عالم يتغير
فوزية رشيد
من أين تنبع أهمية الإعلام السعودي وتطويره؟!
{ إذا بحثنا في خارطة القنوات الرسمية والخاصة التي تمتلئ بها الساحة الفضائية العربية، فإن قنوات مثل «العربية» و«الحدث» و(MBC) وتفريعاتها العربية وغيرها من قنوات هي ذات استقطاب عربي كبير، وفي أغلبها محسوبة على السعودية، إلى جانب قنواتها الرسمية! بما يجعل من تأثير تلك القنوات يحتاج اليوم إلى مراجعة، بشأن تأثيرها في المتلقي العربي؟!
حين تحدثت في المقال الأخير عن «السعودية الجديدة والحاجة إلى إعلام جديد» فالحديث لا يغفل أن المقصود (بالجديدة) هو التحديث الراهن والحادث في جميع المجالات، حسب رؤية 2030 وما بعده لولي العهد السعودي «الأمير محمد بن سلمان» وحيث الدولة السعودية مرت بأطوار التأسيس الثلاثة تاريخيا، وهي اليوم في مرحلة «الدولة الثالثة» التي مرّت ذكراها قبل فترة.
{ ولأن التأثير السعودي تطور وتقدم خلال المرحلة الراهنة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، فإن إحداث (نقلة نوعية وجذرية) في إعلامها أمر مهم على المستوى العربي أيضاً! لما تملكه السعودية من إمكانيات التمويل لإنشاء قنوات عربية قوية وباستراتيجية جديدة، يتمكّن من التأثير إيجابيا على المستوى العربي والدولي، وبما يتناسب بالطبع مع أمنها الوطني ومصالح الدولة العليا، ومع الأمن القومي العربي الذي تهتم به السعودية كثيراً، والذي يدخل في صلبه (الأمن الإعلامي) وصناعة المعلومة والخبر والمعرفة، من خلال توجهات القنوات سواء كانت (إخبارية أو متنوعة أو درامية) وبرؤية جديدة! لمواكبة الدور والتأثير الإعلامي بشكل عام، والدور والتأثير «السعودي» (إعلاميا) على المستوى العربي!
{ إن من يمتلك الإمكانيات في صناعة إعلام عربي قوي ومؤثر، فهو يمتلك في ذات الوقت إمكانيات التأثير الإعلامي في الوعي العربي في خضم التحديات والتهديدات، التي تواجهها ليست فقط السعودية والخليج، وإنما كامل دول المنطقة العربية، بل والمنظومة الإسلامية، التي تمثل بلاد الحرمين الفقرة الأساسية فيها!
ولذلك فإن التشبث بالهوية الوطنية والعربية والدينية والتعريف بمفردات تلك الهوية لغويا وفكريا وثقافيا، مثلما التعريف بآثار وتاريخ الجزيرة العربية حسب المكتشفات الجديدة أركيولوجبا، هو من نوع التعريف التاريخي والحضاري المطلوب وتغيير (الصورة النمطية) للسعودية والخليج والمنطقة العربية ككل! وهذا يحتاج إلى (قنوات قوية متخصصة) وإلى برامج ثقافية وفكرية وتاريخية، تقوم عليها كوادر ذات تخصص فكري وتاريخي عميق! وبالإمكان الاستعانة بباحثين خليجيين وعرب متخصصين في تلك المجالات، إلى جانب الكوادر الوطنية السعودية ذات الاختصاص نفسه.
{ ولعل من أهم القنوات أيضاً التأسيس لقنوات موجهة إلى الطفل الخليجي والعربي والشباب، وحيث الإمكانيات السعودية المادية تتيح المجال لإنشاء مثل هذه القنوات، والتي تحتاج إلى جانب التمويل (الخطاب الجديد) لعقل الطفل والشباب وحمايتهم من موجات التلاعب بعقولهم كناشئة! وتثقيف الأسر في كيفية الحفاظ على أطفالهم، أمام الموجات الفوضوية أخلاقياً العاتية، التي يتعرض لها الأطفال والشباب، وهو الأمر الذي بدوره يحتاج إلى كوادر إعلامية وثقافية وفكرية ومتخصصين اجتماعيين ونفسيين، قادرين على صناعة (إعلام جديد) سواء في لغة وخطاب الإعلام التقليدي كالإذاعة والتلفزيون، أو في الإعلام الجديد كوسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية!
{ إن الإعلام وتأثيراته السياسية والفكرية والثقافية وحتى القيمية والأخلاقية، يحتاج إلى إنشاء «معاهد» جديدة، وبرؤية إعلامية متطورة واستباقية، تٌكرس (الوعي الإعلامي القوي) وآلياته المختلفة، بما يسهم بغربلة الساحة الراهنة من (الترهل الإعلامي) الذي يستهلك الكثير من المال، ولكنه يعمل على تسطيح الوعي وأحياناً تخريبه! مثلما يسهم في تمييع قضايا الهوية الوطنية والقومية، سواء في الخليج أو في المنطقة العربية!
{ لعل الطموح في أن تسهم السعودية بشكل كبير في رسم (خريطة تأثير جديدة) على المستوى الإعلامي وبالتالي الفكري والسياسي هو في صلب التطلعات الإعلامية الجديدة في السعودية، وهو طموح مشروع أيضاً على المستوى العربي، حتى يتحول الإعلام إلى بؤرة لبناء وعي خليجي وعربي، كما هو مرشح له كدور وكسلاح مؤثر، بل والأكثر تأثيراً في الساحة العربية والإقليمية والدولية إن أحسن استخدام أدواته وأطروحاته! وحين يتوفر التمويل ويتم توجيهه في إطار رؤية استراتيجية ملمّة بالتحديات والتهديدات، فإن الإعلام يأخذ دوره الحقيقي حتما!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك