أطلقت مشروعي من الصفر وأعمل حاليا مع كبار السوق
كل قطعة من تصميمي تمثل رؤية وحكاية ورمزا
أجرت الحوار: هالة كمال الدين
سئلت الكاتبة والناشطة الأمريكية هيلن كيلر عما هو أسوأ من أن يولد المرء ضريرا، فأجابت: «أن يكون لك بصر بلا رؤية»!.
هذا ما آمنت به وطبقته على أرض الواقع سيدة الأعمال مصممة المجوهرات فاطمة سلمان الصديقي، لذلك حرصت على أن تحوي كل قطعة من تصميمها رؤية أو حكاية أو رمزا ما، وهذا هو سر تميزها وتألقها في هذا العالم الساحر انطلاقا من قناعتها بأنه لا شيء أسوأ من نشاط من دون رؤية كما قال المؤرخ والناقد الاسكتلندي توماس كارليل.
نعم أصحاب الرؤية هم أولئك الذين يمتلكون القدرة على تخيل المستقبل، ورسم صورة واضحة لأهدافهم، والتفكير الاستراتيجي لتحقيقه، باختصار هم قادة يلهمون الآخرين، ومن بين هؤلاء هذه المرأة التي عشقت كل أنواع الفنون، لكنها وجدت ملاذها في عالم المجوهرات، فراحت تضيف إليه من لمساتها وتصاميمها المبدعة لتنتج قطعا غاية في الإبداع والأناقة تمثل كل منها حكاية ترتديها المرأة تعكس هوية ورؤية فنية خاصة، وذلك عبر براند خاص بها حرصت من خلاله على مزج الحداثة بالتراث.
حول هذه التجربة الملهمة كان الحوار التالي:
*حدثينا عن نشأتك؟
-لقد عشقت منذ الصغر مختلف الأعمال اليدوية، والرسم والمشاركة في كثير من الفعاليات والمسابقات والتمثيل، وكنت من أبرز متحدثي الإذاعة المدرسية وكان والدي يحفزني بشدة على القراءة ويحرص على اصطحابي معه إلى معارض الكتب المختلفة، هذا فضلا عن حرصه على مشاهدة العائلة للأفلام والأغاني العربية القديمة، هذا فضلا عن كون والدتي فنانة مبدعة في عدة مجالات في مقدمتها الخياطة والطبخ، الأمر الذي أثر في صقل شخصيتي كثيرا وفي ارتباطي بمختلف أنواع الفنون.
*بدايتك مع تصميم المجوهرات؟
-لقد جاء مشروعي لتصميم المجوهرات وتنفيذها مؤخرا، فعقب تخرجي في الجامعة بعد دراسة تخصص علوم الحاسوب، اكتشفت أنني أحب مجالي الجرافيك والفوتوشوب والكتابة في المنتديات، علما بأنني تزوجت مبكرا وكان ذلك أثناء العام الدراسي الثالث من المرحلة الجامعية، كما أنجبت طفلي الأول قبل التخرج، الأمر الذي أوقفني حوالي عام عن الدراسة، ثم عدت واستأنفت مشواري العلمي وقد تفرغت حوالي عامين لرعاية أسرتي التي أعطيها دائما الأولوية وذلك بعد عملي بحوالي ثلاث سنوات في مجال التربية والتعليم.
*أول مشروع خاص؟
-أنا بطبيعتي لا أستطيع تحمل الشعور بالفراغ، لذلك خضت في أكثر من مشروع خاص بعدة مجالات منها تنظيم الفعاليات، وإنتاج الشكولاتة والذي لاقى نجاحا كبيرا نظرا لحرصي على الدقة والتميز والتفرد وعدم التكرار، ولكني في النهاية وجدت شغفي في مجال تصميم المجوهرات، وشجعني على ذلك زوجي الذي تنبأ لي بنجاح باهر في هذا المجال خاصة وأنني كنت مولعة به وأحرص دوما على زيارة المعارض للاطلاع على مختلف وأحدث التصاميم ولن أنسى دعمه الكبير لي فهو وراء كل ما حققته اليوم.
متى جاءت فكرة البراند؟
-البداية جاءت بالصدفة، وذلك حين بحثت عن قطعة مجوهرات معينة من الذهب والماس كنت قد تخيلتها في ذهني ولم أجدها، فقررت أن أصممها وأنفذها بنفسي، وحين اطلع عليها شخص ما من المعارف المقربين وصفها بأنها تمثل في حد ذاتها براند مميزا، وشجعني كثيرا على احتراف هذا المجال وإطلاق مشروع خاص بي، وظلت الفكرة في ذهني، إلى أن جاء وقت التنفيذ بتشجيع ودعم من زوجي خاصة حين شعرت بأن لدي متسعا من الوقت بعدما كبر أبنائي إلى حد ما حيث لم تسنح لي هذه الفرصة من قبل خاصة وأنني لم أعتمد على الخدم قط لحرصي على رعاية شؤون بيتي وأسرتي بصفة شخصية.
كيف تأهلت للخوض في هذا المجال؟
-لقد بدأت دراسة تصميم المجوهرات من خلال الالتحاق بعدة ورش وكورسات عبر الإنترنت خارج البحرين وداخلها، وقد تزامن ذلك مع اندلاع جائحة كورونا، وتقدمت للحصول علي سجل افتراضي وقمت بتصميم العديد من القطع الفريدة وتنفيذها، وكانت البداية عبارة عن ابتكار تصميمات للمقربين لي، ثم قررت الخروج من هذا الإطار وقمت بعرض تصاميمي على بعض المحلات الكبيرة ومنها مجوهرات الفردان والكوهجي، واللذين أبديا إعجابهما الشديد بها، والمعروف عن عمار الفردان حرصه على احتضان كثير من المصممات البحرينيات وكنت واحدة من بينهن، وقد تعاونت مع ورش لتنفيذ التصاميم الخاصة بي.
أهم التحديات التي واجهتك؟
بالطبع واجهتني بعض الصعوبات في البداية خاصة فيما يتعلق بقص الحجر وهو ما أتميز به، حيث لا تتوفر الماكينات والكوادر المؤهلة في هذا المجال، وقد عرف عني عشقي للتفاصيل الدقيقة والاهتمام بملمس الذهب ولمعته، لذلك كنت أضطر في كثير من الأحيان إلى تذويب القطع لعدم تطابقها لما هو في ذهني وإعادة صياغتها من جديد، وهو أمر مكلف ماديا، وبشكل عام يمكن القول إن أي تجارب فاشلة أو خسائر تعرضت لها منحتني القوة وحفزتني على المواصلة بكل إصرار، حتى الانتقادات التي وجهت لي اتخذت منها وسيلة لتطوير مهاراتي وخبراتي هذا فضلا عن تحد آخر مهم استطعت إلى حد كبير التصدي له وهو يتعلق بكيفية تحقيق الموازنة بين حلمي وموهبتي وأسرتي التي أضعها دوما في قمة أولوياتي.
وماذا عن المنافسة؟
-يمكن القول إن خطواتي بطيئة، ولكنها ثابتة، أما الحروب مع المنافسين فلا أكترث بها طالما حرصت على السير في الطريق الصحيح، وقبل ذلك مراعاة الله سبحانه وتعالى في كل خطواتي، وعموما أنا أتمتع بقناعة تامة بأن كل تجربة نجاح أو فشل تجعلني أقوى وأقرب إلى تحقيق حلمي، هذا فضلا عن حرصي الدائم على التميز والاختلاف ومن ثم تقديم لمسات مختلفة ومبدعة.
وما لمساتك المميزة؟
-أنا عاشقة بشدة للدمج بين الأحجار والماس واللؤلؤ وهذا ما يميزني عن الآخرين في السوق، كما أنني أنظر إلى كل قطعة على أنها ليست للزينة فقط بل يجب أن تحوي معني وأثرا وحكاية وحين ترتديها المرأة فإنها تشع من خلالها مشاعر وهوية ورؤية فنية خاصة، كذلك عرف عني الحرص على المزج بين التراث والحداثة عند تصميم أي قطعة بحيث تجمع بين المدرستين الكلاسيكية والعصرية، مع تقديم قصات فريدة من الأحجار إلى جانب إمكانية ارتداء القطعة بأكثر من طريقة، ويحضرني هنا وصف الفنان الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة لتصاميمي حين اطلع عليها بأنها مميزة وذات طابع خاص الأمر الذي حفزني وشجعني كثيرا.
أفضل تصميم؟
-لقد ذاع صيتي من خلال ابتكار قطع تحمل أسماء عربية منها «مريم» على سبيل المثال، والتي استخدم في صنعها الذهب البحريني واللؤلؤ، علما بأن والدتي وابنتي تحملان نفس الاسم، وقد أدمجت فيها بين الشكل الهندي وأوراق الشجر وقطرات الندى وحجر الفيروز، وهي مجموعة تنم عن هوية ومعنى، ولعل أقرب تصميم إلى قلبي كان باسم «فيونة»، وهو مستوحى من الطائرة الورقية التي ترمز للحرية والانطلاق، وتلك هي نظرتي للحياة بشكل عام بما تحمله من براءة وبساطة وطفولة.
ماذا وراء تصميم البيراميدز الشهير؟
-تصميم البيراميدز استوحيته من شكل الأهرامات، وهي رمز الثبات والعراقة، وقد أدخلت فيه حروفا عربية مصنوعة من الألماس، وراعيت من خلاله إبراز جمالية الحروف، الأمر الذي يعكس الهوية العربية والحضارة الفرعونية بصورة أنيقة، وهناك أيضا تصميم أطلقت عليه اسم «سلام» وهو يمثل حلم يتمناه العالم بأكمله ودعوة إلى السلام، واستلهمته من «حمامة السلام» التي ترمز إلى الأمل والطمأنينة، واستخدمت في صنعه حبات الألماس التي تجسد معنى النقاء، وقد تم إطلاقه في معرض المجوهرات العربية بمملكة البحرين وحظي بإعجاب الزائرين بشكل كبير.
من أين تستلهمين تصاميمك؟
-أستلهم تصاميمي من أي شيء حولي، وبصفة خاصة من الفن الإسلامي والأشكال الهندسية والزخارف، فأنا عاشقة للفن بجميع أنواعه وهذا ما يسهل علي الأمر عند ابتكار التصاميم، وأي تصميم بالنسبة إلي هو عبارة عن لوحة فنية تعبر عن شيء أو معنى ما.
حلمك الحالي؟
أحلم بأن أكمل دراستي في جامعات مرموقة في مجال تصميم المجوهرات، وبوصول البراند الخاص إلى العالمية، وقدوتي في ذلك المصممة المصرية عزة فهمي التي أتمنى أن أصل إلى ما وصلت إليه من إبداع وشهرة.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك