عالم يتغير
فوزية رشيد
إيران على عتبة القنبلة النووية!
{ منذ سنوات قلت إن الأسلوب الغربي في التعامل مع «الملف النووي» سيؤدي في النهاية إلى إعلان إيران النووية! لم يكن ذلك تنبؤا أو قراءة في الفنجان، وإنما كان وفق المعطيات السياسية والدبلوماسية الغربية، التي صنعت بنفسها «التغوّل الإيراني» وتطرفه وإرهابه، من المجيئ بالخميني إلى السلطة! وحيث ذات الرهان على «النظام الثيوقراطي» بقي قائماً، حتى وإن تواصلت ادعاءات التخوّف منه وتهديده لاستقرار وأمن المنطقة والعالم! وربما حتى لحظة «الإعلان الرسمي» لامتلاك إيران «القنبلة النووية» وتخوفهم –أي الغرب– هو فقط التخوف من سعي السعودية إلى الحصول على السلاح النووي بدورها حسب تصريحات سابقة لولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان»! فهل نحن على أعتاب خليج نووي؟! أم أن الابتزاز الغربي والصهيوني لدول الخليج وخاصة السعودية سيبقى مستمرا، لإقحامها والخليج في حرب مع إيران؟! وهل النأي الخليجي بالذات عن مثل هذه الحرب، سيحوّل التهديد الإيراني معه بحيازة النووي، إلى بث الخوف من المنافسة في قلوب القادة في الكيان الصهيوني؟!
{ إنهم وكما قلنا مراراً يريدون «التخادم الإيراني» مع الأجندة الغربية والصهيونية، من دون أن تتجاوز إيران الخط الأحمر! فما هو هذا الخط الأحمر؟! هو أن تستقل إيران بإرادتها وشرورها وإرهابها لتفرضها على المجتمع الغربي أيضاً، وتنافس الكيان الصهيوني في ابتزاز الخليج والمنطقة! الغرب يريد الاستفادة من «التغوّل الإيراني» ليكون موجّها ضد العرب فقط، وليس ليتحول إلى منافس وند في الأجندة والمشروع الغربي، الذي تعرّض ولا يزال يتعرض إلى تعثرات، بسبب وعي قادة الدول العربية الناجية من مخططات التقسيم وإسقاط الأنظمة، وعلى رأس تلك الدول السعودية، بما تحمله من ثقل خليجي وعربي وإقليمي ودولي في كثير من المجالات! ولولا الإخوان والتخادم الإيراني لسقط ذلك المشروع في مهده!
{ إيران كعادتها تنفي نواياها «النووية العسكرية»، ولكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي وصل مديرها العام إلى طهران خلال الأيام الماضية، أشارت إلى (اكتشاف جزئيات من اليورانيوم المخصّب بنسبة 83,7 في المائة)، أي أقل بقليل من 90% عن الاتفاق المبرم في عام 2015، للحدّ من أنشطتها النووية، تضع شرط (رفع العقوبات الدولية) رغم ما أصاب تلك العقوبات من تلاعبات غربية واحتيالات إيرانية! و«الوكالة الدولية للطاقة الذرية» تعرف جيداً منذ زمن أن طهران تضاعف عدد أجهزة الطرد المركزي في مواقعها المنتشرة في البلاد، كما تواصل تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية في بعض تلك المواقع فوق الأرض وتحتها!
ولذلك كان مستغرباً تصريح مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) وليام بيرنز، معرباً عن قلقه من التقدم المفاجئ للبرنامج النووي الإيراني! معتبراً أن (الأمر يحتاج إلى بضعة أسابيع فقط لبلوغ نسبة الـ90% من التخصيب أي أمكانية الحصول على قنبلة نووية)! يقول ذلك وكأن وكالة استخباراته قد فوجئت بالأمر! أو كأن الأمر الذي يعرفه القاصي والداني عن (النوايا الإيرانية النووية) لم يخطر ببال الـ«سي.آي. إيه»!
{ حسب المؤشرات فإن الخليج لا يريد الدخول في حرب ضد إيران في هذه المرحلة تحديدا، حيث المستفيد هما الطرفان الإيراني والكيان الصهيوني، وهما معا يعانيان من أزمات داخلية تكون أية مواجهة عسكرية خارجية بمثابة إنقاذ لهما! إلى جانب عرقلة التنمية في السعودية والخليج، حيث الطرفان يريدان ذلك ولكل منهما أسبابه الخاصة! ولكن من جانب آخر فإن حصول إيران على «قنبلة نووية» سيفتح الباب حتما لسعودية نووية! وهذا ما سيقلق الغرب والكيان الصهيوني بشكل حقيقي! ويبدو أنه لا مناص من ذلك في حال إعلان الغرب عن إيران النووية!
{ في النهاية لا أحد يريد دخول المنطقة في حرب عسكرية جديدة، وفي ذات الوقت سيكون السباق النووي العسكري باباً مفتوحاً لا يعرف مآلاته أحد! وإن كان سيبقى في حيّز «الردع السلبي» أو رهن الاستخدام المدمر؟! ولولا التهاون الغربي في الملف النووي وبما يتعلق بالإرهاب الإيراني في المنطقة وإعطائها الضوء الأخضر للتغوّل لم تكن الأمور ستصل إلى ما وصلت إليه! إنها ذات المشاريع والأجندات الغربية التي تصنع الأدوات الشريرة، لتنفلت بعد ذلك، كما صنع «فرانكشتاين» وحشه وخرج عن سيطرته!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك