العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

العرب رقم صعب صفَّر نفسه طويلا!

{‭ ‬لعل‭ ‬من‭ ‬الكلمات‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬جدة‭ ‬‮«‬للقمة‭ ‬العربية‮»‬‭ ‬تلك‭ ‬الكلمات‭ ‬التي‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬مصادر‭ ‬القوة‭ ‬العربية‭! ‬والتي‭ ‬لخصها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬في‭ ‬كلمته،‭ ‬بما‭ ‬يفيد‭ ‬إلى‭ ‬قدرة‭ ‬‮«‬الأمة‭ ‬العربية‮»‬‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬والتقدم،‭ ‬واحتلال‭ ‬المكانة‭ ‬اللائقة‭ ‬بها‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬التكتلات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تستوجب‭ ‬تعامل‭ ‬العرب‭ ‬مع‭ ‬أنفسهم‭ ‬كقطب‭ ‬عالمي‭ ‬مهم‭ ‬ومؤثر‭ ‬بما‭ ‬تملكه‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬من‭ ‬خصائص‭ ‬وأسس‭ ‬وتاريخ‭ ‬مشترك‭ ‬ولغة‭ ‬مشتركة‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ما‭ ‬تمتلكه‭ ‬من‭ ‬مقومات‭ ‬حضارية‭ ‬عريقة‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬بدايات‭ ‬نشوء‭ ‬الحضارات‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ما‭ ‬تمتلكه‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬دينية‭ ‬وإنسانية‭ ‬تقدم‭ ‬نموذجاً‭ ‬لما‭ ‬تحتاجه‭ ‬البشرية‭ ‬اليوم‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الموارد‭ ‬والثروات‭ ‬والطاقات‭ ‬البشرية‭ ‬والموقع‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مطمعا‭ ‬دائماً‭ ‬لدول‭ ‬استعمارية‭ ‬في‭ ‬العالم‭! ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬العوامل‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬رقما‭ ‬عالميا‭ ‬صعبا‭ ‬ومهما‭ ‬شرط‭ ‬تحقق‭ ‬التضامن‭ ‬العربي‭ ‬الجماعي‭ ‬للتأسيس‭ ‬للاستقرار‭ ‬والرخاء‭ ‬والمصالح‭ ‬الحيوية،‭ ‬وبلورة‭ ‬نظام‭ ‬إقليمي‭ ‬متجدد‭ ‬ومتوازن،‭ ‬وحل‭ ‬الملفات‭ ‬العربية‭ ‬العالقة‭ ‬حلا‭ ‬سلميا‭ ‬وأهمها‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وفق‭ ‬مبادرة‭ ‬السلام‭ ‬العربية‭.‬

{‭ ‬عوامل‭ ‬القوة‭ ‬العربية‭ ‬إن‭ ‬تم‭ ‬تحريكها‭ ‬وتفعيل‭ ‬مكامنها‭ ‬المذكورة‭ ‬أعلاه،‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬رؤية‭ (‬التكامل‭ ‬العربي‭) ‬والتنافسية‭ ‬التكاملية،‭ ‬وتحديد‭ ‬الشراكات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة،‭ ‬واحترام‭ ‬السيادة‭ ‬والاستقلالية،‭ ‬فإن‭ ‬القوة‭ ‬العربية‭ ‬تستعيد‭ ‬ذاتها‭ ‬سريعا،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ما‭ ‬تبذله‭ ‬السعودية‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬جهود،‭ ‬برؤيتها‭ ‬الجديدة‭ ‬لعودة‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬وحفظ‭ ‬سيادتها‭ ‬ووحدة‭ ‬مواقفها‭! ‬وهو‭ ‬الأمل‭ ‬الذي‭ ‬تتطلع‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقه‭ ‬والتكاتف‭ ‬العربي‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬أنفاق‭ ‬الصراعات‭ ‬والأزمات‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬توافر‭ ‬الظروف‭ ‬الذاتية‭ ‬والظروف‭ ‬الخارجية،‭ ‬وانعكاسات‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬على‭ ‬العرب‭ ‬أيضا،‭ ‬بظهور‭ ‬فرصة‭ ‬تاريخية‭ ‬لهم‭ ‬لتعديل‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬والخروج‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الصفرية‭ ‬العربية،‭ ‬بإعادة‭ ‬الثقل‭ ‬العربي‭ ‬الحقيقي‭ ‬إلى‭ ‬مكانته‭ ‬التي‭ ‬يستحقها،‭ ‬وكان‭ ‬يحتلها‭ ‬طويلا‭ ‬تاريخيا‭!‬

{‭ ‬القرار‭ ‬العربي‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تفعيل‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬ونقله‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬التكامل‭ ‬والتوحد‭ ‬بقيادة‭ ‬بلاد‭ ‬الحرمين‭ ‬لما‭ ‬تمتلكه‭ ‬من‭ ‬مقومات‭ ‬كثيرة‭ ‬اليوم‭ ‬تؤهلها‭ ‬لتلك‭ ‬القيادة‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تفعيل‭ ‬دور‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية،‭ ‬وتجديد‭ ‬هيكليتها،‭ ‬وتنشيط‭ ‬فاعليتها‭ ‬الدولية،‭ ‬كمؤسسة‭ ‬تحمل‭ ‬الرؤية‭ ‬العربية‭ ‬الجديدة‭ ‬والإرادة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تتبلور‭ ‬في‭ ‬أخذ‭ ‬الدور‭ ‬الدولي،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬انعكاس‭ ‬المتغيرات‭ ‬الدولية‭ ‬وتعدد‭ ‬القطبية‭ ‬الناشئة‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬قوة‭ ‬الطاقة‭ ‬وقوة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والثروات‭ ‬الأخرى،‭ ‬بما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬العالمي‭ ‬ككل‭!‬

{‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لخروج‭ ‬العرب‭ ‬إلى‭ ‬آفاق‭ ‬أوسع‭ ‬من‭ ‬الفاعلية‭ ‬الذاتية‭ ‬والفاعلية‭ ‬الدولية،‭ ‬والفكاك‭ ‬من‭ ‬‮«‬عقد‭ ‬النقص‮»‬‭ ‬و«جلد‭ ‬الذات‮»‬‭! ‬وتحريك‭ ‬المسارات‭ ‬المستقبلية‭ ‬كلها‭ ‬معاً،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬القوة‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬والتي‭ ‬طال‭ ‬أمد‭ ‬ركونها‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬السلبية‭ ‬والتمزق‭ ‬والصراعات‭ ‬والأزمات،‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تأتي‭ ‬حلولها‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الخارج‭ ‬وإنما‭ ‬لن‭ ‬يحك‭ ‬الجلد‭ ‬العربي‭ ‬إلا‭ ‬الظفر‭ ‬العربي‭!‬

{‭ ‬أمة‭ ‬تحمل‭ ‬كل‭ ‬مواصفات‭ ‬القوة‭ ‬‮«‬المهدرة‮»‬‭ ‬كالأمة‭ ‬العربية‭ ‬لن‭ ‬تلوم‭ ‬إلا‭ ‬نفسها‭ ‬إن‭ ‬استمرت‭ ‬في‭ ‬هدر‭ ‬طاقاتها‭ ‬وإمكانياتها،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬طويلاً‭! ‬الذي‭ ‬ينقصها‭ ‬أن‭ ‬تدرك‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬قيمة‭ ‬نفسها‭ ‬وتاريخها‭ ‬وحضارتها‭ ‬وقيمها،‭ ‬وأن‭ ‬تمتلك‭ ‬الإرادة‭ ‬الجمعية‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬النفق‭ ‬المظلم‭ ‬الذي‭ ‬حشرت‭ ‬نفسها‭ ‬فيه،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تحشرها‭ ‬في‭ ‬ظلامه‭ ‬القوى‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الكبرى‭ ‬منذ‭ ‬بدايات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬تحديداً‭! ‬

والتوجه‭ ‬العالمي‭ ‬الجديد‭ ‬نحو‭ ‬تعدد‭ ‬القطبية‭.. ‬قادر‭ ‬وإن‭ ‬ببطء‭ ‬أن‭ ‬يفك‭ ‬عقدة‭ ‬تعالي‭ ‬تلك‭ ‬القوى‭ ‬الاستعمارية،‭ ‬بما‭ ‬يتيح‭ ‬للعرب‭ ‬فرصة‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬الذات،‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬استراتيجية‭ ‬جديدة،‭ ‬كانت‭ ‬الهم‭ ‬الأكبر‭ ‬لأغلب‭ ‬القادة‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وهم‭ ‬جميعاً‭ ‬يدركون‭ ‬الأزمات‭ ‬ويعرفون‭ ‬حلولها‭! ‬الباقي‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يبدأوا‭ ‬بالأخذ‭ ‬بالسبل،‭ ‬التي‭ ‬تحل‭ ‬أزماتهم،‭ ‬وتعيدهم‭ ‬إلى‭ ‬ميزان‭ ‬القوة‭! ‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا