عالم يتغير
فوزية رشيد
البحث عن سر وجود الإنسان!
{ لا هدف يسمو فوق معرفة الإنسان سر وجوده في الحياة، وأهم تلك الأسرار بعد معرفته لنفسه، هو سرّ تواصله مع خالقه وخالق الحياة والكون عبر العبادات والطاعات والأعمال الصالحة، وكما قال الرسول الأعظم، أفضل الصلوات عليه (آمن واستقم)! كلمتان فيهما سرّ العلاقة بين الإيمان والعمل الصالح، لأن الصلاح في قلب الإنسان هو النتاج الطبيعي للإيمان، ولأن الإيمان لا يأخذ تجسيده ومغزاه إلا بالعمل والسلوك في إطار الخير!
ونحن اليوم نستقبل أول أيام رمضان بنفحته الروحانية العالية، التي تجمع كل مسلمي العالم شرقاً وغرباً، ندرك أن الصيام أو الصوم وحده العبادة التي ثوابها عند الله من بين كل العبادات الأخرى!
{ وندرك أن كل سنن الله في خلقه وفي الطبيعة هي لصالح الإنسان والحياة، فالذي خلق وضع أعقد البرمجيات والأسرار التي قد يدركها العقل حينا، ولا يدركها حيناً آخر، لأنها في إطار العقل المحدود بماديته وبمحيطه، ولكنه يفقهها بالقلب الذي قال الله سبحانه عنه إن القلب الإنساني وحده وسعه بعد كل شيء آخر (وسعني قلب عبدي)! ولهذا فإن يوماً بعد يوم نرى الدلائل على الفارق بين سننّ الله في خلقه أو العلم الإلهي والعلوم الزائفة أو الشريرة أو الشيطانية، التي تعمل على إفساد تلك السنن أو الفطرة في الإنسان والطبيعة، وما ينتج عن تلك (البرمجة الشيطانية) للإنسان من كوارث صحية ونفسية وأخلاقية واجتماعية!
{ العلم على لسان علمائه أثبتوا بالتجربة فوائد الصوم ساعات طويلة، كالتي يصومها المسلم في رمضان كل عام على صحته وتجديد خلايا جسمه! وكثير منهم يدعون إلى الصوم من المنطلق الصحي البحت، فيما يجني المسلم ثمار صومه بما لا يخطر على بال أولئك العلماء، سواء بما وعده الله من حسن الجزاء، أو بما يجدّد به خلايا جسده بالصوم كل عام في رمضان! أو بما يكسبه من نفحات روحية يتواصل بها مع خالقه، وبما يفهمه من أسرار العبادات التي فرضها الله على المسلمين، والدين عند الله منذ خلق آدم وحتى يومنا هذا هو الإسلام!
{ هناك من يتربصّ بالعبادات ومنها الصوم في رمضان، وهؤلاء المتربصون محسوبون على الإسلام اسما، ولكنهم منساقون وراء دعوات التشكيك في الدين وشرائعه وشعائره، سواء عن قصد أو انسياق أعمى وراء الحملات الشيطانية ضد الإسلام تحديداً بحيث ما أن يهلّ هذا الشهر الكريم، حتى تمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي، بفيديوهات وتحليلات لمفكرين همهم الضرب في الإسلام وعباداته وبأي شكل! ويريدون أن يطفئوا نور الله ويأبى الله إلا أن يتم نوره كما وعد! ولذلك ورغم كل الحملات ضد الإسلام والمسلمين، فإن (الغرب يقف عاجزاً أمام معرفة سرّ أن الإسلام هو أكثر المعتقدات انتشاراً)! بل إنه وفي الوقت الذي يتخلّى بعض السذج المسلمين عن دينهم ومعرفة أسراره، يخرج في الخارج وفي الغرب من يتراجع عن إلحاده أو عن معتقده السابق، ليؤمن بأن القرآن هو الكتاب المعجزة وأنه رسالة الله إلى البشر وبه يدخل الإسلام! وهؤلاء علماء وقساوسة وحتى حاخامات ورياضيين ونجوم ومثقفين، أدركوا ما لم يدركه بعض المسلمين الذين يسيرون خلف قافلة الضلال، وهم يعتقدون أنهم أصحاب علم وثقافة وفكر!
{ قال مرة أحد زعماء الكيان الصهيوني «مناحيم بيجين» إن (لدى المسلمين قوة لو عرفوا سرّها لن يستطيع أن يهزمهم أحد! تلك القوة هي القرآن)! حتى أعداء الدين والإسلام يعرفون قوة هذا الدين العظيم، ويحسدون المسلمين عليه، ولكنهم في ذات الوقت يحاربونه بكل الطرق والأساليب لأنهم من أتباع الشيطان وعبدته!
هنيئاً للمؤمنين المسلمين دينهم وعباداتهم وأعمالهم الصالحة، وهنيئا لهم هذا الشهر الفضيل الذي تتجلّى فيه كل العبادات والصالحات! وهنيئاً لمن يدرك سرّ هذا الشهر معرفة قلبية حقيقية والراحة النفسية والتسامي الروحي والتخلص من كل سموم التعاليم الشيطانية وسطوتها على الإنسان في شهور السنة الأخرى!
هي واحة راحة، تصعد بالإنسان وقت صيامه فوق كل الشهوات والغرائز، ليكون شهر رمضان الذي به ليلة القدر، حيث أنزل الله القرآن فيها كاملا قبل نزوله وحيا على الرسول الأعظم، وهو ليلة القدر خير من ألف شهر، وهو رمضان الذي به تتبارك كل الخلائق إلا المفكرين لمن خلقهم وفضله عليهم وعجزهم عن البحث العميق لسر وجودهم في هذه الحياة!
كل عام وأنتم بخير ورب رمضان مبارك وكريم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك