عالم يتغير
فوزية رشيد
العرب رقم صعب صفَّر نفسه طويلا!
{ لعل من الكلمات المهمة في مؤتمر جدة «للقمة العربية» تلك الكلمات التي أشارت إلى مصادر القوة العربية! والتي لخصها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في كلمته، بما يفيد إلى قدرة «الأمة العربية» على النهوض والتقدم، واحتلال المكانة اللائقة بها بين الأمم في عالم التكتلات الكبرى التي تستوجب تعامل العرب مع أنفسهم كقطب عالمي مهم ومؤثر بما تملكه هذه الأمة من خصائص وأسس وتاريخ مشترك ولغة مشتركة! إلى جانب ما تمتلكه من مقومات حضارية عريقة تعود إلى بدايات نشوء الحضارات إلى جانب ما تمتلكه من قيم دينية وإنسانية تقدم نموذجاً لما تحتاجه البشرية اليوم! إلى جانب الموارد والثروات والطاقات البشرية والموقع الاستراتيجي، الذي كان مطمعا دائماً لدول استعمارية في العالم! كل تلك العوامل تجعل من العرب رقما عالميا صعبا ومهما شرط تحقق التضامن العربي الجماعي للتأسيس للاستقرار والرخاء والمصالح الحيوية، وبلورة نظام إقليمي متجدد ومتوازن، وحل الملفات العربية العالقة حلا سلميا وأهمها القضية الفلسطينية وفق مبادرة السلام العربية.
{ عوامل القوة العربية إن تم تحريكها وتفعيل مكامنها المذكورة أعلاه، على أساس رؤية (التكامل العربي) والتنافسية التكاملية، وتحديد الشراكات الاستراتيجية على أساس المصالح المشتركة، واحترام السيادة والاستقلالية، فإن القوة العربية تستعيد ذاتها سريعا، وخاصة في إطار ما تبذله السعودية اليوم من جهود، برؤيتها الجديدة لعودة أمن واستقرار المنطقة وحفظ سيادتها ووحدة مواقفها! وهو الأمل الذي تتطلع الشعوب العربية إلى تحقيقه والتكاتف العربي للخروج من أنفاق الصراعات والأزمات وخاصة مع توافر الظروف الذاتية والظروف الخارجية، وانعكاسات الأزمة الأوكرانية على العرب أيضا، بظهور فرصة تاريخية لهم لتعديل موازين القوى والخروج من حالة الصفرية العربية، بإعادة الثقل العربي الحقيقي إلى مكانته التي يستحقها، وكان يحتلها طويلا تاريخيا!
{ القرار العربي بحاجة إلى تفعيل مجلس التعاون الخليجي ونقله إلى مستوى التكامل والتوحد بقيادة بلاد الحرمين لما تمتلكه من مقومات كثيرة اليوم تؤهلها لتلك القيادة! إلى جانب تفعيل دور الجامعة العربية، وتجديد هيكليتها، وتنشيط فاعليتها الدولية، كمؤسسة تحمل الرؤية العربية الجديدة والإرادة العربية التي تتبلور في أخذ الدور الدولي، وخاصة في ظل انعكاس المتغيرات الدولية وتعدد القطبية الناشئة على المنطقة العربية، التي تمتلك قوة الطاقة وقوة الاقتصاد والثروات الأخرى، بما يؤثر في المسار العالمي ككل!
{ آن الأوان لخروج العرب إلى آفاق أوسع من الفاعلية الذاتية والفاعلية الدولية، والفكاك من «عقد النقص» و«جلد الذات»! وتحريك المسارات المستقبلية كلها معاً، من خلال الاعتماد على مصادر القوة الكثيرة التي تمتلكها الأمة العربية، والتي طال أمد ركونها في خانة السلبية والتمزق والصراعات والأزمات، التي لن تأتي حلولها على يد الخارج وإنما لن يحك الجلد العربي إلا الظفر العربي!
{ أمة تحمل كل مواصفات القوة «المهدرة» كالأمة العربية لن تلوم إلا نفسها إن استمرت في هدر طاقاتها وإمكانياتها، كما فعلت طويلاً! الذي ينقصها أن تدرك هذه الأمة قيمة نفسها وتاريخها وحضارتها وقيمها، وأن تمتلك الإرادة الجمعية للخروج من النفق المظلم الذي حشرت نفسها فيه، قبل أن تحشرها في ظلامه القوى الاستعمارية الكبرى منذ بدايات القرن العشرين تحديداً!
والتوجه العالمي الجديد نحو تعدد القطبية.. قادر وإن ببطء أن يفك عقدة تعالي تلك القوى الاستعمارية، بما يتيح للعرب فرصة اتخاذ القرار العربي في إعادة بناء الذات، على أسس استراتيجية جديدة، كانت الهم الأكبر لأغلب القادة العرب في القمة العربية الأخيرة، وهم جميعاً يدركون الأزمات ويعرفون حلولها! الباقي هو أن يبدأوا بالأخذ بالسبل، التي تحل أزماتهم، وتعيدهم إلى ميزان القوة!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك