العدد : ١٦٨٤٨ - الخميس ٠٩ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٨ - الخميس ٠٩ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

تحديات تواجه السلطة الرابعة!

{‭ ‬3‭ ‬مايو‭ ‬مرّت‭ ‬مناسبة‭ ‬‮«‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لحرية‭ ‬الصحافة‮»‬‭ ‬و7‭ ‬مايو‭ ‬هو‭ ‬‮«‬يوم‭ ‬الصحافة‭ ‬البحرينية‮»‬‭ ‬مناسبتان‭ ‬متزامنتان‭ ‬تقريبا،‭ ‬تعبّران‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬السلطة‭ ‬الرابعة‭ ‬ومنتسبيها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ككل،‭ ‬وسط‭ ‬تحديات‭ ‬جديدة‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬‮«‬الصحافة‭ ‬الورقية‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬وسَّعنا‭ ‬مدارك‭ ‬التعريف،‭ ‬بأن‭ ‬سلطة‭ ‬الرأي‭ ‬الحر‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مقيّدة‭ ‬اليوم،‭ ‬بالصحافة‭ ‬الورقية،‭ ‬وإنما‭ ‬اتسع‭ ‬مجالها‭ ‬الإعلامي‭ ‬مع‭ ‬الثورة‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والفضاءات‭ ‬الإعلامية‭ ‬الواسعة،‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تقييدها‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬قبل‭ ‬عقود‭ ‬قليلة‭ ‬مضت‭!‬

{‭ ‬الصحافة‭ ‬والإعلام‭ ‬بشكليهما‭ (‬التقليدي‭ ‬والجديد‭) ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬متطلباتهما‭ ‬كما‭ ‬السابق،‭ ‬وبذات‭ ‬العناوين‭ ‬حول‭ ‬الحرية‭ ‬والرأي‭ ‬والتعبير،‭ ‬وضمان‭ ‬صوت‭ ‬تلك‭ ‬الحرية‭ ‬فقط،‭ ‬لأن‭ ‬‮«‬الفضاء‭ ‬الإلكتروني‭ ‬المفتوح‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬يتيح‭ ‬من‭ ‬الحريات‭ ‬مساحة‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬تتيحه‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبة‭ ‬الصحفية‭ ‬في‭ ‬إطارها‭ ‬القديم،‭ ‬حتى‭ ‬تحوّل‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬بحرياته‭ ‬المتاحة‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬واسعة،‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬التي‭ ‬تجتمع‭ ‬فيها‭ ‬دكاكين‭ ‬الرأي‭ ‬من‭ ‬غث‭ ‬وسمين‭! ‬ولكنها‭ ‬بدورها‭ ‬الحريات‭ ‬التي‭ ‬يتمّ‭ ‬تقييدها‭ ‬بأطر‭ ‬أخرى‭ ‬مختلفة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القائمين‭ ‬والممولين‭ ‬للمنصات‭ ‬والمواقع‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬القمع‭ ‬للرأي‭ ‬العالمي‭ ‬ولا‭ ‬نقول‭ ‬المناطقي‭ ‬أو‭ ‬المحلّي،‭ ‬يتم‭ ‬تفعيله‭ ‬بمن‭ ‬يمتلك‭ ‬تلك‭ ‬المنصات‭ ‬والمواقع‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬فيتم‭ ‬حذف‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يتماشى‭ ‬مثلا‭ ‬مع‭ ‬سياسات‭ ‬‮«‬الحكومة‭ ‬الخفيّة‮»‬‭ ‬وأقرب‭ ‬مثال‭ ‬لذلك‭ ‬حذف‭ ‬كثير‭ ‬مما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬ومواضيع‭ ‬أخرى‭ ‬تكشف‭ ‬سياسات‭ ‬قوى‭ ‬كبرى،‭ ‬وكلنا‭ ‬نتذكر‭ ‬حين‭ ‬تم‭ ‬إيقاف‭ ‬حساب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬على‭ ‬منصبة‭ ‬التويتر‭ ‬لحسابات‭ ‬سياسية‭ ‬لا‭ ‬صلة‭ ‬لها‭ ‬بحرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير‭! ‬وتلك‭ ‬كانت‭ ‬مفارقة‭ ‬كاشفة‭ ‬لحقيقة‭ ‬الادعاء‭ ‬الغربي،‭ ‬باحترام‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬صحفي‭ ‬أو‭ ‬إعلامي‭ ‬مع‭ ‬تداخل‭ ‬متطلبات‭ ‬المهنة‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬الدور‭ ‬التوعوي‭ ‬والتنويري‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الصغير،‭ ‬والمجتمع‭ ‬العالمي،‭ ‬مرّ‭ ‬ويمرّ‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬العراقيل‭ ‬والتهديدات،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬تزايد‭ ‬عدد‭ ‬الصحفيين‭ ‬وأصحاب‭ ‬الرأي‭ ‬الذين‭ ‬يتم‭ ‬اغتيالهم‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬غامضة،‭ ‬أو‭ ‬يتم‭ ‬تهميشهم‭ ‬أو‭ ‬إعاقة‭ ‬دورهم‭ ‬في‭ ‬إيصال‭ ‬الرأي‭ ‬المستقل‭! ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الصحافة‭ ‬والإعلام‭ ‬في‭ ‬إطارهما‭ ‬التقليدي‭ ‬لا‭ ‬يزالان‭ ‬هما‭ ‬المنصّة‭ ‬الأكثر‭ ‬مصداقية‭ ‬لإيصال‭ ‬الأخبار‭ ‬الصحيحة‭ ‬المعتمدة،‭ ‬والرأي‭ ‬الملتزم‭ ‬بالمهنية‭ ‬الصحفية‭ ‬والإعلامية،‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬الإعلام‭ ‬والصحافة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬المجهولة‭ ‬مصادرها‭ ‬أحياناً‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان،‭ ‬والتابعة‭ ‬لسياسات‭ ‬دول‭ ‬بعينها‭ ‬أحياناً‭ ‬أخرى،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬تناقل‭ ‬الأخبار‭ ‬والأحداث‭ ‬والآراء‭ ‬متناقضة‭ ‬وتعتمد‭ ‬الإثارة‭ ‬وربما‭ ‬بثّ‭ ‬الفتن‭! ‬معتمدة‭ ‬على‭ ‬جعل‭ ‬الرأي‭ ‬مصدراً‭ ‬لكل‭ ‬ذلك،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مصدراً‭ ‬لنشر‭ ‬المعلومات‭ ‬الصحيحة،‭ ‬وبشكل‭ ‬نزيه‭ ‬ومستقل‭! ‬وهذا‭ ‬يدّل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الحريات‭ ‬وحرية‭ ‬الرأي‭ ‬هي‭ ‬محط‭ ‬تلاعب‭ ‬كبير‭ ‬أيضاً‭!‬

{‭ ‬كل‭ ‬المجتمعات‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬لديها‭ ‬خطوط‭ ‬حمراء‭ ‬تتعلق‭ ‬بأمنها‭ ‬القومي‭!‬،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الخطوط‭ ‬الحمر‭ ‬والأخرى‭ ‬البيضاء‭ ‬أو‭ ‬الخضراء،‭ ‬يتم‭ ‬الخلط‭ ‬بحيث‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬قمع‭ ‬آراء‭ ‬توعوية‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬المجتمع،‭ ‬ولكنها‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬بعض‭ ‬‮«‬المتنفذين‮»‬‭ ! ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬والدول‭ ‬الصغيرة،‭ ‬وفي‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬خارطة‭ ‬الحريات‭ ‬والديمقراطية‭ ‬والحقوق‭ ‬باعتبارها‭ ‬معقلاً‭ ‬لها،‭ ‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأقل‭ ‬ديمقراطية‭ ‬والأقل‭ ‬مراعاة‭ ‬للحقوق‭ ‬والحريات‭ ‬سواء‭ ‬بسواء‭! ‬فدول‭ ‬مثل‭ ‬أمريكا‭ ‬ودول‭ ‬أوروبية،‭ ‬يعاني‭ ‬أيضاً‭ ‬أصحاب‭ ‬الرأي‭ ‬المستقلين‭ ‬من‭ ‬معوقات‭ ‬وعراقيل،‭ ‬رغم‭ ‬توفير‭ ‬الحرية‭ ‬لبعض‭ ‬الآراء‭ ‬بما‭ ‬يصبّ‭ ‬مثلاً‭ ‬في‭ ‬ازدراء‭ ‬الإسلام‭ ‬أو‭ ‬أعراق‭ ‬أخرى،‭ ‬هي‭ ‬مسجلّة‭ ‬كأسطوانة‭ ‬حرية‭ ‬تعبير‭ ‬فيما‭ ‬هي‭ ‬مليئة‭ ‬بخطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬والانتقاص‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬دينه‭ ‬وهويته‭! ‬مثال‭ ‬آخر‭ ‬يتم‭ ‬فيه‭ ‬حماية‭ ‬ممارسات‭ ‬لا‭ ‬إنسانية‭ ‬ولا‭ ‬أخلاقية‭ ‬وجرائم‭ ‬حرب‭ ‬سواء‭ ‬لدول‭ ‬كبرى‭ ‬أو‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وأن‭ ‬يتم‭ ‬القمع‭ ‬إما‭ ‬بحجّة‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬لتلك‭ ‬الدول،‭ ‬أو‭ ‬بحجة‭ ‬‮«‬معاداة‭ ‬السامية‮»‬‭ ‬فيما‭ ‬الأصل‭ ‬هو‭ ‬حماية‭ ‬الممارسات‭ ‬السياسية‭ ‬الإجرامية‭ ‬لتلك‭ ‬الأطراف‭! ‬وكذلك‭ ‬نشر‭ ‬آراء‭ ‬متعمدة‭ ‬لإثارة‭ ‬الفتن‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مستهدفة‭!‬

{‭ ‬هكذا‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬حرية‭ ‬الصحافة‭ ‬والسلطة‭ ‬الرابعة،‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬لم‭ ‬تستقر‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬سليمة‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬والأكثر‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تستقر‭ ‬فيها‭ ‬قيم‭ ‬الحريات‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير،‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬الضمانات‭ ‬لترسيخ‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬والإعلام،‭ ‬هي‭ ‬قيد‭ ‬سياسات‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬توجهاتها‭ ‬ومتطلباتها،‭ ‬ما‭ ‬يُعرّض‭ ‬الرأي‭ ‬وحرية‭ ‬التعبير‭ ‬لتلاعبات‭ ‬تلك‭ ‬السياسات‭! ‬مع‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬السلطة‭ ‬الرابعة‮»‬‭ ‬سلطة‭ ‬حقيقية،‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬كشف‭ ‬كل‭ ‬أوراق‭ ‬العبث‭ ‬بمصالح‭ ‬الأوطان‭ ‬ومصلحة‭ ‬العالم‭ ‬ككل،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتعرّض‭ ‬لقمع‭ ‬أو‭ ‬تلاعب،‭ ‬وإلا‭ ‬تكون‭ ‬غير‭ ‬قائمة‭ ‬بدورها‭ ‬التوعوي‭ ‬الحقيقي‭!‬،‭ ‬وغير‭ ‬مُصانة‭ ‬بالمنظومات‭ ‬القانونية‭ ‬المتطورة،‭ ‬التي‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬حبر‭ ‬على‭ ‬ورق‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭ ‬ككل،‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدول‭ ‬‮«‬منفردة‮»‬‭ ‬فقط‭! ‬وما‭ ‬بين‭ ‬الشعارات‭ ‬والتنفيذ‭ ‬تكمن‭ ‬عادة‭ ‬التفاصيل‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا