العدد : ١٧٤١٤ - الأربعاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤١٤ - الأربعاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

امرأة بقرة وزبائنها بهائم

بعد‭ ‬أسابيع‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬رزق‭ ‬الله‭ ‬الآنسة‭ ‬البريطانية‭ ‬توني‭ ‬ايبدون‭ ‬بطفل‭ ‬جميل،‭ (‬الأم‭ ‬آنسة‭!! ‬واخد‭ ‬بالك؟‭ ‬عادي‭ ‬عندهم‭). ‬شرعت‭ ‬في‭ ‬استثمار‭ ‬كونها‭ ‬أما‭ ‬لوليد‭ ‬عمره‭ ‬شهران،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬السعادة‭ ‬بقدوم‭ ‬الطفل‭ ‬‮«‬المعجزة‮»‬‭! ‬هو‭ ‬ليس‭ ‬معجزة‭ ‬لأن‭ ‬أمه‭ ‬آنسة،‭ ‬فقد‭ ‬أنجبته‭ ‬من‭ ‬بوي‭ ‬فريندها‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬صديقها،‭ ‬وكان‭ ‬البوي‭ ‬فريند‭ ‬هذا‭ ‬قد‭ ‬نفر‭ ‬منها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تكرشت‭ ‬وانبعجت‭ ‬بطنها‭ ‬وتكورت،‭ ‬ووجد‭ ‬لنفسه‭ ‬واحدة‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬قوامها‭ ‬سوى‭ ‬الانحناءات‭ ‬والالتواءات‭ ‬الطبيعية‭ ‬الشبابية‭. ‬هو‭ ‬‮«‬معجزة‮»‬‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬أمه‭ ‬التي‭ ‬فوجئت‭ ‬بصدرها‭ ‬يدر‭ ‬لبنا‭ ‬بكميات‭ ‬كبيرة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬حاجة‭ ‬الرضيع،‭ ‬فهداها‭ ‬تفكيرها‭ ‬إلى‭ ‬استثمار‭ ‬فائض‭ ‬اللبن‭ ‬للتصدير‭. ‬ليس‭ ‬التصدير‭ ‬للخارج‭ ‬بالتحديد،‭ ‬ولكن‭ ‬لأي‭ ‬زبون‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬شراء‭ ‬لبن‭ ‬أم‭ ‬طبيعي‭ (‬ما‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬الضرع‭ ‬لبن‭ ‬في‭ ‬صحيح‭ ‬اللغة‭).‬

نشرت‭ ‬هذه‭ ‬البقرة‭ ‬إعلانا‭ ‬في‭ ‬الإنترنت‭ ‬تعرض‭ ‬فيه‭ ‬لبنها‭ ‬للبيع،‭ ‬ووجدت‭ ‬من‭ ‬يشتريه،‭ ‬أي‭ ‬أنها‭ ‬اكتشفت‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أبقارا‭ ‬وثيرانا‭ ‬حولها‭ ‬تمشي‭ ‬على‭ ‬رجلين‭ ‬وعلى‭ ‬استعداد‭ ‬لشراء‭ ‬لبنها‭. ‬وقالت‭ ‬ايبدون‭ ‬لجريدة‭ ‬دايلي‭ ‬ميل‭ ‬إنها‭ ‬تُسلِّم‭ ‬من‭ ‬يرغب‭ ‬اللبن‭ ‬الطازج‭ ‬يدا‭ ‬بيد‭ ‬بعد‭ ‬دفع‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬خمسة‭ ‬دولارات‭ ‬للأونصة،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الزبون‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬بعيد‭ ‬فإنها‭ ‬تحتفظ‭ ‬له‭ ‬بنصيبه‭ ‬في‭ ‬الثلاجة،‭ ‬وبررت‭ ‬تصرفها‭ ‬هذا‭ ‬بأنها‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬ماذا‭ ‬تفعل‭ ‬بفائض‭ ‬لبن‭ ‬ثدييها‭ ‬وهداها‭ ‬تفكيرها‭ ‬العبقري‭ ‬لبيعه‭ ‬ووجدت‭ ‬من‭ ‬يشتريه‭ ‬و«بارك‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬من‭ ‬نفع‭ ‬واستنفع‮»‬‭. ‬اشترت‭ ‬مضخة‭ ‬تشفط‭ ‬بها‭ ‬اللبن‭ ‬وصارت‭ ‬تعبئه‭ ‬في‭ ‬أكياس‭ ‬تزعم‭ ‬أنها‭ ‬معقمة‭!! ‬وما‭ ‬قيمة‭ ‬التعقيم‭ ‬يا‭ ‬بنت‭ ‬الناس؟‭ ‬في‭ ‬المختبرات‭ ‬يوضع‭ ‬البول‭ ‬في‭ ‬أوعية‭ ‬معقمة‭ ‬والتعقيم‭ ‬لا‭ ‬يجعل‭ ‬البول‭ ‬صالحا‭ ‬للاستخدام‭ ‬الآدمي‭ (‬هناك‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬بينهم‭ ‬ادميرال‭ ‬في‭ ‬سلاح‭ ‬البحرية‭ ‬يشربون‭ ‬بولهم‭ ‬يوميا‭ ‬بزعم‭ ‬أنه‭ ‬مفيد‭ ‬للصحة‭!! ‬يا‭ ‬غجر‭ ‬يا‭ ‬تتر‭ ‬كيف‭ ‬تكون‭ ‬فضلات‭ ‬يلفظها‭ ‬الجسم،‭ ‬وما‭ ‬لم‭ ‬يفعل‭ ‬ذلك‭ ‬يصاب‭ ‬الجسم‭ ‬بالتسمم‭.. ‬كيف‭ ‬تكون‭ ‬مفيدة‭ ‬للجسم؟‭ ‬وكان‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬الهند‭ ‬الأسبق‭ ‬موراجي‭ ‬ديساي‭ ‬يشرب‭ ‬بوله‭ ‬وربما‭ ‬لهذا‭ ‬السبب‭ ‬فقد‭ ‬منصبه‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬واحدة‭). ‬

وبما‭ ‬أنني‭ ‬أميل‭ ‬إلى‭ ‬الوقاحة‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يأتي‭ ‬فعلا‭ ‬قبيحا،‭ ‬فقد‭ ‬تمنيت‭ ‬لو‭ ‬كنت‭ ‬أعيش‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬البلدة‭ ‬مع‭ ‬ايبدي‭ ‬هذه،‭ ‬لأتوجه‭ ‬إليها‭ ‬عارضا‭ ‬احتكار‭ ‬لبنها‭ ‬بالكامل‭ ‬نظير‭ ‬ألف‭ ‬دولار‭ ‬أسبوعيا‭ (‬مثلا‭) ‬بشرط‭ ‬ضمان‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬مغشوش،‭ ‬ولا‭ ‬سبيل‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬الضمان‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬أجيء‭ ‬بـ«حلاب‮»‬‭ ‬يتولى‭ ‬الحلب‭ ‬بنفسه‭.. ‬لست‭ ‬قليل‭ ‬أدب‭ ‬ولكنني‭ ‬كنت‭ ‬سأستمتع‭ ‬بإذلالها‭: ‬كل‭ ‬الحليب‭ ‬الذي‭ ‬يدره‭ ‬صدرك‭ ‬ملك‭ ‬لي‭ ‬ومن‭ ‬حقي‭ ‬أن‭ ‬أحصل‭ ‬عليه‭ ‬بالطريقة‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬حقوقي،‭ ‬وبذلك‭ ‬أجعلها‭ ‬تحس‭ ‬بأنني‭ ‬أتعامل‭ ‬معها‭ ‬كحيوان‭.‬

وطالعت‭ ‬مؤخرا‭ ‬تقارير‭ ‬عن‭ ‬جهات‭ ‬تصنع‭ ‬الجبن‭ ‬من‭ ‬لبن‭ ‬النساء،‭ ‬وتجد‭ ‬من‭ ‬يشتريه‭ ‬بزعم‭ ‬أنه‭ ‬ذو‭ ‬قيمة‭ ‬غذائية‭ ‬عالية‭.. ‬وقد‭ ‬طرح‭ ‬أحد‭ ‬الخبثاء‭ ‬سؤالا‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬صحفي‭: ‬هل‭ ‬لو‭ ‬أكلت‭ ‬جبنا‭ ‬من‭ ‬لبن‭ ‬امرأة‭ ‬ما‭ ‬وشبعت‭ ‬‮«‬تحرم‮»‬‭ ‬علي‭ ‬تلك‭ ‬المرأة؟‭ ‬الإجابة‭ ‬عندي‭: ‬هذا‭ ‬الصنف‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬الذي‭ ‬يبيع‭ ‬كنزا‭ ‬جعله‭ ‬الخالق‭ ‬حكرا‭ ‬للصغار‭ ‬الهابطين‭ ‬من‭ ‬أرحامهن‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬التحريم‭ ‬والتحليل،‭ ‬ولكن‭ ‬أليس‭ ‬أهون‭ ‬على‭ ‬قلبك‭ ‬أن‭ ‬تأكل‭ ‬جبنا‭ ‬مصنوعا‭ ‬من‭ ‬حليب‭ ‬وطواط‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تذوق‭ ‬شيئا‭ ‬ولو‭ ‬من‭ ‬صدر‭ ‬أمك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬الثالثة‭ ‬مثلا؟‭ ‬إنها‭ ‬العولمة‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬بتسليع‭ ‬كل‭ ‬شيء‭: ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يدر‭ ‬المال‭ ‬حلال‭ ‬في‭ ‬فقه‭ ‬العولمة‭.‬‭. ‬ويا‭ ‬بخت‭ ‬المرأة‭ ‬الإيطالية‭ ‬التي‭ ‬تتميز‭ ‬بصدر‭ ‬كالهودج‭ ‬ولا‭ ‬يهمها‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬در‭ ‬اللبن‭ ‬نتيجة‭ ‬حمل‭ ‬وإنجاب‭ ‬نجم‭ ‬عن‭ ‬زواج‭ ‬مسفار‭ ‬أو‭ ‬فرفار‭.‬

كنت‭ ‬أود‭ ‬مناشدة‭ ‬مختبرات‭ ‬الأغذية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬مصحصحة‭ ‬ومفتحة‭ ‬كي‭ ‬تمنع‭ ‬تسلل‭ ‬جبن‭ ‬لبن‭ ‬الأمهات‭ ‬إلى‭ ‬أسواقنا‭ ‬ولكنني‭ ‬قرأت‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬التقارير‭: ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الجبن‭ ‬ينتج‭ ‬بكميات‭ ‬قليلة‭ ‬ولشرائح‭ ‬محددة‭ ‬من‭ ‬المستهلكين‭ ‬الميسورين‭ (‬جعل‭ ‬الله‭ ‬يسرهم‭ ‬عسرا‭)‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا