العدد : ١٦٨٢٨ - الجمعة ١٩ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٠ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٢٨ - الجمعة ١٩ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٠ شوّال ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

المجتمع الدولي لا يرى الشعب الفلسطيني!

{‭ ‬لن‭ ‬نتوقف‭ ‬طويلا‭ ‬عند‭ ‬أحداث‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة،‭ ‬ولا‭ ‬عند‭ ‬أحداث‭ ‬الشهور‭ ‬أو‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬لأنها‭ ‬تكرار‭ ‬لذات‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭! ‬حين‭ ‬تتكرر‭ ‬المأساة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ (‬75‭ ‬عاما‭) ‬مرشحة‭ ‬للزيادة‭ ‬مع‭ ‬تكرار‭ ‬مشاهد‭ ‬الوحشية‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬سلطات‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬المتعاقبة،‭ ‬لا‭ ‬فرق‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بين‭ ‬جرائم‭ ‬الصقور‭ ‬أو‭ ‬الحمائم،‭ ‬فإن‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬حقيقته‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬نخر‭ ‬عظام‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬كله‭ ‬وشرعيته‭ ‬المزعومة‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬طويل‭! ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬وقف‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يقف‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬‮«‬الفُرجة‮»‬‭ ‬ولكأن‭ ‬مأساة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬مجرد‭ ‬مسرحية،‭ ‬لا‭ ‬يملّ‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬مشاهدة‭ ‬عذاباتها‭ ‬المتكررة‭ ‬في‭ ‬أحداثها‭ ‬عبر‭ ‬العقود‭! ‬وكأنه‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬شعبا‭ ‬يقاسي‭!‬

{‭ ‬ماذا‭ ‬يعني‭ ‬مثلاً‭ ‬لهذا‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬سقوط‭ ‬الشهداء‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬بسبب‭ ‬بطش‭ ‬الاحتلال‭ ‬ومستوطنيه؟‭!‬

ماذا‭ ‬يعني‭ ‬له‭ ‬المجازر‭ ‬وآخرها‭ ‬في‭ ‬نابلس‭ ‬قبل‭ ‬أيام؟‭!‬

ماذا‭ ‬يعني‭ ‬ارتكاب‭ ‬المجازر‭ ‬ذاتها‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عقد‭ ‬اجتماع‭ ‬أمني‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وسلطة‭ ‬الاحتلال،‭ ‬والتعهد‭ ‬بخفض‭ ‬التصعيد‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬العنف،‭ ‬لتعقبها‭ ‬المجزرة؟‭! ‬

هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬أغمض‭ ‬عينيه‭ ‬قبل‭ ‬75‭ ‬عاما‭ ‬عن‭ ‬سرقة‭ ‬فلسطين‭ ‬وإبدال‭ ‬شعبها‭ ‬بشعب‭ ‬آخر‭ ‬تمت‭ ‬لملمة‭ ‬أطرافه‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ (‬بدعاوى‭ ‬تاريخية‭ ‬زائفة‭)! ‬هو‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬استمرأ‭ ‬الجريمة‭ ‬وواصل‭ ‬الفرجة‭ ‬مغمض‭ ‬العينين‭ ‬والضمير،‭ ‬فاقداً‭ ‬للنكهة‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬نسي‭ ‬طعمها‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭ ‬أيضاً‭! ‬وهو‭ ‬نفسه‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬داس‭ ‬على‭ ‬شرعيته‭ ‬أو‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬بحسب‭ ‬التوصيف‭! ‬وداس‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يدوس‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬القرارات‭ ‬الدولية‭ ‬لبعض‭ ‬الإنصاف‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وهي‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬أصدرها‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬رغما‭ ‬عنه،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عرقلة‭ (‬الفيتو‭ ‬الاستعماري‭) ‬للغرب‭ ‬الذي‭ ‬بدوره‭ ‬كان‭ ‬يتكرر‭ ‬عبر‭ ‬العقود‭.‬

وهو‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬أدار‭ ‬ظهره‭ ‬وأشاح‭ ‬بوجهه‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يرتكبها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬طول‭ ‬العقود‭ ‬أيضا‭ ‬فيما‭ ‬صنف‭ ‬مقاومة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬للمحتل‭ ‬المجرم‭ ‬أنه‭ ‬إرهاب‭! ‬هكذا‭ ‬داس‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬‮«‬القوانين‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تشرعن‭ ‬مقاومة‭ ‬أي‭ ‬شعب‭ ‬للاحتلال،‭ ‬وجعل‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬القوانين‭ ‬مجرد‭ ‬مداس‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ومن‭ ‬يقف‭ ‬خلفه‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬استعمارية‭ ‬غربية‭!‬

{‭ ‬هكذا‭ ‬أصبح‭ ‬تكرار‭ ‬الجرائم‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬مساواة‭ ‬الجلاد‭ ‬بالضحية،‭ ‬والمحتل‭ ‬بالاحتلال‭ ‬أمراً‭ ‬روتينياً‭ ‬لدى‭ ‬المشاهد‭ ‬الدولي‭! ‬

أين‭ ‬ذهبت‭ ‬شرعية‭ ‬الشعوب‭ ‬لمقاومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬المبادئ‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية؟‭! ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬ينطبق‭ ‬قط‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬الذي‭ ‬استثناه‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الشرعية‭!‬

وهنا‭ ‬لن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬أو‭ ‬الإسلامي،‭ ‬فكلاهما‭ ‬يدوران‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬النفاق‭ ‬الدولي‭ ‬بحكم‭ ‬القيود‭ ‬الدولية‭ ‬نفسها‭ ‬تجاه‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭! ‬هي‭ ‬ذات‭ ‬الرؤية‭ ‬الدولية‭ ‬المتفاوتة‭ ‬للقضايا‭ ‬عبر‭ ‬هيمنة‭ ‬الغرب‭ ‬الاستعماري‭ ‬على‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭! ‬وحين‭ ‬يدوس‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬ممثلاً‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬قوانينه‭ ‬ومبادئه،‭ ‬فإن‭ ‬النشاز‭ ‬القانوني‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬قاعدة‭ ‬وإلى‭ ‬أمر‭ ‬واقع‭! ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬تمت‭ ‬سرقتها‭! ‬

{‭ ‬المفاهيم‭ ‬ذاتها‭ ‬اختلت‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العربي‭ ‬والعالمي،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬صراعاً‭ ‬عربيا‭ - ‬صهيونياً‭ ‬نشأت‭ ‬بسببه‭ ‬عدة‭ ‬حروب،‭ ‬أصبح‭ ‬مجرد‭ ‬نزاع‭ ‬إسرائيلي‭ - ‬فلسطيني،‭ ‬ليذوب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬النزاع‭ ‬وبالتدريج‭ ‬الحق‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬أرضه‭ ‬ووطنه‭ ‬كما‭ ‬يذوب‭ ‬الملح‭ ‬في‭ ‬الماء‭! ‬فيما‭ ‬سلطة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬تتباهى‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬بأنها‭ ‬رغم‭ ‬جرائمها‭ ‬هي‭ (‬واحة‭ ‬الديمقراطية‭) ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭! ‬ويشهد‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬ولا‭ ‬ينطق‭ ‬وهو‭ ‬يعلم‭ ‬أنها‭ ‬ديمقراطية‭ ‬العنصرية‭ ‬والفصل‭ ‬العنصري‭! ‬وجرائم‭ ‬المستوطنين‭ ‬الذين‭ ‬ابتلعت‭ ‬مستوطناتهم‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬وجرائمهم‭ ‬محمية‭ ‬من‭ ‬ديمقراطية‭ ‬سلطة‭ ‬الكيان‭ ‬نفسه‭! ‬بل‭ ‬يتعاونان‭ ‬فيه‭ ‬انتهاكاتهم‭ ‬ضد‭ ‬الأقصى‭ ‬والمناطق‭ ‬الإسلامية‭ ‬والتاريخية‭ ‬العربية‭! ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬البطش‭ ‬والحصار‭ ‬والتجويع‭ ‬والتحكم‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وشن‭ ‬الحرب‭ ‬داخلها‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬عمليات‭ ‬أمنية‮»‬‭ ‬مثلما‭ ‬شنت‭ ‬الحرب‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وشعبها‭ ‬بين‭ ‬حين‭ ‬وآخر‭! ‬إنها‭ ‬واحة‭ ‬الديمقراطية‭!‬

{‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬وغيره‭ ‬كثير‭ ‬كثير‭ ‬وعبر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬عقود،‭ ‬يشهدها‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬ولا‭ ‬ينطق‭ ‬ولا‭ ‬يتحرك‭ ‬بشكل‭ ‬حقيقي‭ ‬لوضع‭ ‬نهاية‭ ‬للمأساة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬التي‭ ‬رسم‭ ‬سيناريوهاتها‭ ‬الأولى‭ ‬دول‭ ‬الهيمنة‭ ‬الاستعمارية،‭ ‬ومارس‭ ‬بعدها‭ ‬فعل‭ ‬التواطؤ‭ ‬الكامل‭ ‬مع‭ ‬الجرائم‭ ‬الصهيونية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رادع‭ ‬من‭ ‬ضمير‭ ‬أو‭ ‬قانون‭ ‬أو‭ ‬شرعية‭ ‬دولية‭!‬

والسؤال‭: ‬أليس‭ ‬من‭ ‬نهاية‭ ‬لهذه‭ ‬الفرجة‭ ‬العالمية‭ ‬على‭ ‬جرائم‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني؟‭! ‬

أليس‭ ‬من‭ ‬حلّ‭ ‬يفرضه‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬ليضع‭ ‬نهاية‭ ‬لمسرحية‭ ‬مخزية‭ ‬كتب‭ ‬هو‭ ‬فصولها‭ ‬وطال‭ ‬أمدها؟‭! ‬

أم‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬‮«‬نفسه‮»‬‭ ‬رهين‭ ‬و«محتل‮»‬‭ ‬من‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬صنعوا‭ ‬النكبة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬قبل‭ ‬75‭ ‬عاما؟‭! ‬

متى‭ ‬إذًا‭ ‬ينتهي‭ ‬الاحتلال؟‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا