العدد : ١٧٤٠٩ - الجمعة ٢١ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٠٩ - الجمعة ٢١ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

برنامج ولـي العـهـد الدولي للمنح الدراسية ورعايـة الموهـوبين والمبدعـين في البحـرين

بقلم: د. سيد صلاح علوي

الجمعة ٢١ نوفمبر ٢٠٢٥ - 02:00

يشكل‭ ‬الأفراد‭ ‬الموهوبون‭ ‬والمبدعون‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬ثروة‭ ‬وطنية‭ ‬لا‭ ‬تقدر‭ ‬بثمن‭. ‬فهم‭ ‬الركيزة‭ ‬الأساسية‭ ‬لأي‭ ‬تطور‭. ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬البشري‭ ‬يعدّ‭ ‬من‭ ‬أرقى‭ ‬أنواع‭ ‬الاستثمار،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬يعدّ‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الموارد‭ (‬الإستراتيجية‭) ‬لتقدم‭ ‬الأمم‭ ‬نحو‭ ‬الريادة‭. ‬وتزداد‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬رعاية‭ ‬الموهوبين‭ ‬والمبدعين‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عالمٍ‭ ‬رقميٍّ‭ ‬سريع‭ ‬التغير،‭ ‬حيث‭ ‬أضحى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬المعرفة‭ ‬والإبداع‭ ‬الركيزة‭ ‬الأساسية‭ ‬لتقدم‭ ‬الأمم‭. ‬لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬دعم‭ ‬العقول‭ ‬المبدعة‭ ‬يعدّ‭ ‬ضرورة‭ (‬إستراتيجية‭) ‬لتقدم‭ ‬المجتمعات‭.‬

إن‭ ‬أفراد‭ ‬فئة‭ ‬الموهوبين‭ ‬يمتلكون‭ ‬قدرات‭ ‬عقلية،‭ ‬واستعدادات‭ ‬نفسية‭ ‬وذهنية،‭ ‬وسمات‭ ‬سلوكية‭ ‬استثنائية‭ ‬تجعلهم‭ ‬مؤهلين‭ ‬لإحداث‭ ‬تغيرات‭ ‬نوعية‭ ‬تسهم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬المجتمع‭ ‬ومواجهة‭ ‬صعوباته‭ ‬وتحدياته‭ ‬المعقدة‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬صياغة‭ ‬الحلول‭ ‬الإبداعية‭ ‬لها‭.‬

ذلك‭ ‬ان‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالموهوبين‭ ‬وتوفير‭ ‬الفرص‭ ‬التربوية‭ ‬التي‭ ‬تساعدهم‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجاتهم‭ ‬المختلفة،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬الحاضر‭ ‬خياراً‭ ‬ثانوياً،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬من‭ ‬ركائز‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬والمستدامة؛‭ ‬لكونهم‭ ‬يمثلون‭ ‬الثروة‭ ‬المعرفية‭ ‬والإبداعية‭ ‬للمجتمع‭.‬

إن‭ ‬توافر‭ ‬البيئة‭ ‬التربوية‭ ‬والثقافية‭ ‬المحفّزة‭ ‬والحاضنة‭ ‬لقدرات‭ ‬الموهوبين‭ ‬والمبدعين‭ ‬التي‭ ‬تنسجم‭ ‬مع‭ ‬احتياجاتهم‭ ‬النفسية،‭ ‬والمعرفية،‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬وتدعم‭ ‬طموحاتهم‭ ‬وتطلعاتهم‭ ‬المستقبلية،‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يساعدهم‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬ذواتهم‭ ‬وتنمية‭ ‬قدراتهم‭ ‬الإبداعية؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬أنفسهم‭ ‬وتقديم‭ ‬خدمات‭ ‬ملموسة‭ ‬لمجتمعهم،‭ ‬مع‭ ‬إمكان‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬أثرها‭ ‬البيئة‭ ‬المحلية،‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬تكريس‭ ‬حضورهم‭ ‬ومشاركتهم‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬العالمي‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭: ‬‮«‬إنّ‭ ‬غياب‭ ‬السياسة‭ ‬الواضحة‭ ‬والفاعلة‭ ‬لرعاية‭ ‬الموهوبين‭ ‬والمبدعين‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الطاقات‭ ‬الكامنة‭ ‬حبيسة‭ ‬الإهمال‭ ‬والتجاهل،‭ ‬وقدد‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬عبءٍ‭ ‬نفسي‭ ‬واجتماعي،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬رافداً‭ ‬لتطور‭ ‬وتقدم‭ ‬المجتمع‮»‬‭.‬

في‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬الأهمية‭ ‬المتزايدة،‭ ‬تبرز‭ ‬الحاجة‭ ‬الماسة‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬مبادرات‭ ‬وبرامج‭ ‬وطنية‭ ‬تُعْنَى‭ ‬باحتضان‭ ‬الموهوبين‭ ‬والمبدعين،‭ ‬وتوفّر‭ ‬كل‭ ‬الفرص‭ ‬التربوية‭ ‬والتدريبية‭ ‬التي‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬قدراتهم‭ ‬وطموحاتهم،‭ ‬وتدفع‭ ‬بمواهبهم‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬الإتقان‭ ‬والتميّز‭.‬

لذا،‭ ‬فإنّ‭ ‬برنامج‭  ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬للمنح‭ ‬الدولية‭ (‬CPISP‭) ‬يمثّل‭ ‬أنموذجاً‭ ‬ساطعاً‭ ‬لهذه‭ ‬الرؤية‭ ‬الطموحة،‭ ‬وذلك‭ ‬لما‭ ‬يجسده‭ ‬من‭ ‬اهتمام‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬العميق‭ ‬بالاستثمار‭ ‬في‭ ‬العقول‭ ‬البحرينية‭ ‬الشابة،‭ ‬وسعيها‭ ‬المستمر‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬كل‭ ‬الإمكانات‭ ‬التي‭ ‬تمكنهم‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬ذواتهم‭ ‬وطموحاتهم،‭ ‬والوصول‭ ‬بهم‭ ‬إلى‭ ‬أرفع‭ ‬مستويات‭ ‬المعرفة،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اختيار‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬خريجي‭ ‬الثانوية‭ ‬العامة‭ ‬وفق‭ ‬معايير‭ ‬متعددة‭ ‬ودقيقة‭ ‬تشمل‭: ‬التحصيل‭ ‬الأكاديمي،‭ ‬والمهارات‭ ‬القيادية،‭ ‬والنشاط‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التكيّف‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬تعليمية‭ ‬متنوعة‭ ‬ثقافيًا،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬إلحاقهم‭ ‬بأرقى‭ ‬الجامعات‭ ‬العالمية‭ ‬مثل‭: ‬جامعة‭ ‬هارفرد،‭ ‬وجامعة‭ ‬أكسفورد،‭ ‬وغيرهما‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬العالمية‭ ‬المرموقة،‭ ‬مع‭ ‬المتابعة‭ ‬الدقيقة‭ ‬والمستمرة‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬حصولهم‭ ‬على‭ ‬مؤهلاتهم‭ ‬الجامعية‭. ‬

إن‭ ‬برنامج‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬للمنح‭ ‬الدولية‭ ‬هو‭ ‬مشروع‭ ‬وطني‭ (‬إستراتيجي‭) ‬يجسد‭ ‬رؤية‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬المستقبلية‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مجتمع‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬اقتصاد‭ ‬المعرفة،‭ ‬ويشكّل‭ ‬حافزاً‭ ‬للمؤسسات‭ ‬المختلفة‭ ‬للسير‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬اتجاه‭ ‬تبنّي‭ ‬سياسات‭ ‬فاعلة‭ ‬لدعم‭ ‬الموهوبين‭ ‬والمبدعين‭.‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬التطلّع‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬مظلة‭ ‬احتضان‭ ‬الموهوبين‭ ‬والمبدعين‭ ‬وتعزيز‭ ‬استثمار‭ ‬القدرات‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الفئات،‭ ‬تبرز‭ ‬إمكانية‭ ‬تبني‭ ‬برنامج‭ ‬وطني‭ ‬يشمل‭ ‬فئة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الكفاءات‭ ‬البحرينية،‭ ‬وهم‭ ‬الطلبة‭ ‬المتميزون‭ ‬والمبدعون‭ ‬من‭ ‬خريجي‭ ‬الجامعات‭ ‬ممّن‭ ‬أظهروا‭ ‬تفوّقاً‭ ‬ملحوظاً‭ ‬في‭ ‬دراستهم‭ ‬الجامعية،‭ ‬ويطمحون‭ ‬إلى‭ ‬مواصلة‭ ‬دراساتهم‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬تخصصاتهم‭ ‬الدقيقة،‭ ‬بما‭ ‬يعزّز‭ ‬من‭ ‬مكانة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬والابتكار،‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬رفد‭ ‬المجتمع‭ ‬بنخبة‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬المتخصصين‭ ‬الذين‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬سيكون‭ ‬لهم‭ ‬الأثر‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬نهضة‭ ‬البلاد‭ ‬وازدهارها‭.‬

 

{ أستاذ‭ ‬الموهبة‭ ‬والإبداع‭ ‬المساعد

بكلية‭ ‬البحرين‭ ‬للمعلمين‮ ‬‭- ‬جامعة‭ ‬البحرين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا