تبدأ الحكاية من حقيقة يعرفها كل من عمل مع المرأة البحرينية. فهي لم تكن يوماً تفتقر إلى القدرة، ولم تنتظر من يؤكد لها قيمتها أو يشجعها على التقدم. كانت تحمل في داخلها قوة ثابتة ورغبة صادقة في العمل واستعدادا كبيرا يتراكم بصمت. ما كانت تنتظره هو فرصة عادلة تمنحها مساحة لتظهر ما تعرفه وما تستطيع تقديمه. وحين جاءت هذه الفرصة، حتى وإن جاءت صغيرة أو متأخرة قليلاً، كانت كافية لفتح الباب أمام قوة ناضجة تراكمت عبر السنوات.
ومع مرور الوقت، ظهر أثر هذه الفرص بوضوح في كل قطاع المرأة البحرينية لم تدخل مواقعها الجديدة بحثاً عن حضور شكلي، لكنها دخلتها لأنها مستعدة. تعمل بثقة، وتدير مسؤولياتها بروح عملية، وتضيف حلولا وأفكارا ترتقي بمكان عملها. وكل خطوة تقدمت بها كانت تفتح الباب لامرأة أخرى تنتظر دورها، ما عزز فكرة أن النجاح ينطلق من القدرة الداخلية لا من حجم الفرصة.
وفي هذا السياق تظهر الحقيقة الأعمق.. فرصة واحدة تكفي البحرينية.. فهي لا تحتاج إلى ظروف مثالية أو دعم استثنائي. تحتاج فقط إلى مساحة تُسمع فيها أفكارها وتُرى فيها قدرتها وعندما تحصل على هذه المساحة، تحولها إلى بداية مختلفة.. تبني منها مشروعا ناجحا أو مبادرة جديدة أو دورا مهنيا مؤثرا. وقد أثبتت تجارب كثيرة أن المرأة البحرينية تصنع من الفرص الصغيرة إنجازاً كبيراً، وتترك في كل خطوة بصمتها الخاصة.
ويحمل شعار عام 2025 «تميز… إبداع… ابتكار» معنى يتجاوز الاحتفال بما تحقق، ليعكس مرحلة وصلت فيها المرأة البحرينية إلى حضور يدفعها الى التفكير بطرق جديدة وصياغة حلول مختلفة ومواصلة التقدم بثقة. فالابتكار جزء من طريقتها في مواجهة تحديات الحياة والعمل، والإبداع أسلوب تفكر به وهي تبحث عن الأفضل دائماً.. والتميز نتيجة طبيعية لهذا المسار المتواصل. هذا الشعار يضع المرأة أمام مساحة تستحقها وتسمح لها بتحويل أفكارها إلى مبادرات، وتجاربها إلى حلول، وقدرتها إلى أثر يشعر به الجميع. واليوم، ومع ما تملكه البحرينية من استعداد وخبرة، تحتاج إلى فرص أوسع تعكس حجم طاقتها، لأن كل مساحة تُمنح لها تضيف قيمة جديدة الى المؤسسات وللمجتمع، وتفتح باباً مختلفاً لفكرة تنمو أو مشروع يُبنى أو طريق يتقدم.
وما يجعل هذا الحضور مستمراً هو قدرة المرأة البحرينية على التوازن. تعمل وتنجز وتستمر في أدوارها الأسرية والاجتماعية من دون أن تفقد جانباً أو تهمل آخر. هذا التوازن ليس أمراً سهلاً، لكنه نابع من وعي عميق بدورها في الحياة. فهي تفهم أن النجاح لا يكتمل إذا جاء على حساب بيتها، وأن العطاء لا يتوقف عند حدود العمل وهذا الوعي هو ما يجعلها قادرة على المضي بثبات رغم تعدد المسؤوليات.
ولا يمكن الحديث عن هذه المسيرة دون الإشارة إلى الدعم الوطني الذي حظيت به المرأة البحرينية. فقد آمنت القيادة بقدرتها، وفتحت أمامها الأبواب، ومنحتها الثقة التي تستحقها. هذا الدعم لم يكن مجاملة عابرة، إنما قناعة حقيقية بأن المرأة قادرة على الإضافة والتطوير والابتكار. وكل جهة دعمت، وكل مسؤول منح فرصة، كان جزء من بناء هذا الحضور الذي نراه اليوم. ومع مرور الوقت أصبح واضحاً على مستوى مؤسسات الدولة والمجتمع أن الفرصة ليست تفضيلاً لشخص دون آخر، وإنما مسؤولية تُمنح لمن يعمل بجد ويثبت قدرته.
وفي نهاية هذه الرحلة التي تتجدد كل يوم، يبقى الدرس الأهم واضحاً: القدرة موجودة منذ البداية، والفرصة هي الفارق. وعندما تحصل المرأة البحرينية على هذه الفرصة، مهما كان حجمها، تحولها إلى طريق يزداد أثره مع الزمن. فهي لا تكتفي بالإنجاز، لكنها تضيف إليه إبداعاً يثريه، وتميزاً يعزز قيمته، وابتكاراً يفتح أمامه أفقاً جديداً. وكل خطوة تخطوها تجعل حضورها أعمق، وتبني بعملها مساحة أوسع لمن يأتي بعدها. ولهذا نقول بثقة إن فرصة واحدة تكفي، لأنها لا تغلق المسار، وإنما تتحول إلى بداية لطريق ينمو بالإبداع، ويتقدم بالابتكار، ويستمر بالتميز.
{ مهتمة بالحوكمة وتطوير الأداء المؤسسي.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك