عالم يتغير
فوزية رشيد
يوم المرأة العالمي والنِسوية المتطرفة!
{ ربما كان للحركات النسوية في الغرب، وهي تخطو خطواتها الأولى بريق خاص، في ظل القوانين غير العادلة التي كانت في العديد من دول الغرب، تجحف حق النساء في الأجر وفي المناصب تحديداً، ولكن سرعان ما اتجهت تلك الحركة إلى (التطرف) بعد ذلك في ظل التطرف في مفهوم «الصراع» بين المرأة والرجل، والذي أصابه الطغيان بدوره مع (طغيان مفاهيم النسوية الغربية العلمانية والليبرالية الجديدة) ليتنحى مفهوم (التكاملية)، الذي هو الأساس الطبيعي والفطري في العلاقة بين الرجل والمرأة، وأساس التناغم والتلاقي بين كل من هما زوجان في الطبيعة الإنسانية أو الحيوانية أو في الطبيعة بشكل عام! ليتنحى كل ذلك لصالح مفهوم (الصراع)!
{ أي مفهوم حين يدخل نقطة التطرف، يصبح تعبيراً عن الخلل الذي أصابه! ومن هذا مفهوم «التمرّد» الذي يتلاقى مع «فكرة الهدم» لكل الأسس الطبيعية التي تحكم العلاقات بين الذكورة والأنوثة! ونحن والعالم كله يحتفل (بيوم المرأة)، فإن الحقوق الطبيعية سواء في الأسرة أو في العمل أو في المجتمع، باعتبار المرأة الشريك الطبيعي في كل ذلك، فهي حقوق مطلوبة وإيجابية تفخر بها المجتمعات، ومن حيث (التمكين وحفظ حقوق المرأة شرعياً وقانونياً)، ولكن غير الطبيعي هو القيم الخاطئة في المجتمعات الغربية ومنها (الفيمينست) أو «النسوية» في تطرفها العولمي! وانقيادها خلف شعارات «الجندرية» التي تتسع اليوم لأنواع مختلفة من (التحولات) في النوع! وفتح الباب أمام كل أنواع السلوكيات الشاذة! وتأثر المجتمعات العربية بتلك القيم غير الطبيعية، وانعكاسها على العلاقة السوية بين المرأة والرجل!
{ حين تتحوّل «النسوية» إلى سلعة للمتاجرة والتمويل، وإلى بث قيم الصراع والجندر والشذوذ، فإنها تكون قد ابتعدت عن هدفها الوجودي في الحياة، وهو الاستمرار والبقاء عبر «التكامل» بين الذكر والأنثى، لصناعة أسرة حقيقية، هي الخلية الأهم في بناء وتكوين المجتمعات والدول واستمرارها! ومن هنا تكمن خطورة الانسياق خلف القيم الفاسدة، وتأثيرها على المرأة نفسها، التي تكون قد صنعت لنفسها هوية جديدة خارج سياق مفهوم «التكامل» هذا واستبداله بمفهوم الصراع تحت شعارات مكررة كالحرية والمساواة المطلقة من دون الاعتراف بقيمة وأهمية الاختلاف البيولوجي من أجل التكامل وليس الصراع! وبهذا تحولت إلى حرية فوضوية! وشعار الاستقلالية التي تسببت في وجود ظهور «النساء المنفردات» في الغرب والأبناء من غير أب معروف الخ. وهو الأمر الذي تعمل بعض (المؤسسات الأممية) على تعميمه بالاتفاقيات على دول العالم، ومنها بعض البنود المتطرفة في اتفاقية «سيداو»، لينشأ صراع الهوية الحضارية والصراع مع القيم الغربية «الشاذة»، من جانب المجتمعات غير الغربية والهويات الأخرى، ذات الطبيعة المختلفة والمحافظة في ظل قيمها الدينية والاجتماعية المغايرة!
{ بعد ما أحدثته القيم الغربية «المعمّمة» على العالم، وها هي بعض الدول الغربية تنظر بمنظار آخر، وإن يبدو ضبابياً حتى الآن، لتراجع بعض اندفاعاتها، بعد أن اختبرت (التمزق الأسري والاجتماعي) في ظل النسوية المتطرفة العولمية! والأجدى أن تراجع المجتمعات العربية نفسها أيضاً بعيداً عن (المرجعية الفكرية الغربية) التي تختلف حتى في سياقاتها التاريخية والدينية والحضارية، وحيث الاختلاف الواضح، بين (الرؤية الإلهية الإسلامية) مثلاً والرؤية المادية الغربية، التي جاءت كرد فعل على التمرّد على طغيان الكنيسة! خاصة حول الرؤية للمرأة ومن حيث أنها بلا روح! والذي كان محط جدل حقيقي في الغرب إلى جانب تبعية الاسم للزوج وتبعية الذمة المالية، وحيث كانت المرأة في المجتمع الغربي محتقرة، وتواجه واقعا إقصائيا حتى نهايات القرن 19 أيضاً، في الوقت الذي كان الخطاب القرآني يحدّث البشرية منذ 14 قرنا «خلقناكم من نفس واحدة» والنبي الأعظم يتحدّث عن أن (النساء شقائق الرجال) وحيث في الإسلام لا توجد تبعية الاسم للزوج، ولا تبعية الذمّة المالية! بل إن «الخطاب القرآني» موجه إلى الرجال والنساء سواء بسواء، وإنما الاعتراف بالاختلاف الطبيعي التكاملي بينهما! وهنا يجب التفرقة بين الرسالة الإلهية وبين الممارسات الاجتماعية أو الفكرية باسم الدين!
{ قضية الصراع بين الذكورة والأنوثة هي قصة مفتعلة، وخاصة أنهما في الرؤية الإسلامية والنص القرآني (هما متكاملان وليسا متصارعين)، كما قلنا، والرجل مكمّل للمرأة وليس عدوا لها! وقوّام عليها أي يقوم بخدمتها! وهذا يضعنا أمام الحاجة إلى (حركات نسائية عاقلة) وغير منساقة أمام مقولات (النسوية المتطرفة) في حركتها ومقولاتها وشعاراتها ومفاهيمها، التي (حوّلت المرأة إلى مجرد نوع جندري في قائمة جندرية طويلة من المتحولين والشواذ)، والفتك بكل ما هو طبيعي في العلاقات الإنسانية بين الرجل والمرأة كأساس لتكوين الأسرة الطبيعية! وحيث (التمرّد) باعتباره خروجا عن أي سلطة دنيوية بل وعن التعاليم الإلهية، هي فكرة غربية بالأساس في ظل تطرف الرؤية المادية ذاتها!
{ هذا يحيلنا إلى أهمية العودة إلى الريادة العربية من حيث القيم والأخلاقيات وأسس العلاقات الإنسانية وتلك التي بين الذكر والأنثى، في زمن يفتقد فيه الغرب والعالم القيم الصحيحة، بعد تحوله إلى «التطرف المطلق» وصولا إلى سنّ القوانين بجواز الزواج بين الإنسان والبهائم!
وفي «يوم المرأة العالمي».. ومع تصاعد الحملات المتطرفة، فإن مجتمعاتنا ونساءنا مدعوة إلى التفكر والاختيار، ما بين الطبيعة الفطرية والرؤية الإلهية والنص القرآني، وبين الرؤية العولمية القائمة على سياقات تاريخية ودينية وحضارية! ترتد اليوم عن كل ما هو فطري وطبيعي، وبشكل غريب!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك