الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
استوقفتني آية في سورة «الكهف»
كثيرا ما نحرص على قراءة سورة الكهف في القرآن الكريم، في يوم الجمعة من كل أسبوع، اتباعا لهدي رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، لنيل فضل سورة الكهف.. وفي كل مرة نقرأ هذه السورة نكتشف أمورا جديدة فيها، ونجد في كتب التفسير إضاءات جميلة عنها.
الأسبوع الماضي استوقفتني الآيات التي تحكي قصة سيدنا موسى عليه السلام مع سيدنا الخضر عليه السلام، وكنت أتساءل عن سر المواقف الثلاثة التي مر بها؟ ولماذا هي تحديدا؟ ولماذا لم تكن هناك غير تلك المواقف بالذات؟ ووجدت في بعض كتب التفسير أن المقصد الإلهي في تلك المواقف إشارة مطابقة لذات المواقف التي مرت في حياة سيدنا موسى عليه السلام.
الموقف الأول، كان حينما خرق الخضر السفينة، وكان استغراب سيدنا موسى من هذا الأمر، قال تعالى: (فَانطَلَقا حَتّى إِذا رَكِبا فِي السَّفينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقتَها لِتُغرِقَ أَهلَها لَقَد جِئتَ شَيئًا إِمرًا)، ومن يتأمل في هذا الموقف يجد أن سيدنا موسى حينما كان رضيعا ألقته أمه في البحر ولم يغرق، بعناية الله وتدبيره.. وكأنها إشارة إلى أن الله الذي أنقذ موسى في البحر لأمر معين، هو من أنقذ أهل السفينة في البحر لأمر معين اتضح بعد ذلك.
الموقف الثاني، كان حينما قتل سيدنا الخضر الطفل، وكان استنكار سيدنا موسى أشد وأكبر، قال تعالى: (فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا)، ومن يتأمل في هذا الموقف يجد أن سيدنا موسى حينما كبر وأصبح شابا قويا قتل أحد الأشخاص، وكان تدبير الله تعالى أن يخرج موسى من القرية التي هو فيها، وكان الخير والفرج بانتظاره.
الموقف الثالث، كان حينما قام سيدنا الخضر بإعادة بناء الجدار في بيت الغلمان من دون أن يأخذ أجرا أو مقابل، على الرغم من أن أهل تلك القرية رفضوا أن يطعموهما، قال تعالى: ( فانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا)، ومن يتأمل في هذا الموقف يجد أن سيدنا موسى مر بمثل هذا الموقف في حياته، حينما سقى للمرأتين دونما مقابل، حين وجدهما أمام البئر، فكان تدبير الله تعالى أن تبدأ مسيرة جديدة في حياة سيدنا موسى بعد هذا الموقف.
الأستاذة «فوزية رشيد» كتبت منذ أيام في مقالها المنشور بأخبار الخليج مقالا في غاية الروعة بعنوان: (الخارطة الذهنية في سورة الكهف والسر الإلهي).. واستوقفتها أربعة مواقف قصص في سورة الكهف، وهي: قصة أصحاب الكهف، وقصة صاحب الجنتين، وقصة موسى والخضر، وقصة ذي القرنين.. وكيف تكون النجاة في هذه الحياة من فتنة الدين، وفتنة المال، وفتنة العلم، وفتنة السلطة أيا كان شكلها وصورتها.
فيا سبحان الله في هذا الإعجاز الرباني والتصريف الإلهي، ويا لها من سورة عظيمة، نكتشف في كل مرة خبايا وأسرارا، سيظل العقل البشري عاجزا عن استكمال كل الخير فيها.
تبقى مسألة أخيرة واجبة الإشارة، وهي أن كثيرا منا قد وفقه الله تعالى ختم قراءة القرآن الكريم كاملا خلال شهر رمضان المبارك، ومن الأهمية بمكان أن نحرص على المواصلة في قراءة القرآن وختمه قدر الإمكان في أي فترة محددة، مهما طالت.
وليبقَ القرآن الكريم معجزة الكون.. ولتبقَ أسرار الإعجاز في سورة الكهف وكل السور من العلم الذي لا ينضب.. «وما أوتيتم من العلم إلا قليلا».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك