العدد : ١٦٨٣٦ - السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٦ - السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

قمة جدة.. القاطرة العربية في زمن التحولات!

{‭ ‬حسب‭ ‬تراكم‭ ‬الخبرات‭ ‬فإنه‭ ‬ومنذ‭ ‬زمن‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬تعوّل‭ ‬كثيراً‭ ‬على‭ ‬قمم‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬لأسباب‭ ‬كثيرة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬جدة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬انعقدت‭ ‬الجمعة‭ ‬الماضية،‭ ‬بعد‭ ‬قمة‭ ‬الجزائر‭ ‬بنحو‭ ‬6‭ ‬أشهر،‭ ‬جاءت‭ ‬وقد‭ ‬تسلّمت‭ ‬السعودية‭ ‬رئاستها،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تحولات‭ ‬كثيرة‭ ‬شهدتها‭ ‬بلاد‭ ‬الحرمين‭ ‬والمنطقة‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الأخيرة‭ ‬تحديداً،‭ ‬وقد‭ ‬انعقدت‭ ‬فيها‭ ‬قمتان‭ ‬كبيرتان،‭ ‬الأولى‭ ‬قمة‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬وفي‭ ‬ظلها‭ ‬اجتماع‭ ‬عربي،‭ ‬والثانية‭ ‬قمة‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬‮«‬شي‭ ‬جينبينغ‮»‬،‭ ‬وأيضا‭ ‬بحضور‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬والرؤساء‭ ‬العرب،‭ ‬ولكأن‭ ‬السعودية‭ ‬وضعت‭ ‬نصب‭ ‬عينيها‭ ‬مرحلة‭ ‬التحوّلات‭ ‬العالمية‭ ‬الكبرى،‭ ‬لقيادة‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬لاحتلال‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬يليق‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬التحولات،‭ ‬وحسب‭ ‬رؤية‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‮»‬،‭ ‬حول‭ ‬بناء‭ ‬‮«‬شرق‭ ‬أوسط‭ ‬جديد‮»‬‭ ‬تكون‭ ‬الأولوية‭ ‬فيه‭ ‬للأمن‭ ‬والتنمية‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬وتصفير‭ ‬الصراعات‭ ‬والنزاعات‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ككل‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬يتفاءل‭ ‬الكثيرون،‭ ‬بأن‭ ‬القاطرة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬التحولات‭ ‬العالمية،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬بدورها‭ ‬إلى‭ ‬محطة‭ ‬الأمان،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬تعرّضت‭ ‬له‭ ‬هذه‭ ‬القاطرة‭ ‬من‭ ‬عراقيل‭ ‬وتعثرات‭ ‬ومخططات‭ ‬نسف‭ ‬وإزالة‭!‬،‭ ‬ولكن‭ ‬‮«‬الرؤية‭ ‬السعودية‭ ‬الجديدة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬عملت‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬التمهيد‭ ‬لرؤية‭ ‬عربية‭ ‬جديدة‭!‬،‭ ‬وهي‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬الأمن‭ ‬لها‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬محيطها‭ ‬العربي،‭ ‬وأن‭ ‬التنمية‭ ‬فيها‭ ‬تحتاج‭ ‬بدورها‭ ‬إلى‭ ‬مشاركة‭ ‬تنموية‭ ‬عربية،‭ ‬وأن‭ ‬الازدهار‭ ‬والنهوض‭ ‬العربي‭ ‬مترابطان‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬كبير،‭ ‬ولذلك‭  ‬لابدّ‭ ‬قبل‭ ‬البدء‭ ‬من‭ ‬نزع‭ ‬فتيل‭ ‬الصراعات‭ ‬والأزمات‭ ‬العربية‭ ‬بأيد‭ ‬عربية،‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬التدخلات‭ ‬الخارجية،‭ ‬والإرهاب‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬المليشيات‭ ‬الخارجة‭ ‬عن‭ ‬السيطرة،‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬روح‭ ‬التضامن‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مختلف‭ ‬عما‭ ‬سبقه‭!‬،‭ ‬وحماية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬بفلسفة‭ ‬مختلفة‭ ‬عمّا‭ ‬سبقها‭! ‬وهذا‭ ‬وغيره‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬جدّة‮»‬‭ ‬الأخير،‭ ‬وفي‭ ‬‮«‬إعلان‭ ‬جدة‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬بدوره‭ ‬ذكرّنا‭ ‬‮«‬بإعلان‭ ‬جدّة‮»‬‭ ‬سابقاً‭ ‬حين‭ ‬ارتأى‭ ‬‮«‬التحالف‭ ‬الرباعي‮»‬‭ ‬فتح‭ ‬باب‭ ‬المصالحة‭ ‬والتقارب‭ ‬مع‭ ‬قطر،‭ ‬كبداية‭ ‬لتحولات‭ ‬تلك‭ ‬الرؤية‭!‬

{‭ ‬لابدّ‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬العراقيل‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تنتهي‭ ‬بسهولة،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬ظل‭ (‬الاتفاق‭ ‬السعودي‭/ ‬الإيراني‭) ‬وإعادة‭  ‬العلاقات،‭ ‬وعودة‭ ‬سوريا‭ ‬إلى‭ ‬حضن‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية،‭ ‬ومشاركة‭ ‬‮«‬بشار‭ ‬الأسد‮»‬‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬بعد‭ ‬غياب‭ ‬12‭ ‬عاماً،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الصراع‭ ‬الدائر‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬والملفات‭ ‬العربية‭ ‬الأخرى‭ ‬كالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وإعادة‭ ‬تأكيد‭ ‬مركزيتها‭ ‬كقضية‭ ‬عربية،‭ ‬وحلّها‭ ‬وفق‭ ‬الأسس‭ ‬السلمية‭ ‬والمبادرة‭ ‬العربية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الملف‭ ‬الليبي‭ ‬واليمني،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬ترابطاً‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الملفات،‭ ‬والسعي‭ ‬السعودي‭ ‬إلى‭ ‬وضعها‭ ‬على‭ (‬جدول‭ ‬التفعيل‭ ‬وإيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬العربية‭ ‬لها‭) ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬التدخلات‭ ‬الخارجية‭ ‬لأن‭ ‬قضية‭ ‬الأمن‭ ‬والتنمية‭ ‬والازدهار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬حلّ‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الملفات،‭ ‬إن‭ ‬أراد‭ ‬العرب‭ ‬لنفسهم‭ ‬نهوضاً،‭ ‬واحتلال‭ ‬المكانة‭ ‬اللائقة‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬خضّم‭ ‬التحولات‭ ‬العالمية،‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تنتظر‭ ‬أحداً،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يبادر‭ ‬إلى‭ ‬تقوية‭ ‬نفسه‭ ‬وحلّ‭ ‬مشاكله‭ ‬وصراعاته‭!‬

{ والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬تحتّل‭ ‬اليوم‭ ‬مكان‭ ‬المبادرة،‭ ‬فإنها‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ (‬التوازن‭ ‬والحياد‭) ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الصراع‭ ‬الدولي‭ ‬القائم‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬اليوم‭ (‬أمريكا‭ ‬وأوروبا‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬والصين‭ ‬وروسيا‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭) ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أهمية‭ ‬انتهاز‭ ‬الفرصة‭ ‬المتاحة‭ ‬للعرب‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬غيّرت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الموازين‭ ‬الدولية‭!‬،‭ ‬فإنه‭ ‬لابد‭ ‬للعرب‭ ‬من‭ ‬التقارب‭ ‬في‭ ‬الرؤية،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الاتفاق‭ ‬والوحدة‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬متاحين‭ ‬حالياً‭ ‬فيما‭ ‬يدور‭ ‬من‭ ‬صراعات‭ ‬وتحديات‭ ‬وتحولات‭! ‬وعلى‭ ‬أساس‭ ‬إطفاء‭ ‬الحرائق‭ ‬العربية،‭ ‬أولاً،‭ ‬وبما‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬الواقعية‭ ‬السياسية،‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الشعارات‭ ‬العاطفية‭ ‬والمشاحنات‭ ‬العربية‭! ‬لإنقاذ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إنقاذه،‭ ‬والبناء‭ ‬عليه،‭ ‬رغم‭ ‬الانتقادات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬توجيهها‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المعارضة‭ ‬السورية‭ ‬حول‭ ‬عودة‭ ‬سوريا‭ ‬و«بشار‭ ‬الأسد‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة‭ ‬والقمة‭ ‬العربية‭! ‬ورغم‭ ‬استغراب‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬حضور‭ ‬الرئيس‭ ‬الأوكراني‭ ‬‮«‬زيلينسكي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬القمة‭! ‬ولكن‭ ‬رؤية‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي‭ ‬بتصفير‭ ‬الصراعات‭ ‬العربية،‭ ‬تتطلب‭ ‬تغيير‭ ‬الرؤية‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬الأزمات‭ ‬العربية‭ ‬والأزمات‭ ‬الدولية‭ ‬المؤثرة‭ ‬على‭ ‬العرب‭! ‬ماذا‭ ‬نتج‭ ‬وماذا‭ ‬سينتج‭ ‬عن‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬جدة‮»‬،‭ ‬نترك‭ ‬ذلك‭ ‬لوقفة‭ ‬أخرى‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا