عالم يتغير
فوزية رشيد
السعودية الجديدة والحاجة إلى إعلام جديد!
{ كثيرة هي المتغيّرات التي مرّت بها بلاد الحرمين ولا تزال تمر، وتؤسس لمعطيات جديدة مختلفة سواء في الشأن الداخلي أو الخارجي، حتى غدا طموح سمو ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»، برؤيته الوطنية والعروبية، هو طموح سعودي وخليجي وعربي، لأنه ببساطة يمثل برؤيته تجسيدا للثقل السعودي خليجيا وعربيا وإقليميا ودوليا! مثلما يُجسّد رؤية عربية تطمح إلى الارتقاء والتنمية والسلام والاستقرار والشراكات الدولية الموثوقة! وبالتالي هي رؤية تؤسس لسعودية جديدة، كبرى وعظمى، تمتلك كل الإمكانيات لتكون كذلك!، وهذا ما كان بحاجة إلى تغييرات جذرية، في كل المؤسسات الداخلية والمتعلقة بالشؤون الخارجية، بعد أن جسّدت في السنوات الأخيرة آليات القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية! والأمر الذي كان بحاجة إلى تغيير جذري هو «الإعلام»، وما يمثله الإعلام من قوة كبرى في زمن الثورة الإعلامية والمعلوماتية والتكنولوجية، فهو أقوى أسلحة «القوة الناعمة» لكل الدول، ولا يقل أهمية في الدفاع عن الأمن الوطني والقومي، عن السلاح العسكري والاقتصادي، بل يفوقهما أهمية في الدفاع عن الوطن والمنطقة، لبلد كبير كالسعودية، طالما أثبت انخراطه في الدفاع عن الأمرين معاً!
{ في الأيام القليلة الماضية وبمرسوم ملكي تمّ تنصيب الصحفي والإعلامي الأستاذ «سلمان الدوسري» وزيرا للإعلام، بعد فراغ في تلك الوزارة دام سنوات، حيث كانت تُدار من دون وزير متفرغ للمهمة الصعبة، في الوقت الذي تشمل المتغيرات جميع المجالات في السعودية.
أن يكون الوزير الجديد (صحفيا وإعلاميا) ولأول مرة فذلك أمر مهم يشير إلى (متغيّر جذري في الطموح الإعلامي السعودي) خاصة أن الوزير الجديد، ذو باع وخبرة إعلامية وصحفية، ويتمتع بحس وطني وعروبي معروف، ما يجعل من مهمة ترتيب «البيت الإعلامي» قائماً على خلفية الخبرة المهنية والتقنية لاحتياجات هذا البيت! وتفعيل الدور الإعلامي على المستوى الوطني والعربي والإقليمي والدولي! خاصة أن «الإعلام الخارجي» قد يأخذ اليوم أولوية يحتاجها، وحيث السعودية والخليج يتعرضان لحملة تشويه ضارية من «الإعلام الخارجي» وأدواته الارتزاقية على المستوى العربي، وحيث تلتقي أعاصير الحملة الإعلامية الغربية مع أعاصير «الإخوان» ومرتزقة إيران والحاقدين من أجناس مختلفة!
{ قنوات ومحطات ومواقع محسوبة على الإعلام السعودي، وبتمويل كبير وانتشار عربي ودولي واسع، كان ينقصها على الدوام (الرؤية الاستراتيجية الإعلامية) التوافقية مع الرؤية الجديدة على المستويات الأخرى في السعودية، ولهذا تأتي الحاجة مع الطموحات المتعلقة بالوزير الجديد إلى (أن يعالج أولاً ذلك الخلل في الرؤية الإعلامية، التي لا تتوافق مع طموحات المصالح الوطنية والقومية للدور السعودي الجديد)! هذا يحتاج إلى كفاءات شبابية ومخضرمة تتمتع بالوعي والثقافة العامة وروح النضال لتأسيس دور جديد للإعلام، ليس فقط من أجل رسم (الصورة الجديدة ومجابهة كل التشويهات والحملات) وإنما لأداء دور ريادي في الإعلام العربي ككل، باعتبار أن الإعلام أهم أسلحة المواجهة والتأثير وأهم آليات «القوة الناعمة» كما قلنا، وخاصة أن أمن السعودية من أمن المنطقة المحيطة بها، وأمن المنطقة من أمن السعودية، بعد أن حباها الله بدور قيادي كبير لتمثيل المنطقة والعالم الإسلامي!
{ من الحاجة إلى ترسيخ الهوية الوطنية والهوية العربية، والحاجة إلى الرؤية الإستراتيجية، تنبع في ذات الوقت الحاجة إلى (الإستراتيجية المعلوماتية) أو مركز كبير لـ(بنك المعلومات) حتى لا يكون الإعلام السعودي المؤثر، مجرد صدى لصوت المعلومات، التي ينتجها الغرب، وينقلها الإعلام العربي، كتابع إعلامي في أغلب الأحيان!
{ مهام الإعلام الجديد ودوره في مجابهة التحديات والتطورات في مجالي المعرفة والمعلومات هي مهام كبيرة، ولأهمية الدور السعودي في المنطقة والعالم فإن المجابهة بدورها تنقسم إلى عدة محاور على المستوى الداخلي والخارجي:
- المجابهة السياسية ولها خبراؤها.
- المجابهة الإعلامية تحتاج إلى خطاب إعلامي، وغربلة الساحة الراهنة من «المترهلين» و«المتمصلحين» و«السذج» إعلاميا، ومواجهة «التوظيف الإعلامي المترهّل»، واستبداله بالكوادر الواعية والمدركة لأهمية «الثورة الإعلامية والتكنولوجية» سواء في الإعلام التقليدي كالإذاعة والتلفزيون أو في الإعلام الجديد عبر المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي!
- المجابهة القيمية والمجابهة الأخلاقية لكل ما يهدّد اليوم قيم وأخلاقيات المجتمعات العربية والإسلامية، خاصة مع الدور المهم الذي تحظى به السعودية باعتبارها مهد الإسلام وقيمه! ويدخل فيها «المجابهة الدينية» بوضع خطاب إسلامي قادر على التأثير في الخارج، والغرب الذي يعيش اليوم (فوضى قيمية وأخلاقية) يعمل على تعميمها في كل العالم، مثل الموجات الضارية للشذوذ والإلحاد وغيرها. وللحديث صلة في مقال قادم، متمنين للوزير الجديد التوفيق بما يبرز ويجسّد الفاعلية الجديدة للإعلام السعودي العربي!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك