عالم يتغير
فوزية رشيد
الخارطة الذهنية لسورة الكهف والدرس الإلهي!
{ أغلب المسلمين يقرأون «سورة الكهف» كل جمعة، لأهميتها وقيمتها النورانية للإنسان بين جمعة وأخرى، ونحن في نهايات الشهر الفضيل ارتأيت أن نعرف هذه السورة من قرب ونقرأ خارطتها الذهنية، التي تتوزع بين 4 قصص تدور حول الفتن التي يمّر بها الإنسان في حياته، وهي (فتنة الدين) في قصة أهل الكهف! و(فتنة المال والولد) في قصة صاحب الجنتين! و(فتنة العلم) في قصة موسى والخضر! و(فتنة السلطة) في قصة «ذو القرنين» ووسط السورة يظهر أن «إبليس» محرّك خيوط الفتنة (أفتتخذونه وذريته أولياء وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلاً) الآية 50 الكهف.
{ قصة أصحاب الكهف (فتنة الدين) قصة لشباب مؤمن كانوا يعيشون في بلدة كافرة، فعزموا على الهجرة والفرار بدينهم بعد مواجهة بينهم وبين قومهم! كافأهم الله برحمة الكهف ورعاية الشمس، لعدة مئات من السنين، حين استيقظوا وجدوا القرية كلها مؤمنة! لتتحوّل قصتهم حتى الوقت الراهن إلى نموذج لفتنة الدين، وقد ظنوا أنهم مكثوا في الكهف فقط يوماً أو بعض يوم! قصة تحمل في داخلها إعجاز قرآني حول أن دين الله باقٍ وينتشر!
{ قصة صاحب الجنتين (فتنة المال والولد) هي قصة رجل أنعم الله عليه بالمال والولد، فنسي واهب النعمة الله! فطغى وتجرأ على الشك في ثوابت الإيمان بالطعن والشك في البعث! ولم يحسن شكر النعمة رغم تذكرة صاحبه له! فعاقبه الله بهلاك الزرع والثمر، ليصاب بالندم حيث لا ينفع الندم!
{ في قصة موسى والخضر (فتنة العلم) عندما سئل «موسى» كما تروي كتب التفسير: من أعلم أهل الأرض؟! قال موسى: أنا، فأوحى الله إليه أن هناك من هو أعلم منه، فسافر ليتعلّم منه كيف أن «الحكمة الإلهية» قد تغيب أحياناً عن الناس، ولكن مدبّرها حكيم، ومحال أن يكون هناك شيء قد جاء أو حصل عبثاً!
{ في قصة «ذو القرنين» (فتنة السلطة) تروى الآيات قصة الملك العظيم الذي جمع بين العلم والقوة وطاف الأرض يساعد الناس وينشر الخير، وكيف تغلّب «ذو القرنين» على «يأجوج ومأجوج» ببناء السدّ، واستطاع توظيف طاقات قوم يكادون لا يفقهون قولاً! ليبيّن الله أن السلطة حين تقع في يد من يخشى الله، فإنها تنتج الخير والتغلب على كل الصعاب بتوظيف طاقات من حوله!
{ في السورة هناك إشارات واضحة لقوارب النجاة من الفتن تبدأ بمعرفة حقيقية الدنيا، والصحبة الصالحة، والدعوة إلى الله، والتواضع، والإخلاص، وتذكّر الآخرة، وأن كل شيء يحدث وراءه حكمة إلهية قد لا يفقها كثير من الناس!
وحول معرفة حقيقة الدنيا يقول تعالى: (واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدراً) الكهف الأية (٤٥).
ولذلك فخير معين في حياة الفتن هي الصحبة الصالحة (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تُطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً) الكهف الأية (٢٨).
{ ستبقى الفتن الأربع وغيرها من الفتن جزءاً من مكابدات الإنسان في هذه الدنيا، فهناك من يعبد غير الله (فتنة الدين)! وهناك من يفتن نفسه بالمال فيصبح معبوده (فتنة المال)! وهناك من يعتقد أنه أكثر الناس علماً، أو أنه يسيء استخدام العلم سواء الدنيوي أو الديني (فتنة العلم)! وهناك من يمارس السلطة لظلم العباد ولا يدرك حجم المسؤولية التي يتحملّها أمام الله (فتنة السلطة)! لتصبح هذه السورة (الكهف) التي وصّى الرسول الأعظم بقراءتها كل جمعة، تذكرة للإنسان من الفتن الأربع وغيرها! ونوراً ينير طريقه حين يتدبّر آيات السورة وقصصها، فيعرف حقيقة الدنيا الزائلة، وأن قوارب النجاة من فتنها بيده إن فهم «الدرس الإلهي» في سورة الكهف! وفي آخر الزمان ستظهر كل تلك الفتن بكثرة ومنها يتعوّذ المسلمون من فتنة الدجّال!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك