العدد : ١٧٤٣٢ - الأحد ١٤ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٣٢ - الأحد ١٤ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

الترابط الخليجي في ظل التعقيدات والتصعيدات الجيوسياسيـة فـي المنطقة

بقلم: عبدالهادي الخلاقي

الأحد ١٤ ديسمبر ٢٠٢٥ - 02:00

يُعد‭ ‬التلاحم‭ ‬والترابط‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التعقيدات‭ ‬والتصعيدات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أحد‭ ‬اهم‭ ‬الركائز‭ ‬التي‭ ‬تحفظ‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬وسيادة‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التوترات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالحرب‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬وما‭ ‬نشهده‭ ‬من‭ ‬تصعيد‭ ‬صارخ‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الاحتلال‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬في‭ ‬عدوانه‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وتوسع‭ ‬هذا‭ ‬العدوان‭ ‬ليشمل‭ ‬دولا‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬بل‭ ‬تماديه‭ ‬في‭ ‬انتهاك‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬صراعات‭ ‬إقليمية‭ ‬أخرى‭ ‬تلقي‭ ‬بظلالها‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يُعد‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬التحديات‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬يُعد‭ ‬فرصة‭ ‬أمام‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬لإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬العقبات‭ ‬التي‭ ‬تُعيق‭ ‬العمل‭ ‬الخليجي‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭.‬

السياق‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬يشهد‭ ‬تصاعداً‭ ‬مستمراً‭ ‬في‭ ‬التوترات‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية،‭ ‬وتُعد‭ ‬إيران‭ ‬طرفاً‭ ‬محورياً‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأزمات،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي،‭ ‬أو‭ ‬نفوذها‭ ‬الإقليمي‭ ‬عبر‭ ‬أذرعها‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وأي‭ ‬حرب‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬تصعيد‭ ‬كبير‭ ‬تجاه‭ ‬إيران‭ ‬ستكون‭ ‬له‭ ‬تداعيات‭ ‬أمنية‭ ‬واقتصادية‭ ‬خطيرة‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬نظراً‭ ‬الى‭ ‬القرب‭ ‬الجغرافي،‭ ‬والارتباطات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والنفطية،‭ ‬والتهديد‭ ‬المحتمل‭ ‬للممرات‭ ‬البحرية‭ ‬مثل‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‭.‬

وهنا‭ ‬لأبد‭ ‬من‭ ‬تأكيد‭ ‬أهمية‭ ‬التلاحم‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬تحديداً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬التعقيدات،‭ ‬ويظهر‭ ‬التلاحم‭ ‬الخليجي‭ ‬كعامل‭ ‬استراتيجي‭ ‬حاسم‭ ‬لتعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬الجماعي‭ ‬كالتكامل‭ ‬في‭ ‬الدفاعات‭ ‬الجوية‭ ‬والبحرية،‭ ‬وتبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية،‭ ‬وتنسيق‭ ‬السياسات‭ ‬الخارجية‭ ‬بشأن‭ ‬أي‭ ‬مهدد‭ ‬خارجي،‭ ‬كذلك‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬حماية‭ ‬المصالح‭ ‬الخليجية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وذلك‭ ‬بتجنيب‭ ‬أسواق‭ ‬الطاقة‭ ‬الخليجية‭ ‬صدمات‭ ‬خطيرة‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬السوق‭ ‬العالمية،‭ ‬وتنسيق‭ ‬سياسات‭ ‬الطاقة‭ ‬والتصدير‭ ‬بحيث‭ ‬يجعل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تؤمن‭ ‬ممرات‭ ‬امداد‭ ‬الطاقة‭ ‬للعالم‭ ‬والتكفل‭ ‬بحمايتها‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬أي‭ ‬اعتداءات‭ ‬عسكرية،‭ ‬وتوفير‭ ‬بدائل‭ ‬استراتيجية‭ ‬ناجعة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تعطلت‭ ‬طرق‭ ‬الملاحة‭.‬

وحدة‭ ‬الموقف‭ ‬السياسي‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬أضحت‭ ‬أمرا‭ ‬حتميا‭ ‬وليست‭ ‬خيارا،‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬سيادة‭ ‬واستقرار‭ ‬المنطقة،‭ ‬ويأتي‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تأكيد‭ ‬رفض‭ ‬التدخلات‭ ‬الخارجية‭ ‬سواءً‭ ‬الإيرانية‭ ‬أو‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للدول‭ ‬الخليجية‭ ‬تحت‭ ‬اي‭ ‬مبرر،‭ ‬كذلك‭ ‬دعم‭ ‬جهود‭ ‬التهدئة‭ ‬والحوار‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬القضايا‭ ‬والخلافات‭ ‬التي‭ ‬تعصف‭ ‬بالمنطقة‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬قوة،‭ ‬ومما‭ ‬لاشك‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬التحدث‭ ‬بصوت‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية‭ ‬يعكس‭ ‬مدى‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬ويمنحها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬جيوسياسي‭ ‬يتعلق‭ ‬بمنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بأكملها‭.‬

في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬التحديات‭ ‬أمام‭ ‬التلاحم‭ ‬الخليجي‭ ‬مازالت‭ ‬تحول‭ ‬بين‭ ‬التكامل‭ ‬والاتحاد‭ ‬رغم‭ ‬الجهود‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬يبذلها‭ ‬قادة‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭.‬

إن‭ ‬التكامل‭ ‬الخليجي‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬ليس‭ ‬بالأمر‭ ‬السهل‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬ليس‭ ‬بالأمر‭ ‬المستحيل‭ ‬وحتى‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬الفاصلة‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تعزيز‭ ‬التلاحم‭ ‬الخليجي‭ ‬واستدراك‭ ‬الخطر‭ ‬واستغلال‭ ‬الفرص‭ ‬المتاحة‭ ‬لذلك‭ ‬ومنها؛‭ ‬إحياء‭ ‬وتفعيل‭ ‬مبادئ‭ ‬العمل‭ ‬الخليجي‭ ‬المشترك‭ ‬وفقاً‭ ‬لاتفاقية‭ ‬الدفاع‭ ‬المشترك‭ ‬والتكامل‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وتوحيد‭ ‬المواقف‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬تجاه‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬تجنيب‭ ‬المنطقة‭ ‬الانزلاق‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬مفتوح،‭ ‬كذلك‭ ‬تعزيز‭ ‬الوعي‭ ‬الشعبي‭ ‬الخليجي‭ ‬بأهمية‭ ‬الوحدة‭ ‬والتماسك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬وتحصين‭ ‬الجبهة‭ ‬الداخلية‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬محاولات‭ ‬لزرع‭ ‬الفُرقة،‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬والإعلامي‭ ‬لمواجهة‭ ‬الحروب‭ ‬غير‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تستخدمها‭ ‬أطراف‭ ‬إقليمية‭ ‬لإضعاف‭ ‬اللحمة‭ ‬الخليجية‭.‬

رغم‭ ‬التحديات‭ ‬الجسيمة‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬نتيجة‭ ‬التصعيدات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬فإن‭ ‬الفرصة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قائمة‭ ‬لتعزيز‭ ‬التلاحم‭ ‬الخليجي‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬مصدر‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الأزمات،‭ ‬فالوحدة‭ ‬الخليجية‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬خياراً‭ ‬سياسياً‭ ‬أو‭ ‬تطلعات‭ ‬شعبية‭ ‬يرددها‭ ‬المواطنون‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬باتت‭ ‬ضرورة‭ ‬استراتيجية‭ ‬لأمن‭ ‬واستقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬وضمانة‭ ‬لنمائها‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مكتسباتها‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا