‬الثقافة‭ (‬باريسا‭ ‬ليليستداند‭) ‬خطة‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬استعمال‭ ‬الورق‭ ‬والكتب‭ ‬الورقية‭ ‬والقلم،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الشاشات‭ ‬الرقمية‭! ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يبدو‭ (‬مراجعة‭ ‬لمفهوم‭ ‬التطوّر‭ ‬والتقدّم‭) ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تطورًا‭! ‬حين‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الإنسان‭ ‬ومهاراته‭ ‬الطبيعية‭! ‬ولهذا‭ ‬أكدت‭ ‬كل‭ ‬منى‭ ‬الوزيرتين‭ (‬التعليم‭ ‬والثقافة‭) ‬على‭ ‬مراجعة‭ ‬القرارات‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬أظهرته‭ ‬الأرقام‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ (‬ضعف‭ ‬مهارات‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬للطلاب‭ ‬في‭ ‬السويد‭) ‬وما‭ ‬يشكله‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬‮«‬مخاطر‮»‬‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬الطلاب‭ ‬أنفسهم‭ ‬وعلى‭ ‬مستقبل‭ ‬السويد‭! ‬وحين‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬أجهزة‭ ‬اللاب‭ ‬توب‭ ‬والأجهزة‭ ‬اللوحية‭ ‬كـ‭ (‬أداة‭ ‬تعليمية‭ ‬أساسية‭) ‬هو‭ ‬السبب،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الكتب‭ ‬الورقية‭ ‬والدفاتر‭ ‬الورقية‭ ‬والقلم‭! ‬لذلك‭ ‬جاء‭ ‬القرار‭ (‬سوف‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬الكتب‭ ‬والورق‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الشاشات‭ ‬الرقمية‭ ‬لمواجهة‭ ‬ضعف‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭)! ‬وكشفت‭ ‬وزيرة‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬تخصيص‭ ‬الحكومة‭ ‬السويدية‭ (‬685‭ ‬مليون‭ ‬كرون‭) ‬في‭ ‬ميزانيتها‭ ‬لتأمين‭ ‬كتب‭ ‬تعليمية‭ ‬للطلاب‭ ‬و‭(‬وضع‭ ‬حدّ‭ ‬لسياسة‭ ‬التحوّل‭ ‬الرقمي‭) ‬في‭ ‬مدارس‭ ‬السويد‭! ‬واعتبرت‭ ‬أن‭ (‬الوسيلة‭ ‬الأفضل‭ ‬للتعليم‭ ‬هي‭ ‬عبر‭ ‬استخدام‭ ‬الكتب‭ ‬والورق‭ ‬والطرق‭ ‬التقليدية‭)!‬

{‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬مستقبل‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬‮«‬المتطور‮»‬‭ ‬يتجه‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬القلم‭ ‬والدفتر‭ ‬والكتاب،‭ ‬حيث‭ ‬بدأ‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬في‭ ‬أستراليا‭ ‬واليوم‭ ‬في‭ ‬السويد‭! ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬رغبة‭ ‬فرنسا‭ ‬بالدخول‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬التوجّه،‭ ‬حيث‭ ‬هناك‭ ‬خبر‭ ‬عن‭ ‬مشاركة‭ (‬5000‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬10‭ ‬إلى‭ ‬90‭ ‬عاما‭) ‬في‭ ‬مسابقة‭ ‬للإملاء‭ ‬بالقلم‭ ‬باللغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬الشانزليزيه‭ ‬في‭ ‬باريس،‭ ‬لاستعادة‭ ‬مهارات‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الشاشات‭ ‬الرقمية‭!‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التوجّه‭ ‬الغربي‭ ‬هو‭ ‬بمنظور‭ ‬مستقبلي‭ ‬‮«‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اتضحت‭ ‬السلبيات‭ ‬بعد‭ ‬التطبيق‭ ‬الفعلي‭ ‬للتعليم‭ ‬الرقمي‭! ‬وحيث‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬التقنيات‭ ‬ألغى‭ ‬مهارات‭ ‬إنسانية‭ ‬عديدة،‭ ‬وأصبح‭ ‬الجيل‭ ‬الراهن‭ ‬معتمدًا‭ ‬عليها‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ (‬الكسل‭ ‬الذهبي‭) ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الإنسان‭ ‬مع‭ ‬تسارع‭ ‬التطورات،‭ ‬هو‭ ‬بالأساس‭ ‬فقد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬‮«‬قدراته‭ ‬العقلية‮»‬،‭ ‬ومهاراته‭ ‬وطاقاته‭ ‬اللا‭ ‬واعية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬مثلاً‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬البداية‭! ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬الاكتشاف‭ ‬تتراجع‭ ‬اليوم‭ ‬السويد‭ ‬وأستراليا‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬عن‭ ‬مفاهيمها‭ ‬حول‭ ‬التطورّ،‭ ‬لتقرر‭ ‬العودة‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬المدرسة،‭ ‬واعتماد‭ ‬الطرق‭ ‬التقليدية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تعتبر‭ ‬ذلك‭ ‬عودة‭ ‬عن‭ ‬التطور‭! ‬لأن‭ ‬الإنسان‭ ‬ومهاراته‭ ‬وقدراته‭ ‬الطبيعية‭ ‬هو‭ ‬أهم‭ ‬ركن‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬تطور‭ ‬مها‭ ‬كان‭!‬

{‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬الغربية‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬تأثير‭ ‬التعليم‭ ‬الرقمي‭ ‬على‭ ‬الذاكرة‭ ‬العضلية‭ ‬لليد‭ (‬Muscle‭ ‬Memory‭) ‬وحيث‭ ‬الأصابع‭ ‬تضمحل‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬استخدام‭ ‬القلم‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬اليومية‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬فقدان‭ ‬حاسة‭ ‬اللمس،‭ ‬أي‭ ‬لمس‭ ‬الورق‭ ‬والقلم‭ (‬TACTILE‭ ‬SENSATION‭)‬‏،‭ ‬وحيث‭ ‬الكتابة‭ ‬اليدوية‭ ‬ترتبط‭ ‬بتحفيز‭ ‬الذاكرة‭ ‬العضلية‭ ‬ارتباطًا‭ ‬بالذاكرة‭ ‬وخلايا‭ ‬المخ‭! ‬وحيث‭ ‬اللاب‭ ‬توب‭ ‬والأجهزة‭ ‬اللوحية‭ ‬تسببت‭ ‬لذلك‭ ‬بضعف‭ ‬القراءة‭ ‬ولكن‭ ‬بضعف‭ ‬الكتابة‭ ‬بنسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬وخطيرة،‭ ‬فبعض‭ ‬خريجي‭ ‬الثانوية‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬اليوم‭ ‬كتابة‭ ‬أسمائهم‭ ‬بالخط‭ ‬اليدوي‭!‬

{‭ ‬جيل‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬القفزة‭ ‬التطورية‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الرقمية،‭ ‬جيل‭ ‬تعلم‭ ‬وقرأ‭ ‬من‭ ‬الكتب‭! ‬أن‭ ‬تلمس‭ ‬الكتاب‭ ‬وتتحسس‭ ‬الأوراق‭ ‬وأنت‭ ‬تكتب‭ ‬وتراجع‭ ‬المعلومة،‭ ‬هي‭ ‬أساليب‭ ‬تقليدية‭ ‬لكنها‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تنشيط‭ ‬الذاكرة‭ ‬والحواس‭ ‬لدى‭ ‬الإنسان‭!‬

فيا‭ ‬ترى‭ ‬والأمر‭ ‬الذي‭ ‬بسببه‭ ‬اتخذت‭ ‬السويد‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬قرار‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الكتاب،‭ ‬بما‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬طلبة‭ ‬العالم‭ ‬بذات‭ ‬الأسباب،‭ ‬لو‭ ‬تمّ‭ ‬إجراء‭ ‬بياني‭ ‬لمعرفة‭ ‬التأثيرات‭! ‬ألا‭ ‬يستحق‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ (‬خبراء‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬العرب‭) ‬البدء‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬انتهى‭ ‬الغرب‭ ‬المتطور،‭ ‬حول‭ ‬تأثير‭ ‬الألواح‭ ‬الرقمية‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬الورقية‭ ‬على‭ ‬التعلم‭ ‬والقراءة‭ ‬والكتابة،‭ ‬وتأثيرها‭ ‬في‭ ‬المهارات‭ ‬الطبيعية‭ ‬لدى‭ ‬الطلبة‭ ‬وهم‭ ‬عنصر‭ ‬المستقبل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬البلاد؟‭ ‬

خاصة‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬اليوم‭ ‬تربط‭ ‬تطورها‭ ‬المستقبلي‭ ‬بالتعليم‭ ‬الرقمي،‭ ‬وتتجاوز‭ ‬في‭ ‬التخطيط‭ ‬لذلك‭ ‬أكثر‭ ‬الدول‭ ‬تطوّرا‭ ‬في‭ ‬اعتماد‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والتعليم‭ ‬الرقمي‭!‬

{‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الكتاب‭ ‬والكتابة‭ ‬بالقلم‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬ضروري‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬المهارات‭ ‬والقدرات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الضائعة‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬التحوّل‭ ‬الرقمي‭! ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬أزمة‭ ‬‮«‬كورونا‮»‬‭ ‬صنعت‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬التكنولوجي‭ ‬والأدوات‭ ‬الرقمية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬الاعتماد‭ ‬الكليّ‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬والجامعات‭! ‬لتشكل‭ ‬تأثيرها‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬تراجع‭ ‬مهارات‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬والحضور‭ ‬الشخصي‭ ‬في‭ ‬المدارس‭.‬

{‭ ‬حين‭ ‬يمنع‭ ‬‮«‬بيل‭ ‬جيتس‮»‬‭ ‬مثلاً‭ ‬أولاده‭ ‬الثلاثة‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬أجهزة‭ ‬موبايل‭ ‬حتى‭ ‬سنّ‭ ‬الرابعة‭ ‬عشر،‭ ‬وهو‭ ‬الأب‭ ‬الروحي‭ ‬للتحولات‭ ‬الرقمية،‭ ‬فذلك‭ ‬لأنه‭ ‬يريد‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أبنائه‭ ‬من‭ ‬التأثيرات‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬يعرفها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيره‭! ‬

القصة‭ ‬هنا‭ ‬ليس‭ ‬اتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬مضاد‭ ‬من‭ ‬‮«‬الفضاء‭ ‬الرقمي‮»‬‭ ‬ولكن‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬تأثيراته‭ ‬بحيث‭ ‬تكون‭ ‬المراحل‭ ‬الدراسية‭ ‬الأولى‭ ‬عبر‭ ‬الطرق‭ ‬التقليدية،‭ ‬ثم‭ ‬إدخال‭ ‬‮«‬الأجهزة‭ ‬اللوحية‮»‬‭ ‬بشكل‭ ‬مدروس‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬المتوسطة‭ ‬والعليا،‭ ‬لتأكيد‭ ‬أهمية‭ ‬وقيمة‭ ‬مهارات‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬الورق‭ ‬والقلم،‭ ‬وحيث‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الطباعة‭ ‬في‭ ‬الشاشات‭ ‬الرقمية‭ ‬أثبتت‭ ‬نتائجها‭ ‬العكسية‭ ‬على‭ ‬التعلم‭ ‬وعلى‭ ‬القدرات‭! ‬

{‭ ‬لتكن‭ ‬العلوم‭ ‬النظرية‭ ‬كاللغة‭ ‬والدين‭ ‬والتاريخ‭ ‬وغيرها‭ ‬عبر‭ ‬الطرق‭ ‬التقليدية،‭ ‬أما‭ (‬العلوم‭ ‬التطبيقية‭) ‬بالإمكان‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬دمج‭ ‬تعليمها‭ ‬بالتقنيات‭ ‬والأساليب‭ ‬الحديثة‭! ‬فالكتابة‭ ‬والخط‭ ‬مرتبطان‭ ‬بتحفيز‭ ‬الذاكرة‭ ‬والعقل‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الأساس‭!‬

والسؤال‭: ‬هل‭ ‬مستقبل‭ ‬التعليم‭ ‬من‭ ‬الرقمي‭ ‬إلى‭ ‬التقليدي‭ ‬بات‭ ‬أمرًا‭ ‬ملحًا‭ ‬اليوم؟‭! ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬الغرب‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا