العدد : ١٧٤١٠ - السبت ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤١٠ - السبت ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

التحديات أمام أي اتفاق نووي جديد مع إيران

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

السبت ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬13‭ ‬أكتوبر‭ ‬2025،‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬التصعيد‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران،‭ ‬أعلن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬‮«‬فجرا‭ ‬تاريخيا‭ ‬لشرق‭ ‬أوسط‭ ‬جديد‮»‬،‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬له‭ ‬أمام‭ ‬الكنيست‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬حديث‭ ‬ترامب‭ ‬عن‭ ‬استعداده‭ ‬لإعادة‭ ‬فتح‭ ‬باب‭ ‬المفاوضات‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬بشأن‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬أثار‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬التكهنات‭ ‬والشكوك‭ ‬بين‭ ‬المراقبين‭ ‬الغربيين،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يعاني‭ ‬فيه‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الثقة‭ ‬والتوترات‭ ‬الإقليمية‭ ‬المستمرة‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تراهن‭ ‬فيه‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الظروف‭ ‬الحالية‭ ‬تهيئ‭ ‬لتحديات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬كبرى،‭ ‬تشتمل‭ ‬على‭ ‬إشكاليات‭ ‬معقدة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالبرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬والصواريخ‭ ‬الباليستية،‭ ‬ودور‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬ستتضح‭ ‬ملامح‭ ‬المواقف‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬الدعوة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬استئناف‭ ‬المفاوضات‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬وتحلل‭ ‬آفاقها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬واقع‭ ‬سياسي‭ ‬معقد‭ ‬ومتفجر‭.‬

بدا‭ ‬ترامب‭ ‬وكأنه‭ ‬يعيد‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬عملية‭ ‬دبلوماسية‭ ‬لحل‭ ‬مسألة‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬سيكون‭ ‬‮«‬رائعًا‮»‬‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬اتفاق‭ ‬سلام‮»‬،‭ ‬وتوجه‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬علي‭ ‬خامنئي‭ ‬قائلاً‭ ‬إن‭ ‬واشنطن‭ ‬‮«‬مستعدة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‮»‬‭ ‬لاستئناف‭ ‬المحادثات‭. ‬لكن‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬محاولات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬المتكررة‭ ‬لعزل‭ ‬إيران‭ ‬عبر‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬ودورها‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2025،‭ ‬التي‭ ‬زعم‭ ‬ترامب‭ ‬خلالها‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬دمرت‮»‬‭ ‬المواقع‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ ‬الرئيسية،‭ ‬فإن‭ ‬دعوته‭ ‬للسلام‭ ‬قوبلت‭ ‬برفض‭ ‬من‭ ‬طهران؛‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬حالة‭ ‬الشكوك‭ ‬وانعدام‭ ‬الثقة‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬جعلت‭ ‬أي‭ ‬تقدم‭ ‬دبلوماسي‭ ‬يبدو‭ ‬مستبعدًا‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬قررت‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬الموقعة‭ ‬على‭ ‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬الشاملة‭ ‬المشتركة‭ ‬لعام‭ ‬2015‭ ‬إعادة‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬اقتصادية‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2025‭. ‬ورأت‭ ‬إيلي‭ ‬جيرانمايه،‭ ‬نائبة‭ ‬مدير‭ ‬برنامج‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخارجية،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬كان‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إجبار‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬التراجع‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬ضعفها‮»‬‭. ‬وأضافت‭ ‬أن‭ ‬رفض‭ ‬طهران‭ ‬هذا‭ ‬الضغط‭ ‬جعل‭ ‬الحالة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬أكثر‭ ‬هشاشة،‭ ‬حيث‭ ‬استنفد‭ ‬الوسطاء‭ ‬الأوروبيون‭ ‬معظم‭ ‬نفوذهم‭.‬

وبينما‭ ‬أظهر‭ ‬ترامب‭ ‬تفاؤلاً‭ ‬بفتح‭ ‬الباب‭ ‬لحوار‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬أشار‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬ستيفاني‭ ‬هاوشير‭ ‬علي،‭ ‬زميلة‭ ‬غير‭ ‬مقيمة‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬وكرانستون‭ ‬كلاين،‭ ‬المحلل‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬‮«‬مسارين‭ ‬رئيسيين‮»‬‭ ‬للمستقبل‭: ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬إمكانية‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬صفقة‭ ‬تفاوضية‮»‬‭ ‬قد‭ ‬تقدم‭ ‬‮«‬حلًا‭ ‬طويل‭ ‬الأجل‮»‬،‭ ‬أما‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬استمرار‭ ‬‮«‬التوازن‭ ‬السام‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يتضمن‭ ‬‮«‬وقفًا‭ ‬هشًا‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‮»‬،‭ ‬ويهدد‭ ‬بالتقويض‭ ‬بسبب‭ ‬‮«‬تأجيج‭ ‬الصراع‭ ‬الدوري‮»‬‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬حكومة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬المتطرفة‭. ‬وقد‭ ‬حذروا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬له‭ ‬‮«‬تداعيات‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‮»‬‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬التي‭ ‬استهدفتها‭ ‬إيران‭ ‬وإسرائيل‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭.‬

بعد‭ ‬قبول‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحماس‭ ‬خطة‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أعلن‭ ‬ترامب‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬القضايا‭ ‬الإقليمية‭ ‬الأوسع،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬مسألة‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭. ‬ورغم‭ ‬غموض‭ ‬ما‭ ‬سيشمله‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬توقع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هاوشير‭ ‬علي‭ ‬وكلاين‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬دائم‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتضمن‭ ‬‮«‬مسارًا‭ ‬لتخفيف‭ ‬العقوبات‭ ‬ودمج‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬فرص‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الإقليمية‮»‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ضمان‭ ‬‮«‬الحماية‭ ‬من‭ ‬هجوم‭ ‬إسرائيلي‭ ‬آخر‮»‬‭.‬

في‭ ‬المقابل،‭ ‬افترضا‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قد‭ ‬تطالب‭ ‬إيران‭ ‬‮«‬بتقليص‭ ‬برنامجها‭ ‬للصواريخ‭ ‬الباليستية‮»‬،‭ ‬وتقليص‭ ‬دعمها‭ ‬لوكلائها‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الالتزام‭ ‬بمستوى‭ ‬تخصيب‭ ‬منخفض‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الذرية‮»‬‭. ‬ووفقًا‭ ‬لسينا‭ ‬توسي،‭ ‬زميل‭ ‬غير‭ ‬مقيم‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭ ‬بواشنطن،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬التصور‭ ‬السائد‮»‬‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬‮«‬إضعاف‮»‬‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬داخليًا‭ ‬وخارجيًا‭ ‬يمكن‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‮»‬‭.‬

ورغم‭ ‬تصريحات‭ ‬ترامب‭ ‬أمام‭ ‬الكنيست‭ ‬عن‭ ‬رغبة‭ ‬قادة‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬‮«‬عقد‭ ‬صفقة‮»‬‭ ‬ومعرفته‭ ‬بما‭ ‬‮«‬يريدونه‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬حسابات‭ ‬إيران‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لم‭ ‬تتغير‭ ‬بعد‭ ‬الهجمات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الأمريكية‭ ‬المشتركة‭ ‬على‭ ‬مواقعها‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2025‭. ‬وأوضح‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هاوشير‭ ‬علي‭ ‬وكلاين‭ ‬أن‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬خامنئي‭ ‬سيتعين‭ ‬عليه‭ ‬رؤية‭ ‬عرض‭ ‬صفقة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬البدائل‮»‬،‭ ‬لكنهما‭ ‬أشارا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قدرة‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم،‭ ‬التي‭ ‬أكدها‭ ‬رافائيل‭ ‬غروسي‭ ‬مدير‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية،‭ ‬تظل‭ ‬‮«‬آخر‭ ‬بطاقة‭ ‬تفاوض‭ ‬رئيسية‮»‬‭ ‬للنظام‭. ‬ولذلك،‭ ‬‮«‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬ينهي‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬برنامجه‭ ‬النووي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬شروط‭ ‬تسمح‭ ‬له‭ ‬بالادعاء‭ ‬بأنه‭ ‬حقق‭ ‬فوزًا‮»‬‭.‬

ورغم‭ ‬تصريح‭ ‬عباس‭ ‬عراقجي،‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيراني،‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2025‭ ‬بقبول‭ ‬طهران‭ ‬اتفاقا‭ ‬‮«‬عادلا‭ ‬ومتوازنا‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬المطالب‭ ‬الأمريكية‭ ‬والإسرائيلية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المتوقع‭. ‬وبرغم‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬أصبحت‭ ‬أكثر‭ ‬استعدادًا‭ ‬للموافقة‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬كما‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬رفض‭ ‬عراقجي‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬‮«‬حق‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬المفاوضات‭ ‬تتطلب‭ ‬أولًا‭ ‬‮«‬استعادة‭ ‬الثقة‮»‬‭ ‬بين‭ ‬طهران‭ ‬وواشنطن‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هاوشير‭ ‬علي‭ ‬وكلاين‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تصرفات‭ ‬واشنطن‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬الماضية‭ ‬لم‭ ‬تُثمر‭ ‬سوى‭ ‬فقدان‭ ‬الثقة،‭ ‬وأن‭ ‬تغير‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بين‭ ‬إدارات‭ ‬أوباما‭ ‬وبايدن‭ ‬وترامب‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬بناء‭ ‬الثقة‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬

ومنذ‭ ‬محادثات‭ ‬ترامب‭ ‬مع‭ ‬الإيرانيين‭ ‬في‭ ‬ربيع‭ ‬وصيف‭ ‬2025،‭ ‬التي‭ ‬تلتها‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬الهجمات‭ ‬الجوية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬ترامب‭ ‬يظهر‭ ‬كصانع‭ ‬سلام‭ ‬بل‭ ‬كمن‭ ‬يتفاخر‭ ‬بما‭ ‬ألحقه‭ ‬من‭ ‬أضرار‭ ‬بإيران،‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬أمام‭ ‬الكنيست‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬أباد‮»‬‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬وأكد‭ ‬أنه‭ ‬مستعد‭ ‬للتهديد‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬إذا‭ ‬استأنفت‭ ‬إيران‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭.‬

ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬لم‭ ‬يُستقبل‭ ‬تصريح‭ ‬ترامب‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تُكنّان‭ ‬أيّ‭ ‬عداءٍ‭ ‬للشعب‭ ‬الإيراني‮»‬‭ ‬و«أنهما‭ ‬يرغبان‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬بسلام‮»‬‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬مبادرة‭ ‬جادة‭ ‬من‭ ‬طهران‭. ‬وأشار‭ ‬نادر‭ ‬هاشمي،‭ ‬أستاذ‭ ‬جامعة‭ ‬جورج‭ ‬تاون،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬التفاؤل‭ ‬بإمكانية‭ ‬فتح‭ ‬حوار‭ ‬فإن‭ ‬الحقيقة‭ ‬تظل‭ ‬أن‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬الطريق‭ ‬جُرب‭ ‬سابقًا‭ ‬وانتهى‭ ‬بحرب‭ ‬يونيو‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬تدهور‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يستلزم‭ ‬أي‭ ‬تحسن‭ ‬دبلوماسي‭ ‬دورًا‭ ‬لمجموعة‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬الثلاث‭ ‬الموقعة‭ ‬على‭ ‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬الشاملة‭ ‬المشتركة‭: ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬فرنسا،‭ ‬وألمانيا،‭ ‬المعروفة‭ (‬باسم‭ ‬E3‭). ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬ألكسندر‭ ‬ك‭. ‬بولفراس‭ ‬من‭ ‬المعهد‭ ‬الدولي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لا‭ ‬تُظهر‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬استئناف‭ ‬المفاوضات،‭ ‬بل‭ ‬تراهن‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬نفوذها‭ ‬سيجبر‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬‮«‬الاستسلام‮»‬‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أعادت‭ ‬دول‭ ‬مجموعة‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬الثلاث‭ ‬فرض‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬سبتمبر،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬رُفعت‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬لعام‭ ‬2015‭. ‬واعتبر‭ ‬جون‭ ‬كالابريس‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬‮«‬مقامرة‮»‬‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نفوذ‭ ‬أوروبا‭ ‬يتضاءل،‭ ‬بينما‭ ‬أصبحت‭ ‬إيران‭ ‬أكثر‭ ‬براعة‭ ‬في‭ ‬التهرب‭ ‬من‭ ‬العقوبات،‭ ‬بمساعدة‭ ‬حلفائها‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭.‬

كما‭ ‬أشارت‭ ‬جيرانمايه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬توقع‭ ‬بأن‭ ‬دولا‭ ‬غربية‭ ‬كبرى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬وسطاء‭ ‬مؤثرين‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬أصبح‭ ‬غير‭ ‬واقعي‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬يُحتمل‭ ‬أن‭ ‬تواجه‭ ‬تصريحات‭ ‬ترامب‭ ‬حول‭ ‬الالتزام‭ ‬بالدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬قوية‭ ‬من‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يُؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تصعيد‭ ‬حرب‭ ‬جديدة‭ ‬بقيادة‭ ‬نتنياهو‭.‬

وفي‭ ‬أغسطس،‭ ‬حذرت‭ ‬تريتا‭ ‬بارسي،‭ ‬نائبة‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لمعهد‭ ‬كوينسي‭ ‬للحكم‭ ‬الرشيد،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬حربًا‭ ‬جديدة‭ ‬قد‭ ‬تندلع‭ ‬قبل‭ ‬نهاية‭ ‬العام،‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬رغبة‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تنخرط‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭. ‬وفي‭ ‬أكتوبر،‭ ‬وافقت‭ ‬جيرانمايه‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬خطر‭ ‬تجدد‭ ‬التوترات‭ ‬مرتفع،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬ضامن‭ ‬خارجي‭ ‬أو‭ ‬آلية‭ ‬لخفض‭ ‬التصعيد،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬مستمرة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وأوروبا‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬وإيران‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭.‬

بينما‭ ‬افترضت‭ ‬هاوشير‭ ‬علي‭ ‬وكلاين‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬قد‭ ‬تضطر‭ ‬إلى‭ ‬ممارسة‭ ‬ضغوط‭ ‬مدروسة،‭ ‬مثل‭ ‬صفقات‭ ‬دفاعية‭ ‬وحوافز،‭ ‬لمنع‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬بدء‭ ‬حرب‭ ‬جديدة،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهل‭ ‬التاريخ‭ ‬السابق‭ ‬لترامب‭ ‬الذي‭ ‬جمع‭ ‬بين‭ ‬الالتزام‭ ‬العلني‭ ‬بالمفاوضات‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬الهجمات‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬إيران‭. ‬وقد‭ ‬أشار‭ ‬هاشمي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬دورة‭ ‬الهجوم‮»‬‭ ‬التي‭ ‬شهدها‭ ‬يونيو،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬بين‭ ‬‮«‬هجوم‭ ‬إسرائيل‭ ‬ثم‭ ‬انتقام‭ ‬إيران‮»‬‭ ‬تليها‭ ‬تدخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬قد‭ ‬تعود‭ ‬مجددًا‭. ‬هذه‭ ‬الاحتمالات‭ ‬تثير‭ ‬أسئلة‭ ‬حاسمة‭ ‬حول‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تصبح‭ ‬أهدافًا‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تصاعد‭ ‬التوترات‭. ‬ووفقًا‭ ‬للهاشمي‭ ‬وكلاين،‭ ‬فإن‭ ‬غياب‭ ‬الحل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬يجعل‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬قلق‭ ‬متزايد‭ ‬بشأن‭ ‬تهديدات‭ ‬إيران‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬كتبت‭ ‬جيرانمايه‭ ‬عن‭ ‬آمال‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬إبقاء‭ ‬طهران‭ ‬وترامب‭ ‬قريبين‭ ‬من‭ ‬‮«‬خط‭ ‬النار‮»‬‭ ‬وسيلة‭ ‬لدرء‭ ‬التصعيد‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يبقى‭ ‬إغلاق‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‭ ‬تهديدًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬العالمية‭.‬

في‭ ‬الختام،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬هاوشير‭ ‬علي‭ ‬وكلاين‭ ‬يعتبران‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الاتفاق‭ ‬الشامل‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬الأفضل‭ ‬للجميع‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تحقيقه‭ ‬أو‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليه‭ ‬بسبب‭ ‬‮«‬انعدام‭ ‬الثقة‭ ‬الشديد‮»‬‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وإسرائيل‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭. ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬بناء‭ ‬الثقة،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬المواقف‭ ‬التفاوضية‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬التداخل،‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬صانعي‭ ‬السياسات‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬مازالوا‭ ‬يصرون‭ ‬على‭ ‬‮«‬استسلام‮»‬‭ ‬نظام‭ ‬خامنئي‭ ‬لمطالبهم‭ ‬الإقليمية‭.‬

لذلك،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬روبرت‭ ‬تيت‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬المناورة‭ ‬الدبلوماسية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬ترامب‭ ‬مع‭ ‬الكنيست‭ ‬‮«‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تثمر‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬تقييمات‭ ‬عامة‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬الغربيين‭ ‬بأن‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭ ‬الأخرى‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬وإسرائيل‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬هي‭ ‬الاحتمال‭ ‬الأكثر‭ ‬ترجيحًا‭ ‬من‭ ‬استئناف‭ ‬المفاوضات‭ ‬الرسمية‭. ‬هذا‭ ‬يبقي‭ ‬الاستقرار‭ ‬والأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬حساس‭ ‬وغير‭ ‬مستقر‭.‬

في‭ ‬ضوء‭ ‬المعطيات‭ ‬الحالية،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬تحقيق‭ ‬تقدم‭ ‬دبلوماسي‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬بعيد‭ ‬المنال‭. ‬دعوة‭ ‬ترامب‭ ‬لاستئناف‭ ‬المفاوضات‭ ‬حول‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬قوبلت‭ ‬بالرفض‭ ‬الإيراني،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تؤد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬والضغوط‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭. ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬غياب‭ ‬المواقف‭ ‬المتقاربة‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬تعقيد‭ ‬عملية‭ ‬التفاوض‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬الحل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬هو‭ ‬الأفضل‭ ‬للجميع،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬انعدام‭ ‬الثقة‭ ‬والشروط‭ ‬المتناقضة‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الخيار‭ ‬بعيد‭ ‬المنال‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬تزداد‭ ‬احتمالات‭ ‬التصعيد‭ ‬العسكري‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬المتورطة،‭ ‬ما‭ ‬يهدد‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا