العدد : ١٧٤٤٢ - الأربعاء ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ رجب ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٤٢ - الأربعاء ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ رجب ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

آفاق التعاون بين البحرين وكازاخستان

بقلم: د. نبيل العسومي

الأربعاء ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٥ - 02:00

جمهورية‭ ‬كازاخستان‭ ‬هي‭ ‬إحدى‭ ‬الجمهوريات‭ ‬السوفيتية‭ ‬السابقة‭ ‬المهمة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأهمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والزراعية‭ ‬والثقافية‭ ‬والعلمية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬لما‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬مساحات‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الخصبة‭ ‬والخيرات‭ ‬المادية‭ ‬المختلفة‭ ‬فكانت‭ ‬كازاخستان‭ ‬مصدرا‭ ‬أساسيا‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭ ‬القومي‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬ومساهما‭ ‬رئيسيا‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الميزانية‭ ‬السوفيتية‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬موسكو،‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬السوفيتية‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬كازاخستان‭ ‬منهم‭ ‬نور‭ ‬سلطان‭ ‬نزارباييف‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬الشابة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬للحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬السوفيتي‭ ‬وهي‭ ‬أعلى‭ ‬سلطة‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬السوفييت‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬كازاخستان‭ ‬بعد‭ ‬الانهيار‭  ‬المدوي‭ ‬للاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬التسعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬لقيادة‭ ‬كازاخستان‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحقبة‭ ‬السوفيتية‭ ‬ليصبح‭ ‬أول‭ ‬رئيس‭ ‬لكازاخستان‭ ‬بعد‭ ‬حصولها‭ ‬على‭ ‬الاستقلال‭ ‬وخروجها‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬حيث‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬السير‭ ‬بالبلاد‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان‭ ‬بعد‭ ‬تجاوز‭ ‬تداعيات‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬الذي‭ ‬جمع‭ ‬خمس‭ ‬عشرة‭ ‬جمهورية‭ ‬على‭ ‬مدار‭  ‬سبعة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬ولذلك‭ ‬كانت‭ ‬كازاخستان‭ ‬أقل‭ ‬الجمهورية‭ ‬السوفيتية‭ ‬السابقة‭ ‬تأثرا‭ ‬بالانهيار‭.‬

وبعد‭ ‬استقرار‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬سلم‭ ‬نزارباييف‭ ‬السلطة‭ ‬إلى‭ ‬جيل‭ ‬الشباب‭ ‬بقيادة‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬قاسم‭ ‬دجومارت‭ ‬توكاييف،‭ ‬حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬كازاخستان‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكمه‭ ‬دولة‭ ‬متطورة‭ ‬عصرية‭ ‬وحديثة‭ ‬ذات‭ ‬اقتصاد‭ ‬قوي،‭ ‬وتمكن‭ ‬من‭ ‬توظيف‭ ‬مصادر‭ ‬دخل‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للبلاد‭ ‬وإعمارها‭ ‬وتحسين‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬للمواطن‭ ‬الكازاخستاني،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬إقامة‭ ‬علاقات‭ ‬متوازنة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬شرقها‭ ‬وغربها‭ ‬جنوبها‭ ‬وشمالها‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬مع‭ ‬مراعاة‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭  ‬والانضمام‭ ‬إلى‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭ ‬باعتبار‭ ‬كازاخستان‭ ‬دولة‭ ‬مسلمة‭ ‬يعتنق‭ ‬أغلب‭ ‬سكانها‭ ‬العقيدة‭ ‬الإسلامية‭ ‬السمحاء‭.‬

ورغم‭ ‬البعد‭ ‬الجغرافي‭ ‬واختلاف‭ ‬التطور‭ ‬التاريخي‭ ‬بين‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وجمهورية‭ ‬كازاخستان،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يجمع‭ ‬بينهما‭ ‬أنهما‭ ‬كانتا‭ ‬ملتقى‭ ‬طرق‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية،‭ ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬كازاخستان‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬طريق‭ ‬الحرير‭ ‬الذي‭ ‬ربط‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬ومنطقة‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬وبلاد‭ ‬فارس‭ ‬والجزيرة‭ ‬العربية‭ ‬وأوروبا،‭ ‬فإن‭ ‬البحرين‭ ‬شكلت‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬الموانئ‭ ‬للسفن‭ ‬التجارية‭ ‬بسبب‭ ‬موقعها‭ ‬المتميز‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬فكانت‭ ‬البحرين‭ ‬مركزا‭ ‬مهما‭ ‬لعبور‭ ‬البضائع‭ ‬من‭ ‬الهند‭ ‬وشرق‭ ‬إفريقيا‭ ‬والجزيرة‭ ‬العربية‭ ‬وبلاد‭ ‬السند‭ ‬وحضارة‭ ‬بابل،‭ ‬ولذلك‭ ‬كانت‭ ‬البحرين‭ ‬وكازاخستان‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية‭.‬

كما‭ ‬يمثل‭ ‬الإسلام‭ ‬رابطا‭ ‬أساسيا‭ ‬بين‭ ‬كازاخستان‭ ‬والبحرين،‭ ‬فقد‭ ‬دخلت‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬الميلادي‭ ‬ودخلت‭ ‬كازاخستان‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العاشر‭ ‬الميلادي،‭ ‬حيث‭ ‬شكل‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬البلدين‭ ‬منظومة‭ ‬قيم‭ ‬تجسد‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاحترام‭ ‬والالتزام‭ ‬بالتعاليم‭ ‬الإسلامية‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬تحفظ‭ ‬كيان‭ ‬الأمم‭.‬

لقد‭ ‬شكلت‭ ‬هذه‭ ‬الخلفية‭ ‬المشتركة‭ ‬الأساس‭ ‬القوي‭ ‬لتعزيز‭ ‬الثقة‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬وكازاخستان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تفاعل‭ ‬الحضارات،‭ ‬فإذا‭ ‬تأثرت‭ ‬كازاخستان‭ ‬بالحضارة‭ ‬التركية‭ ‬والفارسية‭ ‬والروسية،‭ ‬فإن‭ ‬البحرين‭ ‬تأثرت‭ ‬بالحضارة‭ ‬الإسلامية‭ ‬والعربية‭ ‬والعثمانية‭ ‬مع‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بالهوية‭ ‬الوطنية‭.‬

وانطلاقة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القواسم‭ ‬المشتركة‭ ‬حرص‭ ‬البلدان‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬بينهما‭ ‬وفق‭ ‬القواسم‭ ‬المشتركة‭ ‬التي‭ ‬تجمعهما،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬إعلان‭ ‬إقامة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الرسمية‭ ‬الكاملة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1992‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬حصول‭ ‬جمهورية‭ ‬كازاخستان‭ ‬على‭ ‬استقلالها‭ ‬بعد‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬ومن‭ ‬محاسن‭ ‬الصدف‭ ‬أن‭ ‬العيد‭ ‬الوطني‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وجمهورية‭ ‬كازاخستان‭ ‬يصادف‭ ‬يوم‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬ديسمبر‭.‬

ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬تنامى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بتطوير‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والثقافية‭ ‬والعلمية‭ ‬والأكاديمية‭ ‬والمصرفية‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التمويل‭ ‬الاسلامي‭ ‬توجت‭ ‬بزيارة‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬المعظم‭ ‬أيده‭ ‬لجمهورية‭ ‬كازاخستان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬حيث‭ ‬أسهمت‭ ‬تلك‭ ‬الزيارة‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬الإطار‭ ‬العام‭ ‬للعلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توقيع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬وتسهيل‭ ‬دخول‭ ‬مواطني‭ ‬كازاخستان‭ ‬إلى‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وإعفاء‭ ‬مواطني‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬الفيزا‭ ‬لزيارة‭ ‬كازاخستان‭ ‬وافتتاح‭ ‬القنصلية‭ ‬العامة‭ ‬لكازاخستان‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تمهيدا‭ ‬لتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬سفارة‭ ‬وتعيين‭ ‬السيد‭ ‬بابر‭ ‬دواربينييك‭ ‬قنصلا‭ ‬عاما‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬الذي‭ ‬يبذل‭ ‬جهودا‭ ‬كبيرة‭ ‬لتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬البحرينيين‭ ‬للتعريف‭ ‬بالإمكانيات‭ ‬الاستثمارية‭ ‬في‭ ‬كازاخستان‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬الفعاليات‭ ‬الفنية‭ ‬والثقافية‭ ‬والسياحية‭ ‬لتطوير‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬وكازاخستان‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المجالات‭ ‬ومرافقة‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬والمستثمرين‭ ‬الكازاخستانيين‭ ‬خلال‭ ‬زيارتهم‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وترتيب‭ ‬لقاءاتهم‭ ‬مع‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬التجاري‭ ‬والاستثماري‭ ‬في‭ ‬البحرين‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا