العدد : ١٧٤١٠ - السبت ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤١٠ - السبت ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

نحو استراتيجية مختلفة للتعامل مع قضايا الأمة

بقلم: د. نبيل العسومي

السبت ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٥ - 02:00

يتساءل‭ ‬المواطن‭ ‬العربي‭ ‬والمسلم‭ ‬عن‭ ‬صدور‭ ‬بيانات‭ ‬الاستنكار‭ ‬والشجب‭ ‬والتنديد‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬القلق‭ ‬وضبط‭ ‬النفس‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المفردات‭ ‬إزاء‭ ‬القضايا‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬لمواجهة‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬تجاوز‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭ ‬إلى‭ ‬لبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬والشقيقة‭ ‬قطر،‭ ‬ويتساءل‭ ‬أيضا‭ ‬عن‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬بيانات‭ ‬الشجب‭ ‬والاستنكار‭ ‬سواء‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬المنظمات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬والإسلامية‭ ‬التي‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والاجتماعات‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬المستويات،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أننا‭ ‬أصبحنا‭ ‬نتوقع‭ ‬مستقبلا‭ ‬ماهية‭ ‬هذه‭ ‬البيانات‭ ‬ومحتواها،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخرج‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬عن‭ ‬خط‭ ‬الشجب‭ ‬والاستنكار‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬التضامن‭ ‬والغضب‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الوسائل‭ ‬التي‭ ‬اعتادها‭ ‬الشارع‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬وحفظها‭ ‬عن‭ ‬ظهر‭ ‬قلب،‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬نتيجة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭  ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬نتيجتها‭ ‬في‭ ‬غالب‭ ‬الأحيان‭ ‬سلبية‭ ‬وغير‭ ‬مجدية‭  ‬للعرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬الذين‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬عددهم‭ ‬الكبير‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬دول‭ ‬العالم‮»‬‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬الإمكانيات‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬يمتلكونها‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬والإمكانيات‭ ‬العسكرية‭ ‬وملايين‭ ‬السكان‭ ‬المستعدين‭ ‬للتضحية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬واسترجاع‭ ‬الكرامة‭ ‬المهدورة‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬والإمكانيات‭ ‬تصبح‭ ‬في‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والاجتماعات‭ ‬صفرا‭ ‬على‭ ‬الشمال‭ ‬لا‭ ‬تستخدم‭ ‬إلا‭ ‬الكلمات‭ ‬والكلمات‭ ‬فقط‭.‬

إن‭ ‬صدور‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬البيانات‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬عقود‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أو‭ ‬مواجهة‭ ‬العدوانية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وبريطانيا‭ ‬العظمى‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬تبين‭ ‬أنها‭ ‬تزيد‭ ‬العدوانية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وعنفوانها‭ ‬ولا‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬الرد‭ ‬عليها‭ ‬مطلقا‭ ‬بل‭ ‬تزيد‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬خاصة‭ ‬والغربي‭ ‬عامة‭ ‬قوة‭ ‬على‭ ‬قوة‭.‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الشكل‭ ‬فإن‭ ‬اللحظة‭ ‬التاريخية‭ ‬الحالية‭ ‬تستدعي‭ ‬المراجعة‭ ‬الجادة‭ ‬والصادقة‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬خاصة‭ ‬والدول‭ ‬الإسلامية‭ ‬والدول‭ ‬المحبة‭ ‬للسلام‭ ‬عامة‭ ‬بحيث‭ ‬يتم‭ ‬تجاوز‭ ‬الكلام‭ ‬والبيانات‭ ‬والخطابات‭ ‬الإنشائية‭ ‬المكررة‭ ‬والمتوقعة‭ ‬مسبقا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬اجتماع‭ ‬ومؤتمر‭ ‬وذلك‭ ‬بالتحول‭ ‬إلى‭ ‬خطط‭ ‬عملية‭ ‬جادة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬العمل‭ ‬وليس‭ ‬القول‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المحاور‭ ‬الآتية‭:‬

أولا‭: ‬تنسيق‭ ‬السياسة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المحبة‭ ‬للسلام‭ ‬تجاه‭ ‬العدوان‭ ‬والإرهاب‭ ‬الإٍسرائيلي‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المنظمات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬وحدة‭ ‬الموقف‭ ‬تجاه‭ ‬هذه‭ ‬العدوانية‭ ‬بشكل‭ ‬صريح‭ ‬وواضح‭ ‬وملزم‭ ‬للجميع‭ ‬بما‭ ‬يشبه‭ ‬ما‭ ‬يصدر‭ ‬عن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬من‭ ‬بيانات‭ ‬وقرارات‭ ‬نراها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬اجتماع‭ ‬ولقاء‭ ‬وخاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بدعم‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬فالكلام‭ ‬هناك‭ ‬مقرون‭ ‬بالفعل‭ ‬والالتزام‭.‬

ثانيا‭: ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬عملية‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتجاري‭ ‬والتعاون‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬لتنفيذ‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬تنسجم‭ ‬مع‭ ‬الإرادة‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬وخاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمقاطعة،‭ ‬فمقاطعة‭ ‬إسرائيل‭ ‬سيكون‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬بالغ‭ ‬على‭ ‬اقتصادها‭ ‬وعلى‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬تعيد‭ ‬النظر‭ ‬بشكل‭ ‬جدي‭ ‬في‭ ‬سياستها‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬عدوانيتها‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والعرب‭ ‬والدول‭ ‬الأخرى‭ ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬لهذه‭ ‬الخطوات‭ ‬تأثيرا‭ ‬فعالا‭ ‬وقويا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬البيانات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬فائدة‭.‬

ثالثا‭: ‬تعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬والعسكري‭ ‬العربي‭ ‬لمواجهة‭ ‬الأخطار‭ ‬وحماية‭ ‬الأرض‭ ‬والسماء‭ ‬والبحار‭ ‬العربية،‭ ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تجميع‭ ‬القوى‭ ‬وتنسيق‭ ‬السياسات‭ ‬الأمنية‭ ‬والدفاعية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬وتفعيل‭ ‬اتفاقيات‭ ‬الدفاع‭ ‬المشترك‭ ‬والتصنيع‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يوجه‭ ‬رسائل‭ ‬قوية‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحلفائها‭ ‬بأن‭ ‬العرب‭ ‬لن‭ ‬يقبلوا‭ ‬بالإرهاب‭ ‬على‭ ‬سيادتهم‭ ‬وحرمة‭ ‬أراضيهم‭.‬

رابعا‭: ‬التصدي‭ ‬للأكاذيب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬الترويج‭ ‬لها‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬إسرائيل‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬تمولها‭ ‬والتي‭ ‬تصنع‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والأوهام‭ ‬التي‭ ‬تشوه‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عربي‭ ‬وفلسطيني‭ ‬ومسلم،‭ ‬وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬بناء‭ ‬رؤية‭ ‬مشتركة‭ ‬ولغة‭ ‬مشتركة‭ ‬للتصدي‭ ‬لهذه‭ ‬الحملات‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الغربي‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات‭ ‬رغم‭ ‬وضوحها‭ ‬وبساطتها‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬بيانات‭ ‬الشجب‭ ‬والاستنكار‭ ‬وإبداء‭ ‬القلق‭ ‬والدعوة‭ ‬إلى‭ ‬ضبط‭ ‬النفس،‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬أصلا‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإٍسلامية‭ ‬ولا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مؤتمرات‭ ‬أو‭ ‬اجتماعات،‭ ‬فمن‭ ‬الواضح‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬البيانات‭ ‬لا‭ ‬أهمية‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬وزن‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تقترن‭ ‬بقرارات‭ ‬رادعة‭ ‬عملية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا