العدد : ١٦٨٤٨ - الخميس ٠٩ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٨ - الخميس ٠٩ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

المدارس الباطنية والشرك!

{‭ ‬اتجاهاتٌ‭ ‬فلسفيَّةٌ‭ ‬أو‭ ‬عقديَّة‭ ‬اتخذت‭ ‬لنفسِها‭ (‬ألبسةً‭ ‬دينية‭)‬،‭ ‬فيما‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬حقيقتها‭ ‬ترنو‭ ‬إلى‭ ‬الاتصالِ‭ ‬بقوى‭ ‬الطبيعة‭ ‬والأشخاص‭ ‬المكتسبين‭ ‬لتلك‭ ‬القوى،‭ ‬وبأساليب‭ ‬تختلط‭ ‬فيها‭ ‬الرموزُ‭ ‬السحرية‭ ‬لتنتهي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬الإلحاد‭ ‬والشرك‭! ‬وبالتالي‭ ‬طقوسها‭ ‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬طقوس‭ ‬السحر‭ ‬بل‭ ‬تشتبك‭ ‬معها‭ ‬وهناك‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الأنساق‭ ‬الباطنية‭ (‬بما‭ ‬يتفرع‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬مدارس‭) ‬مثل‭ ‬‮«‬اليوغا‮»‬‭ ‬و«الريكي‮»‬‭ ‬في‭ ‬الهند،‭ ‬و«الطاوية‮»‬‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬و«الزن‮»‬‭ ‬في‭ ‬اليابان،‭ ‬و«القابالا‮»‬‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وأوروبا‭ ‬وأمريكا،‭ ‬و«التصوف‭ ‬المتطرّف‮»‬‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭! ‬وحيث‭ ‬يجمع‭ (‬اليوغا‭ ‬والريكي‭ ‬والطاوية‭ ‬والزن‭ ‬ومعه‭ ‬الزازان‭) ‬أصول‭ ‬ذات‭ ‬المنطلق‭ ‬العقدي‭ ‬الواحد‭ ‬وهو‭ ‬‮«‬البوذية‮»‬‭! ‬ولكنها‭ (‬تختلف‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المنطلقات‭ ‬الفرعية،‭ ‬وفي‭ ‬الأسماء‭ ‬التي‭ ‬تعطي‭ ‬للخط‭ ‬النهائي‭ ‬من‭ ‬الممارسة‭ ‬البوذية‭)! ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬تفاصيل‭ ‬كثيرة‭ ‬كما‭ ‬يطرح‭ ‬‮«‬د‭. ‬محمد‭ ‬عزيز‭ ‬الوكيلي‮»‬‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬حول‭ ‬‮«‬المدارس‭ ‬الباطنية‮»‬‭.‬

{‭ ‬أصحاب‭ ‬تلك‭ ‬المدارس‭ ‬خاصة‭ ‬الآسيوية،‭ ‬يؤمنون‭ ‬بالتناسخ‭ ‬وبالتقمص،‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ (‬عودة‭ ‬الأرواح‭ ‬إلى‭ ‬الأرض‭ ‬بعد‭ ‬الموت‭ ‬في‭ ‬أجساد‭ ‬أخرى‭ ‬مرات‭ ‬متعددة،‭ ‬حتى‭ ‬يصبح‭ ‬الإنسان‭ ‬مؤهلاً‭ ‬للصعود‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬الوجود‭! ‬وينتهي‭ ‬الصعود‭ ‬التطهيري‭ ‬بالفناء‭ ‬في‭ ‬الذات‭ ‬الكلية‭!‬،‭ ‬أي‭ ‬‮«‬النيرفانا‮»‬،‭ ‬وبذلك‭ ‬يتم‭ ‬استبدال‭ ‬‮«‬الجنة‮»‬‭ ‬بالوصول‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬روحانية‭ ‬عليا‭! ‬فيما‭ ‬يتم‭ ‬استبدال‭ ‬‮«‬جهنم‮»‬‭ ‬بعودة‭ ‬الأرواح‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الوجود‭ ‬المادي‭ ‬والتجسّد‭ ‬في‭ ‬عالمه‭ ‬الأليم‭ ‬الشقي‭! ‬هكذا‭ ‬هم‭ ‬ينفون‭ (‬من‭ ‬النفي‭) ‬المتطور‭ ‬الإلهي‭ ‬للعقاب‭ ‬والثواب‭ ‬وللجنة‭ ‬والنار،‭ ‬يجعلها‭ ‬أحداثا‭ ‬أرضية‭! ‬ولكأن‭ ‬سيرورتهم‭ ‬‮«‬العقدية‮»‬‭ ‬هي‭ ‬جعل‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬ذوي‭ ‬سلطات‭ ‬وقدرات‭ ‬‮«‬خرافية‮»‬‭ ‬تتوحد‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الذات‭ ‬العليا‮»‬‭! ‬وفي‭ ‬نظرهم‭ ‬الذات‭ ‬العليا‭ ‬هي‭ ‬قوة‭ ‬الطبيعة‭ ‬والوعي‭ ‬الكوني،‭ ‬بعد‭ ‬تجريدهما‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬الإلهية،‭ ‬التي‭ ‬وضعوا‭ ‬لها‭ ‬أسماء‭ ‬أخرى‭ ‬وتمارين‭ ‬باطنية‭! ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬الدخول‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ (‬الإلحاد‭ ‬والشرك‭)! ‬وقلب‭ ‬كل‭ ‬معادلات‭ ‬‮«‬قصة‭ ‬الخلق‭ ‬الإلهية‮»‬‭ ‬وتحطيم‭ ‬الرسالات‭ ‬والأنبياء‭ ‬والرسل‭ ‬الذين‭ ‬اصطفاهم‭ ‬الله‭! ‬لأنهم‭ ‬يصلون‭ ‬إلى‭ (‬هدف‭ ‬معاكس‭) ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬الوحي‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬كل‭ ‬البشر‭! ‬وبذلك‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬مسافة‭ ‬بين‭ (‬اللاهوت‭ ‬والناسوت‭) ‬أي‭ ‬بين‭ ‬الله‭ ‬والبشر‭!‬،‭ ‬لأن‭ ‬مقولتهم‭ ‬‮«‬العقدية‮»‬‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬بين‭ ‬الله‭ ‬والبشر‭ ‬حسب‭ ‬رؤية‭ ‬‮«‬وحدة‭ ‬الوجود‮»‬‭! ‬ولأن‭ ‬المقام‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬يتسع‭ ‬للدخول‭ ‬في‭ ‬التفاصيل،‭ ‬فخليط‭ ‬الترميز‭ ‬السحري‭ ‬أو‭ ‬الرموز‭ ‬السحرية،‭ ‬والنطق‭ ‬بأسماء‭ ‬الآلهة‭ ‬البوذية‭ (‬oum‭) ‬والتمارين‭ ‬التأملية‭ ‬المتدرجة،‭ ‬بعد‭ ‬فتح‭ ‬مراكز‭ ‬الطاقة‭ (‬الشكرات‭) ‬في‭ ‬الإنسان،‭ ‬تجعل‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المعتقدات‭ ‬والفلسفات،‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬عبادة‭ ‬الذات‭ ‬والأسلاف‮»‬‭ ‬وليس‭ ‬عبادة‭ ‬الله‭! ‬هو‭ ‬إذا‭ ‬باختصار‭ ‬قلب‭ ‬معادلة‭ ‬الخلق‭ ‬الإلهية،‭ ‬والهدف‭ ‬من‭ ‬الوجود‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة،‭ ‬برؤية‭ ‬مادية‭ ‬تتجسد‭ ‬فيها‭ ‬الآلهة‭ ‬في‭ ‬الذات‭! ‬والمهم‭ ‬اتباع‭ ‬الوسائل‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬الذات‭ ‬وليس‭ ‬إلى‭ ‬الله‭!‬

‭  ‬{‭ ‬هؤلاء‭ ‬أصحاب‭ ‬تلك‭ ‬الفلسفات‭ ‬الباطنية‭ ‬يعتقدون‭ (‬بوحدة‭ ‬الوجود‭) ‬بين‭ ‬الإنسان‭ ‬والحيوان‭ ‬والجن‭ ‬والملائكة‭ ‬والطبيعة‭ ‬والكواكب‭ ‬والنجوم‭ ‬والأفلاك‭ ‬والخالق‭! ‬ولكنه‭ ‬ليس‭ ‬الخالق‭ ‬الذي‭ ‬يعرفه‭ ‬المسلمون‭ ‬وأصحاب‭ ‬الدين‭ ‬كما‭ ‬نزل‭ ‬على‭ ‬الأنبياء‭ ‬والرسل،‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬قوة‭ ‬الطبيعة‭ ‬كما‭ ‬أشرنا‭! ‬ولذلك‭ ‬يتم‭ ‬استخدام‭ ‬الرموز‭ ‬السحرية‭ ‬والتنجيم‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الظواهر‭ ‬النفسية‭ ‬الخارقة‭! ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬الباطني‭ ‬المدمج‭ ‬برموز‭ ‬السحر‭ ‬الذي‭ ‬رفضه‭ ‬الله‭!‬

{‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬وبين‭ ‬المتصوفة‭ ‬الذين‭ ‬يغالون‭ ‬في‭ ‬تصوفهم‭ ‬يوجد‭ ‬تشابه‭ ‬واضح‭ ‬بين‭ ‬رؤاهم‭ ‬ورؤى‭ ‬‮«‬الفلسفات‭ ‬الآسيوية‮»‬‭ ‬وأهمها‭ ‬‮«‬البوذية‭ ‬والطاوية‮»‬‭! ‬فالمتصوفة‭ ‬يوضحون‭ ‬بدورهم‭ ‬المرتبات‭ ‬والصفات‭ ‬التي‭ ‬يسبغونها‭ ‬على‭ ‬الأقطاب‭ ‬والأبدال‭ ‬والأوتاد،‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مدارسهم،‭ ‬فيجعلونهم‭ ‬يتجاوزون‭ ‬مرتبة‭ ‬النبوّة‭! ‬ويجعل‭ ‬بعضهم‭ ‬لنفسه‭ ‬علاقة‭ ‬مباشرة‭ ‬بالخالق‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الشراكة‭!‬

{‭ ‬وللغرابة‭ ‬تنتشر‭ ‬فلسفة‭ (‬اليوغا‭ ‬والريكي‭) ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬الفرعية‭ ‬للبوذية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬الممارسون‭ ‬لتمارينها‭ ‬ورموزها‭ ‬وتأملاتها‭ ‬أنهم‭ ‬قد‭ ‬دخلوا‭ ‬في‭ (‬معتقد‭ ‬آخر‭ ‬يخالف‭ ‬دينهم‭ ‬الإسلامي‭)! ‬وأنهم‭ ‬يمارسون‭ (‬طقوساً‭ ‬سحرية‭ ‬وشركية‭ ‬وإلحادية‭)! ‬وهم‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنها‭ ‬مجرد‭ ‬تمارين‭ ‬للتأمل‭ ‬والطاقة‭! ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعرفوا‭ ‬حقيقة‭ ‬تلك‭ ‬التمارين‭ ‬وأصولها‭ ‬الفلسفية‭ ‬والعقدية‭ ‬العميقة،‭ ‬باعتبارها‭ ‬ممارسات‭ ‬لدين‭ ‬آخر،‭ ‬يناقض‭ ‬تعاليم‭ ‬دينهم‭ ‬الإسلامي‭! ‬وهذه‭ ‬المسألة‭ ‬قصة‭ ‬أخرى،‭ ‬قد‭ ‬تحتاج‭ ‬بدورها‭ ‬إلى‭ ‬وقفة‭ ‬أخرى‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا