يتساءل المواطن العربي والمسلم عن صدور بيانات الاستنكار والشجب والتنديد والتعبير عن القلق وضبط النفس وغيرها من المفردات إزاء القضايا العربية والإسلامية لمواجهة العدوان الإسرائيلي الذي تجاوز فلسطين المحتلة إلى لبنان وسوريا واليمن والشقيقة قطر، ويتساءل أيضا عن النتائج التي تحققت من وراء بيانات الشجب والاستنكار سواء الصادرة عن الأمم المتحدة أو عن المنظمات الإقليمية والدولية والإسلامية التي غالبا ما تصدر عن المؤتمرات والاجتماعات على أعلى المستويات، إلى درجة أننا أصبحنا نتوقع مستقبلا ماهية هذه البيانات ومحتواها، التي لا تخرج في الغالب عن خط الشجب والاستنكار والتعبير عن التضامن والغضب وغير ذلك من الوسائل التي اعتادها الشارع العربي والإسلامي وحفظها عن ظهر قلب، والتي لم يكن لها أي نتيجة على أرض الواقع، بل كانت نتيجتها في غالب الأحيان سلبية وغير مجدية للعرب والمسلمين الذين بالرغم من عددهم الكبير «أكثر من ربع دول العالم» وبالرغم من الإمكانيات الهائلة التي يمتلكونها من الموارد الطبيعية والإمكانيات العسكرية وملايين السكان المستعدين للتضحية من أجل تحقيق الأهداف واسترجاع الكرامة المهدورة فإن هذه الموارد والإمكانيات تصبح في المؤتمرات والاجتماعات صفرا على الشمال لا تستخدم إلا الكلمات والكلمات فقط.
إن صدور مثل هذه البيانات على مدار أكثر من سبعة عقود للدفاع عن القضية الفلسطينية أو مواجهة العدوانية الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى بوجه خاص تبين أنها تزيد العدوانية الإسرائيلية وعنفوانها ولا تسهم في الرد عليها مطلقا بل تزيد الدعم الأمريكي خاصة والغربي عامة قوة على قوة.
وإذا كان الواقع على هذا الشكل فإن اللحظة التاريخية الحالية تستدعي المراجعة الجادة والصادقة من العرب خاصة والدول الإسلامية والدول المحبة للسلام عامة بحيث يتم تجاوز الكلام والبيانات والخطابات الإنشائية المكررة والمتوقعة مسبقا في كل اجتماع ومؤتمر وذلك بالتحول إلى خطط عملية جادة تقوم على مبدأ العمل وليس القول وذلك من خلال المحاور الآتية:
أولا: تنسيق السياسة العربية الإسلامية المدعومة من الدول المحبة للسلام تجاه العدوان والإرهاب الإٍسرائيلي وذلك في جميع المنظمات الإقليمية والدولية للتعبير عن وحدة الموقف تجاه هذه العدوانية بشكل صريح وواضح وملزم للجميع بما يشبه ما يصدر عن الاتحاد الأوروبي من بيانات وقرارات نراها في كل اجتماع ولقاء وخاصة فيما يتعلق بدعم أوكرانيا، فالكلام هناك مقرون بالفعل والالتزام.
ثانيا: اتخاذ قرارات عملية على الصعيدين الاقتصادي والتجاري والتعاون مع دول العالم لتنفيذ سلسلة من القرارات الرسمية التي تنسجم مع الإرادة الشعبية في هذه الدول وخاصة فيما يتعلق بالمقاطعة، فمقاطعة إسرائيل سيكون لها تأثير بالغ على اقتصادها وعلى المجتمع الإسرائيلي، ما يجعلها تعيد النظر بشكل جدي في سياستها والحد من عدوانيتها على الفلسطينيين والعرب والدول الأخرى بما يجعل لهذه الخطوات تأثيرا فعالا وقويا أكثر من البيانات التي لا قيمة لها ولا فائدة.
ثالثا: تعزيز الأمن القومي العربي والعسكري العربي لمواجهة الأخطار وحماية الأرض والسماء والبحار العربية، فإذا ما تم تجميع القوى وتنسيق السياسات الأمنية والدفاعية بين الدول العربية والإسلامية وتفعيل اتفاقيات الدفاع المشترك والتصنيع العربي المشترك فإن ذلك من شأنه أن يوجه رسائل قوية إلى إسرائيل وحلفائها بأن العرب لن يقبلوا بالإرهاب على سيادتهم وحرمة أراضيهم.
رابعا: التصدي للأكاذيب الإسرائيلية التي يتم الترويج لها سواء من داخل إسرائيل أو من خلال المؤسسات الإعلامية الغربية التي تمولها والتي تصنع الأكاذيب والأوهام التي تشوه كل ما هو عربي وفلسطيني ومسلم، وهذا يتطلب بناء رؤية مشتركة ولغة مشتركة للتصدي لهذه الحملات التي لها تأثير كبير على الرأي العام الغربي بوجه خاص.
إن هذه الخطوات رغم وضوحها وبساطتها أفضل بكثير من بيانات الشجب والاستنكار وإبداء القلق والدعوة إلى ضبط النفس، التي تصدر أصلا من الدول العربية والإٍسلامية ولا تحتاج إلى مؤتمرات أو اجتماعات، فمن الواضح ان هذه البيانات لا أهمية لها ولا وزن في السياسة الدولية ما لم تقترن بقرارات رادعة عملية.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك