الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
موسم الهروب الرمضاني للخادمات
لم تكن والدتي تعلم أن قيامها بشراء ملابس وكسوة شهر رمضان للعاملة المنزلية ذات الجنسية الإفريقية ستكون آخر صوغة تشتريها لها، حيث قررت العاملة الهروب من المنزل في ليلتها، ويبدو أن قرار الهروب نسجت خيوطه منذ فترة مع آخرين من جنسيتها.
تلك ظاهرة مجتمعية خليجية تستحق الدراسة والقرارات الحاسمة، سواء في توقيتها أو في ازديادها، أو حتى في قوانين العمل المنظمة لها، والتي يبدو جيدا أنه يتم استغلال ثغرات فيها من جنسيات معينة، وتكبد المواطن الخليجي الخسائر.
وعلى الرغم من القوانين المكتوبة والعقود الموقعة بين الأطراف، وعلى الرغم من تغليب مصالح العامل والعاملة على مصلحة ربّ العمل والمنزل، وعلى الرغم من وجود «فزاعة» حقوق العمال والإنسان، فإن المواطن الخليجي يستمر في معاناته مع العمال، وخصوصا عاملات المنازل.
صحيح أن الدول الخليجية تمتلك منظومة قانونية، وإجراءات عمالية، وهناك اهتمام من بعض مكاتب الاستقدام للحد من ظاهرة هروب العاملات، إلا أن الأمر مستمر ومتواصل، وخاصة مع موسم شهر رمضان، ما يعني الحاجة إلى المزيد من التشريعات والإجراءات التي تحمي رب العمل ورب المنزل، وكذلك مكاتب الاستقدام.
في تقرير لصحيفة الجزيرة «السعودية»، تأكد أن هروب الخادمات من المنازل مشكلة قديمة متجددة، أخذت تتجدد في ثوب عصري، وتتفاقم بشكل مقلق، وليس الهروب من أجل العودة إلى أوطانهن، بل للعمل في موقع آخر، ولدى أسرة جديدة..!!
وفي تقرير لصحيفة الاتحاد «الإماراتية» ذكر أن هروب الخادمات.. مسلسل قديم مازال عرضه مستمراً حتى الآن، وللأسف يقف الجميع ليشاهدوا الحلقات الجديدة من هذا المسلسل من دون أن يحركوا ساكناً. الأيام تمضي والمشكلة في انتشار، والآثار السلبية الخطيرة لهذه الظاهرة آخذة في التضخم، والضحية الأكثر تأثراً هو المواطن المسكين، الذي أتى بالخادمة من بلادها ليريح أسرته من عناء العمل اليومي، فإذا به يفتح على نفسه باباً من المشاكل التي لا تنتهي..!!
جريدة النهار «الكويتية» سبق أن كتبت أن ظاهرة هروب الخادمات أصبحت مادة دسمة للدراما الإنسانية.. ولكن المشكلة تحتاج إلى دراسة وآلية جديدة، حتى لا تتحول حقوق الخدم إلى سلاح يطعن صاحب العمل في الظهر، فقضية هروب الخدم مازالت مستعصية على الحل.
الصحافة البحرينية هي الأخرى فتحت العديد من التحقيقات والتقارير الصحفية، واللقاءات والحوارات عن ظاهرة هروب الخادمات، ووضعت الحلول والتصورات والمرئيات، ولكن دون جدوى ولا معالجة نهائية.
ومع هروب عاملات المنزل يضطر المواطن الخليجي إلى اللجوء إلى استقدام عاملات بطرق غير مشروعة، حتى تعينه على مهام المنزل، وخاصة في شهر رمضان، إلى حين استقدام عاملة جديدة بطريقة قانونية.
في روايته «موسم الهجرة إلى الشمال» كتب الأديب الراحل الطيب صالح عن حكاية شخص عربي هاجر إلى بلاد الفرنجة، ومدى تأثره وتأثيره على الثقافة الغربية هناك.. ولو كان حيا يرزق اليوم بيننا لكتب رواية جديدة عن: «موسم الهروب الرمضاني للخادمات في البلاد الخليجية».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك