عالم يتغير
فوزية رشيد
اليوم العالمي لمكافحة كراهية الإسلام!
{ الأمم المتحدة احتفلت بالأمس باليوم العالمي لمكافحة كراهية الإسلام «الإسلاموفوبيا»، والذي يقام كل عام في 140 دولة حول العالم، واعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15 مارس 2022، بالإجماع، والذي قدمته كقرار باكستان بالنيابة عن منظمة التعاون الإسلامي.
وثيقة القرار تطرح فكرة مهمة وهي أن (الإرهاب والتطرف العنيف لا يمكن ولا ينبغي ربطهما بأي دين أو جنسية أو حضارة أو جماعة عرقية)!
ولذلك لا تزال الدعوة قائمة منذ سنوات طويلة، وفي القرار نفسه، إلى إقامة «حوار عالمي» يحترم تنوع الأديان والمعتقدات. ولعلّ من المهم التوقف عند التقرير الذي صدر مؤخراً عن المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الدين أو المعتقد إن (الشك والتمييز والكراهية الصريحة تجاه المسلمين، قد وصلت الى أبعاد «وبائية»)! إذ يتعرض المسلمون للتمييز في الحصول على السلع والخدمات، وفي العثور على العمل وفي التعليم في بعض الدول، وفي دول أخرى يتم حرمان المسلمين من الجنسية بسبب تصورات معادية للأجانب وبأن المسلمين يمثلون تهديدات للأمن القومي والإرهاب!
{ في الواقع وحيث الدول العربية والإسلامية في غالبها الأعم، تعزز ثقافة التسامح والسلام، وتحترم كل المعتقدات، بناء على الرسالة الإلهية التي هي في صلب وجوهر الدين الإسلامي، فإن احترام الأديان والمعتقدات بين الإطار العملي وليس النظري هو ما ينقص كثيرا من المجتمعات الغربية، التي هي بالأساس مصدر «الإسلاموفوبيا» وخطاب الكراهية والعنصرية ضد الأقليات المسلمة في مجتمعاتها وضد الإسلام بشكل كبير ومتعمد وبوسائل مختلفة! وللغرابة فإن مثل هذا الخطاب انتقل إلى دول أخرى في آسيا منها الهند!
{ ومن هنا يكون الغرب هو أكثر الأطراف المعنية بمكافحة خطاب الكراهية و«الإسلاموفوبيا» وخاصة مع وصول حضارته الغربية إلى مآزق كبيرة سواء على المستوى الديني أو الأخلاقي أو المفاهيمي سياسيا واقتصاديا ما يجعل من ممارساته العنصرية في ظل وجود أقليات مسلمة في دوله، أحد المآزق الفكرية والحضارية المضافة في داخل منظومته المجتمعية التي تزيد من تفكك مجتمعاته! وخاصة إن الإسلام وباعتراف الغرب نفسه هو الأكثر انتشاراً اليوم في الغرب وفي العالم، ما يعني أن ممارساته العنصرية، إن لم يتم حلها، ستواجه مواطنيه الذين يدخلون الإسلام، وليس فقط أقليات الهجرة أو اللجوء!
{ والعالم يتشكل من جديد خلال مخاض صعب اليوم، فإن تناقضات القيم الغربية، وانحرافها عن الفطرة، شكَّل خطاب الكراهية وعدم احترام الأديان وخاصة الدين الإسلامي، إشكالية أخلاقية حقيقية، مضافة إلى الإشكاليات الكثيرة الأخرى التي يعاني منها الغرب، بما يدخله في منطقة الأزمة الحضارية الأكثر تعقيدا وخاصة من خلال اعتماد العنصرية وممارستها كنقيض لحقوق الإنسان وحرية الدين والمعتقد التي يدعيها نظريا وينفيها ممارسة! ولأن أغلب تناقضاته موجهة ضد المسلمين والإسلام، فإن هذا العمى الحضاري الذي يعمل على ازدراء الأديان والدين الإسلامي تحديدا، يجعل من الغرب نموذجا غير قادر على التعايش والتسامح والسلام، رغم كل ادعاءاته حول تطوره ورقيه الحضاري! وتلك إشكالية حقيقية انعكست آثارها على العالم بسبب الهيمنة الغربية وهيمنة خطابها وإعلامها ما يجعل من تلك الهيمنة مأزقا عالميا بدوره، ضد الثقافات الأخرى والتنوع الثقافي والديني في العالم بشكل عام وضد الإسلام بشكل خاص!
{ ربما الاهتمام الأممي بالاحتفال السنوي باليوم العالمي لمكافحة كراهية الإسلام «الإسلاموفوبيا» قد يضع الغرب أمام نفسه وجها لوجه بعد أن وضع نفسه أمام كل المسلمين وأمام آخر الأديان وأكملها كرسالة ورؤية صلاح وحكمة للبشرية كلها!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك