العدد : ١٧٤٢٠ - الثلاثاء ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٢٠ - الثلاثاء ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

مقالات

فرصة واحدة تكفي لتتقدم البحرينية

بقلم: عبير محمد دهام

الثلاثاء ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٥ - 02:00

تبدأ‭ ‬الحكاية‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬يعرفها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬مع‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭. ‬فهي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬يوماً‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬القدرة،‭ ‬ولم‭ ‬تنتظر‭ ‬من‭ ‬يؤكد‭ ‬لها‭ ‬قيمتها‭ ‬أو‭ ‬يشجعها‭ ‬على‭ ‬التقدم‭. ‬كانت‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬داخلها‭ ‬قوة‭ ‬ثابتة‭ ‬ورغبة‭ ‬صادقة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬واستعدادا‭ ‬كبيرا‭ ‬يتراكم‭ ‬بصمت‭. ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تنتظره‭ ‬هو‭ ‬فرصة‭ ‬عادلة‭ ‬تمنحها‭ ‬مساحة‭ ‬لتظهر‭ ‬ما‭ ‬تعرفه‭ ‬وما‭ ‬تستطيع‭ ‬تقديمه‭. ‬وحين‭ ‬جاءت‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬جاءت‭ ‬صغيرة‭ ‬أو‭ ‬متأخرة‭ ‬قليلاً،‭ ‬كانت‭ ‬كافية‭ ‬لفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬قوة‭ ‬ناضجة‭ ‬تراكمت‭ ‬عبر‭ ‬السنوات‭.‬

ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬ظهر‭ ‬أثر‭ ‬هذه‭ ‬الفرص‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬قطاع‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬لم‭ ‬تدخل‭ ‬مواقعها‭ ‬الجديدة‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬حضور‭ ‬شكلي،‭ ‬لكنها‭ ‬دخلتها‭ ‬لأنها‭ ‬مستعدة‭. ‬تعمل‭ ‬بثقة،‭ ‬وتدير‭ ‬مسؤولياتها‭ ‬بروح‭ ‬عملية،‭ ‬وتضيف‭ ‬حلولا‭ ‬وأفكارا‭ ‬ترتقي‭ ‬بمكان‭ ‬عملها‭. ‬وكل‭ ‬خطوة‭ ‬تقدمت‭ ‬بها‭ ‬كانت‭ ‬تفتح‭ ‬الباب‭ ‬لامرأة‭ ‬أخرى‭ ‬تنتظر‭ ‬دورها،‭ ‬ما‭ ‬عزز‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬النجاح‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬القدرة‭ ‬الداخلية‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬الفرصة‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬تظهر‭ ‬الحقيقة‭ ‬الأعمق‭.. ‬فرصة‭ ‬واحدة‭ ‬تكفي‭ ‬البحرينية‭.. ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ظروف‭ ‬مثالية‭ ‬أو‭ ‬دعم‭ ‬استثنائي‭. ‬تحتاج‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬مساحة‭ ‬تُسمع‭ ‬فيها‭ ‬أفكارها‭ ‬وتُرى‭ ‬فيها‭ ‬قدرتها‭ ‬وعندما‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المساحة،‭ ‬تحولها‭ ‬إلى‭ ‬بداية‭ ‬مختلفة‭.. ‬تبني‭ ‬منها‭ ‬مشروعا‭ ‬ناجحا‭ ‬أو‭ ‬مبادرة‭ ‬جديدة‭ ‬أو‭ ‬دورا‭ ‬مهنيا‭ ‬مؤثرا‭. ‬وقد‭ ‬أثبتت‭ ‬تجارب‭ ‬كثيرة‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬تصنع‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬الصغيرة‭ ‬إنجازاً‭ ‬كبيراً،‭ ‬وتترك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬خطوة‭ ‬بصمتها‭ ‬الخاصة‭.‬

ويحمل‭ ‬شعار‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬‮«‬تميز‮…‬‭ ‬إبداع‮…‬‭ ‬ابتكار‮»‬‭ ‬معنى‭ ‬يتجاوز‭ ‬الاحتفال‭ ‬بما‭ ‬تحقق،‭ ‬ليعكس‭ ‬مرحلة‭ ‬وصلت‭ ‬فيها‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬إلى‭ ‬حضور‭ ‬يدفعها‭ ‬الى‭ ‬التفكير‭ ‬بطرق‭ ‬جديدة‭ ‬وصياغة‭ ‬حلول‭ ‬مختلفة‭ ‬ومواصلة‭ ‬التقدم‭ ‬بثقة‭. ‬فالابتكار‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬طريقتها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬الحياة‭ ‬والعمل،‭ ‬والإبداع‭ ‬أسلوب‭ ‬تفكر‭ ‬به‭ ‬وهي‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬الأفضل‭ ‬دائماً‭.. ‬والتميز‭ ‬نتيجة‭ ‬طبيعية‭ ‬لهذا‭ ‬المسار‭ ‬المتواصل‭. ‬هذا‭ ‬الشعار‭ ‬يضع‭ ‬المرأة‭ ‬أمام‭ ‬مساحة‭ ‬تستحقها‭ ‬وتسمح‭ ‬لها‭ ‬بتحويل‭ ‬أفكارها‭ ‬إلى‭ ‬مبادرات،‭ ‬وتجاربها‭ ‬إلى‭ ‬حلول،‭ ‬وقدرتها‭ ‬إلى‭ ‬أثر‭ ‬يشعر‭ ‬به‭ ‬الجميع‭. ‬واليوم،‭ ‬ومع‭ ‬ما‭ ‬تملكه‭ ‬البحرينية‭ ‬من‭ ‬استعداد‭ ‬وخبرة،‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬فرص‭ ‬أوسع‭ ‬تعكس‭ ‬حجم‭ ‬طاقتها،‭ ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬مساحة‭ ‬تُمنح‭ ‬لها‭ ‬تضيف‭ ‬قيمة‭ ‬جديدة‭ ‬الى‭ ‬المؤسسات‭ ‬وللمجتمع،‭ ‬وتفتح‭ ‬باباً‭ ‬مختلفاً‭ ‬لفكرة‭ ‬تنمو‭ ‬أو‭ ‬مشروع‭ ‬يُبنى‭ ‬أو‭ ‬طريق‭ ‬يتقدم‭.‬

وما‭ ‬يجعل‭ ‬هذا‭ ‬الحضور‭ ‬مستمراً‭ ‬هو‭ ‬قدرة‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬على‭ ‬التوازن‭. ‬تعمل‭ ‬وتنجز‭ ‬وتستمر‭ ‬في‭ ‬أدوارها‭ ‬الأسرية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تفقد‭ ‬جانباً‭ ‬أو‭ ‬تهمل‭ ‬آخر‭. ‬هذا‭ ‬التوازن‭ ‬ليس‭ ‬أمراً‭ ‬سهلاً،‭ ‬لكنه‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬وعي‭ ‬عميق‭ ‬بدورها‭ ‬في‭ ‬الحياة‭. ‬فهي‭ ‬تفهم‭ ‬أن‭ ‬النجاح‭ ‬لا‭ ‬يكتمل‭ ‬إذا‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬بيتها،‭ ‬وأن‭ ‬العطاء‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬العمل‭ ‬وهذا‭ ‬الوعي‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬المضي‭ ‬بثبات‭ ‬رغم‭ ‬تعدد‭ ‬المسؤوليات‭.‬

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المسيرة‭ ‬دون‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬الدعم‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬حظيت‭ ‬به‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭. ‬فقد‭ ‬آمنت‭ ‬القيادة‭ ‬بقدرتها،‭ ‬وفتحت‭ ‬أمامها‭ ‬الأبواب،‭ ‬ومنحتها‭ ‬الثقة‭ ‬التي‭ ‬تستحقها‭. ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مجاملة‭ ‬عابرة،‭ ‬إنما‭ ‬قناعة‭ ‬حقيقية‭ ‬بأن‭ ‬المرأة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الإضافة‭ ‬والتطوير‭ ‬والابتكار‭. ‬وكل‭ ‬جهة‭ ‬دعمت،‭ ‬وكل‭ ‬مسؤول‭ ‬منح‭ ‬فرصة،‭ ‬كان‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬هذا‭ ‬الحضور‭ ‬الذي‭ ‬نراه‭ ‬اليوم‭. ‬ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬أصبح‭ ‬واضحاً‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬أن‭ ‬الفرصة‭ ‬ليست‭ ‬تفضيلاً‭ ‬لشخص‭ ‬دون‭ ‬آخر،‭ ‬وإنما‭ ‬مسؤولية‭ ‬تُمنح‭ ‬لمن‭ ‬يعمل‭ ‬بجد‭ ‬ويثبت‭ ‬قدرته‭.‬

وفي‭ ‬نهاية‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة‭ ‬التي‭ ‬تتجدد‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬يبقى‭ ‬الدرس‭ ‬الأهم‭ ‬واضحاً‭: ‬القدرة‭ ‬موجودة‭ ‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬والفرصة‭ ‬هي‭ ‬الفارق‭. ‬وعندما‭ ‬تحصل‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة،‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬حجمها،‭ ‬تحولها‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬يزداد‭ ‬أثره‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭. ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تكتفي‭ ‬بالإنجاز،‭ ‬لكنها‭ ‬تضيف‭ ‬إليه‭ ‬إبداعاً‭ ‬يثريه،‭ ‬وتميزاً‭ ‬يعزز‭ ‬قيمته،‭ ‬وابتكاراً‭ ‬يفتح‭ ‬أمامه‭ ‬أفقاً‭ ‬جديداً‭. ‬وكل‭ ‬خطوة‭ ‬تخطوها‭ ‬تجعل‭ ‬حضورها‭ ‬أعمق،‭ ‬وتبني‭ ‬بعملها‭ ‬مساحة‭ ‬أوسع‭ ‬لمن‭ ‬يأتي‭ ‬بعدها‭. ‬ولهذا‭ ‬نقول‭ ‬بثقة‭ ‬إن‭ ‬فرصة‭ ‬واحدة‭ ‬تكفي،‭ ‬لأنها‭ ‬لا‭ ‬تغلق‭ ‬المسار،‭ ‬وإنما‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬بداية‭ ‬لطريق‭ ‬ينمو‭ ‬بالإبداع،‭ ‬ويتقدم‭ ‬بالابتكار،‭ ‬ويستمر‭ ‬بالتميز‭.‬

 

{ ‭ ‬مهتمة‭ ‬بالحوكمة‭ ‬وتطوير‭ ‬الأداء‭ ‬المؤسسي‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا