عالم يتغير
فوزية رشيد
المجتمع الدولي لا يرى الشعب الفلسطيني!
{ لن نتوقف طويلا عند أحداث الأيام الأخيرة في فلسطين المحتلة، ولا عند أحداث الشهور أو السنوات الأخيرة، لأنها تكرار لذات الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني! حين تتكرر المأساة على مدى (75 عاما) مرشحة للزيادة مع تكرار مشاهد الوحشية التي تمارسها سلطات الكيان الصهيوني المتعاقبة، لا فرق في ذلك بين جرائم الصقور أو الحمائم، فإن الخلل في حقيقته يكون قد نخر عظام المجتمع الدولي كله وشرعيته المزعومة منذ زمن طويل! وهو الذي وقف ولا يزال يقف في ساحة «الفُرجة» ولكأن مأساة الشعب الفلسطيني، مجرد مسرحية، لا يملّ هذا المجتمع الدولي من مشاهدة عذاباتها المتكررة في أحداثها عبر العقود! وكأنه لا يرى أن هناك شعبا يقاسي!
{ ماذا يعني مثلاً لهذا المجتمع الدولي سقوط الشهداء في فلسطين المحتلة كل يوم بسبب بطش الاحتلال ومستوطنيه؟!
ماذا يعني له المجازر وآخرها في نابلس قبل أيام؟!
ماذا يعني ارتكاب المجازر ذاتها أمام العالم في ظل عقد اجتماع أمني بين الفلسطينيين وسلطة الاحتلال، والتعهد بخفض التصعيد والمزيد من العنف، لتعقبها المجزرة؟!
هذا المجتمع الدولي الذي أغمض عينيه قبل 75 عاما عن سرقة فلسطين وإبدال شعبها بشعب آخر تمت لملمة أطرافه من كل دول العالم (بدعاوى تاريخية زائفة)! هو ذاته الذي استمرأ الجريمة وواصل الفرجة مغمض العينين والضمير، فاقداً للنكهة الإنسانية التي نسي طعمها منذ زمن بعيد أيضاً! وهو نفسه المجتمع الدولي الذي داس على شرعيته أو الشرعية الدولية بحسب التوصيف! وداس ولا يزال يدوس على كل القرارات الدولية لبعض الإنصاف في حق الشعب الفلسطيني، وهي القرارات التي أصدرها مجلس الأمن رغما عنه، في ظل عرقلة (الفيتو الاستعماري) للغرب الذي بدوره كان يتكرر عبر العقود.
وهو المجتمع الدولي ذاته الذي أدار ظهره وأشاح بوجهه عن كل جرائم الحرب التي ارتكبها ولا يزال يرتكبها الكيان الصهيوني طول العقود أيضا فيما صنف مقاومة الشعب الفلسطيني للمحتل المجرم أنه إرهاب! هكذا داس المجتمع الدولي على «القوانين الدولية» التي تشرعن مقاومة أي شعب للاحتلال، وجعل من تلك القوانين مجرد مداس للكيان الصهيوني ومن يقف خلفه من دول استعمارية غربية!
{ هكذا أصبح تكرار الجرائم بشكل مستمر وحتى اليوم في حق الشعب الفلسطيني، ومن ثم مساواة الجلاد بالضحية، والمحتل بالاحتلال أمراً روتينياً لدى المشاهد الدولي!
أين ذهبت شرعية الشعوب لمقاومة الاحتلال في المبادئ والقوانين الدولية؟! ذلك لا ينطبق قط على الشعب الفلسطيني، الذي استثناه المجتمع الدولي من تلك الشرعية!
وهنا لن نتحدث عن الموقف العربي أو الإسلامي، فكلاهما يدوران في الغالب في عالم النفاق الدولي بحكم القيود الدولية نفسها تجاه القضية الفلسطينية! هي ذات الرؤية الدولية المتفاوتة للقضايا عبر هيمنة الغرب الاستعماري على مجلس الأمن والأمم المتحدة! وحين يدوس المجتمع الدولي ممثلاً في الأمم المتحدة على قوانينه ومبادئه، فإن النشاز القانوني يتحول إلى قاعدة وإلى أمر واقع! وهذا ما يحدث في فلسطين منذ أن تمت سرقتها!
{ المفاهيم ذاتها اختلت على المستوى العربي والعالمي، فبعد أن كان صراعاً عربيا - صهيونياً نشأت بسببه عدة حروب، أصبح مجرد نزاع إسرائيلي - فلسطيني، ليذوب في ذلك النزاع وبالتدريج الحق الفلسطيني في أرضه ووطنه كما يذوب الملح في الماء! فيما سلطة الكيان الصهيوني تتباهى على العالم بأنها رغم جرائمها هي (واحة الديمقراطية) في الشرق الأوسط! ويشهد العالم كله ولا ينطق وهو يعلم أنها ديمقراطية العنصرية والفصل العنصري! وجرائم المستوطنين الذين ابتلعت مستوطناتهم ما تبقى من قليل من أرض للفلسطينيين، وجرائمهم محمية من ديمقراطية سلطة الكيان نفسه! بل يتعاونان فيه انتهاكاتهم ضد الأقصى والمناطق الإسلامية والتاريخية العربية! مع استمرار البطش والحصار والتجويع والتحكم في السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وشن الحرب داخلها باسم «عمليات أمنية» مثلما شنت الحرب العسكرية على غزة وشعبها بين حين وآخر! إنها واحة الديمقراطية!
{ كل ذلك وغيره كثير كثير وعبر أكثر من سبعة عقود، يشهدها المجتمع الدولي ولا ينطق ولا يتحرك بشكل حقيقي لوضع نهاية للمأساة الفلسطينية، التي رسم سيناريوهاتها الأولى دول الهيمنة الاستعمارية، ومارس بعدها فعل التواطؤ الكامل مع الجرائم الصهيونية من دون رادع من ضمير أو قانون أو شرعية دولية!
والسؤال: أليس من نهاية لهذه الفرجة العالمية على جرائم الكيان الصهيوني؟!
أليس من حلّ يفرضه هذا المجتمع الدولي ليضع نهاية لمسرحية مخزية كتب هو فصولها وطال أمدها؟!
أم أن المجتمع الدولي «نفسه» رهين و«محتل» من أولئك الذين صنعوا النكبة الفلسطينية قبل 75 عاما؟!
متى إذًا ينتهي الاحتلال؟!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك