الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
السودان.. «كل حزب بما لديهم فرحون»..!!
أليس غريبا ومثيرا أنه في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة العربية الكثير من مبادرات المصالحة وعودة العلاقات، وإنهاء الخلافات والصراعات، التوجه إلى الأمن والاستقرار، يفاجئ المواطن العربي بالاشتباكات بين القوات والجيش في جمهورية السودان الشقيقة..؟؟
هل محكوم على المنطقة العربية، دولا وشعوبا، ألا تستقر ولا تهدأ؟ هل هناك من لا يريد للمنطقة أن تسكن وتعمل وتتجه نحو الإنجاز والتنمية؟ هل بعض أفراد وأحزاب في الدول العربية امتهنت خلق الأزمات وافتعال المشكلات كي تعيش عليها وتقتات؟
ما يحصل في السودان اليوم، ليس وليد لحظة، لكنه نتيجة لمقدمات كانت واضحة وصريحة، جراء أوضاع غير سليمة، ولا تتسق مع أي دولة لديها قانون ونظام ومؤسسات عسكرية وأمنية، رسمية ونظامية، واحدة وموحدة.
في فبراير الماضي كتب الخبير السوداني محمد المبارك حول مستقبل السودان، وتنبأ بالأمر الذي يحصل اليوم، حيث قال: هنالك نظرة تشاؤمية للمستقبل، وخاصة في ظل بعض الحركات العسكرية والكيانات الحزبية، حيث تعمل على توطيد وتمكين نفسها، تبعا لمصالحها الخاصة في النفوذ والتسلط، بأي سبيل حتى لو بقوة السلاح، بينما تضيع الأكثرية الكاثرة بين هذه وتلك!
يخشى البعض أن تبوء محاولات التضامن ولمّ الشمل السوداني بفشل ذريع مرة بعد مرة، لكثرة طلاب السياسة والمنشغلين بها، حتى غدت أقرب إلى المرض أو الهاجس عند الكثير من الناس، ذلك الذي يصرفهم عن التوجه إلى العمل المضني النشط، والإنتاج النوعي المثمر، والتنمية الإبداعية الوثَّابة، في كثير من الدول «النامية».
وفي ظل غلاء المعيشة وتفاقم التدهور الاقتصادي، يتوق معظم الناس بالطبع إلى الخروج من هذه «الطامة الكبرى» بأي طريق، ويأملون أن يتحقق ذلك عبر تقديم التنازلات والمُداراة، والحكمة والصبر، وإلا سيخسر الجميع لا محالة..!
هنالك استياء عام في الشارع السوداني، من تجمد وتعنت ولجاجة بعض «القادة والزعماء»، وعدم نيتهم الخالصة في الوصول إلى حلول وسطى ترضي الجميع توافقا ومواءمة، ولو إلى حين، حتى تُجرى الانتخابات، وتفوِّض غالبية الشعب من يحكم.
الشدة والحدة، والتحدي والتعدي، كل ذلك لا يأتي بخير.. والسودان بعديد انتماءاته وتحدياته، والأكثرية الحائرة فيما يجري، فإن غاية المبتغى نرجو ونأمل أن يثوب الكل إلى رشده، ويقدم تنازلات عاجلة وفاصلة، حتى يواصل الناس المسير إلى العبور في هذه البلاد الأبية بأهلها، والغنية بمواردها، التي تشغل بال العالم بأسره وفقا لحاجاته المستقبلية التي لا غنى عنها، كقدرتها على تحقيق الأمن الغذائي لكثير من الدول على سبيل المثال، إذا ما وُظفت طاقاتها وإمكاناتها الهائلة على نحو أمثل وأمين للمصلحة العامة داخل البلاد وخارجها.
السودان ومنذ «الاستقلال» تعاقبت عليه عديد من الحكومات (52 سنة حكما عسكريا، مقابل 12 سنة حكما مدنيا)، ولم تكن موفقة في أكثر توجهاتها؛ استعدادا وإدارة وإنجازا، جراء أسباب كثيرة منها الداخلية والخارجية، والصراعات الحزبية والإقليمية، والمكايدات الفئوية، والنعرات القبلية والطائفية، وغير ذلك من انقسامات مريرة، معلنة وغير معلنة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، «كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَديْهِمْ فَرِحُونَ».. وهذا بالتمام هو أساس مشكلة السودان في الماضي والحاضر والمستقبل.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك