عالم يتغير
فوزية رشيد
المدارس الباطنية والشرك!
{ اتجاهاتٌ فلسفيَّةٌ أو عقديَّة اتخذت لنفسِها (ألبسةً دينية)، فيما هي في حقيقتها ترنو إلى الاتصالِ بقوى الطبيعة والأشخاص المكتسبين لتلك القوى، وبأساليب تختلط فيها الرموزُ السحرية لتنتهي في النهاية إلى الإلحاد والشرك! وبالتالي طقوسها لا تختلف عن طقوس السحر بل تشتبك معها وهناك عديد من الأنساق الباطنية (بما يتفرع عنها من مدارس) مثل «اليوغا» و«الريكي» في الهند، و«الطاوية» في الصين، و«الزن» في اليابان، و«القابالا» في الكيان الصهيوني وأوروبا وأمريكا، و«التصوف المتطرّف» في العالم الإسلامي! وحيث يجمع (اليوغا والريكي والطاوية والزن ومعه الزازان) أصول ذات المنطلق العقدي الواحد وهو «البوذية»! ولكنها (تختلف في بعض المنطلقات الفرعية، وفي الأسماء التي تعطي للخط النهائي من الممارسة البوذية)! وفي ذلك تفاصيل كثيرة كما يطرح «د. محمد عزيز الوكيلي» في كتابه حول «المدارس الباطنية».
{ أصحاب تلك المدارس خاصة الآسيوية، يؤمنون بالتناسخ وبالتقمص، بما يعني (عودة الأرواح إلى الأرض بعد الموت في أجساد أخرى مرات متعددة، حتى يصبح الإنسان مؤهلاً للصعود إلى مستويات أعلى من الوجود! وينتهي الصعود التطهيري بالفناء في الذات الكلية!، أي «النيرفانا»، وبذلك يتم استبدال «الجنة» بالوصول على الأرض إلى مستويات روحانية عليا! فيما يتم استبدال «جهنم» بعودة الأرواح إلى هذا الوجود المادي والتجسّد في عالمه الأليم الشقي! هكذا هم ينفون (من النفي) المتطور الإلهي للعقاب والثواب وللجنة والنار، يجعلها أحداثا أرضية! ولكأن سيرورتهم «العقدية» هي جعل أنفسهم في النهاية ذوي سلطات وقدرات «خرافية» تتوحد مع «الذات العليا»! وفي نظرهم الذات العليا هي قوة الطبيعة والوعي الكوني، بعد تجريدهما من القوة الإلهية، التي وضعوا لها أسماء أخرى وتمارين باطنية! بما يعني الدخول مباشرة في (الإلحاد والشرك)! وقلب كل معادلات «قصة الخلق الإلهية» وتحطيم الرسالات والأنبياء والرسل الذين اصطفاهم الله! لأنهم يصلون إلى (هدف معاكس) وهو أن الوحي في متناول كل البشر! وبذلك لا توجد مسافة بين (اللاهوت والناسوت) أي بين الله والبشر!، لأن مقولتهم «العقدية» تصل إلى الاتحاد بين الله والبشر حسب رؤية «وحدة الوجود»! ولأن المقام هنا لا يتسع للدخول في التفاصيل، فخليط الترميز السحري أو الرموز السحرية، والنطق بأسماء الآلهة البوذية (oum) والتمارين التأملية المتدرجة، بعد فتح مراكز الطاقة (الشكرات) في الإنسان، تجعل الإنسان في تلك المعتقدات والفلسفات، يصل إلى «عبادة الذات والأسلاف» وليس عبادة الله! هو إذا باختصار قلب معادلة الخلق الإلهية، والهدف من الوجود الإنساني في هذه الحياة، برؤية مادية تتجسد فيها الآلهة في الذات! والمهم اتباع الوسائل للوصول إلى تلك الذات وليس إلى الله!
{ هؤلاء أصحاب تلك الفلسفات الباطنية يعتقدون (بوحدة الوجود) بين الإنسان والحيوان والجن والملائكة والطبيعة والكواكب والنجوم والأفلاك والخالق! ولكنه ليس الخالق الذي يعرفه المسلمون وأصحاب الدين كما نزل على الأنبياء والرسل، وإنما هو قوة الطبيعة كما أشرنا! ولذلك يتم استخدام الرموز السحرية والتنجيم للوصول إلى الظواهر النفسية الخارقة! أو إلى العالم الباطني المدمج برموز السحر الذي رفضه الله!
{ بين هؤلاء وبين المتصوفة الذين يغالون في تصوفهم يوجد تشابه واضح بين رؤاهم ورؤى «الفلسفات الآسيوية» وأهمها «البوذية والطاوية»! فالمتصوفة يوضحون بدورهم المرتبات والصفات التي يسبغونها على الأقطاب والأبدال والأوتاد، في بعض مدارسهم، فيجعلونهم يتجاوزون مرتبة النبوّة! ويجعل بعضهم لنفسه علاقة مباشرة بالخالق تصل إلى الشراكة!
{ وللغرابة تنتشر فلسفة (اليوغا والريكي) وغيرها من المدارس الفرعية للبوذية في البلاد العربية والإسلامية، دون أن يدرك الممارسون لتمارينها ورموزها وتأملاتها أنهم قد دخلوا في (معتقد آخر يخالف دينهم الإسلامي)! وأنهم يمارسون (طقوساً سحرية وشركية وإلحادية)! وهم يعتقدون أنها مجرد تمارين للتأمل والطاقة! من دون أن يعرفوا حقيقة تلك التمارين وأصولها الفلسفية والعقدية العميقة، باعتبارها ممارسات لدين آخر، يناقض تعاليم دينهم الإسلامي! وهذه المسألة قصة أخرى، قد تحتاج بدورها إلى وقفة أخرى!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك